Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد ۲٥ آب ۲٠١٩

العدد ٣٤

الأحد (١٠) بعد العنصرة

اللّحن ١- الإيوثينا ١٠

أعياد الأسبوع: *25: عودة جسد برثلماوس الرَّسول، الرَّسول تيطس *26: الشَّهيدان أدريانوس ونتاليا ورفقتهما *27: البارّ بِيمِن، الشَّهيد فانوريوس *28: البارّ موسى الحبشيّ *29: قطع رأس يوحنَّا المعمدان (صوم) *30: القدِّيسون ألكسندروس ويوحنَّا وبولس الجديد بطاركة القسطنطينيَّة *31: تذكار وضع زنَّار والدة الإله.

كلمة الرّاعي 

الحُرّيّة ما بين السُّقوط والقيامة (2)

لم يُخلَق الإنسان للموت بل للحياة الأبديّة، ”وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ ...“ (يوحنّا 17: 3).

معرفة الإنسان لذاته ولمعنى حياته ترتبط بإيمانه. المؤمن بالمسيح يعرف حقيقة الإنسان من خلال كشف الرُّوح فلا يسلُك في أعمال الجسد بل بأعمال الرُّوح القُدُس في المسيح يسوع. الإجابة على سؤال: من هو الإنسان؟ مرتبطة بالإجابة على سؤال: من هو الله؟ لأنّ الإنسان على صورة الله.

لا يستطيع الإنسان أن يصير إنسانًا حقًّا ما لم يُحقّق صورة الله فيه. هذا لا يمكن أن يتحقَّق بدون النِّعمَة الإلهيّة الّتي بمعونتها مع التَّصميم البشريّ والجهد الصّادق لطاعة الكلمة الإلهيّة يتوب الإنسان ويتنقّى قلبه من أدران الخطيئة ويدخل في سرّ الموت والقيامة بحركة مُستَمِرَّة ارتقائيّة لولبيّة ...

*          *          *

في عالمنا يتغرّب الإنسان المعاصر عن الله أكثر فأكثر كلّ يوم بسبب وَهْم أنّ الله يقمع الحرّيّة ومن يسلك في الإيمان لا فرح عنده. دهرنة الحياة هي تثبيت الإنسان في لحمه ودمه أي في ملذّات بَدَنه وإنسان الجسد الّذي أعماله ظاهرة وهي: ”زِنىً عَهَارَةٌ نَجَاسَةٌ دَعَارَةٌ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ سِحْرٌ عَدَاوَةٌ خِصَامٌ غَيْرَةٌ سَخَطٌ تَحَزُّبٌ شِقَاقٌ بِدْعَةٌ حَسَدٌ قَتْلٌ سُكْرٌ بَطَرٌ ...“ (غلاطية 5: 19—21). إنسان السّقوط يجعل من الحرّيّة الّتي حَبَاه بها الله فرصة للسّلوك في أعمال الجسد لأنّه لا يعرف معنى الفرح بل كلّ شيء بالنّسبة إليه مُرتَبِط بحواس الجسد ولذائذه ... من هنا، عندما تكلّم البشر عن الحرّيّة خارج الإيمان والنَّظرة الأنطولوجيّة الكتابيّة للإنسان وحقيقته اللّاهوتيّة الأنثروبولوجيّة وصلوا إلى مفاهيم عنها تدمِّر جوهر الإنسان وتبعده حتّى المُنتَهى عن ما خلقه الله ليكونه ... حرّيّة السُّقوط أوصلت الإنسان إلى انتهاك هيكل جسده وقدسيّة الآخَر وأحدرته إلى حيوانيّة الغريزة وشيطنتها لأنّ الغاية من كلّ ما يعمله صارت اقتناء اللَّذّة وإشباع الكبرياء ... ”إِنْسَانٌ فِي كَرَامَةٍ وَلاَ يَفْهَمُ يُشْبِهُ الْبَهَائِمَ الَّتِي تُبَادُ ...“ (مزمور 49: 20). كرامة الإنسان في أنّه لم يُخلق للفناء! ... بل للحياة الأبديّة ... بالقيامة ...

*          *          *

مأساة الإنسان، في السُّقوط، حرّيّته الّتي هي بالحقيقة عبوديّة الأنا في الأهواء الّتي تنتمي بطبيعتها إلى اللّاحُبّ أي اللّاوجود أي اللّاإنسانيّة. كلّما سلك الإنسان في عبوديّة الجسد وظنّ أنّه يعيش حرّيّته أي حقّه في اختيار ما يريد وكيفما يريد، كلّما كان يخسر كيانه وحرّيّته في الحقّ لأنّه يغرق يومًا بعد يوم في جبّ الخطايا الّتي تُميت قلبه وتقتل فيه الحسّ بالآخَر كإنسان يتواصل معه بالإزائيّة وليس بالاجتياف. الحُرّيّة في السُّقوط هي استباحة للآخَر وانتهاك لِقُدسيّة الجسد كهيكلٍ للرّبّ ووثنيّة في تعاطي الإيمان إذ يصير الإله صنمًا بحسب أهواء الإنسان ... الفكر في السّقوط موجَّه نحو إرضاء الذّات وحاجاتها وملذّاتها فوق كلّ شيء، لا حدود أمام الأنا الآخَر برسم الانتهاك! ...

هذا هو منطق موت الإنسانيّة ودمارها وخرابها الّذي نراه في زمننا الحاضر حيث لا احترام بين البشر ويستباح كلّ شيء باسم الحرّيّة القيم والأخلاق والمبادئ والتّقاليد الجميلة ...

لا حرّيّة حقيقيّة إلّا الّتي تحترم الآخَر في إنسانيّته ويحترم فيها الإنسان كونه على صورة الله. في العالم يوجد قوانين للدّول قد تنسجم مع إيماننا وقد لا تنسجم، لكنّ هذه القوانين تحدّ ممّا يُسمّى الحرّيّة المُطلقة، وبالتّالي ما يُسمَّى بـ ”الحرّيّة المُطلقة“ ليست سوى وَهْم وكذبة الشّيطان الكبرى على البشريّة ... مَنْ يعتقد أنّه حرٌّ دون الله هو عبد حتّى المنتهى لذاته ...

*          *          *

لا يستطيع المؤمن أن يحوِّر الحقّ باسم الحرّيّة. يوجد حقّ ويوجد باطل وهذان لا خلط بينهما. من لا يستطيع التّمييز لا يملك روح الرَّبّ في داخله. الحقّ هو الرَّبّ. الباطل هو الشّرّير. من يصنع الخير يسلك في الحقّ. من يصنع الشّرّ يسلك في الباطل. "لأَنَّ هكَذَا هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ: أَنْ تَفْعَلُوا الْخَيْرَ فَتُسَكِّتُوا جَهَالَةَ النَّاسِ الأَغْبِيَاءِ. كَأَحْرَارٍ، وَلَيْسَ كَالَّذِينَ الْحُرِّيَّةُ عِنْدَهُمْ سُتْرَةٌ لِلشَّرِّ، بَلْ كَعَبِيدِ اللهِ ..." (1 بطرس 2: 15 و16).

المؤمن بالمسيح يسوع يحيا في زمن القيامة بالتّوبة والمُسامَحة وحُسن التّمييز. لا حُرّيّة دون خبرة القيامة، ولا قيامة دون روح الرَّبّ، ولا يسكن روح الرَّبّ في إنسان ما لم يؤمن بالإله المتجسِّد ويتّحد به ... إذن، لا حرّيّة خارج المسيح لأنّه هو النّور البَهيّ الّذي يُبدِّد ظلمات القلب... ويُنير العقل البشريّ ... ويحرّر الإنسان من سلطان الموت وعبوديّة الخطيئة ...

هذه هي الحرّيّة الحقيقيّة أن تعرف أنّك بالحبّ لَصيقٌ بالإله وفيه أنت للكلّ مَبذول، كونه فيك يكشف ذاته حبًّا مُحَرِّرًا ... من كلّ رِقٍّ ...

ومن له أذنان للسّمع فليسمع ...

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (باللَّحن الأوّل)

إنَّ الحجرَ لما خُتِمَ مِنَ اليَهود. وجَسَدَكَ الطّاهِرَ حُفِظَ مِنَ الجُند. قُمتَ في اليومِ الثّالثِ أَيُّها المُخلِّص. مانحاً العالمَ الحياة. لذلكَ قوّاتُ السّماوات. هتفوا إليكَ يا واهبَ الحياة. المجدُ لقيامتِكَ أَيُّها المسيح. المجدُ لِمُلكِكَ. المجدُ لتدبيرِكَ يا مُحبَّ البشرِ وحدك.

طروباريّة للرّسولين (باللَّحن الثّالث)

أيُّها القدِّيسان الرَّسولان برثلماوُس وتيطُس، تشفَّعا إلى الإله الرَّحيم، أن يُنعِمَ بغُفران الزَّلات لنفوسِنا.

قنداق ميلاد السّيّدة (باللَّحن الرّابع)

إنَّ يُواكِيمَ وحنَّةَ قد أُطْلِقَا من عارِ ﭐلعُقْر، وآدمَ وحوَّاءَ قد أُعْتِقَا من فسادِ ﭐلموت، بمولِدِكِ ﭐلمُقَدَّس أيَّتها الطَّاهِرَة، فله أيضًا يُعَيِّدُ شعبُكِ إذ قد تَخلَّصَ من وَصْمَةِ الزَّلَّات، صارِخًا نحوكِ، العاقِرُ تَلِدُ والدةَ ﭐلإله ﭐلمُغَذِّيَة حياتَنَا.

الرّسالة (1 كو 4: 9– 16)

لتكُنْ يا ربُّ رحمتُكَ علينا

ابتهجوا أيُّها الصدِّيقون بالرَّبّ

يا إخوةُ، إنَّ الله قد أبرزَنا نحنُ الرُّسلَ آخِرِي النّاسِ كأنَّنا مجعولونَ للموت. لأنَّا قد صِرنا مَشهدًا للعالم والملائكةِ والبشر. نحنُ جهَّالٌ من أجلِ المسيحِ أمَّا أنتمُ فحكماءُ في المسيح. نحنُ ضُعَفاءُ وأنتم أقوياءُ. أنتم مُكرَّمون ونحن مُهانُون. وإلى هذه السّاعةِ نحنُ نجوعُ ونَعطَشُ ونَعْرَى ونُلطَمُ ولا قرارَ لنا، ونَتعَبُ عامِلين. نُشتمُ فَنُبارِك. نُضطَهدُ فنحتمل، يُشنَّعُ علينا فَنَتضَرَّع. قد صِرنا كأقذارِ العالم وكأوساخٍ يستخبِثُها الجميعُ إلى الآن. ولستُ لأخجِلَكُم أكتبُ هذا وإنَّما أعِظُكُم كأولاديَ الأحبَّاءِ. لأنَّه، ولو كانَ لكم ربوةٌ منَ المُرشِدينَ في المسيح، ليسَ لكم آباءٌ كثيرون، لأنّي أنا وَلَدْتُكم في المسيحِ يسوعَ بالإنجيل. فأطلبُ إليكم أن تكونوا مُقتَدِينَ بي.

الإنجيل (مت 17: 14– 23)(مت 10)

في ذلك الزّمان دنا إلى يسوعَ إنسانٌ فجثا لهُ وقال: يا ربُّ ارحمِ ابني فإنَّهُ يُعذَّبُ في رؤوسِ الأهِلَّةِ ويتالَّم شديدًا لأنَّهُ يقعُ كثيرًا في النّار وكثيرًا في الماءِ، وقد قدَّمتُهُ لتلاميذِك فلم يستطيعوا أنْ يَشْفُوهُ. فأجاب يسوعُ وقال: أيُّها الجيلُ غَيرُ المؤمنِ الأعوجُ، إلى متى أَحتملكم؟ هلَّم بهِ إليَّ إلى ههنا. وانتهرهُ يسوعُ فخرجَ منهُ الشَّيطانُ وشُفيَ الغلامُ من تلكَ السَّاعة. حينئذٍ دنا التّلاميذُ إلى يسوعَ على انفرادٍ وقالوا: لماذا لم نستطِعْ نحن أنْ نُخْرِجَهُ؟ فقال لهم يسوع لِعَدمِ إيمانِكم. فإنّي الحقَّ أقولُ لكم: لو كانَ لكم إيمانٌ مثلُ حبَّةِ الخردلِ لكنتُم تقولون لهذا الجبلِ انتقِلْ من ههنا إلى هناك فينتقِلُ ولا يتعذَّرُ عليكم شيءٌ. وهذا الجِنس لا يخرجُ إلَّا بالصَّلاة والصَّوْم. وإذ كانوا يتردَّدون في الجليل قال لهم يسوع: إنَّ ابنَ البشر مُزمِعٌ أن يُسلَّمَ إلى أيدي النّاس فيقتلونهُ وفي اليوم الثّالث يقوم.

حول الرّسالة

يتحدّث الرّسول بولس في هذا المَقطع من رسالة اليوم، حول مَقام المُبشّرين بيسوع المسيح في العالم. فوضع الخطوط العريضة الّتي تصلح لكلّ مُبشِّر ، على أن يكون آخر النَّاس ومعروضًا للموت، والاضطهاد والعذاب والجَهْل والمَهانة والضُّعف والجوع والعطش والضّرب والشّتم، وأن يَحسب المبشّر نفسه نفاية أي كأقذار العالم الّتي يستخبثها الجميع. ولا يجب أن يرفض أيّ مبشّر بيسوع الحقيقيّ وصف بولس إن أراد أن يعيش كلمة يسوع ويبشر بها، لأنّ الرَّبّ قال: "من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبه كلّ يوم ويتبعني" (لوقا ٩ : ٢٣). ولكي تحيي كلمة الله في الآخرين يجب أن تُحييها في كامل كيانك أوّلًا. هل كان بولس يحتقر نفسه بهذه الأقوال، أم كان يتملّق أهل كورنثوس؟ أم أنّ بولس كان يشدّ من أَزْرِ الكورنثيّين ويشجّعهم لحمل الصّليب كما حمله هو بنفسه، عندما قال لهم: "فأطلبُ إليكم أن تقتدوا بي"، أي هل يجب أن يُعانوا كما عانى هو  وزملاؤه في عمل البشارة؟ وهل علم الكورنثيّون أنّهم يجب أن يدخلوا من الباب الضّيّق بحسب بولس، لأنّه تعلّم من الرَّبّ أنّ الدُّخول من الباب الضّيِّق يؤدّي إلى الخلاص، في حين أنّ الدُّخول من الباب الواسع يؤدّي إلى الهلاك؟ (متّى ٧: ١٣-١٤). هناك مُحاوَلة غير مباشرة من الرَّسول لتليين عقول وقلوب الكورنثيّين كي يعودوا أنفسهم على حمل الصَّليب.

في المُقابل إنّ نظرة الرَّسول لأهل كورنثوس كانت معكوسة إذ دعاهم  بالحكماء والأقوياء والمكرّمون. إذا كانوا اقتدوا ببولس ومرّوا بمعموديّة النّار الّتي مَرَّ بها هو وكلّ مُبَشِّر، حينها فقط سيُعَدُّون من الحكماء والأقوياء ويُكرموا عند ربِّهم. ولو لم يقل لهم بولس "أطلب إليكم أن تقتدوا بي" لَصَحَّ وصفه لهم بالحكماء. تعلّم بولس الإنجيل بالرّوح والحرف، لهذا قال لهم في رسالة اليوم: "لأنّي أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل". وبما أنّه رجلٌ ناموسيٌّ ويعرف الشّريعة جيّدًا ، يُعَلّم أمر الله في العهد القديم عندما طرد آدم وحواء من الفردوس وقال لهم "بعرق جبينك تأكل خبزك". ينقلنا بولس من العهد القديم إلى العهد الجديد بطريقة تعليميّة رائعة. أي من عهد النّاموس والشّريعة إلى عهد النّعمة والحقّ كما جاء في إنجيل يوحنّا.

نختم بكلمة بولس عن الموت الّذي تحدّث عنه هنا في رسالة اليوم، بالمُقارَنَة مع ما قاله في رسالته إلى أهل رومية: "وبالخطيئة دخل الموت، وهكذا سرى الموت إلى جميع النّاس لأنّهم جميعًا خطئوا" (رو ٥:١٢). والمقصود هنا بالخطيئة هي خطايا الإنسان الشّخصيّة، ولا علاقة لخطيئة آدم وحوّاء الموروثة، بالخطايا الشّخصيّة للإنسان. لذلك فالموت الّذي يتحدّث عنه بولس في بداية الرِّسالة هو نتيجة حمل الصّليب واتّباع يسوع كما حصل مع أوّل الشّهداء الشّمّاس استفانوس وعلى مرأى من بولس نفسه حيث كان ما زال يعيش في عهد الشّريعة والنّاموس، قبل أن يعرف يسوع ويختبر الرّوح القدس، آمين.

الكذب

يمكن للإنسان في كلّ شيءٍ أن يكتسب عاداتٍ في الخير والشّرّ معًا. بالتّالي يجب أن نكون يَقِظين وصاحين كي لا يخطفنا الكذب، لأنّ ما من إنسانٍ كاذبٍ يتّحد بالله. الكذب غريبٌ عن الله. إنّ الكذب هو بشكلٍ أساسيٍّ من الشّيطان لأنّه "كاذبٌ وأبو الكذب" (يوحنّا 44:8) كما يقول عنه الرَّبّ يسوع، أمّا الحَقَّ فهو من الله (يوحنّا 14:6).

ثمّة ثلاثة سُبُلٍ مختلفةٍ للكذب:

* الكذب بالفكر، ويقع فيه من يتقبّل الظّنون ويعتقد أنّ الجميع يتكلّمون عنه، كما أنّه لا يقول شيئًا مُستندًا إلى وقائع بل إلى التّخمين. من هنا ينشأ الفضول والنّميمة والإدانة والتّنصّت على الآخرين. وإن حدث أحيانًا أن يكون الظّنّ صحيحًا، يدّعي عندها المرء أنّه يريد إصلاح نفسه، وهذا أيضًا من الشّيطان لأنّه يعتاد حينها على التّنصُّت. إذا أراد أحدٌ أن يتقوّم فعلًا لا يتركه الله ويرسل له حتمًا من يقدر على إصلاحه. بالتّالي لا يمكننا الاعتماد على الظّنون لأنّ القاعدة المعوجّة تجعل المستقيم معوجًّا، كما أنّها توحي مع الوقت برؤية أشياءٍ لا وجود لها ولم تحصل أبدًا.

* الكذب بالقَوْل، وهذا ما يحصل مثلًا عندما نبرّر لفظيًّا كسلنا في الصّلاة بأنّنا مرهقون جسديًّا، ما يؤدّي إلى تبرير النّفس بشكلٍ مستمرٍّ كما فعل آدم وحوّاء. أمّا سببه فهو أنّنا نريد تجنّب الانتقاد أو إشباع رغبةٍ مُعَيَّنةٍ فينا أو تحقيق مكسبٍ ما. بالتّالي لا يمكننا أن نكذب بالقول حتّى عند الضّرورة لأنّ ذلك يتبعه أسفٌ وبكاءٌ وندم.

* الكذب بالحياة نفسها، أي عندما يدّعي الفاسق أنّه يعيش حياة العِفَّة ويتكلّم الجَشِع عن عمل الرّحمة. وهنا نرى أنّ من يقع في هذا النّوع من الكذب يتكلّم كثيرًا عن الفضائل، إمّا لتجنّب الاتّضاع أو لخداع الآخرين.

لذلك يدعونا الكتاب المُقَدَّس إلى الصِّدق نحو بعضنا البعض، وهذا ما يشير إليه بولس الرَّسول بقوله: "لذلك اطرحوا عنكم الكذب، وتكلّموا بالصِّدق كلُّ واحدٍ مع قريبه" (أفسس 25:4).

انقر هنا لتحميل الملف