المتروبوليت أنطونيوس يشارك في حفل توقيع كتاب “عن لبنان… لماذا اكتب” للأستاذ نقولا أبو فيصل رئيس تجمع الصناعيين في البقاع
شارك سيادة المتروبوليت أنطونيوس راعي الأبرشية في حفل توقيع كتاب “عن لبنان… لماذا اكتب” للأستاذ نقولا أبو فيصل رئيس تجمع الصناعيين في البقاع ومؤسس ورئيس مجلس إدارة غاردينيا غران دور. الحفل برعاية مجلس أساقفة زحلة وقد أقيم في قاعة أختمار في مصانع غاردينيا بحضور حشد من رجال الدين والمسؤولين والصناعيين والأدباء والأمنيين وفعاليات مختلفة والاصدقاء والعائلة.
وقد ألقى راعي الأبرشية الكلمة الأولى بالمناسبة ومن ثم توالى على الكلام رئيس مجلس قضاء زحلة الثقافي مارون مخول، والاعلامية دلال أبو حيدر، والصحافي صبحي منذر ياغي، والاعلامي عارف مغامس، واختتم الحفل بقصيدة للشاعر الكبير طليع حمدان وتولت تقديم الحفل الاعلامية ريتا السباك شمعون. ومن ثم قدمت السيدة رنا الجميل ابو فيصل اغاني بمناسبة عيد الام وأغان وطنية.
تلا الحفل الخطابي توقيع الكتاب من السيد أبو فيصل وكوكتيل بالمناسبة. الجدير ذكره أن ريع الكتاب يعود للصليب الأحمر اللبناني.
كلمة صاحب السيادة المتروبوليت أنطونيوس (الصوري).
في حفل توقيع كتاب السيد نقولا أبو فيصل رئيس تجمع الصناعيين في البقاع “عن لبنان… لماذا أكتب”
السبت في 26 آذار 2022
“اِعرَفُوا الحقَّ والحقُّ يحرِّرُكُم” (يو 8: 32). هذا دأب الإنسان نقولا أبو فيصل وسعيه في حياته. هو طالبٌ للحقِّ ليعرفَه ويعيشَه ويشهدَ له. هو في السّعي، والطّريق هو عشرة الكلمة الإلهيّة والصّلاة والخدمة للإنسان والمجتمع في روح تخلٍّ عن كلِّ تعلُّقٍ إلّا بالحقِّ.
هو إنسان عصاميٌّ، خَبِرَ حرمان العطف الأبويّ إذ ترمَّلت والدته نيللي وأولادها ستّة يحتاجون وجود الأب وأمانه، فصارت هي لهم أبًا وأمًّا. هذه الخبرة المؤلمة، من جهة، والمملوءة من بركات الله في الأمّ الّتي بذلت نفسها لأجل أولاد حشاها، من جهة أخرى، منحته ثقة بالرب. قوة إيمان والدته واتّكالها على الله تشرَّبهما نقولا وصارا له قوّة من فوق تعطيه الرّجاء في زمن اليأس والقوّة في زمن الضّعف. لذلك، تراه دائمَ الحركة تعبيرًا عن الحياةِ الفيّاضةِ بالإيمان الراسخِ في الرّجاء، فلا يَكِلُّ ولا يَمِلُّ بل يسير في الطّريق الَّذي ينيره الرّبُّ له، إذ هو لا يقوم بعمل دون أن يطلب معونة الله، وهذا ما يمنحه الاطمئنان وعدم الخوف.
* * *
في هذا الإطار، تأتي كتابات الأستاذ نقولا أبو فيصل اليوميّة المتعدِّدة المواضيع هادفةً دائمًا إلى الإضاءة على ما يعتقدُه حقًّا، وهو يقول ما لديه بجرأة قد تسبِّب له، أحيانًا، عدم رضًى عند البعض أو الكثيرين… لكنّ هذا لا يُثني عزمَه لأنّه لا يَحْسَبُ نفسَه على أحد إذ هو باحثٌ عن الحقّ ويسعى أن يكون له شاهدًا.
كلماته في مطارح كثيرة من كتاباته ذات نفحة نبويَّة، والكلمة النبويّة قوتها في كونها تواجه الإنسان بالحقيقة الّتي لا يريد أن يعترف بها أو الّتي يُخفيها ظنًّا منه أنّه يستطيع كتمانَ ما قلبه على “فاحص القلوب والكلى”.
* * *
لقد طرقَ في مقالاته الموجودة في هذين الكتابَين مواضيع متعدِّدة من السياسة إلى الدين إلى الاقتصاد إلى الحكمة إلى التأمُّل إلى الصناعة … هو يتعاطى الوجود بالكلمة ويكشف أفكاره وآراءه، الّتي قد توافقُه عليها وقد لا توافقُه، المهمّ أنّه حرٌّ من تسلُّط إنسان عليه في ما يقول ويعبِّر عنه، لأنّه يريد أن يرضي الله.
إنَّ الأستاذ أبو فيصل يتعاطى يوميّات الحياة وأحداثَها كصحافيٍّ ويوردها كأديب ويعالجها كمؤمن. إنّها مسيرة تنقية وتمحيص لقلبه وفكره وكيانه، لأنّ ما يُعبِّر عنه الإنسان يُسأل عنه وبالتالي يُحاكَم عليه أو يُطَوَّب، لأنّ “من يعمل ويعلّم فَهذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ” (مت 5: 19). أفكاره ومبادئه يكشفها في ما يكتب، وهي بالتالي مرآتُه الَّتي تعينه على معرفة ذاته وتثبيتها في الحقّ عبر التّواضع، أي من خلال قبوله للرأي الآخَر. قوّة كلمته تأتي من قوّة عيشه لها، وإلا فهي ضعيفة ولا تحمل مصداقيَّةً.
* * *
إنّ نقولا أبو فيصل هو بالفعل حاملٌ للرّجاء في أزمنة الضِّيق، تراه دومًا يفتحُ كُوَّةً في جدار اليأس ليبثّ منها نور الإيمان بالخير الآتي، لأنّ المتّكل على الله لا يخزَى، فهو يعلم من خبرته وحياته ” أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً، وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي…” (رو 5: 3 – 5). وفي هذا الإطار يقول في مقالته “لكلّ شيء وقت”: “الحكمة الّتي أخذتها في حياتي (…) هي أن لا تفقد الأمل في هذه الأوضاع المرحليّة الصعبة اقتصاديًّا وماليًّا على لبنان (…) لا تيأس (…) الفرج قريب، لكلّ شيء تحت السّماء وقت”.
نرى أنّ غاية نقولا أبو فيصل من مقالات هذين الكتابين أن يبثّ روح مقاومة اليأس بالعمل والقول وبالفعل والشّهادة، ولذلك يقول في الوطن: “ربما تناسى هؤلاء (أي الأوصياء على لبنان) أنّه (أي لبنان) طائر فينيق مقاوم يأبى الموت وينهض من جديد في كلّ مرّة يظنّ بعضهم أنّهم أحرقوه إلى الأبد” (من مقالة: “بين قديم يحتضر وجديد لم يُولَد بعد”).
هكذا حقَّق نقولا أبو فيصل نجاحات ونقلات نوعيّة في كلّ مطرح عمل فيه، وليس آخر أعماله إلّا هذا الإحياء والتّوسّع لجمعيّة صناعيي البقاع الّتي صارت حاضرة وفاعلة في البقاع والوطن قاطبة.
إلى نقولا نقول، ليوفقك الرّبّ في مساعيك وجهادك لخدمة منطقتك ووطنك هو الَّذي لم يبخَل عليك بل يزيدك مع كلّ وزنة تستثمرها لمجده وزنات، لأنّ “مَنْ لَهُ يُعْطَى وَيُزَادُ” (مت 13: 12)…
والسّلام!
+ أنطونيوس
متروبوليت زحلة وبعلبك وتوابعهما