Menu Close

في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:

*الشّهداء أوسطاتيوس وزوجته ثيوبيستي وولداهما أغابيوس وثيوبيستس * الشّهيدان هيباتيوس الأسقف وأندراوس الكاهن *أبوانا المعترفان مارتينوس أسقف رومية ومكسيموس الحكيم * القدّيسون المعترفون أناسطاسيوس وثيودوروس وأوبروبيوس تلاميذ القدّيس مكسيموس المعترف * الشّهيدان أرتيميدوروس وثاليليوس * القدّيس البار يوحنّا المصريّ ورفقته الشّهداء الأربعون *القدّيس البار يوحنّا الكريتيّ* الأسقف القدّيس ملاتيوس القبرصيّ* الجديد في الشّهداء هيلاريون الكريتيّ* أبونا الجليل في القدّيسين أوسطاتيوس التّسالونيكيّ* القدّيس الأمير أوليغ بريانسك * القدّيس الأمير ميخائيل كييف ومَن معه * الجديدان في الشّهداء الرّوس ثيوكتيستوس وألكسندر.

*        *        *

✤تذكار القدّيس العظيم في الشّهداءأوسطاتيوس وزوجته ثيوبيستي وولديهما أغابيوس وثيوبيستس (+ 117 م)✤

    كان بلاسيدس – وهذا كان اسم أوسطاتيوس قبل تعرّفه بالمسيح – ضابطًا كبيرًا في الجيش أيّام الأمبراطورَين تيطس وترايان. وكان، نظير كورنيليوس، قائد المئة الّذي بشّره الرّسول بطرس (أعمال الرّسل 10)، رجلًا بارًّا، كثير الإحسانات، محبًّا للفقراء. ذهب مرّة في رحلة صيد وراء الأيلة والغزلان. وفيما كان جادًّا يبحث عن طريدة، إذا بغزال يظهر أمامه فجأة، فأخذ قوسه وشدّ سهمه وهمّ بتسديده. ولكن، فجأة، لمع شيء بين قرنَي الغزال فتريّث، وأمعن النّظر جيّدًا فرأى هيئة صليب يلمع كالشّمس وشخص الرّبّ يسوع المسيح مرتسمًا عليه. وإذا بصوت يأتيه قائلًا: “بلاسيدس، بلاسيدس، لماذا تطاردني!؟ أنا هو المسيح الذي أنت تكرّمه بأعمالك ولا تدري. لقد جئتُ إلى الأرض وصرتُ بشرًا لأخلّص جنس البشر، لذلك ظهرتُ لك اليوم لأصطادكَ بشباك حبّي“. فوقع بلاسيدس عن حصانه مغشيًا عليه. وبقي كذلك بضع ساعات. وما أن استردّ وعيه وأخذ يستعيد ما جرى له حتّى ظهر له الرّبّ يسوع من جديد وتحدّث إليه، فآمن بلاسيدس وقام إلى كاهن علّمه الإنجيل وعمّده هو وأهل بيته. فصار اسمه، من تلك السّاعة، أوسطاتيوس، واسم زوجته ثيوبيستي وولديه أغابيوس وثيوبيستس.

        ووصل الخبر إلى ترايان فأمر بمصادرة ممتلكاته. وكان على وشك إلقاء القبض عليه عندما تمكّن، بنعمة الله، من التّواري.

        وشيئًا فشيئًا، كشفت الأيّام أنّ شدائد وضيقات عظيمة كانت تنتظر أوسطاتيوس، كمثل أيّوب الصّدّيق في العهد القديم.

        ففيما كانت العائلة، الّتي فرّت في مركب، تهمّ بمغادرته، إذا بصاحب المركب، الّذي كان فظًّا شرسًا، يخطف ثيوبيستي ويحتفظ بها لنفسه. فأخذ أوسطاتيوس ولديه ومضى حزينًا مغلوبًا على أمره. وفيما كان الثّلاثة يجتازون نهرًا، إذا بأغابيوس وثيوبيستس يقعان بين الوحوش، وينجو أوسطاتيوس. هكذا وجد أوسطاتيوس نفسه وحيدًا وقد خسر كلّ شيء: مركزه، أملاكه، زوجته وولديه. صار كأيّوب عاريًا من كلّ شيء، حتّى من أعزّ مَن يحبّ. وحده الإيمان بالرّبّ يسوع حفظه في الرّجاء. “الرّبّ أعطى والرّبّ أخذ، فليكن اسم الرّبّ مبارَكًا“. وعلى مدى سنوات طويلة، استقرّ أوسطاتيوس في قرية من قرى مصر أجيرًا، لا يدري بما في العالم ولا يدري العالم به.

        وكان يمكن أن تنتهي قصّة أوسطاتيوس على هذا النّحو، لكن للرّبّ الإله أحكامًا غير أحكام البشر. فلقد تحرّك البرابرة، في ذلك الزّمان، على الأمبراطوريّة الرّومانيّة، وأخذوا يتهدّدون بعضًا منها، ممّا أقلق الأمبراطور ترايان قلقًا شديدًا، فراح يبحث عن قائد من ذوي الحنكة والشّجاعة والخبرة في حروب البرابرة، فلم يجد أحدًا يسند إليه المُهمّة. أخيرًا تذكّر الأمبراطور الضّابط السّابق بلاسيدس وسجل بطولاته الحافل وكم من المعارك خاض ضدّ البرابرة وانتصر، فأخذ يبحث عنه في طول البلاد وعرضها. وتشاء العناية الإلهيّة أن يهتدي إلى مكانه. فمثل أوسطاتيوس أمام الأمبراطور، وكانت هيئته قد تغيّرت من كثرة ما عانى، فأعاد إليه ألقابه السّابقة وممتلكاته وجعله قائدًا لحملة جديدة على البرابرة. وقد قبل أوسطاتيوس كلّ ذلك صاغرًا كما لو كان بتدبير من العليّ.

        وبالفعل خرج أوسطاتيوس على رأس الجيش وتمكّن، بنعمة الله، من البرابرة، وعاد مظفّرًا.

        وكم كان شكره لله عظيمًا عندما رأى زوجته وولديه أصحاء معافَين في انتظاره. ولكن، كيف ذلك؟! ذاك البربريّ الذي خطف زوجته مات ميتة شنيعة، وولداه تمكّن رعيان من إنقاذهما وحفظهما سالمين. وهكذا كانت تعزية الجميع عظيمة وفرحهم لا يتصوّر.

        ولكن، هنا أيضًا، لم تكن هذه نهاية قصّة هذه العائلة المبارَكة بل فصل منها وحسب. فما كادت العائلة تفرح باجتماعها من جديد وتشكر الله عليه حتّى مات ترايان وحلّ أدريانوس محلّه (117 م). وطبعًا كما جرت العادة بعد كلّ انتصار على أعداء الأمبراطوريّة، أراد أدريانوس أن يقدّم الشّكر للآلهة فدعا قادة جيشه إلى رفع الذّبائح للأوثان. وعندما جاء دور أوسطاتيوس امتنع وقال للأمبراطور: إنّ هذا الإنتصار قد تحقّق بقوّة الرّبّ يسوع المسيح الّذي اؤمن أنا به، لا بقوّة هذه الآلهة الحجريّة الباطلة. هذا الكلام لم يرق للأمبراطور أدريانوس، بل عدّه عصيانًا سافرًا، فأمر بأوسطاتيوس وأفراد عائلته، بعدما صادر ممتلكاتهم من جديد، فألقوا في قدر كبير فيه زيت يغلي فأسلموا الرّوح.

ملاحظة:

تعيّد الكنيسة المارونيّة للقدّيس أوسطاتيوس وعائلته في مثل هذا اليوم، لكنّ اسمه غير وارد في لائحة الّشهداء في الكنيسة اللّاتينيّة.

مواضيع ذات صلة