Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 18 أيلول 2022

العدد 38

الأحد بعد عيد رفع الصَّليب

اللّحن 5- الإيوثينا 3

كلمة الرّاعي

هل نخجل بالرَّبّ؟! ...

”مَنْ يَستحي بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق

الخاطئ يستحي به ابنُ البشر متى أتى في مجد

أبيه مع الملائكة القدِّيسين“ (مر 8: 38)

الإيمان ليس مغامرة نحو المجهول بل هو مسيرة يقينيّة النّتائج ومؤكَّدة. من يعيش إيمانيًّا يسلك في ”الطّريق“ الَّذي كشفه الله في ابنه والَّذي هو هو (أي الابن) يسوع المسيح. الإيمان، تاليًا، هو عَيْش يسوع المسيح أي أن يصير هو حياتنا. كيف نتمِّم هذا الأمر؟ يجيبنا الرَّسول بولس: ”مع المسيح صُلبتُ فأحيا لا أنا بل المسيحُ يحيا فيَّ“ (غل 2: 20)، أيّ أنِّي عندما آمنت بيسوع قبلت أن أُصلَبَ معه أي أن أَصلُبَ إنساني العتيق الَّذي هو من هذا العالم وأُميته مخلِيًا ذاتي من روحه لكي اقتني روح يسوع فيصير هو حيٌّ فيّ ولست أنا، فيما بعد، أحيا من العالم ومن إنسان الخطيئة والجسد بل من يسوع نفسه.

الخجل أو الحَياء بإزاء الإعلان عن إيماني بيسوع مصدره الخوف على صورتي أمام الآخَرين الَّذين أنا أعطيهم بهذا الموقف الجبان سطوة وسلطة عليَّ تتحكَّم بمواقفي الَّتي تصير، بالضَّرورة، خاضعة لمشيئة غيري وليس لحُرِّيّتي، مع أنّي بحرّيّتي اخترت أن أكون تابعًا للآخَر الَّذي أعطيته بإرادتي سلطة ليتحكَّم بحرّيّة ضميري وتاليًا بإنسانيّتي...

*          *          *

من يخجل بالمسيح أمام الآخَرين لعدم معرفته أو بسببٍ من جهله يجلب على نفسه دينونتَين: الأولى، بسبب عدم إيمانه بحقّ الكلمة والكلمة الحقّ أي هو غير واثق أنّ الله حقّ والمسيح هو الحقّ لذا يخجل به ويخاف من الشَّهادة له؛ والثَّانية، لأنّه جاهل أي هو غير جِدِّيٍّ في علاقته مع الله وإيمانه والسَّبب أنّه، في الحقيقة غير مؤمن بوجود الله، وهذا ما عبّر عنه كاتب المزامير حين قال: ”قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: ’لَيْسَ إِلهٌ.‛ فَسَدُوا وَرَجِسُوا بِأَفْعَالِهِمْ. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا“ (مز 14: 1 و53: 1). نتيجة عدم الإيمان فساد الحياة والسّلوك في الرّجاسة والنّجاسة والدّنس... والابتعاد عن كلّ أمر صالح لأنّ بغية النّفس هي إشباع الأهواء وليس القداسة...

العالم يشدّنا إلى أسفل، إلى شهوات النَّفس والجسد الّتي تُشبٍع روح الزِّنى فينا، وروح الزِّنى لا تَشبَع، كما أنّها لا تتعلَّق بملَذَّات البَدَن وحسب بل هي في جوهرها سلوك عَكْسيّ في طلب الحاجة الجوهريّة لدى الإنسان إلى الحبّ الإلهيّ. عوض أن يطلب الإنسان الله الخالق لكي يُشبع كيانه وترتوي روحه يطلب أوثانًا يعبدها ويخلقها في ذاته ليملأ حياته منها حين يريد أن يُشبع حاجته إلى الحبّ والمجد والسّلام والفرح والرّاحة... الزِّنى هو ترك الله وعبادة الإنسان لشهواته وأهوائه...

*          *          *

أيُّها الأحبّاء، في هذا العالم لا بدّ لي كمؤمن من اتّخاذ موقف جذريّ من حياتي وغايتها وطريقها، إذ بناءً على هذا الخيار أقف بإزاء ما يواجهني من تحدّيات انطلاقًا من إيماني. ليس العلم مقياس المعرفة الرّوحيّة، بالعكس قد يصير العلم سببًا للانحراف حين يُعمِلُ الإنسان عقله ويستعمله ليسود على الإيمان بالمنطق، في حين أنّ الإيمان يتخطّى المنطق والعقل وإلّا لما كان إيمانًا.كذلك، ينحو الكثيرين إلى إسقاط مفاهيم العالم على الإيمان عوض أن ينظروا بعين الإيمان إلى ما في العالم من فكر وتعليم ليطهّروه بالكلمة الإلهيّة، وشرط هذا الأمر أن يحيا الإنسان في روح الله وليس أن يحيا روح العالم فيه.

كلّ شيء في الحياة يوجد منه ما هو حقيقيّ وحقّانيّ وما هو مزيّف وباطل. لأنّه ليس أمام الإنسان سوى طريقين لا ثالث لهما: ” الْحَيَاةَ وَالْخَيْرَ، وَالْمَوْتَ وَالشَّرَّ“. من يختار الحقّ يختار الحياة الأبديّة وخيرات الدّهر الآتي، ومن يختار الباطل يختار الموت الأبديّ والعذابات الَّتي لا نهاية لها.

*          *          *

يا بنيّ، لا تخجل بربِّكَ ولا تستحي بكلامه، لأنّ كلامه حياة فيّاضة وهو حصنك وحياتك. لا تخف من المستكبر والمتعجرف، لماله أو سلطته أو علمه أو جماله ...، لأنّ الكبرياء جهل لا يُسبَرُ غوره وعاقبته ألمُ ندامةٍ في يأسٍ أبديّ. إشهد بالحقّ وجاهر به. قلْ الكلمة الَّتي من ربِّك والَّتي تعلّمتها من الكنيسة وآبائها، كلمة الإنجيل والوَحي الكتابيّ وشهادة الشّهداء. لا تساوم في ما لله لئلّا تخسر نفسك إلى الأبد. كُنْ شجاعًا في مواقفك لأنَّ ”كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ“ (عب 4: 12).

أنت لا تقدر أن تقول عن الحقّ باطلًا ولا عن الباطل حقًّا، ”أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ؟ لاَ تَضِلُّوا: لاَ زُنَاةٌ وَلاَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلاَ فَاسِقُونَ وَلاَ مَأْبُونُونَ وَلاَ مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، وَلاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ وَلاَ شَتَّامُونَ وَلاَ خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ“ (1 كورنثوس 6: 9—10).

ومن له أذنان للسَّمع فليسمع...

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة(باللَّحن الخامس)

لِنُسَبِّحْ نحنُ المُؤمنينَ ونسجُدْ للكلمة. المُساوي للآبِ والرُّوحِ في الأزَليّةِ وعدمِ الابتداء. المَوْلودِ مَنَ العذراء لِخلاصِنا. لأنّه سُرَّ أن يَعلُوَ بالجَسَدِ على الصَّليب. ويحتمِلَ المَوْت. ويُنهِضَ المَوْتى بقيامتِهِ المَجيدة.

طروباريّة رفع الصّليب (باللَّحن الأوّل)

خلِّصْ يا ربُّ شعبَكَ وبارِكْ ميراثَك، وامنَحْ عبيدَكَ المؤمنينَ الغلبَةَ على الشِّرِّير، واحفَظْ بقوَّةٍ صليبِكَ جميعَ المختصِّينَ بك.

قنداق رفع الصَّليب (باللَّحن الرَّابع)

يا من ارتفعتَ على الصَّليبِ مُختارًا أيُّها المسيحُ الإله، امنح رأفتكَ لِشَعبكَ الجديدِ المُسَمَّى بك، وفَرِّحْ بقوّتك عبيدَكَ المؤمنين، مانِحًا إيّاهُمُ الغلبةَ على مُحاربيهم. ولتكن لهم معونتُكَ سِلاحًا للسَّلام وظفَرًا غيرَ مقهور.

الرّسالة (غلا 2: 16-20)

ما أعظم أعمالكَ يا ربُّ! كلَّها بحكمةٍ صنَعتَ

باركي يا نفَسي الرَّبّ

يا إخوة، إذ نعلم أنَّ الإنسانَ لا يُبرَّرُ بأعمالِ النَّاموس بل إنَّما بالإيمان بيسوعَ المسيح، آمَنَّا نحن أيضًا بيسوعَ لكي نُبَّررَ بالإيمان بالمسيح لا بأعمال النَّاموس، إذ لا يُبرَّرُ بأعمال النَّاموس أحدٌ من ذوي الجسد. فإنّ كنّا ونحن طالبون التَّبريرَ بالمسيح وُجدِنا نحنُ أيضًا خطأة، أفيَكونُ المسيح إذًا خادِمًا للخطيئة؟ حاشا. فإنّي إنْ عدتُ أبني ما قد هدمتُ أجعلُ نفسي متعدِّيًا، لأنّي بالنَّاموس مُتُّ للنَّاموس لكي أحيا لله. مع المسيح صُلبتُ فأحيا لا أنا بل المسيحُ يحيا فيَّ. وما لي من الحياة في الجسد أنا أحياه في إيمان إبن الله الَّذي أحبَّني وبذل نفسه عنّي.

الإنجيل(مر 8: 34-38، 9: 1)

قال الرَّبُّ: من أراد أن يتبعَني فليكفُرْ بنفسِه ويحمِلْ صليبَهُ ويتبَعْني. لأنَّ من أراد أن يخلِّصَ نفسه يُهلكها، ومن أهْلَكَ نفسه من أجلي من أجل الإنجيل يخلِّصها. فإنّه ماذا ينتفع الإنسانُ لو ربح العالم كلَّهُ وخسِرَ نفسه، أم ماذا يعطي الإنسانُ فداءً عن نفسه؟ لأنّ مَنْ يَستحي بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطئ يستحي به ابنُ البشر متى أتى في مجد أبيه مع الملائكة القدِّيسين. وقال لهم: "الحقَّ أقول لكم، إنّ قوْمًا من القائمين ههنا لا يذوقون الموت حتّى يَرَوْا ملكوتَ الله قد أتى بقوَّة".

حول الإنجيل

الصَّليب خسارة أم ربح؟

من أولى شروط اِتّباع الإنسان ليسوع هي "أن يُنكر ذاته". نكران الذَّات يعني أن يُهمل الإنسان متطلّباته المَشروعة والمحقّة، أن يُميت رغبة الأنا عنده تجاه حياته الفيزيولوجيّة وتجاه كلّ مظاهرها، أن لا ينتمي إلى ذاته، أن ينكر أمانه الشَّخصيّ الَّذي ينشده، غريزيًّا، كلُّ إنسان في حياته. كلّ ذلك بهدف اِتّباع يسوع على طريق الصَّليب والآلام. كلّ هذه المُستلزمات تفقد قيمتها إنْ لم تَقُد إلى صليب المسيح وآلامه. الأفعال الثّلاثة: يُنكِر، يَحْمِل، يَتْبَع، هي متلازمة وتفسّر بعضها بعضًا، تعطي هذا التَّخلّي معناه وفاعليّته الخلاصيَّين. إن كان الصَّليب الَّذي تنبّأ عنه يسوع قبل كلامه هذا ( الآية 31 ) هو نصيبه فسيكون هو أيضًا نصيب كلّ من قرّر اِتّباعه. المؤمن يشابه ربّه المتجسّد في حياته ومماته. هذا خيار حرّ، "مَنْ أراد"، يلتزمه المؤمن ويتحمّل مسؤوليّته وتبعاته بوعيٍ كاملٍ فلا يتأفّف ولا يتراجع ولا يشكّ.

هذه الأقوال وما يتبعها تفترض في ذهنِ قائلها ومدوّنها اضطهادًا للكنيسة حاضرًا ومستقبلًا وتُنَبِّه إلى خطر تراجع كثيرين أمام آلامٍ وموتٍ قد يطالانهم نتيجة خيارهم الصَّليبيّ فيتنكّرون لخيارهم ليصونوا حياتهم. قول الرَّبّ : "لأنّ من أراد أن يخلّص نفسه يخسرها ومن أراد أن يخسر نفسه من أجلي ومن أجل البشارة يخلّصها"، لا يُفهم إلَّا على ضوء الثَّبات في وجه الاضطهادات وفي مواجهة الآلام والموت في سبيل بشارة الخلاص الَّتي أطلقها يسوع والَّتي قادته إلى الصَّليب.

لكلمة "نَفْس" معنى كتابيّ أي الحياة في مجملها وليس معنى فلسفيّ يخصّ المكوّن اللَّاماديّ للإنسان مقابل مكوّناته الماديّة الأخرى. فكلمة "نَفْس" استُخدِمت حسب المعنى الأوّل في مجمل العهد الجديد. تشكّل صيانة الحياة الفيزيولوجيّة عند الإنسان همًّا منطقيًّا مبرَّرًا في هذه الحياة الدُّنيا. لكنّ المستغرب، بحسب منطق هذا العالم، أن تكسب حياتك الحقيقيّة عبر خسارتك لحياتك البيولوجيّة الآيلة للفساد، عبر الصَّليب والآلام. كلّ هذا "من أجلي ومن أجل البشارة". كلّ تضحية بحياتنا البيولوجيّة دون هذا الهدف هي انتحار وعبث. كلّ موتٍ وتخلٍّ اختياريَّين لا ينطلقان من حبٍّ تجاه الرَّبّ وطاعةٍ له ولبشارته، لن يكونا موتَ صليب يقود إلى القيامة والخلاص.

في رؤيته المسبقة للاضطهاد الَّذي ستعاني منه الكنيسة، يُنذر الرَّبّ، بقساوة، من ينكره أو يخجل به "في هذا الجيل الفاسق الخاطئ" بأنّه سيخجل به في يوم الدَّينونة الأخير. هنا يُنعت هذا الجيل "بالفاسق الخاطئ" على مثال أنبياء العهد القديم (هوشع- أشعياء- حزقيال) الَّذين نعتوا أجيالهم بالزُّناة والفاسقين لأنّهم حطّموا رباط اقترانهم بالإله الحقيقيّ عندما خالفوا وصاياه وفضّلوا أمان ملوك الأرض وآلهتها على أمان الله وخلاصه. هذا هو المعنى الأعمق للفسق والزِّنى في الكتاب المقدّس، أمّا الفِسق الجسديّ فليس إلَّا وجهًا من وجوهه.

هذا الكلام الَّذي تفوّه به يسوع موجّه إلى كلّ من أراد أن يتبع المسيح في كلّ الأزمنة وإلى الأبد. لأنّ الضِّيق والاضطهاد حاضِران دومًا حضور الشَّيطان وأزلامه في هذا العالم ويتلوّنان بألوان عديدة والَّذين يتراجعون عن وفائهم للمسيح في أزمنة الضِّيق، ونحن في أقساها اليوم دون شك، يتلوّنون هم أيضًا بألوان عديدة ويتعلّلون بعلل الخطايا ويخونون محبّة يسوع لهم ليكسبوا أمان هذا العالم وراحته ورفاهه مقابل خسارتهم خلاص نفوسهم.

الحسد

يعتقد كثرة من النّاس أنّ الحسد يجلب الضَّرَر على المَحسود، وأنّ من تعرَّض "لصَيْبَةِ العين"، يتأذّى من قوى شرّيرة غير مرئيّة تعمل لإرضاء الحاسد ولتحقيق مقاصده، لذلك نسب ضعفاء الإيمان قدرات مخيفة "للعين الحاسدة" وتأثيرات تُدِبُّ الذُّعر في نفس الإنسان. نحن على ثقة أنّ مَن التزم إيمانه وعاش حياة الصَّلاة والقُربى من الله، يُشْمَل بعناية الرَّبّ ولا يتغلّب عليه الشَّرّ، وملاكه الحارس يَقيه من تَجَنّي الشَّيطان وشروره. لا أساس للاعتقاد أنَّ الحسد يُحَرِّك أرواح الشَّرّ لإيقاع الأذى بالنّاس، بل على العكس، إنّ الحاسد يقع أسيرًا للشَّرّ ويصير هو نفسه أداة لتحقيق مآرب الشَّيطان، فالخطر الحقيقيّ يكمن، في ما يُقدم الحاسد على اقترافه بالفعل بحقّ المحسود. تتعدّد مظاهر الشَّرّ الّذي ينويه، قد يسعى لتشويه سمعة المَحسود والافتراء عليه ظلمًا، ووضع العقبات في طريقه ونصب الفخاخ المؤذية والمُضِرَّة، وقد يقوده جموحه إلى استخدام العنف والتَّعَدِّي الجسديّ عليه. إذا الضَّرَر الحقيقيّ ينتج من فعلٍ حقيقيّ مادّي يقوم به الحاسد وليس من مجَرَّد نيّة أو رغبة تقوم قوى الشَّرّ غير المنظورة بتحقيقها. لذلك ينبغي على الإنسان أن يتحلّى بالوَعِي ويعتمد الحذر حِيالَ مَن يضمُرون تجاهه الحسد.

يشكّل الحسد آفّة جسيمة وعقبة ضخمة في مسيرة الإنسان الرُّوحيّة. هو، بشهادة الرَّسول بولس، من خِصال عديمي الإيمان "المملوئين من كلِّ إثمٍ وزنى وشَرّ وطمع وخبث مشحونين حسدًا وقتلًا وخصامًا ومَكرًا وسوءًا" (رو 1: 29)، ويعكس ملامح النّاس الجسدانيّين السّالكين بخلاف الرُّوح القدس، "لأنّكم بعد جسديّون، فإنّه إذ فيكم حسدٌ وخصامٌ وانشقاق ألستم جسديّين وتسلكون بحسب البشر؟" (1كو 3:3). تذكّروا السَّبب الّذي دفع رؤساء الكهنة لاعتقال يسوع وتسليمه، وكيف حاول بيلاطس أن يُطلقه "لأنّه عرف أنّ رؤساء الكهنة كانوا قد أسلموه حسدًا" (مر 15: 10 ومت 27:18).

الحسد يؤذي صاحبه وينخر عظامه، "حياة الجسد هدوء القلب ونخر العظام الحسد" (أم 14: 30). رادعه مخافة الرّبّ، "لا يحسدنّ قلبك الخاطئين بل كُن في مخافة الرَّبّ اليوم كلّه" (أم 23: 17) ودواؤه هو المحبّة "لأنّ المحبّة تتأنّى وترفُق، المحبّة لا تحسد... ولا تقبّح ولا تطلب ما لنفسها..." (1كو 13: 4-5).

خلاصة القَوْل، إنْ سَلَكْنا بِخَوْفِ الرَّبّ وبذلنا أنفسنا بمحبّةٍ صادقةٍ نكونُ، من الخارج، بِمَأمَنٍ مِنَ العَيْن الحاسِدَة، وبأعماقِ نفوسِنا أنقياءَ من الحسد.

أنقر هنا لتحميل الملفّ