مطرانية زحلة للأرثوذكس: نرفض تغييب الأرثوذكس عن التعيينات التي شكلت صدمة
أصدرت مطرانية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس بياناً تناول التعيينات الأخيرة:
‘هوذا ما أحسن وما أجمل أن يجتمع الإخوة معًا’ (مزمور 133)
نقف، اليوم، معًا على عتبة عيد الفصح لدى إخوتنا المسيحيِّين، الَّذين يتبعون الروزنامة الغربية، وعلى مشارف أحد الشعانين والأسبوع العظيم المقدس في كنيستنا الأرثوذكسيّة. ونرفع، بالمناسبة، الصلاة جميعًا على نيّة بلدنا لبنان وسلامه وأمنه واستقراره وازدهاره وإبعاد الأوبئة عنه وصحة أهله وإنصاف شعبه في حقّه بحياة كريمة. ندعو الرّبّ كي يصون هذا البيت الذي تستقرُّ فيه عائلات عديدة، ليستمر البيت في وحدته على تنوّع ساكنيه وفرادتهم. نضرع إلى العليّ كي يبقى هذا الوطن لنا كلّنا ملجأً وحصنًا يجمعنا بأمان الأخوّة والمحبّة، فلا يشعر أحد من أبنائه بالغربة أو الغبن أو الحزن.
وأضاف البيان: لقد كان رجاؤنا بنهضة هذا البلد إلى حوكمة أكثر علميّة وانتاجيّة كبيرًا، ولكن شكَّلَتِ التعيينات الّتي أقرَّها مجلس الوزراء يوم الخميس في 9 نيسان 2020 صدمةً جديدةً لأبناء كنيستنا الأرثوذكسيّة. فقد أتت كي تعزّز شعور الغبن الَّذي بدأ يتكوّن لديهم منذ فترة ليست بقصيرة. ثَمَّةَ شريحة من شعب هذه البلاد نحن مؤتمنون على رعايتها قد بدأت تشعر بأنّها متروكة، لا بل مستهدَفَة في وجودها ودورها ضمن إطار مؤسسات الدولة اللبنانيّة، كما على السّاحة الوطنية.
لقد كرّس الدستور اللبنانيّ والأعراف المعمول بها في هذه الجمهورية التوزيع الطائفيّ للمواقع الوزاريّة والنيابيّة والمناصب، وأبناء الكنيسة الأرثوذكسيّة يوجد فيهم أصحاب الكفاءات على كلّ الصعد وفي مختلف الاختصاصات المطلوبة في مرافق الدولة، فلماذا يُحرمون من حقوقهم بممارسة واجباتهم الوطنية في المواقع التي يكرّسها لهم الدستور والأعراف المتّبعة كمواطنين كاملين؟! …
وأشار البيان الى أنه ‘على سبيل المثال لا الحصر، لم يأخذ الارثوذكس أيًّا من حقوقهم في المراكز القضائية السبعة الأساسية ولا من رئاسات الأجهزة الأمنية. لقد حصلوا على القليل، المجحف بحقّهم، الّذي يشكل نافذة حضورهم في الدولة، وهذا الحقّ يتمّ قضمه مرّة بعد مرّة (المديرية العامة للبلديات والمجالس المحلية في العام ٢٠١٤، ومفتش عام في التفتيش المركزي ومدير عام إدارة الموظفين 9 نيسان 2020 وغير هذه الكثير)’.
لذا، انسجامًا مع روح الشراكة الكاملة والمساواة بين أبناء هذا الوطن، فإنّنا نؤكِّد على الدور التاريخيّ العريق والجوهري الَّذي اضطلع به أبناء الكنيسة الأرثوذكسيّة في بناء هذه الدولة منذ إعلان لبنان الكبير إلى اليوم، ويضيق بنا المجال هنا للتحدّث عن مساهماتهم في هذا المجال.
من هنا، نحن نرفض ونستنكر أيّ تغييب لدور أبناء الكنيسة الأرثوذكسيّة في هذا الوطن حفاظًا على نعمة التنوع والشراكة والفرادة التي نتمتّع بها في هذا البلد.
إننا ندعو إلى وقف هذه التجاوزات، ونعوِّل على حكمة المسؤولين لتطبيق قواعد الشراكة والعدل بمسؤولية وطنية دون أية مخالفات أو تجاوزات تزيد الحالة الطائفيّة سوءًا. ولمّا كانت الرئاسات في هذه الدولة تحمّلت مسؤوليّة الحفاظ على هذا اللبنان المتنوع والفريد، بما يصبوا إليه جميع أبنائه من عدالة ومساواة بينهم، خصوصًا كما جرى مؤخَّرًا التعاطي مع ملفَّي التعيينات القضائيّة والمالية، نطلب اليوم التعاطي مع ملف التعيينات الأخيرة بنفس المناقبيّة.
وختم البيان: بناء على كلّ ما سبق، نناشد رئيس الجمهوريّة اللبنانية، فخامة الرئيس العماد ميشال عون، الامتناع عن توقيع مراسيم التعيينات التي أقرّها مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، إفساحًا في المجال لإعادة النّظر فيه حفاظًا على حقوق أبناء كنيستنا الأرثوذكسيّة كشركاء جوهريين في هذا الوطن.
ختامًا، نصلّي اليوم، كما دومًا، مع كلّ الخيِّرين كي يقوم هذا البلد من كبوته الصحية والاقتصادية والمالية، بتضافر جهود جميع مكوناته. ألا حمى الله لبنان وأرشد قادته وساسته إلى كل عمل صالح.