Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 30 أيّار 2021

العدد 22

الأحد (4) بعد الفصح (السّامريّة) 

اللّحن 4- الإيوثينا 7

أعياد الأسبوع: *30: البارّ إسحاقيوس رئيس دير الدّلماتن، البارّة إيبوموني *31: الشَّهيد هرميوس *1: الشَّهيد يوستينوس الفيلسوف *2: نيكيفورس المعترف رئيس أساقفة القسطنطينيِّة *3: الشَّهيد لوكليانوس، الشَّهيدة باڤلا *4: مطروفانس رئيس أساقفة القسطنطينيَّة، مريم ومرتا أختَيْ لعازر *5: الشَّهيد دوروثاوس أسقف صور.

كلمة الرّاعي 

وحدانيّة الحبّ

المرأة السّامريّة: خطيئتها وتبريرها

”يا سيِّدُ أعطني هذا الماءَ لكي لا أعطشَ ولا أَجِيءَ إلى ههنا لأستَقِي“ (يوحنّا 4: 15). ما هو هذا الماء الَّذي تاقت إليه المرأة السّامريّة؟ الجواب هو في  ما يطلبه منها الرّبّ يسوع إذ يقول لها: ”اذْهَبِي وَادْعِي زَوْجَكِ وَتَعَالَيْ إِلَى ههُنَا“ (آية 16). ما ارتباط ”الماء الحيّ“ الَّذي يعطيه يسوع مع مسألة المرأة وزوجها؟ الجواب هو أنّها ليست متزوّجة بل هي سالكة في علاقة غير شرعيّة مع رجل وهي غير مرتبطة بالرّجال إلّا بمقتضى مصلحتها وشهوتها ولذلك، كشف الرَّبُّ يسوع حقيقتها وقال لها: ”حَسَنًا قُلْتِ: لَيْسَ لِي زَوْجٌ، لأَنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ، وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. هذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ“ (الآيتان 17 و18).

ماذا جاءت تفعل المرأة عند بئر يعقوب في تمام الظّهيرة؟ النّساء، عادة، يستقين ويملأن جرارهنّ صباحًا باكرًا هربًا من الحرّ والقيظ، أمّا هذه فقد أتت عند الظّهيرة في السّاعة السّادسة، ساعة تجربة آدم وحوّاء وساعة صلب الرَّبّ، لكي تكون أداة للمُجرِّب ولكي تطلب شهوة ولذّة باصطياد رجل لذاتها... هي لم تكن تُدرك أنّها تطلب الحبّ لأنّ الشّهوة أعمت قلبها وأظلمت ذهنها فلم تعد تفهم وتُدرك حقيقة ما تطلبه وصارت تستعيض عن الحبّ النّقيّ الَّذي يروي الكيان بما يشبهه أي بلذائذ الجسد وما يرتبط بها، كون الحبّ هو مصدر الفرح والسّلام والرِّضا، واللّذّة تعطي الإنسان شيئًا شبيهًا مزيَّفًا...

*          *          *

لم تعرف المرأة السّامريّة الحبّ في الأمانة والوحدانيّة لأنّ إيمانها كان فيه شرك بين عبادة الله وعبادة الأصنام. هذه هي خطيئة السّامريّين وخطيئة اليهود كما نقرأ مرارًا وتكرارًا في العهد القديم، إذ كان شعب الله غالبًا ما يميل مع حكّامه إلى الذّهاب وراء آلهة أخرى. هذا ما نقرأه في سفر هوشع (على سبيل المثال لا الحصر): ”حَاكِمُوا أُمَّكُمْ حَاكِمُوا، لأَنَّهَا لَيْسَتِ امْرَأَتِي وَأَنَا لَسْتُ رَجُلَهَا، لِكَيْ تَعْزِلَ زِنَاهَا عَنْ وَجْهِهَا وَفِسْقَهَا مِنْ بَيْنِ ثَدْيَيْهَا، لِئَلاَّ أُجَرِّدَهَا عُرْيَانَةً وَأَوْقِفَهَا كَيَوْمِ وِلاَدَتِهَا، وَأَجْعَلَهَا كَقَفْرٍ، وَأُصَيِّرَهَا كَأَرْضٍ يَابِسَةٍ، وَأُمِـــيتَهَا بِالْعَـــطَـــــشِ“ (2: 2—3).

المرأة السّامريّة كانت امرأة زنًا. هذه كانت حياتها. حاجتها الكيانيّة كانت إلى الحبّ، ولكنّ الحبّ في السّقوط صار أنانيّة واستهلاكًا ولذَّة خارجيّة، بكلمة أخرى صار الحبّ ”هوًى“ وليس فضيلة، صار تشبُّهًا بإبليس وليس صورة الله في الإنسان... الهوى عند إشباعه يزداد قوّة ويزداد معه الجوع إليه في اضطراب وتشويش وحزن وقلق في دائرة مفرغة لا خلاص منها. أمّا الحبّ فعند اختباره يزداد شوق الإنسان إلى الازدياد منه في راحة ورضًا وفرح واستقرار.

*          *          *

المرأة السّامريّة هي نموذج عن البشريّة. ليست قصّتها من الماضي. إنّها حقيقة مُعاشة في أيّامنا أيضًا بكثافة. لا تتعلّق قصّتها بالمرأة بل تختصّ بالرّجل ايضًا، بالإنسانيّة بعامّة.

في سعي الإنسان إلى الحبّ، الَّذي هو صورة الله في شخصه وبسبب الخطايا والأهواء، صار الحبّ ضدّ حقيقته أي صار أنانيًّا. الإنسان يموت دون حبّ، ولا يستطيع أن يشعر بوجوده إن لم يحبّ وإن لم يكن محبوبًا. لكنّ الحبّ المشوب الأهواء لا يروي، وكلّما شرب منه الإنسان كلّما ازدادت حاجته إليه لأنّه لا يدوم إذ هو ظرفيّ ومرتبط بالنّفسانيَّات والجسدانيَّات. أمّا الحبّ الإلهيّ الَّذي بالنّعمة فهو يملأ كيان الإنسان ويفيض منه و”يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ“ (يو 4: 14).

الإنسان في حقيقة خلقه الأنطولوجيّة (الأنطولوجيا علم يبحث في طبيعة الوجود الأوليَّة، عِلْم الوجود، عِلْم الكائن) مرتبط بالله بصورة جوهريّة كونه مخلوق على صورته، ومدعوّ إلى التّشبّه به أو مماثلته. هذا لا يمكن أن يتحقَّق إلّا بالله نفسه أي بنعمته الَّتي هي امتداده إلينا وسكناه فينا وسكنانا فيه.

كما الإيمان واحد هكذا الحبّ يجب أن يكون واحدًا. من لم ينطلق في الحبّ من محبّة الله له ومن محبّته لله لا يستطيع أن يحبّ الآخَر ويفرح به وفيه بل يصير له الآخر وسيلة وأداة لتحقيق هواه.

حين أدركت المرأة السّامريّة أنّها أمام شخص إلهيّ يعرف ما في مكنونات نفسها وقلبها اعترفت بحقيقتها وعبّرت عن شوق ألمها إلى ما يعطيها الامتلاء والاكتفاء والتّحرُّر من اللّهث وراء ما يؤلم في لذّته وما يُحبِط في إنجازه وما يحزن في سعادته...

الرَّبُّ يسوع يعرفنا، يعرف كلّ واحد منذا فهلَّا نعود إليه ونعترف له بمكنونات قلوبنا ونطرح أمامه آلامنا ونكشف له أهواءنا ونُظهر له ضعافتنا، ليس لأنّه لا يعرفها بل لكي نسلك معه بالأمانه والثّقة الكّليّة في وحدانيّة حبّنا له ومنه وفيه وبه لكلّ إنسان. هذا الحبّ الواحد الإلهيّ هو ما يحرِّرنا ويهبنا الامتلاء من النّور والحياة وهو يفيض منّا إلى العالم لمجد الَّذي هو إيّاه فينا.

له المجد والعزّة والسّجود إلى الأبد، آمين.

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة للإيصوذن (باللّحن الخامس)

المسيح قام من بين الأموات، ووطئ الموت بالموت، ووهب الحياة للَّذين في القبور.

طروباريّة القيامة (باللَّحن الرّابع)

إنَّ تلميذاتِ الرَّبّ تعلَّمنَ مِنَ المَلاكِ الكَرْزَ بالقيامةِ البَهج. وطَرَحنَ القَضاءَ الجَدِّيَّ. وخاطبنَ الرُّسلَ مُفتَخِراتٍ وقائِلات. سُبيَ المَوتُ وقامَ المَسيحُ الإله. ومنحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.

طروباريّة نصف الخمسين (باللَّحن الثّامن)

في انتِصاف العِيدِ اسْقِ نَفسي العَطْشَى مِنْ مياه العِبادَةِ الحَسَنَةِ أيُّها المُخَلِّص. لأنَّكَ هتفت نحو الكلِّ قائلًا: مَنْ كان عطشانًا فليأتِ إليَّ ويشرب. فيا ينبوعَ الحياة، أيُّها المسيح الإله المَجد لك.

قنداق الفصح (باللَّحن الثّامن)

وَلَئِنْ كُنْتَ نَزَلْتَ إلى قبرٍ يا مَن لا يموت، إِلَّا أَنَّكَ دَرَسْتَ قُوَّةَ الجحيم، وقُمْتَ غالِبًا أَيُّها المسيحُ الإله، وللنِّسوَةِ حامِلاتِ الطِّيبِ قُلْتَ افْرَحْنَ، ولِرُسُلِكَ وَهَبْتَ السَّلام، يا مانِحَ الواقِعِينَ القِيَام.

الرّسالة (أع 11: 19– 30)

ما أعظَمَ أعمالَكَ يا ربُّ كلَّها بحكمةٍ صَنَعْتَ،

باركي يا نفسي الرَّبَّ

في تلكَ الأيَّام، لـمَّا تَبَدَّدَ الرُّسُلُ من أجلِ الضِّيقِ الَّذي حصَلَ بسببِ استِفَانوسَ، ٱجتازُوا إلى فِينيقَيَةَ وقُبْــُرصَ وأنطاكِيَةَ وهمُ لا يكَلِّمُونَ أحدًا بالكَلِمَةِ إلَّا اليهودَ فقط. ولكنَّ قَوْمًا منهم كانوا قُبُرصيِّين وقَيْروانيِّين. فهؤلاءِ لـمَّا دخَلُوا أنطاكِيَةَ أخذُوا يُكَلِّمُونَ اليونانيِّينَ مُبشِّرِينَ بالرَّبِّ يسوع. وكانت يَدُ الرَّبِّ مَعَهُم. فآمَنَ عددٌ كثيرٌ ورَجَعُوا إلى الرَّبِّ. فبلَغَ خبرُ ذلك إلى آذانِ الكنيسةِ الَّتي بأُورَشَلِيمَ فأَرْسَلُوا بَرنابا لكي يجتازَ إلى أنطاكية. فلمَّا أَقْبَلَ ورأَى نِعْمَةَ اللهِ فَرِحَ ووَعَظَهُم كُلَّهم بأَنْ يَثْبُتُوا في الرَّبِّ بعَزِيَمةِ القلب، لأنَّه كانَ رجلًا صالِحًا مُـمْتَلِئًا مِن الرُّوحِ القُدُسِ والإيمان. وانضَمَّ إلى الرَّبِّ جمعٌ كثيرٌ. ثمَ  خرَجَ بَرنابا إلى طَرسُوسَ في طَلَبِ شاوُل. ولـمَّا وجَدَهُ أَتَى بهِ إلى أنطاكية، وتردَّدَا معًا سنةً كامِلَةً في هذهِ الكنيسةِ، وعلَّمَا جَمعًا كثيرًا. ودُعَيَ التَّلامِيذُ مَسيحيِّين في أنطاكِيَةَ أَوَّلًا. وفي تلكَ الأيَّام، اِنْحَدَرَ من أُورشليمَ أنبياءُ إلى أنطاكية، فقامَ واحِدٌ منهم اسمه أغابُوسُ فأنبَأَ بالرُّوح أنْ ستكونَ مَجَاعَةٌ عَظيمَةٌ على جميعِ المسكونة. وقد وَقَع ذلكَ في أيَّامِ كُلودْيُوسَ قيصرَ، فَحَتَّمَ التَّلاميذُ بحسَبِ ما يَتَيَسَّرُ لِكُلِّ واحِدٍ منهم أَنْ يُرسِلُوا خِدْمَةً إلى الإخوةِ السَّاكِنِينَ في أورَشليم، ففعلوا ذلكَ وبَعَثُوا إلى الشُّيُوخِ على أيدي بَرنابا وشَاوُلَ.

الإنجيل (يو 4: 5– 42)

في ذلك الزَّمَانِ، أتى يسوعُ إلى مدينةٍ منَ السَّامرَةِ يُقَالُ لها سُوخَار، بقُربِ الضَّيْعَةِ الَّتي أعطاها يعقوبُ ليُوسُفَ ٱبنِهِ. وكانَ هُناك عينُ يعقوب. وكانَ يسوعُ قد تعِبَ مِنَ الـمَسِير، فجلَسَ على العين، وكانَ نحوَ السَّاعَةِ السَّادِسَة. فجاءَتِ ٱمرأةٌ منَ السَّامِرَةِ لتستَقِيَ ماءً. فقال لها يسوعُ: أَعْطِيِني لأَشْرَبَ -فإنَّ تلاميذَهُ كانوا قد مَضَوْا إلى المدينةِ ليَبْتَاعُوا طعامًا- فقالَت لهُ المرأةُ السَّامريَّة: كيفَ تَطلُبُ أنْ تشرَبَ مِنِّي وأنتَ يهوديٌّ وأنا ٱمرأةٌ سامريَّةٌ، واليهودُ لا يُخالِطُونَ السَّامِريِّين؟ أجابَ يسوعُ وقالَ لها: لو عَرَفْتِ عَطيَّةَ اللهِ ومَنِ الَّذي قالَ لكِ أعطيني لأشربَ، لَطَلَبْتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءً حيًّا. قالت له المرأةُ يا سيِّدُ إنَّهُ ليسَ معكَ ما تستَقِي بهِ والبِئْرُ عميقةٌ، فَمِنْ أين لك الماءُ الحيُّ؟ ألعلَّكَ أنتَ أعْظَمُ مِنْ أبينا يعقوبَ الَّذي أعطانا البئرَ، ومنها شَرِبَ هو وبَنوهُ وماشيتُهُ! أجابَ يسوعُ وقالَ لها: كلُّ من يشرَبُ من هذا الماءِ يعطشُ أيضًا، وأمَّا مَن يشربُ من الماء الَّذي أنا أُعْطِيهِ لهُ فلَنْ يعطشَ إلى الأبد، بَلِ الماءُ الَّذي أُعطيِه لهُ يصيرُ فيهِ يَنبوعَ ماءٍ يَنْبُعُ إلى حياةٍ أبديَّة. فقالت لهُ المرأةُ: يا سيِّدُ أعطني هذا الماءَ لكي لا أعطشَ ولا أَجِيءَ إلى ههنا لأستَقِي. فقالَ لها يسوعُ: ٱذهبي وٱدْعِي رجُلَكِ وهَلُمِّي إلى ههنا. أجابتِ المرأةُ وقالت: إنَّهُ لا رجُلَ لي. فقال لها يسوعُ: قد أحسَنْتِ بقولِكَ إنَّهُ لا رجُلَ لي. فإنَّهُ كان لكِ خمسَةُ رجالٍ والَّذي معَكِ الآنَ ليسَ رَجُلَكِ. هذا قُلتِهِ بالصِّدق. قالت لهُ المرأة: يا سيِّدُ، أرى أنَّكَ نبيٌّ. آباؤنا سجدوا في هذا الجَبَلِ وأنتم تقولون إنَّ المكانَ الَّذي ينبغي أن يُسْجَدَ فيهِ هُوَ في أورشليم. قال لها يسوعُ: يا ٱمرأةُ، صدِّقيني، إنَّها تأتي ساعةٌ لا في هذا الجبلِ ولا في أورَشَليمَ تسجُدونَ فيها للآب. أنتم تسجُدونَ لما لا تعلمون ونَحنُ نسجُدُ لما نعلَم، لأنَّ الخلاصَ هُوَ منَ اليهود. ولكن، تأتي ساعة وهيَ الآنَ حاضِرَة، إِذِ السَّاجِدُونَ الحقيقيُّونَ يَسجُدونَ للآبِ بالرُّوح والحقّ. لأنَّ الآبَ إنَّما يطلُبُ السَّاجِدِينَ لهُ مِثلَ هؤلاء. اللهُ روحٌ، والَّذين يسجُدون لهُ فبالرُّوح والحقّ ينبغي أن يسجُدوا. قالت لهُ المرأةُ: قد عَلِمْتُ أنَّ مَسِّيَّا، الَّذي يقالُ لهُ المسيحُ، يأتي. فمَتى جاءَ ذلك فهُوَ يُخبِرُنا بكُلِّ شيءٍ. فقال لها يسوعُ: أنا المتكلِّمُ مَعَكِ هُوَ. وعندَ ذلكَ جاءَ تلاميذهُ فتعجَّبوا أنَّهُ يتكلَّمُ مَعَ ٱمرأةٍ. ولكِنْ لم يَقُلْ أحدٌ ماذا تطلُبُ أو لماذا تتكلَّمُ مَعَها. فترَكَتِ المرأةُ جرَّتها ومضَتْ إلى المدينةِ وقالت للنَّاس: تعالَوا ٱنْظُرُوا إنسانًا قالَ لي كُلَّ ما فعلت. ألعلَّ هذا هُوَ المسيح! فخرجوا من المدينة وأقبلوا نْحوَهُ. وفي أثناء ذلكَ سألَهُ تلاميذُهُ قائلينَ: يا مُعلِّمُ كُلْ. فقالَ لهم: إنَّ لي طعامًا لآكُلَ لستم تعرِفونهُ أنتم. فقالَ التَّلاميذُ فيما بينهم: ألعلَّ أحدًا جاءَهُ بما يَأكُل! فقالَ لهم يسوعُ: إنَّ طعامي أنْ أعمَلَ مشيئَةَ الَّذي أرسلَني وأُتَــمِّمَ عملَهُ. ألستم تقولون أنتم إنَّهُ يكونُ أربعة أشهر ثمَّ يأتي الحصاد؟ وها أنا أقولُ لكم ٱرفعُوا عيونكم وٱنظُروا إلى المزارع، إنَّها قدِ ٱبْيَضَّتْ للحَصاد. والَّذي يحصُدُ يأخُذُ أجرةً ويجمَعُ ثمرًا لحياةٍ أبدَّية، لكي يفرَحَ الزَّارِعُ والحاصِدُ معًا. ففي هذا يَصْدُقُ القولُ إنَّ واحدًا يزرَعُ وآخرَ يحصُد. إنّي أَرْسَلْتُكُمْ لتحصُدُوا ما لم تَتْعَبُوا أنتم فيه. فإنَّ آخَرِينَ تَعِبُوا وأنتُم دخلتُم على تَعَبِهِم. فآمنَ بهِ من تلكَ المدينةِ كثيرونَ مِنَ السَّامِريِّينَ من أجلِ كلامِ المرأةِ الَّتي كانت تشهَدُ أن قدْ قالَ لي كلَّ ما فعلت. ولـمَّا أتى إليهِ السَّامِرِيُّونَ سألوهُ أن يقيمَ عِندَهُم، فمَكَثَ هناكَ يومين. فآمنَ جَمعٌ أكثرَ من أولئكَ جدًّا من أجل كلامِهِ، وكانوا يقولونَ للمرأةِ: لسنا من أجل كلامِكِ نُؤمِنُ الآن، لأنَّا نحنُ قد سَمِعْنَا ونَعْلَمُ أنَّ هذا هُوَ بالحقيقيةِ المسيحُ مُخلِّصُ العالَم.

حول الإنجيل

كَسَرَ الرَّبُّ يسوع، عندما كلّم المرأة السّامريّة في إنجيل هذا الأحد، ثلاث حواجز اجتماعيّة كان النّاس يتبعونها آنذاك: أوّلًا: هي امرأة وهو رجل؛ ثانيًا: رجل يتكلّم مع امرأة في وضعٍ مَشْبوه (السّاعة 12 ظهرًا)، إذ لا يوجد أحد غيرهما؛ ثالثًا: هي امرأة سامريّة وهو يهوديّ، واليهود لا يُخالِطون السّامريّين لكي لا يتنجّسوا (راجع الآية 9). كيف نفهم اليوم هذه الخطوة الّتي قام بها الرَّبّ؟ وهل هذا يعني أنّه يجب أن أتحدّى وأخالف الضّوابِطَ والعادات الاجتماعيّة؟ طبعًا لا، هذا أفعله فقط إن كان يتعارض مع إيماني المسيحيّ وليس بالمطلق. رأينا من خلال قراءتنا للنّص الإنجيليّ أنّ الرَّبَّ لا تهمُّه هذه العادات والتّقاليد، حتّى أنّه لا يهمّه إن تضرّر اسمه (او صيته) بين الملّة اليهوديّة، كان همّه،فقط، ولا يزال، كيف يخلّص الإنسان. هذا يعني، إذا درجت موضة معيّنة وهي لا توافق إيمانيّ المسيحيّ لا يجب أن ألتزم بها؛ إن كان هناك عادات اجتماعيّة أو مفاهيم تتعارض وإيماني المسيحيّ، لا ألتزم بها. للأسف نحن نحيا اليوم ونتصرّف كأنّ الله غير موجود، ألم يقل: "أطلبوا أوّلًا ملكوت الله وبرَّه والباقي يُزاد لكم"، أين نحن من هذا الكلام؟!...

ممّا لا شكّ فيه أنّ المجتمع لن يتقبّل كلّ المفاهيم المسيحيّة الصّحيحة، حتّى تلاميذ الرَّبّ لم يفهموا لماذا تصرَّف الرَّبّ على هذا النّحو: "وَعِنْدَ ذلِكَ جَاءَ تَلاَمِيذُهُ، وَكَانُوا يَتَعَجَّبُونَ أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ مَعَ امْرَأَةٍ" (آية 27). هذا كلّه يضعنا أمام خَيارَيْن: إمّا نتماشى مع فكر المجتمع وكلّ ما يفرضه علينا وننحرف معه؛ أم نَلزَم كلمة الله الّتي لا توافق في كثير من الأحيان فكر المجتمع. ولنحذر، لأنّه على أساس خيارنا ستكون دينونتنا.

البتوليّة .!!.

...حَدِّثينا عن البَتوليَّة.!!.

البتوليّة هي مِن تَبَتُّل... وهي التَّبَتُّل للإِلَه وحدَهُ، فيُدعى الشَّخْصُ إِن أَحَبَّ "بَتولًا".!!.

البَتوليَّةُ هي صِفَةٌ إِلهيَّة، لمن أَحَبَّ الإِلهَ أَكثَرَ من ذاتِهِ.!!.

"البَتولُ" هو مَن صارَ "بَيْتًا للإِله".!!. مَسْكِنًا له.!!. والبَتولُ هو مَن ساكَنَ اللهَ وحْدَهُ.!!. مُنْقَطِعًا عن كُلِّ مَن يُشْرِكُ الأُلوهةَ بابْتِداعاتِ الإِنسانيَّةِ.!.

واسمُ البَتول هو "بيت إِيل".!. أي الله.!!.

أَينَ وفي مَن يَختارُ الإِلهُ أَن يَسْكُنَ.؟!...

في كُلِّ مَن ارتعى من خِصبِ الطَّبيعة الّتي أَبْدَعَها الإِلهُ الخالِق.!!.

الّذي شَرِبَ من ماءِ بِحارِها وشَلّالاتِ ينابيعِها بعدَ هَطْلِ شِتاءٍ قاسٍ.!.

"البتول"، هو مَن ارتَعى التَّسآل: أَينَ إِلهي.؟!. مَن هو.؟!... أَينَ هو.؟!...

واسْتَصْرَخَ العُمْرُ الإِلَهَ.!. هو وَحْدَهُ خالقُ السَّمواتِ والأَرض... هو وَحدَهُ، ربُّ الأَكوانِ المنْظورَةِ وغيرِ المنظورَةِ.!!. الباحث عن الحياةِ حولَهُ ليُسائِلَها: أَينَ يَسكُنُ الإِلهُ.؟!.

ويَسمَعُ الجوابَ: في التماعَةِ شُهُبِ الصُّبْحِ.!!. في دِفْءِ الظَّهيرَةِ.!!. في عَتَماتِ المسائيَّاتِ وأَصواتِ ضِفدَعِ البَرِّيَّة.!!. في صَمْتِ البَراري.!!. في الخوفِ من الوِحْدَة.!!.

مَن يصرُخ اللَّيلَ.؟!... أَينَ إِلَهكُم يا شَعبي.؟!...

يا شَعبي أَنت تَسْكُنُ الظُّلُماتِ في سَعيكَ إِلى إِبْداعاتِ عَمَلِ يَدَيك.!!.

لماذا تَتَراكَضون.؟!... إِلى أَينَ تَهْرَعون.؟!. إِلى الإِلهِ لتَرَوهُ.؟!...

"أَنا سَمِعْتُ صَوتَهُ".!!. ناداني: "تَعالَوا إِليَّ يا أَيُّها المتْعَبون والثَّقيلو الأَحْمال... وأَنا أُريحُكُم... تَعَلَّموا مِنّي... فإِنّي وَديعٌ ومُتَواضِعُ القَلبِ... تَجِدوا راحَةً لِنُفوسِكُم... لأَنَّ نيري ليِّنٌ وحِمْلي خَفيف"... (مت 11: 28 - 30).

-  قولي لنا ما البَتوليَّة.؟!...

أَنتَ مِنَّا ومَعَنا... لنَصيرَ كُلُّنا "بَيْتًا لإِيل".!!...

أَينَ هو.؟!... هل رأَيْتِهِ.؟!... هل عَرَفْتِه.؟!... أَخْبرينا عَنه.!!...

هو هو.!!. وهو هي.!!. هو كَونُ الحياةِ.!!. والحياةُ صارَت منه وفيه حياةً من حياتِهِ الّتي لا تُرى ولا يُستَقْصى أَثَرُها...

ما الحياة.؟!. هي أَنتَ... هي أَنا... هي هو منكَ، أَنتَ، فيكَ ولكَ.!!.

الحياةُ هي في اتِّباع الإِلهِ لتَصيرَ حياتي أَنا.!!. وأَنا حياتُكَ من الخالق.!!.

هو "إِيل"... أَين هو.؟!. أَينَ نَلْقَاه.؟!... هل يَعْرِفُنا.؟!. إِن التَقَيناهُ في طُرُقِ حياتِنا.؟!. ويَعْرِفُ غَيرَنا.!!.

أَلا تَخْتَلِطُ عليه المعرِفَةُ والرّؤية والوجوهُ والأَصوات.؟!...

ليَصيرَ الصَّوتُ الكَلِمَةَ والكَلِمةُ الصَّوتَ كُلَّهُ.!!.

وسُمِعَ صَوتُ الدَّوِيِّ.!!. لا تَسائِلوا الصَّمتَ.!!...

إِرْتَعَدَت الأَرضُ، والسَّمَواتُ تَزَلْزَلَت.!!. فَوَقَعَ الصَّمتُ... وتَفَجَّرَتْ مَواعينُ الحياةِ البِكْر... حياةِ الإِلهِ من بيتِهِ... لنا كلِّنا.!!.

"وكان الجواب"...

"أَنا هو الّذي هو".!!.

"أَنا هو البدايةُ والنِّهايَةُ".!!. "أَنا هو الأَلِفُ والياء".!!.

أَنا وحدي خالِقُكُم.!!. والحياةَ وكلَّ روحٍ نابِضٍ فيها.!!.

ما اسْمُكَ.؟!...

أَنا لا إِسْمَ لي.!!. لأَنّي أَنا... أَنا.!!.

وأَنتُم تَعرِفونني، لأَنّي أَنا فيكم، وأَنتُم فيَّ.!!...

ما الأَنا.؟!. أَنتُم خَلْقي.!!. وأَنا مَوئِلُكُم.!!.

أَبْدَعتُكُم لأَنّي أَحْبَبْتُكُم.!!... فَصِرتُم، اليومَ، أَنا أَنتُم.!!.

أَنتُم بيتي.!!. وأَنا، بِحُبّي، جَعَلتُكُم مَسْكِنَ حُبّي.!!.

أَنتُم مَسكِني.!!. وأَنتُم سُكْنى كَيانيَّتي.!!.

أَنتُم بتوليَّتي... وأَنا بَتولٌ لِكُلٍّ منكُم.!!.

لِنَصيرَ أَنا أَنتُم.!!. وأَنتُم أَنايَ لكُم... وحْدَكُم.!!.

انقر هنا لتحميل الملف