Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 30 تشرين الأوّل 2022             

العدد 44

الأحد (20) بعد العنصرة

اللّحن 3– الإيوثينا 9

أعياد الأسبوع: *30: الشَّهيدين زينوبيوس وزينوبيا أخته، الرَّسُول كلاوبا *31: الرَّسُول سطاشيس ورفقته، الشَّهيد أبيماخس *1: القدِّيسين قُزْما وداميانوس الماقتا الفِضَّة، البارّ داوود (آﭬيا) *2: الشُّهداء أكينذينوس ورفقته *3: الشَّهيد أكبسيماس ورفقته، تجديد هيكل القدّيس جاورجيوس في الّلد *4: القدّيس إيوانيكيوس الكبير، الشَّهيدين نيكاندرس أسقف ميرا وإرميوس الكاهن *5: الشّهيدين غالكتيون وزوجته ابيستيمي، القدّيس ارماس ورفقته.

كلمة الرّاعي

الغنى والفقر 

”لِلثَّعَالِب أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ“ (مت 8: 20)

حالة ”التّعتير“ الأكبر هي حين يصير الإنسان دون مسند رأس، لا بيت له ولا مَن يسأل عنه ولا من يهتمّ لأمره. الأصعب حين يكون هذا الإنسان يحيا تحت أنظار الآخَرين وهو مُهمَل ومنبوذ أو مُحتقَر. يصير الإنسان أحيانًا لا شيء في نظر الآخرين أي هو غير موجود أي غير محبوب... أن تنوجد في اللّامحبوبيّة يعني أن تحيا مظلومًا من البشر، أن تختفي من الوجود بالنّسبة إليهم...

لكن، هل يترك الرّبّ الإنسان؟ هل ينساه؟...

”لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ“ (إش 53: 2—3). هذه هي صورة عبد الرّبّ أي يسوع المسيح إلهنا الَّذي أتى وشاركنا بؤسنا وفقرنا وآلامنا وغربتنا. النّاس في غربةٍ عن بعضهم البعض، والمؤمن غريب في الأرض. المسيح أتى ليجمع المتفرّقين إلى واحد وليتبنّى الغرباء فيجعلهم أبناء الله وورثته.

*          *          *

يعتقد النّاس، بعامّة، أنّ وجودهم وقيمته ترتبط بما يملكون أي بغناهم الأرضيّ. المثل العامّيّ يقول: ”معك قرش بْتِسْوَا قرش“. بناء على المقتنيات تُقدَّرُ الكرامات. هذا منطق العالم.

لكنّ، السّؤال الجوهريّ هو: من أين تأتي قيمة الإنسان؟ ومن أين يستمدُّ أهمّيّته؟

الجواب في المسيحيّة هو أنّ قيمة الإنسان وأهمّيته تأتيان من صورة الله فيه ومن مدى تشبّهه بخالقه. أي أنّ حقيقة الإنسان وكينونته لا تنفصل عن حقيقة الله، وعظمة الإنسان كرأس الخليقة تأتي من تمييزه عند الخلق عن باقي الكائنات، إذ أنّ حياته يستمدُّها من روح الرّبّ أي من الله ذاته: ”وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً“ (تك 2: 7). الإنسان تراب من الأرض وروح من الله. لذا، حقيقة الإنسان هي أنّه كائن أرضيّ-سماويّ. ما هو أرضيّ زائل وما هو سماويّ خالد. من يطلب الزّائلات يحيا في طين الحمأة (الطِّينُ الأسْوَدُ الْمُنْتِنُ الْمُتَغَبِّر) وهو إلى الهباء. من يطلب السّماويّات يكون قلبه فوق وهو عائش أسفل فيصير إطلالة الملكوت على العالم.

*          *          *

أيُّها الأحبّاء، من يطلب الغنى فليغتني بالرّبّ ومن افتقر فليفتقر للرّبّ. ”حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا“ (مت 6: 21).

ما نفع ما نملك ما لم يكن لعيش سرّ الشّركة، لأنّ الله شركة محبّة في سرّ الوحدة. الإنسان لا يمكنه أن يفرح ما لم يغتني بالرّبّ أي يمتلئ منه، ولن يفرح بالرّبّ ما لم يدخل في شركة ووحدة مع الإنسان ومع الكون، ولن يدخل في شركة مع أيّ آخَر ما لم يفتقر من نفسه أي يحيا إخلاء الذّات ولن يحيا الإخلاء ما لم يحبّ الله أوَّلًا وقريبه كنفسه.

الغنى هو أن تربح الملكوت منذ الآن بالشّركة مع الله والآخَر، والفقر هو أن تربح العالم وتخسر نفسك...

ومن له أذنان للسَّمع فليسمع...

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (باللَّحن الثّالث)

لِتفرحِ السَّماوِيَّات. ولتَبتَهِجِ الأرضِيَّات. لأنَّ الرَّبَّ صنعَ عِزًّا بساعِدهِ. ووَطِئَ المَوْتَ بالمَوْت. وصارَ بِكرَ الأموات. وأنقذَنا من جَوفِ الجحيم. ومَنَحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.

طروباريّة للشّهيدين (باللّحن الرّابع)

شَهيداكَ يا ربُّ بجِهادهما نالا منكَ الأكاليل غيرَ البالِيَةِ يا إلهَنا، لأنَّهُما أحْرَزا قوَّتَكَ، فَحَطَّما المُغتَصبين وسَحَقا بأسَ الشّياطين الَّتي لا قُوَّة لها، فبتوسّلاتهما أيّها المَسيح الإله خَلِّص نفوسنا.

القنداق (باللَّحن الثّاني)

يا شفيعَةَ المَسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تُعْرضي عَنْ أصواتِ طلباتِنا نَحْنُ الخَطأة، بَلْ تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحَة، نَحنُ الصّارخينَ اليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعَةِ وأسَرعي في الطّلْبَةِ يا والدَة الإلهِ، المُتشَفِّعَةَ دائمًا بمكرِّميك.

الرّسالة (غلا 1: 11-19)

رتِّلوا لإلهنا رتِّلوا

يا جميع الأمم صفِّقوا بالأيادي

يا إخوة، أُعلِمُكم أنَّ الإنجيل الَّذي بشَّرتُ بهِ ليسَ بحسبِ الإنسانِ، لأنّي لم أتسلَّمْه أو أتعلَّمهُ من إنسان بل بإعلان يسوعَ المسيح. فإنَّكم قد سمعُتم بسيرتي قديمًا في مِلَّةِ اليهود. إنّي كنتُ أضطَهِدُ كنيسةً اللهِ بإفراطٍ وأدّمرها. وأزيدُ تقدُّمًا في ملَّةِ اليهودِ على كثيرين من أترابي في جنسي بِكَوْني أوْفَرَ منهم غيرةً على تقليدات آبائي. فلمَّا ارتضَى الله الَّذي أفْرَزَني من جوفِ أمّي، ودعاني بنعمتِه، أنْ يُعلِن ابنَهُ فيَّ لأُبشّرَ بهِ بينَ الأممِ، لساعتي لم أُصغِ إلى لحمٍ ودمٍ ولا صَعِدْتُ إلى أورشليمَ إلى الرُّسلِ الَّذينَ قَبْلِي، بل انطَلَقتُ إلى ديار العرب، وبعد ذلك رَجعتُ إلى دِمشق. ثمَّ إنّي بعدَ ثلاثِ سنين صَعِدتُ إلى أورشليم لأزورَ بطرس، فأقمتُ عندَه خمسةَ عشر يومًا، لم أرَ غيرَهُ من الرُّسُلِ سوى يعقوبَ أخي الرَّبّ.

الإنجيل(لو 16: 19-31)(لوقا 5)

قال الرَّبّ: كان إنسانٌ غنيٌّ يلْبَسُ الأرجوان والبَزَّ، ويتنعَّم كلَّ يوم تنعُّمًا فاخِرًا. وكان مسكينٌ اسمه لعازر مَطروحًا عند بابه مُصابًا بالقُروح، وكان يشتهي أن يشبَع من الفُتات الَّذي يسقط من مائدة الغنيّ، فكانت الكلاب تأتي وتلحس قروحَه. ثمّ مات المسكين فنقلته الملائكة إلى حضن إبراهيم، ومات الغنيّ أيضًا فدُفِن. فرفع عينيه في الجحيم، وهو في العذاب، فرأى إبراهيم من بعيد ولعازرُ في حضنه. فنادى قائلًا: يا أبتِ ابراهيمُ ارحمني، وأرسِل لعازر ليغمِّس طرف إصبعه في الماء ويبرِّد لساني، لأنّي مُعَذَّب في هذا اللّهيب.

فقال إبراهيم: تذكَّر يا ابني أنّكَ نِلْتَ خيراتِك في حياتك، ولعازرُ كذلك بلاياه. والآن فهو يتعزّى وأنت تتعذَّب. وعلاوةً على هذا كلِّه فبيننا وبينكم هُوَّةً عظيمة قد أُثبتت، حتّى أنَّ الَّذين يريدون أن يجتازوا مِنْ هنا إليكم لا يستطيعون، ولا الَّذين هناك أن يعبروا إلينا. فقال: أسألك إذن يا أبتِ أن ترسله إلى بيت أبي، فإنَّ لي خمسة إخوة حتّى يشهد لهم لي فلا يأتوا هم أيضًا إلى موضعِ العذابِ هذا. فقال له إبراهيم: إنَّ عندهم موسى والأنبياءَ فليسمعوا منهم. قال: لا يا أبتِ إبراهيم، بل إذا مضى إليهم واحدٌ من الأموات يتوبون. فقال له: إنْ لم يسمعوا من موسى والأنبياء فإنَّهم ولا إنْ قام واحدٌ من الأموات يصدّقونه.

حول الإنجيل

الغِنى شيء جيِّدٌ، إنْ عرفنا كيف نستخدمه، وإنْ عرفنا كيف لا نكون عبيدًا له. نقرأ في العهد القديم أنَّ أيّوب كان غنيًّا وكريمًا جدًّا ولم يكن قلبه متعلِّقًا بالمادّة. الغنيّ الكريم، يُحِبّه الله؛ المشكلة في الغنيّ البخيل، الَّذي يبتعد عنه الله لأنّ قلبه قاسٍ، والقلب القاسي لا يستطيع أن يعيش مع الله الرَّحيم والمُحِبّ؛ فالمترفِّع بين النّاس نجسٌ عند الله، وهذا ما يوضحه سِفْرُ الأمثال. قال الغَنيّ لإبراهيم وهو في الجحيم: "أسألُكَ يا أبتِ (إبراهيم) أن ترسل لعازر... فإنَّ لي خمسةُ إخوةٍ حتّى يشهد لهم لكيلا يأتوا هم أيضًا إلى موضع العذاب هذا" (الآية 27 و 28). والرَّقم خمسة يدلُّ هنا على إخوة الغنيّ الَّذين يسلكون بحسب الشّريعة اليهوديّة، ولكنّ هذا النَّوْع من الإيمان أي النَّظَريّ والواجبيّ والخارجيّ، الَّذي يمارسه معظمنا اليوم، هو مرذولٌ من الله؛ ومع استكمالنا لقراءة النَّصّ الإنجيليّ، نلاحظ تأكيدًا من إبراهيم للغنيّ بالآتي: "إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ، وَلَا إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُون" (الآية 31)، كيف يمكن أن يكون هذا؟ إنْ قام واحدٌ الآن من الأموات ألا يؤمن من ليس مؤمنًا، بالمسيح؟ الجواب هو كلا، لن يؤمن، لأنَّ الرَّبَّ سبق أنْ أقام أناسٌ من الأموات ولم يؤمن النّاس به.

ما اسم أخ مريم ومرتا؟ اسمه لعازر، صديق المسيح، الَّذي كان معروفًا أكثر من لعازر المسكين في هذا النَّصّ الإنجيليّ، وهنا نرى أنّ الله حقَّقَ رغبة الغنيّ وأقام لعازر، صديق المسيح؛ عندما أقام الله لعازر؟ هل آمن اليهود؟ كلا، بل زاد حقدهم وأرادوا أن يقتلوا لعازر ويقضوا على المسيح.

كلّ ما سبق وذكرناه يقودنا إلى التّالي: إنْ لَم ترد أنْ تؤمن، فحتّى لو قام واحد من الأموات، وظهر لك الملائكة، ورأيت عجائب عظيمة، لن تؤمن. أمّا المؤمن، من جهةٍ أخرى، فلا ينتظر العجيبة، لأنَّ المَسيحيّ يسلك بالإيمان وليس بالعَيان كما يقول بولس الرَّسول. يبدأ الإيمان أوّلًا، بأنْ تسلك صحيحًا في حياتك، أي أن تسعى وتجاهد بأنْ تُصبِحَ أفكارك الدّاخليّة نقيّة؛ لا تضمر الشَّرّ في داخلك تجاه أي أحد حتّى تجاه الَّذين يؤذونك، ولا تخاف، فالله يرى كلّ شيء. إنْ عملنا هكذا فالله سيحضر في حياتنا وسنشعر بحضوره هذا معنا، وإن كان جهادًا متواضعًا ومقبولًا أمام الله، فسنعرفه، منذ الآن، كما يقول المزمور: "وجهًا لوجه".

الرُّسُل في الكنيسة

في اللّغة اليونانيَّة كلمة رسول (Απόστολος) تعني "المُرسَل" أو "المبعوث". و "الرَّسول" في الكنيسة لفظة أخذت معناها الأشمل "المُرسَل من الله". في العهد الجديد وُصِفَ الرَّبُّ يسوعُ بالرَّسول: "لاحِظُوا رسولَ اعْتِرَافِنَا ورئيسَ كَهَنَتِهِ المسيحَ يَسُوع" (عب 3: 1) أي أنَّ يسوعَ مُرسَلٌ من الله، نسمَعُ لَهُ، وبِهِ نأتي إلى الله الآب. والربُّ نفسهُ اختار لَهُ اثني عشرَ تلميذًا و"أرسلهم" كي يُتلمِذوا كُلَّ الأمم ويعمِّدوهم باسمِ الآب والابنِ والرُّوحِ القدس (متّى 28: 19)، وهكذا فإنَّ الرُّسُلَ الإثنَيْ عشَرَ أصبحوا كالكواكبِ المُضيئةِ في الكنيسة لأنَّهم كانوا أمينين على ما أُوكِلُوا به.

عندما نسمع كلمة "رسول" يتبادر إلى أذهاننا الإثني عشر رسولًا، ولكنْ في الحقيقة فإنَّ هذه الكلمة أُطلِقَتْ على ثلاثِ مجموعاتٍ في العهدِ الجديد:

 الرُّسُل الإثنَي عشر، أي تلاميذ الرَّبِّ يسوع.

 الرُّسُل السَّبعين: الَّذينَ عيَّنهُم الرَّبُّ يسوع نفسُهُ وأرسلهم اثنين اثنين (لوقا 10: 1).

 بقيّة الرُّسُل: كالرَّسولَيْن بولس وبرنابا، أو من تمَّ اختيارُهُم مِنْ قِبَلِ الرُّسُلِ ليساعدوهم في خدمة التّعليم...

الرُّسُل عُمُومًا هم عطيَّة الله للكنيسة "الَّذينَ أقامَهُم اللهُ في الكنيسةِ أوَّلًا رُسُلًا، ثانيًا أنبياء، ثالثًا معلِّمين..." (1كو 12: 28). وإلى جانبِ واجِبِهم بالكِرازَة فقد كانوا يقومون بمهامٍ أخرى في حياةِ الجماعة، كالإدارَةِ والتَّنظيم. وكانوا يبتُّون في المشاكل الهامَّة "فاجتَمَع الرُّسُلُ والشُّيوخُ لينظُروا في هذهِ المسألة" (أع 15: 6).

نقرأُ في سفرِ أعمالِ الرُّسُل أنَّ آخِرَ شيءٍ فعَلَهُ الرَّبُّ يسوعُ قبل صعودِهِ إلى السَّماوات هو تكليفه للرُّسُل بالعديد من المَهام، كالمعموديَّة، وبأن يكونوا لهُ شهودًا في العالمِ أجمع. وإنْ دَلَّ هذا الأمر على شيء فهو يدلُّ على مكانة الرُّسل وأهميَّتهم. لأجلِ ذَلِكَ جابَ الرُّسلُ العالَم، كُلٌّ منهم ذهبَ إلى بقعَةٍ جغرافيَّةٍ مختلفة، وبشَّروا العالَمَ بالخلاص.

هل انتهى عصر الرُّسُل؟ بالتَّأكيد لا.

فجميعَنا مدعوُّون اليوم لنكونَ رُسُلًا للمسيحِ يسوع، كما الرُّسُلُ فعلًا. بعضنا بالبشارة وبعضنا بالخدمة وبعضُنا في المساعَدةِ بإدارَةِ شؤونِ الكنيسة. والأسمى أن يلتزِمَ الإنسانُ طريقةَ عيشٍ مَسيحيّة، فَهي البشارَةُ الأكبر في هذا العالم المضطرب.

لن ننجحَ بأن نكونَ رُسُلًا للمسيح إلّا إذا طَبَّقنا وصيَّةَ الرَّسُول بولس: "فقط عيشُوا كما يحقُّ لإنجيلِ المسيح... مجاهدينَ معًا بنفسٍ واحِدَة" (فيليبي 1: 27)، آمين.

العائلة

العائلة كنيسة صغيرة. كلُّ شيءٍ يبدأ فيها. تأسيس العائلة هو حلول الرُّوح القدس، بصلوات الكنيسة، على رجلٍ وامرأة تعاهدا على الحبِّ والإخلاص والجهاد لأجل الخلاص، خلاصِ النَّفس.

"أنا وأهلُ بيتي نعبُدُ الرَّبَّ" يقولُ الكتابُ المُقَدَّس. لذلك ينبغي على الأهل أن يهتَمُّوا بحياةِ أولادِهِم الرُّوحيَّة فيُرضِعُوهُم الإيمان مَعَ القُوت. من يرغب بتأسيسِ عائلةٍ يجب أنْ يُدرِكَ أنَّ الاهتمامَ بالأولاد ليس على الصَّعيدِ المادِّي فقط (طعام، شراب، لباس، تعليم...)، بل أيضًا على الصَّعيدِ الرُّوحيّ.

الأهل يمرّسون الأولاد على الذهاب إلى الكنيسة والصَّلاة والصَّوْم. الَّذي لا يعيش حياة الكنيسة مع أهلِهِ وهو طفلٌ صعْبٌ عليهِ أنْ يعيشَها وهُوَ كبير، ولكلِّ شيء استثناء على الأهل أن يُنشِئوا حوارًا دائمًا مع أولادِهم بنُورِ الرَّبّ. هذا الحوار يتطوَّر مع عمرِ الأولاد، حتّى إذا ما أضْحَوا شبّانًا يكونُ حوارُ صداقةٍ لا حوارُ سلطةٍ آمِرَةٍ ناهِية.

على الأهل أنْ يدركوا أنَّ مصلحة الأولاد هي فوق كلِّ شيء، على أن تكون مصلحة بنور الرَّبّ. التَّشديد على الرَّوابط العائليّة مهمّ خاصَّةً عندما يكبر الأولاد. مقولة أنّ "الولد بعين أهله صغير" هي مقولة غير مقبولة. التَّعامُل مع أولادنا الكبار على أنَّهم كبار وليسوا صغارًا هو أساسيّ في حياة العائلة.

لا نَنْسَيَنَّ يا أحبَّة أنّه من عائلتنا ستخرج عائلات. هكذا كلُّنا نكوِّن الكنيسة الَّتي هي "جسد المسيح السِّرّي".

(من نشرة الكرمة، العدد 44، 30 تشرين الأوّل 2011)

أنقر هنا لتحميل الملفّ