برحمة الله تعالى
يوحنا العاشر
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس
إلى
إخوتي رعاة الكنيسة الأنطاكية المقدسة
وأبنائي وبناتي حيثما حلوا في أرجاء هذا الكرسي الرسولي
“لتفرح السموات ولتتهلل الأرض بواجب اللياقة. وليعيد العالم كله الذي يرى والذي لا يرى لأن المسيح قد قام سروراً مؤبداً”
بهذه الكلمات وصف يراع الدمشقي يوحنا فرح العيد الحاضر. السموات تفرح والأرض تتهلل كما يليق والعالم يعيد لأن المسيح القائم هو السرور المؤبد لكل الخليقة التي سقطت مع آدم الإنسان الأول وقامت مع المسيحِ الإنسانِ الجديد.
الفرح لصيق القيامة. والفرح ابن الرجاء الذي زرعه فينا الرب يسوع المسيح رغم كل ضيق. وعيد القيامة هو تجلي الفرح في القلوب رغم كل ما اكتنفها ويكتنفها وسيكتنفها من أحزانٍ، تذوب كلها أمام صليب المسيح وتُمحق على عتبة قبره الفارغ.
وفرح القيامة هو فرح الملكوت الذي نعيشه كمؤمنين في كل لحظةٍ ومنها اللحظة الحاضرة واليوم الحاضر الذي تسكب فيه الكنيسة عبراتها على المسيح الدفين في الجمعة العظيمة. عبراتها في هذا اليوم الأقدس هي عبرات تمجيد وعبرات عرفانٍ أمام ربٍّ إلهٍ سُمرت كرامته على صليب المجد ليرفع ويكرّم مشاركيه ألمَ الصليب وألق القيامة. عبراتها في هذا اليوم ممزوجةٌ لا بل مجبولةٌ بسطيع القيامة وبوهج القبر الفارغ. عبراتها اليوم سيمسحها هو عن وجه مؤمنيه وعن وجه كل متضايقٍ في هذه الدنيا يضع رجاءه في المسيح يسوع رباً وإلهاً ومخلصاً.
فرح القيامة هو ترياق ضيقاتنا. وهو فرحٌ من العلى يضعه الله في قلب كلٍّ منا ليقول لنا إن الصليب هو فاتح درب القيامة. فرح القيامة عزاءٌ وبلسمٌ يضعه الله في قلوبنا التي سبق وناجته بلسان النسوة البارات: “من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر؟” فأتاهنّ مجيباً بأفعالٍ كما يخبر الإنجيلي: “فتطلّعن فرأين الحجر قد دُحرجَ لأنه كان عظيماً جداً” .
دعوتنا اليوم أن ينظرَ كل منا يوم القيامة ويتأمله يومَ فرحٍ علويٍّ رغم كل ما يحيط من ظروف ورغم ما يحيق من أهوال. فرح القيامة هو صدى واكتمال فرح الميلاد الذي جاء على لسان الملاك إلى البشرية المنتظرة الخلاصَ بقوله: “ها أنا أبشركم بفرحٍ عظيمٍ يكون لجميع الشعب…” . وهذا الفرح العظيم عينُه، يسوع المسيح، هو إياه من سيدحرج عن باب قبره وعن أبواب نفوسنا كل “حجر عظيم” وضيقٍ عظيمٍ ويرسم على الوجوه “بشائر الفرح” بقيامته.
نذكر اليوم كل من هم شدة وضيق ونصلي إلى إله الفرح والسلام أن” يمسح من العيون كل دمعة” . نصلي من أجل المخطوفين ومنهم أخوانا مطرانا حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي المخطوفان منذ ثمانية أعوام وسط صمتٍ دولي مريب ومستنكر. نصلي معكم من أجل أن يرفع الله عن عالمه الوباء الحاضر ونسأل الرحمة الإلهية والملكوت السماوي لإخوتنا وأحبتنا جميعِ الذين سبقونا على رجاء القيامة والحياة الأبدية إلى ملقى نوره القدوس.
بسلام الفصح نحييكم أيها الإخوة والأبناء الأحباء سائلين رحمات الله ومرددين:
“قام المسيح، والملائكة فرحت،
قام المسيح، والحياة انتظمت،
قام المسيح، فلا ميت في القبر”
المسيح قام، حقاً قام.
صدر عن مقامنا البطريركي بدمشق
بتاريخ الثلاثين من نيسان للعام ألفين وواحد وعشرين.
- من قانون الفصح.
- مر 16: 3-4.
- لو 2: 10.
- رؤ 21: 4.
- من عظة الفصح للقديس يوحنا الذهبي الفم.