Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 23 كانون الثّاني 2022                      

العدد 4

الأحد 14 من لوقا (الأعمى)

اللّحن 6- الإيوثينا 9

أعياد الأسبوع: *23: اكليمنضوس أسقف أنقرة، الشهيد أغاثنغلوس *24: البارّة كساني وخادمتها، الشّهيد في الكهنة بابيلا الأنطاكيّ ورفقته *25: غريغوريوس الثّاولوغوس رئيس أساقفة القسطنطينيّة *26: البارّ كسينفوندس مع زوجته ماريّا وولداه أركاديوس ويوحنّا *27: نقل جسد القدّيس يوحنّا الذّهبيّ الفمّ، القدّيسة ماركيانيس *28: البارّ أفرام السّرياني، البارّ بلاديوس *29: نقل بقايا الشّهيد في الكهنة أغناطيوس المتوشّح بالله.

كلمة الرّاعي 

الإنسان

”فَمَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَذكُرَهُ؟

وَابْنُ الإِنْسَانِ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ؟“ (مز 8: 4)

يبقى الإنسان سرًّا. من يعرفه؟!... إنَّه محدود ولامتناهٍ في آنٍ معًا. كُشف سرُّه حين تجسَّد الإله وصار طفلًا. خارجًا عن هذه الحقيقة يصير الإنسان لا شيء وترابًا ورمادًا، وكما يقول الجامعة: ”لأَنَّ مَا يَحْدُثُ لِبَنِي الْبَشَرِ يَحْدُثُ لِلْبَهِيمَةِ، وَحَادِثَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمْ. مَوْتُ هذَا كَمَوْتِ ذَاكَ، وَنَسَمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْكُلِّ. فَلَيْسَ لِلإِنْسَانِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ، لأَنَّ كِلَيْهِمَا بَاطِلٌ“ (جا 3: 19).

*          *          *

إذا سألنا الفلاسفة من هو الإنسان، نسمع أفلاطون وأرسطو ومن ذهب مذهبهما يقول بأنّه كائنٌ عاقلٌ أي هو يتميَّز بعقله الَّذي هو مُناط التّكليف، وأساس المسؤوليّة والجزاء. أمّا الفلسفة المعاصرة فهي لم تؤكّد على التّصوّرات الفلسفيّة السّابقة للإنسان ولم تعطِ الأبعاد العقليّة أيّ اعتبار، بل على العكس قامت بتهميش هذا الجانب واعتباره مجرَّد قوى لا شعوريّة أو غريزيّة ("الإنسان بوصفه حيوانًا!", www.aljazeera.net,2006-4-18، اطُّلع عليه بتاريخ 2018-3-2. بتصرّف).

نيتشه، مثلًا، رأى أنّ العقل هو غريزة كالغرائز الأخرى الّتي من شأنها أن تُبقي الإنسان على قيد الحياة، وهذه هي وظيفته فقط لا غير، واعتبر الأبعاد الغريزيّة المكوِّن الأساسيّ والمركزيّ للذّات الإنسانيّة، وبذلك انتهى إلى الدَّعوة بتغيير وظيفة العقل وقلبِها من معرفيّة إلى مجرّد وسيلة لخدمة الغرائز (المرجع السَّابق).

أمَّا بالنّسبة لـلفلسفة ”الوجوديّة“ وبحسب هايدجر وسارتر فالإنسان شخصٌ قَلِق، وممزَّق ولديه شعور عميق بالمسؤوليّة. وتعتبر، أيضًا، أنّه لا يجوز اعتباره جزءًا من فئة، وأنّه لا أحد يحلّ محلّه، وأنّ لكلّ إنسان موقفٌ وجوديّ خاصّ به. ويقوم مبدأ الوجوديّة على أنَّ الإنسان له وجودٌ قائمٌ بحدّ ذاته وهو متفرِّدٌ برأيه وغير موجَّه من أحد ويتحمَّل مسؤوليّة وجوده (محمَّد عطا أبو سمعان، منزلة الإنسان ووجوده في المذاهب الفكريّة المعاصرة دراسة نقديّة في ضوء الإسلام ، صفحة 68-70. بتصرّف). ويطول المقال إذا أردنا أن نتكلّم عن مفهوم الإنسان في الفلسفة الواقعيّة وفي الشُّيوعيّة وفي الرَّأسماليّة... المهمّ أنّه بعيدًا عن الله وعن يسوع المسيح يبقى الإنسان رقمًا في هذا العالم...

*          *          *

بعد أن أتى الرَّبّ يسوع المسيح وتمَّم خلاص الإنسان ظهرَت حقيقته (أي للإنسان). فيسوع حاجج اليهود، حين أرادوا رجمه لأنّه ساوى نفسه بالله، قائلًا لهم: ”أَلَيْسَ مَكْتُوبًا فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟“ (يو 10: 34) و ”بنو العَلِيِّ كُلُّكُم“ (مز 82: 6). هذا قاله ليكشُفَ سرَّ الإنسان الَّذي ما كان ليُعرف ويُستَعلن ويتحقَّق إلَّا به وفيه.

والبشريّة بعد يسوع المسيح ليست كما قبله، لأنّها فيه تتوحَّد وفقط فيه، وهذا ما يوضحه الرّسول المُصطفى بولس بقوله: ”فَإِنَّهُ كَمَا فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ لَنَا أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَلكِنْ لَيْسَ جَمِيعُ الأَعْضَاءِ لَهَا عَمَلٌ وَاحِدٌ، هكَذَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاءٌ بَعْضًا لِبَعْضٍ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلآخَرِ“ (رو 12: 4—5).

المسيح أتى ”لِيَجْمَعَ أَبْنَاءَ اللهِ الْمُتَفَرِّقِينَ إِلَى وَاحِدٍ“ (يو 11: 52). المؤمنون بالمسيح يشكّلون كنيسته، أي جسده الظّاهِر في هذا العالم. لكن، يوجد من هم يطلبونه ويبحثون عنه ويعيشون بالضَّمير ما هو منه ولم يتعرّفوا إليه بعد في الكنيسة، هؤلاء أيضًا هم منه وله وفيه باحتضان حبّه ورحمته اللّامتناهية، إذ ”إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِب وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ“ (مت 8: 11—12).

*          *          *

أيُّها الأحبّاء، إنّ إلهنا حين خلقنا أرادنا أن نصير على شبهه، أي مثل يسوع المسيح الإله-الإنسان. من هنا، فالإنسان ما لم يعرف هذا البُّعد الإلهيّ لحقيقته في الله يبقى غريبًا عن إنسانيّته وجاهلًا لِكُنْهِهِ، وبالتّالي يعيش على أنّه ”تراب ورماد“، ويبحث عن معنًى لحياته في إنجازات أو ملذّات. هذا المنهج يجعله يغوص في أنانيّته الّتي تتضخّم فتقتل إنسانيّته وتسحق الآخَر إذ يُستَعَمل لأجل إشباع غريزة الوجود والبقاء.

في يسوع المسيح تحقَّقت الإنسانيّة الجديدة وظهرت على أنّها كنيسة أي سرّ الوحدة بين الله والإنسان وبين الإنسان والإنسان، سرُّ سُكنى الإله في البشر، وسرّ تالُّه الإنسان. هذا تَمَّ ويتحقَّق باستمرار في كلّ مرّة يقبل إنسان المسيح ”ربًّا وإلهًا“. خُلِقنا لنكون واحدًا في تمايز ومتمايزين في وَحدة. هذا أُعطي لنا في ابن الله المتجسِّد الَّذي بذل نفسه لأجلنا ودعانا لنشابهه حبَّه، ”وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا“ (يو 13: 34).

الإنسان حبّ لأنّ الله حبّ، أي أنّ الإنسان غير قائم بذاته وهو ليس لذاته، بل ينوجد ويتأنسن ويتألّه حين يحبّ الله ويحبّ القريب، حين يُخلي ذاته ليصير الله حياته في الآخَر...

ومن استطاع أن يقبل فليقبل...

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (باللَّحن السّادس)

إِنَّ القوَّاتِ الملائِكِيَّة ظَهَرُوا على قبرِكَ الـمُوَقَّر، والحرَّاسَ صَارُوا كَالأَموات، ومريمَ وَقَفَتْ عندَ القَبْرِ طَالِبَةً جَسَدَكَ الطَّاهِر، فَسَبَيْتَ الجَحِيمَ ولَمْ تُجَرَّبْ مِنْهَا، وصَادَفْتَ البَتُولَ مَانِحًا الحَيَاة، فَيَا مَنْ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، يَا رَبُّ المَجْدُ لَك.

طروباريّة القدّيس اكليمنضوس (باللَّحن الرّابع)

أيّها الكُلّيّ الشّرف اكليمنضوس، لقد بدَوتَ للمؤمنين، كرمة برٍّ وغصن جهاد، وزهرةً كلّيّة الطّهارة، وكثمرٍ كلّيّ العذوبة ممنوحٌ من الله فبما أنّك مع الشّهداءِ مجاهدٌ، ولرؤساء الكهنة في الكراسي مجالسٌ، تشفّع إلى المسيح الإله أن يخلّص نفوسنا.

قنداق دخول السّيّد إلى الهيكل (باللَّحن الأوّل)

يا مَنْ بمَوْلدكَ أيُّها المسيحُ الإله، للمُستَوْدَعَ البَتوليّ قدَّسْتَ. ولِيَدَيّْ سمعانَ كما لاقَ بارَكْتَ. ولنا الآن أدركتَ وخلَّصْتَ. احفَظ رعيَّتَكَ بسلامٍ في الحروب وأيِّد المؤمنين الّذين أحببتَهُم، بما أنَّكَ وحدَكَ مُحبٌّ للبَشَر.

الرّسالة (1 تيمو 1: 15-17)(31 بعد العنصرة) 

خلِّص يا ربُّ شعبَك وبارِك ميراثَك            

إليكَ يا ربُّ أصرُخُ الهي

يا وَلَدي تيموثاوس، صادِقةٌ هي الكلمةُ وجديرةٌ بكُلِّ قَبولٍ. إِنَّ المسيحَ يسوع إنَّما جاءَ إلى العالمِ ليُخلّصَ الخطأةً الّذين أوَّلهم أنا. لكنّي لأجلِ هذا رُحِمتُ ليُظهر يسوعُ المسيحُ فيَّ أنا أوَّلًا كلَّ أناةٍ مثالًا للَّذينَ سيؤمِنون بهِ للحياة الأبديَّة. فلملكِ الدُّهور الّذي لا يَعروه فسادٌ ولا يُرى، اللهِ الحكيمِ وحدَهُ الكرامةُ والمجدُ إلى دهر الدهور. آمين.

الإنجيل (لو 18: 35-43)(لوقا 14)

في ذلك الزَّمان، فيما يسوع بالقربِ من أريحا، كان أعمى جالِسًا على الطَّريق يستعطي. فلمَّا سمع الجمعَ مُجتازًا سأل: ما هذا؟ فأُخبِرَ بأنَّ يسوعَ النّاصريَّ عابرٌ. فصـرخ قائلًا: يا يسوع ابنَ داودَ ارحمني. فزجرهُ المتقدِّمون لِيسكُتَ فازداد صراخًا: يا ابنَ داودَ ارحمني. فوقف يسوع، وأمر أنْ يُقدَّمَ إليهِ. فلمَّا قرُب سألهُ: ماذا تريد أن أصنَعَ لك؟ فقال: يا ربُّ أن اُبصِـر. فقال لهُ يسوع: أَبصِـر. إيمانك قد خلَّصك. وفي الحال أبصَـرَ، وتبعَهُ وهو يمجّد الله. وجميعُ الشّعب اذ رأوا سبَّحوا الله.

حول الإنجيل

يُحدِّثنا إنجيل اليوم عن أعمى يستعطي على جانب الطَّريق، وقد قيل له أنّ يسوع المسيح -ابن داود- سيمرّ بقربه. ويبدو أنّ هذا الإنسان هو من اليهود المؤمنين الّذين ينتظرون تتميم وعد الله الّذي أقامه مع ابراهيم ومن بعده مع داوود، بأنّ منهما سيأتي مخلِّصُ الأمم والّذي "ستشرق في أيّامه كثرة السّلام إلى أن يضمحلّ القمر" (مزمور 7:71). عن أيّ سلامٍ نتكلَّم؟ إنّه السَّلام الدّاخليّ الّذي، حين يسكن في الإنسان، يجعله يبيع كلَّ شيء ويتبع يسوع (متى 46:13). وهذا السَّلام لا يُنتزع من الإنسان أبدًا (لوقا 42:10). إنّه ليس سلام من هذا العالم إنّما من فوق (يوحنّا 27:14). ابن داوود المسيح أتى ومنذ مدّة رأيناه طفلًا صغيرًا في مذودٍ، وبعدها ظهر لنا في مياه الأردنّ: "الله ظهر بيننا ورأينا مجده مجدًا كما لوحيدٍ من الآب مملوء نعمةً وحقًا" (يوحنّا 14:1).

هناك من يُعجبون بيسوع فيتبعونه، ولكنّهم يريدونه لهم وحدهم فقط. وبالغالب يكون هؤلاء من النّاس الَّذين احتلّوا المراتب الأقرب إلى يسوع. يرفضون أن يشاركهم أحدٌ فيه. لمّا صرخ الأعمى وطلب الرَّحمة من يسوع، زجره المتقدِّمون ليسكت، أي الّذين هم في المقدّمة، المحسوبين على يسوع. هل المقدّمة هي الّتي تُفسد تبعيّتنا ليسوع؟ أي هل كلّما اعتقدنا أنّنا أصبحنا أقرب إليه، في المرتبة والشَّأن، يضيع هدفنا ونسلك في الباطل؟ أم أنّ هؤلاء هم من الأساس أرادوا التَّقدُّم إليه لغاياتهم الشّخصيّة؟ الاحتمالان واردان لذلك علينا أن نكون حريصين على أن لا ننسى أنّ يسوع هو النُّور، وكلّما تقدَّمنا إلى النُّور تنكشف خطايانا أكثر بسبب كثافة النُّور وبالتَّالي نحصل على فرصة للتَّخلُّص منها بالتَّوبة. على عكس ما يعتقده البعض بأنّنا نستطيع إنْ تقدَّمنا إلى يسوع أكثر، أقول بأنّنا نستطيع أن نحجب نوره عن الآخرين ونتمتّع به وحدنا بكلّ أنانيّة، آمين.

انتماؤنا

عندما يُعلن الكاهن في بدء القدّاس الإلهيّ: "مباركةٌ مملكة الآب والابن والرُّوح القدس الآن وكلّ آوان وإلى دهر الدّاهرين"، يجيب المؤمنون: "آمين".

هذه الجملة البسيطة تحدّد انتماء المؤمن وهويَّته. نظره شاخصٌ نحو هذه المملكة لا إلى الأرض. لا يُحني رأسه للَحْمٍ ودَمٍ بل للإله فقط. كلّ تمجيدٍ لممالك الأرض وأحزابها هو خروج عن قول الرَّبّ: "مملكتي ليست من هذا العالم" (يوحنّا ١٨: ٣٦).

مملكة الله لا أحزاب فيها ولا طوائف. مملكة الله هي مملكة عشّاق الله. لا يدخلها من لا يعشقه. المحبّة لله هي "تأشيرة" الدُّخول إليها. ومحبّة الله لا تظهر إلّا إذا أخلى المرء نفسه وخدم الله في وجوه النّاس، من كلّ الطَّوائف والمِلَل والأعراق. القوميّات والتَّحزّبات باسم المسيح تصلبه مجدّدًا ولا تريده قائمًا للعالم وفي العالم.

وقد ترك لنا التّراث نصّ الرِّسالة إلى ديوغنيتس، الّتي تعود للقرن الميلاديّ الثّاني، يعبّر فيها الكاتب عن ماهيّة المسيحيّين:

"لا وطن، ولا لغة، ولا عادات تميّز المسيحيّين عن غيرهم من سائر البشر. لا يقطنون مُدُنًا خاصّة ولا ينفردون بلهجة غير مألوفة... وتعليمهم لم يُكتشف بواسطة عقل وذكاء أناس مشغولين بالفكر، وهم لا يدافعون مثل باقي النّاس عن أيّ تعليمٍ بشريّ. وبينما هم يعيشون في المُدُن... وفقًا لظروف كلّ منهم إلّا أنّهم يتبعون عادات البلاد الّتي يعيشون فيها، في الملبس، والمأكل، وكلّ ما يخصّ الحياة، إلّا أنّهم يظهرون بحياتهم وبأعمالهم ما في انتمائهم الرُّوحيّ من سموّ.

يُقيم كلّ (مسيحيّ) منهم في وطنه، ولكن كما لو كان غريبًا. يتمّمون واجباتهم كمواطنين ويتحمّلون كلّ الأعباء كغرباء. كلّ أرضٍ غريبةٍ وطنٌ لهم، وكلّ وطنٍ أرضٌ غريبةٌ".

السّماء موطننا، والمحبّة هويّتنا، واللّاتحزّب انتماؤنا.

كلّ حياتنا على الأرض ليست إلّا لجعلها أرضًا سماويّةً لا سماء أرضيّة. 

أقوال للحياة

القدّيس نكتاريوس أسقف المدن الخمس

الرَّجاء في الله

الرَّجاء في الله يُعتِق أولئك الّذين وقعوا في الخطيئة، ويُعيد الجرحى إلى الصّحّة ويقطّع أغلال السّجناء. يُشرق الرَّجاء مثل الفجر الورديّ في السّماء المعنويّ ويُنير أولئك المُظلِمين بوسخ الرّوح الحزينة. إنّه يصبّ بلسم الرّاحة على جراح القلب الّذي في حداد.

الدَّواء الشَّائع

الصَّلاة هي غوث حياتنا: التَّحدُّث إلى الله، نسيان الأمور الدّنيويّة، والصُّعود إلى السَّماء. إنّها الدَّواء الشَّائع للأهواء، الدَّواء القادر على حمايتنا منها. إنّها تعطي الحياة، وهي ضمان للصِّحَّة وبرعم يحمل الأمل. الصَّلاة سلاحٌ عظيم، وأمانٌ غامر، وكنزٌ كبير، وميناءٌ ضخم، وملاذٌ آمِن.

تدريب جيِّد

الصَّبر فضيلة عند الرُّوح السَّخيّة والكريمة. إنّه مؤسَّس على محبّة أخيك. إنّه الشَّهامة، وارتفاع الذِّهن وهو صديق الوَداعة. الصَّبر هو شهادة على روح مدرّبة تدريبًا جيّدًا وتعبّر عن نفسه بالتّعاطف، والأعمال الإنسانيّة والتَّواضع والعدل.

الرُّحماء

الرُّحماء دائمًا يتعاملون حتّى مع سوء سلوك الغير بالصّبر والوداعة وإظهار التَّفهُّم تجاه نواقص الآخَرين وأخطائهم. إنّهم يرحّبون بالجميع، ويتحدّثون بلطف، يتصالحون مع الّذين يؤذونهم ويغفرون للخطأة أعمالهم برحمة.

الطَّريق الخطأ

إذا كنت شمّاتًا فأنت تسعَد لرؤية النّاس الآخرين يعانون. أولئك الّذين يفعلون ذلك يسعَدون لرؤية عدوّهم يموت، وينسون أنّ الموت سوف يأتي إلينا جميعًا. إنّهم خبثاء، متجهّمون، ونظرتهم ماكرة. شفاههم ضيِّقة وفمهم مليء بالمرارة. إنّهم يزدادون سعادة من المعارك أكثر منه من السّلام. طريقتهم في الحياة مشوّهة وهم في الطّريق الخطأ.

مضيفو الخيرات

الصَدَقة هي فِعلٌ حسنُ النَّيَّة. أنّها صوتٌ داخليّ يأتي من قلبٍ نقيّ يحبّ جارَه. في الجوهر، من الحقّ أن نعطي ما نحن مدينون به لمن هم في الحاجة. لأنّ الأغنياء بما حصّلوا من الله هم، في نفس الوقت، مضيفو الخيرات الّتي أُعطيت إليهم بوفرة ومدبّروها.

الاعتراف

الاعتراف هو الكشف الطَّوعيّ والصّادق عن الخطايا الّتي ارتُكِبَتْ – مِنْ دون خجل أو تردُّد، ولكن مع لوم الذّات والنَّدم– أمام مَن عيّنته الكنيسة ليغفر الخطايا. لكي يكون الاعتراف حقيقيًّا وفعّالًا، يجب أن يكون طوعيًّا وصادقًا، لأنّ الاعتراف المتسرِّع والمرائيّ لا معنى له، لأنّه ليس إملاءً حقيقيًّا من القلب، ولا هو تعبيرًا عن النَّدم أو مظهرًا من مظاهر الرَّغبة بالشِّفاء. لا بدّ للاعتراف أن يتمّ من دون خجلٍ ولا تردُّدٍ، بل بشجاعةٍ وإدانة للذّات، لأنّ الشَّجاعة هي تعبير عن رفضنا للخطيئة، بينما العار يدلّ على غياب الشَّجاعة.

أنقر هنا لتحميل الملفّ