ببركة وحضور راعي الأبرشية صاحب السيادة المتروبوليت أنطونيوس (الصوري) الجزيل الإحترام، تمّ تكريم المهندس جورج حبيب قرطاس، مساء الأربعاء في ٢١ تموز ٢٠٢١ في كنيسة القديس أنطونيوس الكبير في المعلقة في زحلة.
بالمناسبة أُقيم بدايةً القداس الإلهي، بعد القداس توالى على إلقاء الكلمات كل من مجلس رعية المعلقة، ثمّ كلمة المحتفى به المهندس قرطاس بعنوان “طريق السماء” عرض فيها لرؤيته الايمانية الروحية للحياة مع الله عبر العلاقة القلبية مع الرب يسوع المسيح بحسب تقليد الكنيسة وتعليمها من خلال الصلاة والتوبة والفن الكنسي الايقوني والهندسي والليتورجي. في الختام كانت كلمة لصاحب السيادة حول المهندس جورج قرطاس وإيمانه وخدمته للكنيسة والانسان لمجد الله. بعدها قدّم سيادته للمُكرّم درع المطرانية ودرع بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، كما قدم كاهنا ومجلس الرعية ايقونة للقديس جاورجيوس للمحتفى به عربون محبة تقدير لجهوده واتعابه في خدمة الرعية.
وهذا نص كلمة صاحب السيادة التي ألقاها بالمناسبة:
“قَدِّسْ (يا اللهُ) الَّذينَ يُحبُّون جمال بيتك، أنت امنحهم عوضًا من ذلك
مجدًا بقدرتك الإلهية” (الإفشين الثاني من خدمة القداس الإلهي).
نجتمع اليوم في بيت الله لنطلب العسل الإلهيّ لأرواحنا وشَهْدَ قلوبِنا ربَّنا ومخلِّصَنا يسوع المسيح له المجد والاكرام والسجود. لذلك، انطلقَ لقاؤنا هذا بخدمة القدّاس الإلهيّ الَّذي ندخل فيه إلى بيت الله ليخرج منه كلٌّ منّا بيتًا لله.
من يحبُّ بيتَ الرّبّ يُجَمِّلُهُ ويحفظه من كلّ دنسٍ، وهيكلُ الله الأوّل هو الإنسان. كلُّ عملٍ لمجد الله ينطلق من سعينا لتجميل هيكل الله بالفضائل الرّوحيّة، ولا فضيلة إلّا وتأتي من المحبَّة لأنّ المحبّة هي أمُّ الفضائل.
نلتقي، اليوم، لنرفع المجد لله في إنسانٍ عَرَفَ محبَّةَ العَلِيّ، فصار للرَّبِّ ريشةً حرَّكها روحُ القدس لتُبدِعَ آياتٍ من الجمال لهياكلَ من حجرٍ مُصمَّمةً بإلهام من فوق لتأخُذَ مَن يرتادُها إلى السّماء الثالثة إِلَى الْفِرْدَوْسِ، لِـ”يسَمِعَ كَلِمَاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا، وَلاَ يَسُوغُ لإِنْسَانٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا” (2كو 12: 4)، وحتَّى يصير من يدخُلُها حجرًا حيًّا في بيت الله.
المهندس المعماري جورج قرطاس، ابن هذه الرعية المباركة وابن هذه الأبرشيّة المحروسة بالله، هو سفينةٌ محمَّلَةٌ بكنوزٍ من الفن والعمارة والفلـــــسفة، أســـــــــــــــاسُـــــــــــــــــها الإيمان بالإله المتجسِّد الَّذي صار هو “الكلّ في الكلّ” (1 كو 15: 28) بالنسبة إليه (أي إلى المهندس جورج)، ومنه استقى معين إلهامه بواسطة الكلمة الإلهيّة والصّلاة بروح الله.
المهندس جورج قرطاس خريج فرنسا حيث أبدع في دراسته، ومن ثمّ عاد إلى بلاده ليرفعها ويجمّلها بما اكتنزه من علوم وفنون، وليقدّمَ كلّ عمل قربانًا مرضيًّا عند الله لتمجيد الخالق مصدر كلّ جمال وعلم وابداع.
عطاءاتُه الهندسيّة والمعمارية في الكنيسة بدأت سنة 1970، في هذه الأبرشيّة، بطلب من ملاكها السابق المثلث الرحمة المتروبوليت اسبيريدون (خوري)، حيث عمل على إجراء بعض الاصلاحات والترميم للكنيسة الأثريّة في شليفا. من ذلك الحين، انطلق بنشاطٍ وعطاءٍ مُحِبٍّ وغَيرةٍ لتجميل وتشييد وترميم بيوت الله وملحقاتها، فكان مجموع الكنائس والقاعات والأديرة الأرثوذكسيّة التي عمل عليها بين لبنان وسوريا إحدى وعشرين إنجازًا، فتكادُ لا تَجِدُ أبرشيّةً إلَّا وعمل وساهم في خدمتها بخبرته وإبداعه. ومن هذه الأعمال، على سبيل المثال لا الحصر، كاتدرائيّة النبي الياس في حلب وكنيسة الصليب في رعيت وكنيسة مار جرجس في قاع الريم وكنيسة أخرى للقديس جاورجيوس في بحمدون الضيعة وكنيسة دير الشفيعة الحارة في بدبا-الكورة، بالإضافة إلى دير السيدة في بلمانا كما عمل على إطلاق العمل في دير ميلاد السيدة في قوسايا.
عملُه لم يتوقف على حدود كنيسته، بل صمّم وجمّل تسع قاعات وكنائس للكنائس الشّقيقة في البقاع، منها كنيسة مار زيَّا للأشوريّين في زحلة، وكنيسة مار الياس في سرعين للموارنة، ودير للآباء الطليان مع بيت للطلبة في زحلة، وغيرها كثير.
صمَّم المهندس جورج قرطاس مدرسة المشرق التابعة لأبرشيّة حلب الأرثوذكسيّة ومبنى الطلبة وقصر المؤتمرات في المشتاية وغيرها.
نعرض هذا كلّه لنقول بأنّ هذا الرجل قد أحبّ الله حبًّا كبيرًا، فأعطاه ذاته في إبداعاته الهندسيّة، وما حياته سوى مسيرة تمجيد وتسبيح لله في الخدمة التي يقدّمها للإنسان وللكنيسة وللمجتمع والوطن.
أيها الأحبة، نحن نلتئم اليوم لنقول لابن هذه الرعية البار أنت مستحقٌّ أن تكون خادمًا للرَّبّ، لأنَّك تحيا لتعبِّر له عن حبّك في أعمالك بحسب ما وهبك الله من وزنات. ها أنت استثمرت وزناتك والرب يضاعفها لك لتستمرّ بإبداع ما يمجّد اسمه القدوس كلّ حين.
لا يمكننا أن ننسى زوجتك المُحبَّة وملهِمَتَك في مسيرتك وشريكتك في الحبّ، مع أخوتك وأخواتك وأولادك الَّذين حذَوا حذوَك في محبَّة الجمال وخدمة الرب.
ألا بارك الله حياتك ووفقك ومنحك أيامًا مديدة وسنين عديدة في مزيد من الحبّ والعطاء لمجد الله.
21 تموز 2021
مستحق وألف مبروك