Menu Close

نشرة الكرمة- الأحد ١۲ شباط ۲٠١٧

وسْواسُ الخَطيئةِ

قالَ الرّبُّ إنَّ الشّيطانَ “هو الكذّاب وأبو الكَذِب”. (يوحنّا 44:8) مِنْ هُنا، يَخدَعُ الشَّيْطانُ الإنسانَ إذ يُوهِمُهُ بأفكارِ السَّعادةِ بَعيدًا عن الله. هذا ما حصلَ مع آدمَ وحوّاءَ لمّا وَسْوَسَ لَهُما الشّرّيرُ فِكرًا في قلبَيْهِما بأنّهما، متى أكلا من ثمرةِ شَجرةِ معرفة الخير والشّرّ، يقتَنيان سعادةَ كونِهما آلِهةَ دونَ الإله. وَسْوَسَ الشّرّيرُ هذا الفكر للإنسانِ فرأى الإنسانُ أنّ الثّمرة المَمنوعة جميلة المنظر ولذيذة الطّعم. وسقط الإنسانُ في دوّامةِ المَرارَة والبَشاعَة الكَيانيّة لأنّه انغلق على ذاتهِ دونَ الله.

لا سلطان للشّرّيرِ على الإنسانِ ما لم يستسلم هذا الأخير لِوَسْوَسَاتِ الخَصْمِ ضِدَّ الله. إبليس يُوهِمُنا بأنّ الحقَّ باطل والباطل حقّ. نحن نتجاوب معه لأنّنا لا نحبّ الله أكثر من حبّنا لذواتنا. يُريدُ الشّرّيرُ أن يجعلَ الله غَرِيبًا بين أبنائِهِ لأنّه قد غَرَّبَ الله عنهُ لمّا شاءَ أن يكونَ فوق الخالق. لذلك، ينقلُ إلينا المُعانِد خبرة سقوطه في كذبة التّألّه دون الله. يريدُ أن يجعل الله بالنّسبة لنا عدوًّا. وينجحُ في مأربِه إذا خَضَعْنا لأهوائِنا واعتبرْنا أنّ اللهَ لا يُريدُنا أن نحيا بحرّيّةٍ ويمنعُنا عن كلِّ ما يمنحُنا السّعادةَ. عدوُّ اللهِ يُريدُ أن يُقنعَنا بأنَّ كلَّ ما في الحياةِ هو “شهوةُ الجَسدِ وشهوةُ العيونِ وتَعَظُّمُ المَعيشةِ”، أي، بكلمةٍ أخرى، بمحبّةِ هذا العالمَ الفاني. من هنا، يُدخِل إلى قلوبِنا فكرةَ أنّ الله ظالمٌ لأنّه وهبنا هذا الكون ومَنَعَنا عَنه في آنٍ. لذلك نرى إنسانَ هذا الزّمان، وكلّ زمن، يطلب التّحرّر أو الحرّيّة؛ إنّه، بالحقيقة، يطلب التّفلّت من الضّميرِ أي صوت الله في كَيانِنا.

عالَمُ اليومِ صارَ أسيرًا لفكرِ الشّرّيرِ وخدعةِ الحرّيّةِ، أو، بالأحرى، وَهمِ الحريّة، إذ أدْخَلَ هذا الثّعبان سُمَّهُ لتدميرِ الإنسانيّةِ عبر ادّعاءِ التّطوّر الإنسانيّ من خِلال حرّيّة اللّاحُدود.

البشريّةُ، اليوم، دخلتْ في دوّامةِ الموت عَبرَ وِسْوَاسِ الحياة المُرَفّهة الّتي صارَ كلُّ إنسانٍ يَطلبُها، أَكانَ فقيرًا أو غنيًّا، أَكانَ عامِلًا أو عاطِلًا عن العمل…

لا خَلاصَ دونَ الرّجوعِ إلى الحقِّ، إلى اللهِ، إلى “الإنسان”. للأسف لا يَعودُ الإنسان إلى الله ما لم يَدْفَعْ ثمنَ انجرارِه وراءَ وَسْوَسَاتِ الشّرّيرِ الكاذبة.

فهَل من سامعٍ لِنداءِ الرّبّ: “تعالَوْا إِلَيَّ أيُّها المُتعَبون والثّقيلو الأحْمَال وأنا أُرِيحُكُم. إِحملوا نِيْرِي عليكم فإنّ نِيْرِي لَيّنٌ وحِمْلِي خَفيف… فَتَجدوا راحَةً لقلوبِكُم” (متّى 11: 28-30).

“ومَنْ لَهُ أذنان للسّمع فَلْيَسمَع”

+ أنطونيوس

متروبوليت زحلة وبعلبك وتوابعهما

أنقر هنا للقراءة على موقع أبرشيّة طرابلس والورة وتوابعهما

مواضيع ذات صلة