القانون الكبير للقديس اندراوس الكريتي
الأرمس من الأودية السابعة
“قد خطئنا وأثمنا، وظلمنا أمامك، وما حفظنا، ولا صنعنا كما أمرتنا، لكن لا تُسْلمنا حتى الغاية، يا إله آبائنا”
صلاة النوم الكبرى في كنيسة القديس جاورجيوس-دير الغزال
٢ آذار ٢٠٢٣
ترأس صاحب السّيادة المتروبوليت أنطونيوس(الصوري) الجزيل الاحترام، صلاة النوم الكبرى في كنيسة القديس جاورجيوس دير الغزال وعاونه قدس الآباء الأرشمندريت جورج (معلوف)، وبورفيريوس(ابراهيم)، والشماس ديونيسيوس(الأشقر).
بعد قراءته لمقتطفات من قانون التوبة للقديس اندراوس اسقف كريت، استهل صاحب السيادة كلامه عن هذا القانون مشيراً الى انه يُتلى عادة في الأديار في الأسبوع الأول من الصوم الأربعيني المقدس وذلك من الإثنين الى الخميس، ليُعاد يُقرأ كاملاً يوم الخميس من الأسبوع الخامس من الصوم المعروف بخميس القانون الكبير.
وانه يتضمن صوراً من العهدين القديم والجديد تمثل نماذج لسبيل التوبة…
مشدداً على ان قراءة العهد القديم في كنيستنا الأرثوذكسية ليست قراءة حرفيّة، وبأن أسفاره لم تُكتب لتُقرَأ بالحرف بل بالرّوح، مستشهداً بقول بولس الرسول في (2كورنثوس 6:3):” لأن الحرف يقتل ولكنّ الروحَ يحيي”.
تناول بعدها صاحب السّيادة قطعتين(طروباريتين) إختار الإستفاضة بشرحها من هذا القانون:
– القطعة الاولى:
“يا نفسُ قد شابهتِ هاجر المصريّة قديمًا، إذ قد تعبَّدتِ بالنيَّةِ وولدتِ إسماعيلَ الجديد أي الوقاحة والتجاسر.”.
بعد ان أخبر سيادته قصّة هاجر وسارة في بلاد مصر كما ذُكرت في العهد القديم، اشار ان مِصر كانت ترمز الى عالم الخطيئة، حيث يسعى الإنسان فيه إلى إشباع لذائذه وشهواته.
لذلك يشبّه القديس اندراوس النّفس الّتي تتعبَّد للأهواء بهاجر، العبدةُ لمِصرَ وليست الحرّة(اي سارة)، فهي عبدةٌ للملذّات والشّهوات.
وكيف ان هذه النّفس التي في عبودية الأهواء تلدُ اسماعيل، الّذي هو رمزٌ للوقاحة والتجاسر.
فاسماعيل، بحسب الكتاب، قد تجاسر على اسحاق وكان وقحًا معه.
عندها حاول سيادتهالإنتقال الى شرح المعنى الروحي الذي تشير اليه هذه الصورة قائلاً:
إذا مالت نفسُ الإنسان الى الشّهوات والأهواء، تصير تلقائيّا عبدةً لشهواتها، وتمتلك وقاحة وجسارة بعَيْش الخطيئة بدون خجلٍ ولا توبة.
اما القدّيس أندراوس فيحثّنا من خلال هذه القطعة الى الهروب من الشّهوات وعدم التعبّد لها، لأن الشهوات توصل الإنسان الى العيش في وقاحة ودون خجل فتصبح توبته مستحيلة…فيخضع نتيجة عدم توبته للموت الروحي: يبقى عالقاً في انانيته ولا يفكّر إلاَّ بنفسه وبأهوائه، فيصبح الآخَرُ بالنّسبة إليه أداةً لإشباع شهواته.
هكذا تتولّدُ الخلافات بين النّاس. لأنّ الإنسان عندما يُستعبَد للهوى يفقدُ المحبّة، فلا يرى في الآخَر محبوبًا، ولا يطلب الفرح مع الآخَر في عيش الشّركة معه، بل يرى فيه عبدًا له.
انتقل بعدها الى شرح القطعة المختارة الثانية من القانون والتي تتحدث عن حزقيا ملك إسرائيل عندما مرض ودنا موتُه:
“إنَّ أيّامي قد فنيت كمنام مستيقظ لذلك أدمّع كحزقيا على فراشي لتُزادَ سنو حياتي، لكن أيُّ إشعيا سيقف بكِ يا نفسُ سوى إله الكلّ”.
ففسّر سيادته كيف أن الإنسان عندما يقترب من الموت، تتحرّك في داخله التوبة خوفاً من ان يخسر كلّ شي.
وتابع سيادته كلامه محاولاً مقاربة ماذكره العهد القديم على ضوء الجديد مردفاً انه كما اتى النبي إشعياء الى حزقيا وقال له ان الله سيشفيه، هكذا جاء الربّ ليشيَفنا نحن أيضًا، وذلك عندما تجسّد ومات وقام وأرسل لنا الروح القدس.
فعاد وانهى سيادته كلامه بالإشارة والتشديد على المعنى الروحي لهذه القطعة:
اما ان نعيش حياتنا في البرَ والتقوى، او نكون وكأنّنا في حلم؛ ننسى ونستسلم لأهوائنا دون التفكير في اصلاح طريقنا، فقط عندما نواجه الموت، نُعيد حساباتنا.
لذلك يطلب منّا القدّيس أندراوس أن نفكّر بالموت منذ الآن، فنُصلح حياتنا ونقوّم طريقنا ونُنقّي قلوبنا، لكي يشفينا الرّبّ منذ الآن، ونكون لاحقًا أهلاً للحياة الأبديّة.
بعد الصلاة، التقى صاحب السّيادة مع أبناء الرعية في قاعة الكنيسة حول مائدة محبة.