Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 22 كانون الأوّل 2019

العدد 51

الأحد قبل عيد الميلاد

اللّحن 2- الإيوثينا 5

أعياد الأسبوع: *22: الأحد قبل عيد ميلاد المسيح، الشَّهيدة أناستاسيَّا *23: الشّهداء العشرة المُستشهِدون في كريت *24:  بارامون ميلاد المسيح، الشَّهيدة في البارّات أفجانيا *25: ميلاد ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح بالجسد *26: عمّانوئيل الإلهيّ، عيد جامع لوالدة الإله، الشَّهيد آفثيميوس *27: استفانوس أوّل الشّهداء ورئيس الشّمامسة، ثاوذوروس الموسوم *28: الشّهداء العشرون ألفًا الّذين أُحرِقوا في نيقوميذية.

كلمة الرّاعي

وَعد الله

 بعد سقوط الإنسان، دخلت العداوة بين المرأة والحيّة ونسلَيهما، الأخيرة تسحق عقب نسل المرأة وابن الإنسان يسحق رأس الحيّة (تكوين 3: 15). وأقام الله ميثاقًا مع نوح وبنيه علامته قوس القزح، بعد الطّوفان، بأن لا ”يَنْقَرِضُ كُلُّ ذِي جسد“ (تكوين 9: 11). ومن ذرّيّة نوح أتى سام ومن نسل سام أتى ابراهيم الّذي كان له الوعد الثّالث والعهد لنسله الّذي يأتي من صلبه ومن سارة امرأته، بأن تتبارك به كلّ الأرض (راجع: تكوين 11-18). جدّد الله عهده مع اسحق ويعقوب ونسله (عدد 24: 17). من سبط يهوذا سيأتي المخلّص. هذه مواعيد الله قبل الشّريعة. مع موسى جدَّد الله عهده لشعبه، ولكن هذه المرّة  بإنزاله كلمات الشّريعة لتكون أداة لتحضير المؤمنين به لمجيء ”الكلمة“ في ”ملء الزّمان“. مع صموئيل دخلت الملكيّة بشاول فداود الّذي كان مسيح الرَّبّ ورمزًا للمخلِّص إذ اختاره الله ليكون ”ملكًا على إسرائيل إلى الأبد“ (1 أخبار 28: 4). داود مات فكيف يملك إلى الأبد؟! ... هذا كان رمزًا لابن الله المُتجسِّد الّذي سيملك إلى الأبد عن يمين عرش النِّعمة. صار داود رمزًا لمسيح الرَّبّ الآتي والمخلِّص ”ملك اليهود“ (راجع: متى 2: 2 ويوحنا 19) ...

*          *          *

الله بعد أن خلقنا اعتنى بنا، كان يريد أن يعرّفنا بذاته ويتحدنا فيه. لكنّ الإنسان أجَّل مشروع الله له بسبب سقوطه، إذ اراد أن يتألّه من ذاته بذاته!... غباء مُطلَق كان عمل آدم الأوّل ... خسر النّعمة الإلهيّة وابتعد عن مشروع الله الموضوع له للحياة الأبديّة إذ طُرد من فردوس النّعيم ومُنع من الأكل من ”شجرة الحياة“ الّتي هي رمز للرَّبّ يسوع المسيح، للإله-المتجسّد نفسه الّذي شاء أن يعطينا ذاته مأكلًا للخلود ... لكنّ مشروع الله لا يمكن أن يتوقّف ومقاصد الله لا بدّ أن تتحقَّق. من هنا كانت وعود الله المتتالية للبشر منذ البدء وعهوده معهم بمُبادرة منه، فهو يدعو خليقته قائلًا: ”اسْتَمِعُوا لِي اسْتِمَاعًا وَكُلُوا الطَّيِّبَ، وَلْتَتَلَذَّذْ بِالدَّسَمِ أَنْفُسُكُمْ. أَمِيلُوا آذَانَكُمْ وَهَلُمُّوا إِلَيَّ. اسْمَعُوا فَتَحْيَا أَنْفُسُكُمْ. وَأَقْطَعَ لَكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا، مَرَاحِمَ دَاوُدَ الصَّادِقَةَ. هُوَذَا قَدْ جَعَلْتُهُ شَارِعًا لِلشُّعُوبِ، رَئِيسًا وَمُوصِيًا لِلشُّعُوبِ. هَا أُمَّةٌ لاَ تَعْرِفُهَا تَدْعُوهَا، وَأُمَّةٌ لَمْ تَعْرِفْكَ تَرْكُضُ إِلَيْكَ، مِنْ أَجْلِ الرَّبّ إِلهِكَ وَقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ قَدْ مَجَّدَكَ … “ (إشعياء 55: 2-5). مسيح الرَّبّ يأتي لكلّ شعوب الأرض. يأتي من يهوذا، من فخذ يعقوب ببركة الله عليه باسحق، من وعد الله لإبراهيم بأن ”تتبارك بنسله كلّ الأرض“ ... الله أمين وقد حقَّق مواعيده كلّها إذ  وُلِد مسيح الرَّبّ من بتول لم تعرف زواجًا وهي دائمة البتوليّة من سبط يهوذا من سلالة داود الملك من سلالة الوعد لإبراهيم ...

*          *          *

المخلِّص الموعود به كان ملكًا ”على قلب الله“، لكنّ ملكَه رعايةٌ وليس تسلُّطًا، وبذلًا للذّات واستعبادًا لها لأجل خلاص شعب الله وليس استغلالًا لقطيع الخراف النّاطقة، الرَّبّ نفسه يرعى شعبه وهو يكون لهم إلهًا وداود، أي مسيح الرَّبّ هو يكون راعيها (راجع: حزقيال: 34: 22- 24). هذه الوحدة في التّمايز بين الله نفسه الرّاعي وداود عبده الرّاعي هي نبؤة واضحة على أنّ مسيح الرَّبّ والله هما واحد ومتمايزَين في آنٍ معًا. وعد الله لا بدَ أن يتحقَّق لن كلمة الله الّتي تخرج من عنده تتمّم ما أرسلت لأجله ولا تعود إليه فارغة (راجع: إشعياء 55: 11)، وهذا ما أتمّه ”الكلمة الإله“ إذ زُرِع في أرض أحشاء مريم البتول وعاد إلى الله الآب حاملًا معه البشريّة الجديدة في جسده المُمجَّد ...

*          *          *

أيّها الأحبّاء، إنّ خطايا البشريّة، منذ البدء، وسقطاتها المتوالية، لم تَحُل دون إتمام وعد الله بالخلاص. وجود خطأة وابرار في نسل الرَّبّ يسوع المسيح البشريّ هو ليدلّ على أن الجميع يحتاجون أن يُخَلَّصوا، إذ ”الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ“ (رومية 3: 23) ...

الرَّبّ يأتي ليعيد ولادتنا في ذاته، في إنسانيّته، إذ هو وحده الإنسان الحقّ. الرَّبّ يأتي ليُجدِّد كياننا الدّاخليّ ويحوّل قلوبنا ويسكن فينا بروحه القدّوس إذ نلبسه باتّحادنا فيه. الرَّبّ يأتي ليصير الكلّ واحدًا فيه فيما بينهم وبه مع الله ...

حضّر الله البشريّة لتأتي مريم ابنة الوعد الإلهيّ فتصير مسكن العليّ الأرفع من السّماوات. كلّ تاريخ سرّ تدبير الله من آدم إلى ابراهيم إلى داود كان ليأتي المسيح من مريم الفتاة الإلهيّة ...

ها نحن مدعوون لأنّ نصير على غرار مريم أرضًا للزّرع الإلهيّ الّذي بـ ”الكلمة“، لتعود بنا هذه الكلمة بإِثمار غيث الرّوح إلى الله الآب ”كلمات“ على صورة الكلمة المتجسِّد. هكذا يتحقَّق ميلاد الرَّبّ في حياتنا ويتمّ وعد الله للبشريّة بالمسيح بأن يصير جميع الّذين يقبلون الإله المتجسِّد ابناء لله وورثة بابنه لملكوت السّماوات منذ الآن ...

من هو الحكيم الّذي يقول للرَّبّ: تكلّم يا ربّ فإنّ عبدك يسمع ويطيع؟! ...

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (باللَّحن الثّاني)

عندما انحدرتَ إلى المَوْت. أَيُّها الحياةُ الّذي لا يَموت. حينئذٍ أَمَتَّ الجحيمَ بِبَرْقِ لاهوتِك. وعندما أقمتَ الأمواتَ من تحتِ الثَرى. صرخَ نحوكَ جميعُ القُوّاتِ السّماويّين. أَيُّها المسيحُ الإله. مُعطي الحياةِ المَجدُ لك.

طروباريّة للتّقدمة (باللّحن الرّابع)

استعدّي يا بيت لحم، فقد فُتحتْ عدنْ للجميع، تهيّأي يا افراثا، لأنّ عودَ الحياة قد أزهر في المغارة من البتول، لأنّ بطنها قد ظهر فردوسًا عقليًّا، فيه الغرس الإلهيّ، الّذي إذ نأكل منهُ نحيا ولا نموت مثلَ آدم، المسيح يولد مُنهضًا الصّورة الّتي سقطت منذ القديم.

طروباريّة أحد النّسبة (باللّحن الثّاني)

عظيمةٌ هي أفعالُ الإيمان، لأنَّ الفتيةَ الثَّلاثةَ القدّيسين قد ابتهجوا في يَنبوعِ اللَّهيب كأنّهم على ماءِ الرَّاحة، والنَّبيَّ دانيال ظهر راعيًا للسِّباعِ كأنّها غنم. فبتوسّلاتِهم أيّها المسيحُ الإلهُ خلّصْ نفوسَنا.

قنداق تقدمة الميلاد (باللّحن الثّالث)

أليومَ العذراءُ تأتي إلى المَغارة لِتَلِدَ الكلمةَ الّذي قبل الدّهور ولادةً لا تُفسَّر ولا يُنطق بها. فافرحي أيّتها المَسكونة إذا سمعتِ، ومجِّدي مع الملائكة والرُّعاة الّذي سيظهر بمشيئته طفلًا جديدًا، الإلهَ الّذي قبل الدّهور.

الرّسالة (عب 11: 9– 10، 32– 40)

مباركٌ أنتَ يا ربُّ إلهَ آبائنا   

لأنَّكَ عدلٌ في كلّ ما صنعتَ بنا

يا إخوةُ، بالإيمانِ نَزَل إبراهيمُ في أرضِ الميعاد نزولَهُ في أرضٍ غريبةٍ، وسكَنَ في خيامٍ معَ إسحقَ ويعقوبَ الوارثَينِ مَعَهُ لِلموعِدِ بِعَينِه، لأنَّهُ انتظرَ المدينةَ ذاتَ الأُسُسِ الّتي الله صانِعُها وبارئُها. وماذا أقولُ أيضًا. إنّه يَضيقُ بِيَ الوقتُ إنْ أَخبرتُ عن جِدعَونَ وباراق وشمشونَ ويَفتاحَ وداودَ وصموئيلَ والأنبياء، الّذينَ بالإيمانِ قَهَرُوا الممالِكَ وعَمِلُوا البِرَّ ونالُوا المواعدَ وسَدُّوا أفواهَ الأُسُود، وأَطفأُوا حِدّةَ النّارِ وَنَجَوا مِن حَدِّ السّيف، وتَقَوَّوا مِن ضعفٍ وصاروا أَشِدّاءَ في الحرب، وكَسَرُوا مُعَسكَراتِ الأجانب، وأَخذَتْ نساءٌ أمواتَهُنَّ بالقيامة. وَعُذِّبَ آخَرُونَ بِتَوتيرِ الأعضاءِ والضَّرب، ولم يَقبَلُوا بالنَّجاةِ لِيَحصُلُوا على قِيامةٍ أفضل. وآخرون ذاقوا الهُزءَ والجَلْدَ والقُيودَ أيضًا والسِّجن، ورُجِمُوا وَنُشِرُوا وامتُحِنوا وماتوا بِحَدِّ السّيف، وساحوا في جُلودِ غَنَمٍ ومَعَزٍ، وهم مُعْوَزُونَ مُضايَقُونَ مَجهُودُون، (ولم يكن العالم مُستحقًّا لهم). وكانوا تائهين في البراري والجبال والمغاورِ وكهوفِ الأرض. فهؤلاء كلُّهم، مَشهُودًا لهم بالإيمان، لم ينالوا الموعد، لأنّ الله سَبَقَ فنظرَ لنا شيئًا أفضل، أن لا يَكمُلُوا بِدُونِنا.

الإنجيل (مت 1: 1– 25)

كتابُ ميلادِ يسوعَ المسيحِ ابنِ داودَ ابنِ إبراهيم. فإبراهيمُ وَلدَ إسحقَ وإسحقُ ولدَ يعقوبَ ويَعقوبُ ولد يهوذا وإخوتَه، ويهوذا ولدَ فارصَ وزارحَ من تامار. وفارصُ ولد حصرونَ وحصرونُ ولد أرامَ وأرامُ ولدَ عَمّينادابَ، وعَمّينادابُ ولد نَحْشُونَ ونحشونُ ولدَ سَلْمُونَ وسَلْمُونُ ولد بُوعَزَ مِن راحاب، وبُوعزُ ولدَ عُوبِيدَ مِن راعوث، وعُوبِيدُ ولدَ يَسّى، ويَسّى ولدَ داودَ الملك، وداودُ الملكُ ولدَ سليمانَ مِن الّتي كانَت لِأُورِيّا، وسليمانُ ولدَ رَحْبَعامَ ورَحْبَعامُ ولدَ أَبِيّا، وأَبِيّا ولد آسا، وآسا ولدَ يُوشافاطَ ويُوشافاطُ ولد يُورامَ ويُورامُ ولد عُزِّيّا، وعُزِّيّا ولد يُوتامَ ويُوتامُ ولد آحازَ، وآحازُ ولد حَزقِيّا، وحَزقِيّا ولد منسّى ومنسّى ولد آمون، وآمونُ ولد يُوشِيّا، ويُوشِيّا ولد يَكُنْيا وإخوتَهُ في جَلاءِ بابل. وَمِن بَعدِ جَلاءِ بابل، يَكُنْيا  ولد شألتَئيلَ وشألتئيلُ ولد زَرُبابلَ وزَرُبابلُ ولد أبيهودَ وأبيهودُ ولد أَلْياقيمَ وألياقيمُ ولد عازورَ وعازورُ ولد صادوقَ وصادوقُ ولد آخيمَ وآخيمُ ولد أليهودَ وأليهودُ ولد ألعازارَ وألِعازارُ ولد مَتَّانَ ومَتَّانُ ولد يعقوبَ، ويعقوبُ ولد يوسفَ رجلَ مريمَ الّتي وُلد منها يسوعُ الّذي يُدعَى المسيح. فكلُّ الأجيالِ مِن إبراهيمَ إلى داودَ أربعةَ عشرَ جيلًا، ومن داودَ إلى جلاءِ بابلٍ أربعةَ عشرَ جيلًا، ومِن جَلاءِ بابلَ إلى المسيحِ أربعةَ عشرَ جيلًا. أمّا مولدُ يسوعَ المسيحِ فكان هكذا: لمَّا خُطبت مريمُ أمُّهُ ليوسفَ وُجدتْ من قبلِ أنْ يجتمعا حُبلى من الرّوح القدس. وإذ كان يوسفُ رجلُها صدّيقًا ولم يُرِد أنْ يَشْهَرَها همَّ بتخْلِيَتِها سِرًّا. وفيما هو مُتَفَكِّرٌ في ذلك، إذا بملاكِ الرَّبّ ظَهَرَ لهُ في الحُلم قائلًا: يا يوسفُ ابنَ داود، لا تَخفْ أنْ تأخذَ امرأتَك مريم، فإنَّ المولودَ فيها إنَّما هو من الرّوح القدس، وستلِدُ ابنًا فتُسميّهِ يسوع، فإنَّهُ هو يخلِّصُ شعبهُ من خطاياهم. (وكان هذا كلُّهُ ليتمَّ ما قِيلَ مِنَ الرَّبّ بالنَّبيِّ القائل: ها إنَّ العذراءَ تَحبَلُ وتَلِدُ ابنًا ويُدعى عِمَّانوئيل، الّذي تفسيرُهُ الله معنا)، فلمَّا نهض يوسفُ مِنَ النّوم صَنعَ كما أَمَرَهُ ملاكُ الرَّبّ، فأخَذَ امرأتَهُ، ولم يعرِفْها، حتَّى وَلَدَتِ ابنَها البكرَ وسمَّاهُ يسوع.

حول الرّسالة

رسالة اليوم تضعنا أمام بطاركة العهد القديم وأبطال الإيمان بالله الواحد، إبراهيم وإسحق ويعقوب. "لأنَّه يجب على الّذي يتَقَرَّبُ إلى الله يَجِبَ أنْ يُؤمِنَ بأنَّهُ مَوْجودٌ وأنَّهُ يُجازي الّذين يَبْتَغونَهُ" (عب١١ : ٦). ذلك أنّ ملء الزّمان حان، وعلى البشر أن يَعُوا هذه الحقيقة القادمة إليهم (يسوع المسيح) كي يذهبوا إليها، حتّى لا ينصدموا بها وهم في حالة الخطيئة، كما اصطدم بني إسرائيل حين ولادة المسيح ولم يفتحوا أذهانهم وقلوبهم لنبؤات الكتاب المُقَدَّس. فنُزول ابراهيم في أرضٍ غريبةٍ يُشبه ما قاله الإنجيليّ يوحنّا عن الرَّبّ يسوع "جاء إلى خاصّته وخاصّته لم تقبله". والمدينة الّتي كان ينتظرها ابراهيم وهي ذات الأسس والله مهندسها وبانيها، هي أورشليم السّماويّة أسّسها الله وهي أمتن من كلّ بناء أرضيّ، ولم تكن مدينة داود إلّا صورة سابقة لها .

بعد هذه المُقدِّمة يُتابع الرَّسول بولس في ذكر بعض رجال الإيمان المشهود لهم في الكتاب المُقَدَّس، مثل جدعون وباراق وشمشون ويفتاح وداود وصموئيل، الّذين خاضوا الحروب لأجل إيمانهم بإله إبراهيم، ومعظمهم قضاة وأنبياء ولكن تميّز عنهم داود إذ صار ملكًا. ولكنّ هؤلاء لم يكونوا فقط أبطال إيمان، إذ كثيرًا ما وقعوا أيضًا في الخطيئة، ولكنّهم تابوا. وهنا لا بُدَّ من قراءة أخبارهم في كتب القضاة والملوك والأخبار. ويختم الرَّسول بولس كلامه عنهم بقوله "واستعاد نساءٌ أمواتهنَّ بالقيامة". ومنهنّ أرملة صرفت صيدا الّتي أقام النّبيّ إيليّا ابنها من الموت كما ورد في سفر الملوك الثّالث الإصحاح ١٧، والمرأة الشّونميّة الّتي أقام النّبيّ أليشع ابنها الميت في سفر الملوك الرّابع الإصحاح ٤ .

ينتقل الرَّسول بولس في المقطع الثّالث في القسم الثّاني من الآية ٣٥ بقوله: "وتحمّل بعضهم توتير الأعضاء"، وكأنّه يلمح في (٢ مك ٦: ٣٠) إلى تعذيب يشبه هذا التّعذيب، إذ كانوا يربطون المحكوم بالإعدام إلى دولاب ويكسرون أعضاءه بضربات قضيب ويشدُّونَها، ويرى البعض أنّ الرَّسول يعقوب أخا يوحنّا عانى مثل هذا الأمر من العذاب كما ورد في سفر أعمال الرُّسل (١٢ :٢). وبالانتقال أيضًا إلى الآية ٣٧ "رُجموا ونُشِروا"، لا يذكر العهد القديم تعذيبًا من هذا النّوع. لكن ورد في "صعود أشعيا"، وهو سفر منحول من العهد القديم يذكره أوريجنّس، أنّ أشعيا أُلقي في السِّجن بأمر منسّى ثم نُشر نصفين. إذ بحسب (٢ مل ٢١ : ١٦) تظهر أعمال قسوة منسّى. هذا المقطع إذا كان ينطبق على أنبياء العهد القديم بشكلٍ عام، فهو ينطبق على رسل وقدّيسي العهد الجديد، بشأن ما نالوا من اضطهادات وعذابات.

من خلال هذه الرّسالة نقرأ أنّ الله اختار أناسًا من العبرانيّين لكي يحضر شعب إسرائيل لقبول يسوع المسيح بالإيمان.

عن الشّيخ يوسُف الفاتوبيذي

يُخبرنا الآباء أنّ الإحساس بالخطيئة هو عَطيّة عَظيمة مِنَ اللّه، تفوق مُعايَنة الرّؤى السّامية. عندما نُدرك أن ظُلمتنا الدّاخليّة، والطّبيعة الجُهَنّميّة الـمُقرِفة للخطيّة قد انكشفت، هذا يؤدّي إلى النّفور منها ومِنْ ثمّ تجلب النّعمة الإلهيّة راحتها.

الكثير من النّاس يطارِدون اليوم الفرح والسّعادة، ويَسلكون في الطُّرُق غير النّظيفة، ويتصدّعون من تصرّفات الشّياطين. ولكن إذا كان "اللّه الرَّبّ يتكلّم" في قلوبِنا، فَيَنبَغي أن نكون هادئين. يجب أن نلتَفِت إلى قلوبنا، وأن نتعلّم أن نُصلّي صلاة يسوع، وأن نُطَهِّر قَلبنا بالانطواء على الذّات، فَمِن ثمّ من دون أن نطلب ذلك ومن دون أن نَسعى إليه سنكون "مدينة مَبنيّة على جبل".

على الرّغم من أنّ اللّه كان يَعلم مسبقًا عن عِصيان آدم وحوّاء في الجنّة، إلّا أنّه لم يَمنع ذلك. لو فَعل ذلك، لكان قد تَدَخَّل بِحُرّيتنا الّتي مَنَحَنا إيّاها بِنَفسِه وقَضى عليها. مِن دون الحرّيّة، فإنّ الطّريقة الّتي نَعيش بِها حياتنا، وحتّى خلاصنا، سوف يكونان مَفروضَين. سنكون بِلا شَخصيّة وموجودين ككائنات سلبيّة. فَضَّل اللّه تَغيير خِطَطه لنا بدلًا من حرماننا مِنَ السِّمَة الرَّئيسيّة لشَخصيّتنا أي حُرّيتنا.

السّقوط إذًا هو مُقاطعة ومُغادرة أيّ كائن مخلوق للسّبب الأوّل لِوُجوده أي اللّه. وبِحَسَبِ الوَحي الإلهيّ، فإنّ الأشياء كلّها هي نتيجة لسببٍ ما، ولا يُمكن أن تكون قائمة بِذاتها بل فقط من خلال "المُشاركة" في قوّة اللّه وعِنايته. إذًا، إن كانوا مَعزولين عن قوّة اللّه وقُدرته المُتماسِكة فإنّهم يَنهارون ويُحتَضَرون.

الّذين يَتبعون مَسار وَصايا المسيح يُولَدون مِنْ جَديد روحِيًّا ويَتَجلّون. ليس الأمر نفسه بالنّسبة للجميع وعلى القدر نفسه، بل يعتمد على غيرتهم. إنّهم يُصلَبون مع يسوع المسيح، وتَجعَلهم النّعمة الإلهيّة على شبه مَن يُحبّون. هنا يَكمُن لاهوت الصّليب، الّذي يُرَنّم له القدّيس بولس على أنّه نور المحبّة الإلهيّة.

القلب المُتواضع، الّذي جُرِح أوّلًا بِسِهام العَدوّ ومن ثمّ، بعد التّوبة، بمحبّة المخلّص الأبويّة، لا يملك طريقة للتّعبير عن نفسه غير الدّموع. مِنَ السّذاجة أن تعتقد أنّ بإمكانك اتّباع خطوات المسيح من دون دموع.

عندما نتحدّث إلى النّاس اليوم على النّوح يَبدو الأمر غريبًا عليهم، لأنّهم يخجلون من البُكاء. إذا كنّا نتحدّث على العَبَث وعلى الأشياء العابِرَة فبالطّبع إنّها لا تستحق البكاء. هذا النّوح هو من نوع العُرف الاجتماعيّ. يرتبط النّوح الرّوحيّ بِعَلاقتنا مع اللّه، وهو نتيجة نعمة الرّوح القدس أكثر ممّا هو اختيارنا. إنّ الإحساس بالمسؤوليّة عن أفعالنا الشّرّيرة هو هذا الثِّقل في قلوبنا الّذي يؤدّي إلى حالة من النّدم الأعمَق.

إنّ كَسْرَ الوَصيّة جَلَبَ السّقوط الّذي هو انفصالنا عن اللّه وعن كلّ ما يتعلّق به. قَبِل اللّه توبتنا وعَودتنا وخضوعنا له بعدما أصْلَحَ علاقتنا بمَحبّته وقَداسَتِه. بحسب الآباء، إنّ الشّكل الأكثر قَبولًا للتّوبة هو الدّموع السّاخنة الّتي تصل بذاتها من آلام القلب، الّذي يشعر بذنبه الكَريه وخِيانَته لمحبّة اللّه الأبويّة.

كُلمّا ازداد عُمق شعورنا بأنّ خَطيئتَنا هي جرح مُميت، كُلّما اقتربنا من السّجود للّه في صلاة التّوبة. هذه الصّلاة تُطلِقُنا أحيانًا مِن رَوابِط المكان والزّمان، حتّى نَشعر بأنَّنا مُختلفون تَمامًا.

(مُختارات آبائيّة- عن مَوْقِع www.orthodoxlegacy.org)

برنامج صّلوات راعي الأبرشيّة في زمن الميلاد

بارامون عيد ميلاد المسيح، صباح الثّلاثاء 24 كانون الأوّل 2019، في دير ميلاد السّيّدة- قوسايا، تبدأ صلاة السّاعات السّاعة 9:00 صباحًا، يليها القدّاس الإلهيّ للقدّيس باسيليوس الكبير السّاعة 11:30.

قدّاس عيد الميلاد، عشيّة نهار الثّلاثاء 24 كانون الأوّل 2019، في كنيسة رفع الصّليب- رعيت، تبدأ صلاة السَّحَر السّاعة5:30 من بعد الظّهر، قدّاس العيد السّاعة 7:00 مساءً.

قدّاس عيد الميلاد، صباح الأربعاء في 25 كانون الأوّل، في كاتدرائيّة القدّيس نيقولاوس- الميدان، تبدأ صلاة السَّحَر السّاعة 8:30، يليها قدّاس العيد السّاعة 10:00.

تقبُّل التهّاني بعيد الميلاد

بمناسبة عيد الميلاد المجيد يتلقّى صاحب السّيادة راعي الأبرشيّة، الميتروبوليت أنطونيوس (الصّوري) التّهاني في صالون المطرانيّة، وذلك ضمن الأوقات التّالية:

الأربعاء في 25 كانون الأوّل: من بعد قدّاس العيد حتّى السّاعة الثّانية بعد الظّهر.

ومن السّاعة الرّابعة من بعد الظّهر حتّى السّابعة مساءً.

الخميس في 26 كانون الأوّل: من السّاعة الرّابعة من بعد الظّهر حتّى السّابعة مساءً.

انقر هنا لتحميل الملف