Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 24 تمّوز 2022     

العدد 30

الأحد (6) بعد العنصرة

اللّحن 5- الإيوثينا 6

أعياد الأسبوع: *24: العظيمة في الشّهيدات خريستينا *25: تذكار رُقاد القِدّيسة حنّة أم والدة الإله الفائقة القداسة، القدّيسة البارّة أولمبيا *26: البارّة في الشَّهيدات باراسكيفي، الشّهيد في الكهنة أرمولاس *27: العظيم في الشّهداء بندلايمون الشّافي، البارَّة أنثوسة المُعتَرِفة *28: القدّيسين بروخوريوس ونيكانر وتيمن وبرميناس الشّمامسة، القدّيسة إيريني خريسوفلاندي *29: الشّهيد كالينيكوس، القدّيسة ثاوذوتي وأولادها *30: سيلا وسلوانس ورفقتهما.

كلمة الرّاعي

الكاهن والرِّعاية: رجل المواهب

في رسالة هذا الأحد السّادس بعد العنصرة، تتلو علينا الكنيسة المقطع الإنجيليّ من رسالة الرَّسُول المُصطفى بولس إلى أهل رومية (12:6—14)، حيث يتحدّث الرَّسُول عن المواهب في الكنيسة المُعطاة من الله للمؤمنين لأجل تكميل الخدمة في جسد المسيح انطلاقًا من إيمانه بأنّ الجماعة المسيحيَّة هي مجموعة أعضاء مترابطة عضويًّا بعضها ببعض وبالتَّالي متكاملة مع بعضها البعض، ”هكَذَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاءٌ بَعْضًا لِبَعْضٍ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلآخَرِ“ (رو 12: 5).

يطلب الرَّسُول من المؤمنين أن يقوم كلّ منهم بدوره كعضو في جسد المسيح بناء على الأساس الَّذي هو أنّنا لسنا لأنفسنا بل للرَّبّ وأنَّ الحياة المسيحيّة هي تقدمة حياتنا ذبيحة محبّة للَّذي بذل نفسه لأجلنا لكي نتقدّس معه وبه وفيه، إذ يطلب منّا قائلًا: ”فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ. وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ“ (رو 1 و2).

الخدمة المطلوبة من المؤمن في الكنيسة هي، إذًا، بحسب الموهبة المُعطاة له ولكن بناءً على تقديم الحياة كلّها لله ذبيحة مَرضيَّة أي كعبادة عقليَّة، بمعنى آخَر الحياة والخدمة بحسب النِّعمَة الواحدة في المواهب المتعدِّدة هي ذبيحة حياتنا المقدَّمة كعبادة أو ليتورجيا دائمة في خدمتنا اليوميّة والمستمرَّة للمسيح في جسده وفي العالم...

*          *          *

الكاهن هو المذبوح أبدًا طالما هو في هذا العالم باختياره قبول النِّعمة الإلهيّة الَّتي للنَّاقصين تكمّل وللمرضى تشفي، هذه النِّعمة الَّتي تنتدبه إلى الحفاظ على وديعة خراف المسيح الَّذين ستُطلَب نفوسهم منه في يوم الرَّبِّ الرَّهيب. كلّ المواهب الَّتي يتحدّث عنها الرَّسُول بولس في رسالة هذا الأحد تُعطى للكاهن وهو مسؤول عن استثمارها وسيُحاسب على ما فعله بها لأجل بنيان جسد المسيح ولأجل خلاص نفوس الَّذين أُوكِل برعايتهم، لأنّهم أمانة يجب أن يردّها للرَّبّ في الدَّينونة...

الكاهن هو نبيّ الإيمان لأنّه يحمل حرارة الرُّوح في البشارة ونقل الكلمة الإلهيّة الَّتي هي الحقّ، فلا يجوز له أن يحيد عن الحقّ أو أن يُحابي الوجوه أو يخضع لمشيئة النَّاس لئلّا يغادره روح القوّة ويصير خاضعًا لإبليس عدوّ الحقّ والكذّاب وأبو الكذّاب.

هو، أيضًا، الخادم للرَّعيّة لأنّ الرَّبّ علّمنا قائلًا: ”وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ أَوَّلًا فَلْيَكُنْ لَكُمْ عَبْدًا” (مت 20: 27). هو، إذًا، يستعبد ذاته للكلّ ليربح الكلّ للرَّبّ، إنّه لا يطلب ما لذاته بل ما للرَّبَّ وهو يعلم أنّه مهما فعل فما هو إلّا عبد بطّال صنع ما قد أُمِر به (راجع لوقا 17: 10).

الكاهن هو أيضًا وأيضًا الْمُعَلِّمُ والْوَاعِظُ والْمُعْطِي بِسَخَاءٍ والْمُدَبِّرُ بِاجْتِهَادٍ والرَّاحِمُ بِسُـرُورٍ. هذه الصِّفات أو المواهب يجب أن يتحلّى بها الكاهن وأنْ يعيشها في كلّ حياته ورعايته للنُّفوس الَّتي سيُسأل عنها عند مجيء ربّنا يسوع المسيح في مجده مع الملائكة القدِّيسين.

لا يمكن للكاهن أنْ يكون كسولًا أو متكبّرًا أو أنانيًّا أو جاهلًا أو غير قادر على نقل الكلمة الإلهيّة أو أن يكون بخيلًا أو ديَّانًا أو قاسي القلب أو عبوسًا أو غير متسامح. كلّ هذه الصِّفات تُعطى لمن يجِدُّ في اقتنائها، ويخسرها من كانت لديه ولا يستثمرها في خدمة الرَّبّ.

الكاهن هو قائد سفينة رعيّته بإخلائه لذاته لِيَسُود فيه المسيح فيكون الرَّبّ فيه الكُلّ في الكُلّ وهذا يكون كاهنًا إلى الأبد على رتبة ملكيصادق.

الكاهن هو رجل صلاة وتوبة وعزيمة قويّة هو لا يخاف شيئًا أو بشرًا لأنّه يحيا ليكون أمينًا لسيّده الَّذي إذا ما وجده أمينًا في كلّ لحظة يطلبه فيها يستجيبه في طلباته وتضرُّعاته وتوسُّلاته لأجل رعيّته ويمنحه كلّ خير وبركة من الرُّوحيّات والماديَّات، لأنّ من يحبّون الله لا يحتاجون إذ الرَّبّ أمين أن يكفيهم في كلّ حين.

الكاهن راعٍ على صورة الرَّاعي الصَّالح الوحيد الرَّبّ يسوع المسيح، عليه أن يسعى في طلب الخروف الضّال وأن يكون قدوة لخراف المسيح في المحبّة والتَّضحيّة والتَّجرُّد والنَّقاوة والصَّلاة والخدمة. الكاهن الحقّ تراه مرسومًا في كلمته الّتي ينطقها بالرُّوح القدس لأنّه ليس عنده كلمة سوى يسوع ينطقه حياة وشهادة يوميَّة في الزِّيارة والافتقاد والتَّعليم والوعظ والتّنبّوء لكي يُرضي من جنّده...

ومن له أذنان للسَّمع فليسمع...

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (باللَّحن الخامس)

لِنُسَبِّحْ نحنُ المُؤمنينَ ونسجُدْ للكلمة. المُساوي للآبِ والرُّوحِ في الأزَليّةِ وعدمِ الابتداء. المَوْلودِ مَنَ العذراء لِخلاصِنا. لأنّه سُرَّ أن يَعلُوَ بالجَسَدِ على الصَّليب. ويحتمِلَ المَوْت. ويُنهِضَ المَوْتى بقيامتِهِ المَجيدة.

طروباريّة القدّيسة خريستينا(اللّحن الخامس)

يا خريستينَا المجِيدة في الشَّهيدات لمَّا تركتِ خِداعَ أبيكِ تَقَبَّلتِ إِشْراقَ حُسْنِ العِبادَةِ الإلهيّ وإِذْ جاهَدْتِ بِصَلابَةٍ هَزَمْتِ العَدُوَّ وحطَمْتِهِ كَعَذْرَاءَ عَاقِلة صِرْتِ عَروسًا للمَسيحِ والآن تَتَشفَّعين إليهِ بِلا انقِطَاعٍ لِيرحمَ نُفوسَنا.

القنداق (باللَّحن الثّاني)

يا شفيعَةَ المَسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تُعْرضي عَنْ أصواتِ طلباتِنا نَحْنُ الخَطأة، بَلْ تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحَة، نَحنُ الصّارخينَ اليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعَةِ وأسَرعي في الطّلْبَةِ يا والدَة الإلهِ، المُتشَفِّعَةَ دائمًا بمكرِّميك.

الرّسالة(رو 12: 6-14)

أنت يا ربُّ تحفظُنا وتستُرُنا من هذا الجيلِ

خلّصني يا ربُّ فإنَّ البارَّ قد فَني         

يا إخوةُ، إذ لنا مواهبُ مختلِفةٌ باختلافِ النِّعَمةِ المُعطاةِ لنا، فَمَن وُهِبَ النُبوَّةَ فليتنبَّأ بحسَبِ النِّسبَةِ إلى الإيمان، ومَن وُهِبَ الخِدمةَ، فليلازِمِ الخِدمَةَ، والمُعلِّمُ التَّعليمَ، والواعِظُ الوَعظَ، والمتَصَدِّقُ البَساطةَ، والمدبِّرُ الاجتهادَ، والرَّاحِمُ البَشَاشةَ. ولتكُنِ المحبَّةُ بِلا رِياء. كونوا ماقِتِين للشَرِّ وملتَصِقينَ بالخَير، مُحبِّين بعضُكم بَعضًا حُبًّا أخويًّا، مُبادِرين بعضُكم بعضًا بالإكرام، غيرَ متكاسِلينَ في الاجتهادِ، حارِّين بالرُّوحِ، عابِدين للرَّبّ، فَرِحِينَ في الرَّجاءِ، صابِرين في الضِّيقِ، مواظِبين على الصَّلاة، مؤاسِينَ القدِّيسينَ في احتياجاتهم، عاكِفينَ على ضِيافةِ الغُرباءِ. بارِكوا الَّذين يضطَّهِدونكم. بارِكوا ولا تلعَنوا.

الإنجيل(متّى 9: 1-8)(متّى 6)

في ذلك الزَّمان دخلَ يسوعُ السَّفينةَ واجتاز وجاءَ إلى مدينتهِ، فإذا بِمُخلَّعِ مُلقىً على سَرير قدَّموهُ إليهِ، فلمَّا رأى يسوعُ إيمانَهم قال للمُخَلَّعِ: ”ثِق يا بُنيَّ، مغفورةٌ لك خطاياك“. فقال قومٌ من الكَتَبَةِ في أنفسهم: ”هذا يُجَدّف“. فعلم يسوع أفكارهم فقال: ”لماذا تفكِّرونَ بالشّرِّ في قلوبكم؟ ما الأيسرُ أن يُقالَ مغفورةٌ لكَ خطاياكَ أم أنْ يُقالَ قُمْ فامشِ؟ ولكن لكي تعلموا أنَّ ابنَ البشرِ لهُ سلطانٌ على الأرض أن يغفِرَ الخطايا. (حينئذٍ قال للمُخَلَّع) قُمِ احملْ سريرَك واذهبْ إلى بيتك. فقام ومضى إلى بيته. فلمَّا نظرَ الجُمُوعُ تعجَّبوا ومجدَّوا الله الَّذي أعطى النّاسَ سلطانًا كهذا.

حول الإنجيل

"فلمَّا رأى يسوعُ إيمانَهم قال للمُخَلَّع..."

لا يستطيع المُخَلَّع أن يتقدَّم بنفسه إلى الطَّبيب الشَّافي، بسبب عجزه عن ذلك، فهو بحاجة إلى مُحبِّين مؤمنين ليعطفوا عليه، ويُقدِّموه إليه، وهذا لإيمانهم بقُدَرة الرَّبّ على الشِّفاء من جهةٍ، ومحبَّتهم للمريض من جهةٍ ثانية. وهنا نرى إيمان الأشخاص الَّذين أحبُّوا المُخَلَّع، مقدِّمين إيَّاه إلى المسيح ليشفيه، فالله يشفي المريض في كثير من الأحيان بسبب إيمان الأحبَّاء المُحيطينَ به، وليس فقط من أجل إيمان المريض نفسه...

"ثِقْ يا بُنيَّ، مغفورةٌ لك خطاياك..."

يُناديه المسيح "يا بُنيَّ"، وهذا تعبير فيه الكثير من الحُبّ والحنان، يشدِّدُهُ بكلامه "ثِقْ"، ربَّما لأنَّه نظر إلى حالته الميؤوس منها، وإلى انسحاق قلبه... لكنَّ المفاجأة المُدويّة كانت بِقَوْلِهِ: "مغفورةٌ لك خطاياك" بدل القَوْل "قُمْ واذهب إلى بيتك"، أيّ شفائه الرُّوحيّ قبل شفائه الجسديّ...

لماذا؟ هذا ليقول لنا بأنّ الأخطر ليس الشَّلَل الجسديّ – المرض، بل الشَّلَل الرُّوحيّ – الخطيئة، الَّتي تهلك النَّفْس في الجحيم، في الموت الأبديّ... والله وحده يقدر أن يحرِّرَ الإنسان ويغفر له خطاياه، لذلك لم يتقبَّل الكتبة كلام المسيح لأنّهم لا يؤمنون أنّه هو ابن الله المتجَسِّد، والمَسِيَّا المنتَظَر.

لم يشأ المسيح أن يبقى اليهود في شَرِّ ضلالهم ويُضِلُّوا آخَرين، فهو له السَّلطان على غفران الخطايا وتحرير الإنسان، ولهذا أتى لكي يَشفي و"يحلّ الخطايا للبائسين والمُنْسَحَقي القلوب".

"وأمّا أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة، وليكون لهم أفضل" (يوحنا 10 :10). الَّذي يعطِّلُ هذه الحياة هي الخطيئة... لذلك لا بُدَّ من غفران الخطايا ليتحرَّرَ الإنسان، وتتحرَّر طاقة الحبِّ الَّتي جعلها الله في كلِّ إنسان، وليمارس نشاطه بقوَّةٍ فيحمل هو فراشه بدل أن تحمله الفراش، ويكون سببًا لتعجّب النَّاس وتمجيد الله...

أعطى المسيح هذه السُّلطة لرُعاة الكنيسة لكي تحرّر التّائبين، فينطلقوا في أعمال الرَّحْمَة، ويحملوا الضُّعفاء والمرضى إلى يسوع ليشفيهم ويغفر لهم، وهكذا يكونوا نورًا يمجِّدوا الله في حياتهم...

فأيِّ واحدٍ من هؤلاء أنا؟

هل أنا ذلك المؤمن الَّذي يعمل على تقريب النَّاس إلى يسوع؟ في أعمالي وفي صلاتي؟

في تربية أطفالنا

لعلَّ الحديث اليوم عن التَّنشئة المسيحيَّة السَّليمة لأطفالنا باتَ ضرورة مُلِحَّة، وخصوصًا بعد العَلْمَنة والتَّطوُّر الهائل والتَّقنيّة الفَذَّة الَّذي نعيشها، والهُوَّة والفُتُور الاجتماعيّ الَّذي يتَّسِع يومًا بعد يوم، والأفكار الدَّخيلة والغريبة الَّتي تقتحم عالمنا، ونزيف الهجرة المستمرّ بحثًا عن مَلاذ ومرفئ سلام واستقرار. وما من تدهور في الأخلاق والقيم، وما من فتور في الإيمان إلّا ليعزى سببه إلى أسس التّربية والإرشاد السَّهو والتَّبشير الضَّئيل الَّذي نختبره اليوم. إنّنا نهتمّ ونحاول أن نلحق بعجلة التَّقدُّم ومواكبة العصر وتحدّياته، ونخطَّط لحياتنا الأفضل، مع ذلك نتغاضى عن الجزء الأهمّ فيها وهو تربية أطفالنا وتنشئتهم مسيحيًّا وتنميتهم سلوكيًّا وأخلاقيًّا. فماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كلّه وخسر أولاده. أو ماذا يعطي الإنسان فداءً عن أولاده.

للأطفال مكانتهم العظيمة في الكتاب المُقدَّس، فهم "إكليل الشُّيوخ" (أمثال 17: 6)، والبَنون هم "كفروع زيتون حول المائدة" (مزمور 128: 3)، ولقد أعدَّ الله لنفسه تسبحة من فم الأطفال والرُّضَّع (مز8: 2-3)، كما أنّ الرَّبَّ يسوع بيّن أنَّ لمثلهم دخول الملكوت وباركهم، وكذلك إنَّهم رمزٌ حقيقيٌّ للتّلاميذ. وكي لا نسمح لأطفالنا بأنْ يكونوا كَريشة في مَهَبْ الرّيح بدت ضرورة التّربية والتّنشئة المسيحيّة السّليمة كمقومات أساسيّة في بناء سلوكيّة الطِّفل وتحديد مَسارهُ في المستقبل، وهذا ما يؤكِّد عليه أيضًا الرَّسُول بولس في دور الأمّ على سبيل المثال في التّربية: "ولكنّها ستخلص بولادة الأولاد أن ثبتن في الإيمان والمحبّة والقداسة مع التَّعقُّل" (1تي 2: 15).

إنّ تنشئة الأطفال وتربيتهم هي اللُّبنة الأولى والأهم في بناء المجتمع، وكذلك ضرورة تدارك الأخطاء التّربويّة الشّائعة الَّتي نشأت عليها المجتمعات الشّرقيّة. كما أنّ تشكيل سلوك الأطفال وشخصيّتهم وحقّ التّربية لا يقع على عاتق الوالدين فحسب بل المجتمع بأكمله، لكنْ بالتّأكيد يُعَدُّ دورهم الأهمّ والأكبر بحسب العلاقة والوقت الَّذي يمضيه الطّفل بين ذَوِيه، لأنّ حقّ التّربية يرجع إليهم، "وأنتم أيّها الآباء لا تغيظوا أولادكم بل ربّوهم بتأديب الرَّبّ وإنذاره" (أفسس 6: 4)، فالهدف من التّربية الحازمة وتأديب الوالِدَين هو معاونة أولادهم على النّضج وليس لأذيَّتهم  فالمعاملة السَّيِّئة للأطفال هي السّبب الرَّئيسيّ في قتل روح الإبداع والتَّفكير لدى الأطفال، وانتشار المشاكل الَّتي نُعاني منها الآن من أمِّية وجَهْل وانحلال الأخلاق. تربية الأولاد ليست أمرًا هَيَّنًا، فهي تستلزم صبرًا كثيرًا لتنشئتهم تنشئة ملؤها المحبّة وإكرام المسيح لذلك على الآباء أن يكونوا قدوةً لأبنائهم في منظور الحياة المسيحيّة: "كن قدوة للمؤمنين في الكلام، في التَّصرُّف، في المحبّة، في الرُّوح، في الإيمان، في الطَّهارَة" (1تي 12:4). فلا يكفي أن نعلِّم أبناءنا حقيقة إيماننا بل أن نعيش تلك الحقيقة أمامهم. وتجنُّب أن يكون التَّعليم يُلَقَّن فقط، أو أفكار تُفَسَّر. بل أن تكون حياة مُعاشَة من قِبَلِ الوالِدَيْن. فالمسيحيّة هي حياة يعيشها الآباء فيلتقطها منهم الأبناء، لينقلوها بدورهم إلى الأحفاد.

من جهةٍ أخرى على الكنيسة أن تسأل نفسها دائمًا: "ماذا نحاول أن نفعل لأبنائنا؟ من هنا يشدّد آباء الكنيسة كالقدّيس يوحنّا الذّهبيّ الفَم على دور الكنيسة الفَعّال في تقويم سلوك الأطفال الرُّوحيّ وتعميق كلمة الله في حياتهم، وإمدادهم بالتَّعليم الكتابيّ الضّروريّ لتنشئتهم روحيًّا ممّا يجعل منهم أعضاءً صالحين وفعّالين في الكنيسة مستقبلًا. بالإضافة إلى التَّقاليد الكنسيّة والطُّقوس الَّتي هي ذخائر، على الكنيسة الحفاظ عليها بالتّأكيد. كما التَّكثير من النّشاطات التّرفيهيّة للأطفال والَّتي تتضمَّن في محتواها وجوهرها أيضًا كلمة الله وبأسلوبٍ يجعل الطّفل لا يحسّ بالملَل أو الضّجر أثناء المشاركة فيها. هذا ما يجعل الطّفل يعيش طفولته في الكنيسة.

إنّ فلذات أكبادنا هم بذار، إنْ أحْسَنّا رعايتها وتسميدها، والكَدّ في زرعها وإنمائها، والاجتهاد في مداراتها، كانت شجرة وافرة الظِّلّ نستظلُّ ونقطف حلو ثمارها...

أنقر هنا لتحميل الملفّ