مسرحية “ضيفة شرف” عمل مميز يجمع مفاهيم جيلين وأكثر…
شارك المتروبوليت أنطونيوس (الصوري) الجزيل الإحترام بالمسرحية الذي قدم المخرج الزحلي جورج كفوري، ومصممة ومدربة الرقص شانتال راباي، مساء امس، العرض الأول لمسرحية “ضيفة شرف” التي تشهد عرضا ثانيا عند الثامنة والنصف من مساء اليوم، على مسرح بارك جوزف طعمه سكاف البلدي.
تأتي أهمية هذا العمل المسرحي، أنه يضع الأسس لحركة فنية ثقافية لم تعتاد عليها المدينة سابقا. وبالتالي، يشكل محاولة لردم تلك الفجوة التي خلفتها ظروف لبنان ما بعد سنة 1975، وجعلت جيلا كاملا في زحلة ومحيطها، بعيدا عن الحركة الثقافية المسرحية التي بقيت تناضل للحفاظ على بقائها في العاصمة بيروت.
إجتماع الجيلين اللذين يمثلانهما كل من جورج كفوري وشانتال راباي في عمل مسرحي واحد، يجمع بين الأصالة الفنية اللبنانية التي عرفها كفوري مع مسرح الرحابنة بشكل خاص، مع الحداثة الفنية في إرساء مفهوم جديد لتجسيد الاغنيات بلوحات راقصة. ما يمكن أن يخلق مفهوما ثقافيا جديدا للأعمال الاستعراضية، تكون إنطلاقته من مدينة زحلة تحديدا، فيتم التأسيس لجيل، يقدر مثل هذه الانواع من الأعمال الفنية الراقية، وبالتالي يبعد شبابنا خصوصا عن كثير من الآفات التي تعيق تطور المجتمعات بشكل عام.
جيل زحلة الجديد، محظوظ بأن يتعرف الى هذا المسرح، وأفضل طريقة لتقريبه منه، هي بمخاطبته بلغته، وهذا ما فعلته مسرحية “ضيفة شرف”.
قد يكون المسرح في المقابل فقد الجيل الذي يتوسط جيلي شانتال راباي وجورج كفوري، ولكن معظم هؤلاء صاروا اليوم والدين لأطفال من جيل تلاميذ راباي، وبالتالي فإن الأطفال هذه المرة يجب أن يكونوا القدوة والحافز لتنشيط مثل هذه الحركات المسرحية في المدينة، وتشجيعها معنويا وماديا، بإعتبارها من الأساسيات في تكوين شخصية أطفال زحلة وثقافتهم.
والدة شانتال راباي، المربية لينا ديب راباي تخبر في دردشة معها خلال أحد جلسات التدريبات التي رافقت خلالها ابنتيها شانتال وكريستيل، كيف كانت تصر ووالديهما على اصطحابهما كلما تسنت الفرصة لمشاهدة عمل مسرحي او زيارة معرض أو غيره، فكبرتا مع رغبة بنقل زوادتهما من حب المسرح الى الأجيال الجديدة. ولكن المسرح لكي ينجح يحتاج الى ثلاثة أطراف. أولا هناك النص، ثانيا هناك تجسيد اللوحات، وثالثا هناك الجمهور.
أيا يكن الأمر، أرادت بلدية زحلة بتنوع برنامج مهرجاناتها لهذه السنة، أن تدخل الفرحة الى كل القلوب بإرضائها كل الاذواق. وجمهور المسرح الغنائي الإستعراضي، خرج بإنطباعات أكثر من ممتازة من العرض الاول لضيفة شرف، الأمر الذي سيشكل حافزا لوضع رؤيا مستقبلية في إدراج مثل هذا النشاط كمحطة سنوية من ضمن برنامج مهرجانات الكرمة السياحية للسنوات المقبلة.
في “ضيفة شرف” امس، كان المكون الأساسي للعمل الناجح، هو التواضع. التواضع في كتابة النص ولدى كاتب النص، أوصل رسالته في فلسفة الحياة وتطورها وفي السياسة ولكن من دون أن يتفلسف. وتواضع في العمل الراقص الذي أدخل الكثير من الحداثة في رسم لوحات لكلمات أغنيات تذكر بالمسرح اللبناني التقليدي، ولكنها تمتزح مع حيوية فائقة ، فرأينا الدبكة اللبنانية، وال HIP HOP وال SALSA ,وال JAZZ والرقص الشرقي وغيرها. مع تواضع لدى مديرة العمل شانتال راباي وفريقها، فبدت شانتال وكريستيل كما أصغر راقصي ال SWANDANCE على خشبة المسرح، بعيدا عن الأنانية التي تجعل البعض يقدم صورته على صورة العمل الذي يقدمه.
بمقابل تفاني كبير للممثلين، الأبطال والثانويين، والذين على رغم صغر سنهم، إستطاعوا أن يقنعونا بأدوارهم… ماريز فرزلي في دور النجمة، جورج الاسطا في دور الوالي المودرن، نيكولا وهبة في دوري الشجاذ والمهرج، اديت معلوف في دور السفيرة وجورج فرح في دور مطرود … من دون أن ننسى المساهمة الكبيرة لموسيقى الاغاني التي لحنها غسان زرزور مع توزيع لاستوديو أندره عطا، ولأصوات المؤدين من جوقة مار الياس المخلصية ولا سيما بيرلا أبو خاطر والياس اوبا اللذين شاركا بأدوار تمثيلية ايضا.
“ضيفة شرف” تجسد جهدا كبيرا يتسحق فعلا التشجيع… ومن فوتوا الفرصة ليلة أمس، يمكنهم أن يعوضوها ليلة اليوم.