Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد ١٧ كانون الأوّل ۲٠١٧

العدد ٣٦

أحد الأجداد

اللّحن ٣- الإيوثينا ٦

كلمة الرّاعي

زمن النّاموس وزمن النّعمة

”لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ حَصَلَا“ (يوحنّا ١: ١٧)

حَضَّرَ الله البشرية بالنّاموس لزمن النّعمة، لأنّ الناموس، كما يقول الرسول بولس، كان ”مُؤَدِّبنَا إِلَى الْمَسِيحِ، لِكَيْ نَتَبَرَّرَ بِالإِيمَانِ“ (غلاطية ٣: ٢٤).

هدفتْ الشريعة إلى تعليم الإنسان التّمييز بين الأنانية والمحبّة ونبذ الحقد والانتقام، وكانت تدفعه إلى الاعتراف بالآخَر والسّعي للوحدة معه بواسطة الوصية: ”لاَ تَنْتَقِمْ وَلاَ تَحْقِدْ عَلَى أَبْنَاءِ شَعْبِكَ، بَلْ تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. أَنَا الرَّبُّ“ (لاويين ١٩: ١٨). كان لا بدَّ أن يتعلّم الإنسان المحبّة، أوَّلًا، انطلاقًا من محبّة القريب بالجسد والقبيلة والشّعب. فمن لا يحبّ الَّذين له وهو منهم كيف له أن يحبّ من ليسوا معه ومنه؟! لكنّ الوصيّة الإلهيّة الّتي في الشّريعة بعد التوصية بالقريب توصي بالغريب: ”كَالْوَطَنِيِّ مِنْكُمْ يَكُونُ لَكُمُ الْغَرِيبُ النَّازِلُ عِنْدَكُمْ، وَتُحِبُّهُ كَنَفْسِكَ، لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ غُرَبَاءَ فِي أَرْضِ مِصْرَ. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ“ (لاويين ١٩: ٣٤).

*           *           *

صحيح أنّ الشريعة شدَّدت على عدم مخالطة الأمم، لكن الهدف كان عدم الانجرار وراء عبادات غريبة وعبادة الأوثان، لكنّها في نفس الوقت لم تميِّز في قيمة الإنسان لأنّ الإنسان واحد ”آدم“ ومنه قد أتى الكلّ، ولذلك فالشعوب جميعها مرتبطة بهذا لواحد آدم الأوّل. والرّبّ يريد، أيضًا، أنّ الأمم تخلص وتعرفه وتعبده: ”وَيَكُونُ مِنْ هِلاَل إِلَى هِلاَل وَمِنْ سَبْتٍ إِلَى سَبْتٍ، أَنَّ كُلَّ ذِي جَسَدٍ يَأْتِي لِيَسْجُدَ أَمَامِي، قَالَ الرَّبُّ“ (إشعياء ٦٦: ٢٣). اليهود عاندوا ورفضوا المسيح، بمعظمهم، لذلك قال لهم الرّسول بولس: ”فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَكُمْ أَنَّ خَلاَصَ اللهِ قَدْ أُرْسِلَ إِلَى الأُمَمِ، وَهُمْ سَيَسْمَعُونَ“ (أعمال ٢٨: ٢٨).

*           *           *

المسيحيّون، بعامّة، يريدون أن يعيشوا بدون ناموس في تعاطيهم هذا الوجود وفي علاقاتهم مع بعضهم البعض أي بدون قيود في حياتهم، هذا يسمّونه ”حرّيّة“، ولكنهم يتمسكون بمظاهر الناموس في تعاطيهم مع الله بمعنى أنّهم يريدون أن تكون علاقتهم بالله مبنيّة شكلًا على الشّـريعة دون أن يكونوا مضطرين لتنفيذ فرائضها. يريدون أن يعيشوا بحرية وهم يكبِّلون أنفسهم بأفكار خاطئة حول الله وعلاقته بهم وعلاقتهم به، يعيشون وكأنّ المسيح لم يأتِ وكأنّ النّاموس لم يُبطَل. فـ ”إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا ... لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِالنَّامُوسِ بِرٌّ، فَالْمَسِيحُ إِذًا مَاتَ بِلاَ سَبَبٍ!“ (غلاطية ٢: ١٦ و ٢١).

*           *           *

يرتقي الإنسان في علاقته مع الله كلّما أطاع للكلمة الإلهيّ وصار قلبه حيًّا بالروح القدس. طاعة الوصيّة الإلهيّة، بالتوبة، تخلق الإنسان جديدًا إذ يتغيّر قلبه بروح الله كما يقول النبي حزقيال بالوحي: ”وَأُعْطِيكُمْ قَلْبًا جَدِيدًا، وَأَجْعَلُ رُوحًا جَدِيدَةً فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِكُمْ وَأُعْطِيكُمْ قَلْبَ لَحْمٍ“ (حزقيال ٣٦: ٢٦). الإنسان الَّذي يحيا في المسيح، أي في الكنيسة، بروح الله هو الإنسان الَّذي يحيا بالنعمة لأنّ نعمة الله تكمِّلُ نقائصه وتجعله حرًّا،”وَحَيْثُ رُوحُ الرَّبِّ هُنَاكَ حُرِّيَّةٌ“(٣ كور ٣: ١٧).

المسيح تجسَّد وولد من العذراء لكي يتمِّم النّاموس في جسده وينقل كلّ ذي جسد به وفيه إلى زمن النعمة، حيث ”الله هو الكل في الكل“ (١ كور ١٥: ٢٨). كلّ الناموس وكلّ تدبير الله في العهد القديم كان من أجل أن يأتي المسيح وتعرف كلّ الشعوب خلاص الله: ”اَلشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا. الْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظِلاَلِ الْمَوْتِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ“.

اليوم قد اشرق علينا هذا النّور وعرفنا الله في ابنه بنعمة روحه القدّوس ثالوثًا واحدًا في الجوهر وغير منفصل. فلنتمسَّك بهذا الاعتراف ولنَعْبُرْ في علاقتنا بالله من الناموس إلى الحياة بنعمة ربنا يسوع المسيح ومحبّة الله الآب وشركة الروح القدس...

ومن له أذنان للسمع فليسمع.

+ أنطونيوس+

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (اللّحن الثّالث)

لِتفرحِ السّماويات. ولتَبتَهِجِ الأرضيّات. لأنَّ الربَّ صنعَ عِزاً بساعِدهِ. ووطِئَ الموتَ بالموت. وصارَ بِكرَ الأموات. وأنقذَنا من جَوفِ الجحيم. ومَنَحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.

طروباريّة الأجداد (اللّحن الثّاني)

لقد زكَّيتَ بالإيمان الآباءَ القدماءَ، وبهم سبقتَ فخطبتَ البيعةَ التي من الأمم. فلْيفتخِرِ القدّيسونَ بالمجد، لأنَّه مِن زَرْعهم أَينعَ ثمرٌ حَسِيبٌ، وهو التي وَلَدَتْكَ بغير زرعٍ. فبتوسُّلاتِهم أيها المسيحُ الإلهُ ارحمنا.

القنداق لتقدمة عيد الميلاد

اليومَ العذراء تأتي إلى المغارَة لِتَلِدَ الكِلِمَةَ الَّذي قَبْلَ الدُّهُور وِلَادَةً لا تُفَسَّر ولا يُنْطَقُ بِهَا. فافْرَحِي أيَّتُهَا المسكونَةُ إذا سَمِعْتِ، ومَجِّدِي مع الملائِكَةِ والرُّعَاةِ الَّذي سَيَظْهَرُ بمشيئَتِهِ طِفلًا جديدًا، وهو الإلهُ الَّذي قَبْلَ الدُّهُور.

الرّسالة (كولوسّي 3: 4-11)

ما أعظمَ أعمالَكَ يا ربُّ. كلَّها بحكمةٍ صنعت 

 باركي يا نفسِي الرَّبَّ

 يا إخوةُ، متى ظهَرَ المسيحُ الَّذي هوَ حياتُنَا فأنتُمُ أيضًا تَظْهَرُونَ حينئذٍ مَعَهُ في المجد. فأَمِيتُوا أعضاءَكُمُ الَّتي على الأرضِ: الزِّنَى والنَّجاسَةَ والهَوَى والشَّهْوَةَ الرَّدِيئَةَ والطَّمَعَ الَّذي هو عبادَةُ وَثَنٍ، لأنَّهُ لأَجْلِ هذه يأتي غَضَبُ اللهِ على أبناءِ العِصْيَانِ، وفي هذه أنتُمُ أيضًا سَلَكْتُمُ حينًا إذ كنتمُ عائشينَ فيها. أمَّا الآن فأنتم أيضًا اطْرَحُوا الكُلَّ: الغضبَ والسُّخْطَ والخُبْثَ والتَّجْدِيفَ والكلامَ القبيحَ من أفواهِكُم. ولا يَكْذِب بعضُكُم بعضًا، بل اخلَعُوا الإنسانَ العَتِيقَ معَ أعمالِهِ، والبَسُوا الإنسانَ الجديدَ الَّذي يتجدَّدُ للمعرفةِ على صورةِ خالقِهِ، حيثُ ليس يونانيٌّ ولا يهوديٌّ، لا خِتانٌ ولا قَلَفٌ، لا بَربريٌّ ولا اسكِيثِيٌّ، لا عبدٌ ولا حرٌّ، بلِ المسيحُ هو كلُّ شيءٍ وفي الجميع.

الإنجيل (لوقا 14: 16-24)

 قالَ الرَّبُّ هذا المَثَل: إنسانٌ صنعَ عشاءً عظيمًا ودَعَا كثيرين. فأرسَلَ عبدهُ في ساعةِ العشاءِ يقولُ للمَدعوّين: تَعَالَوا فإنَّ كلَّ شيءٍ قد أُعِدَّ. فطَفِقَ كُلُّهُم واحدٌ فواحدٌ يستَعْفُون. فقالَ لهُ الأوَّل: قد اشترَيْتُ حقلًا ولا بُدَّ لي أن أَخْرُجَ وأَنْظُرهُ، فأَسْأَلُكَ أن تُعْفِيَنِي. وقالَ الآخَرَ: قدِ اشتريتُ خمسةَ فدادينِ بقرٍ وأنا ماضٍ لأُجَرِّبَها، فأَسْأَلُكَ أن تُعْفِيَنِي. وقالَ الآخَرُ: قد تَزَوَّجْتُ امرأةً، فلذلك لا أستطيعُ أن أجيء. فأتَى العبدُ وأخبرَ سيِّدهُ بذلك، فحينئذٍ غضِبَ رَبُّ البيتِ وقالَ لعبده: اخْرُجْ سريعًا إلى شوارعِ المدينةِ وأَزِقَّتِها وأَدْخِلِ المساكينَ والجُدْعَ والعُمْيَانَ والعُرْجَ إلى هَهُنَا. فقالَ العبدُ: يا سيِّدُ، قد قُضِـيَ ما أَمَرْتَ بهِ ويبقى أيضًا مَحَلٌّ. فقالَ السّيّد للعبد: اخْرُجْ إلى الطُّرُقِ والأَسْيِجَةِ واضْطَرِرْهُم إلى الدًّخول حتَّى يمتَلِئَ بيتي. فإنّي أقولُ لكم إنَّه لا يَذُوقُ عشائي أَحَدٌ من أولئِكَ الرِّجالِ المَدْعُوِّين، لأنَّ المَدْعُوِّينَ كثيرونَ والمُخْتَارِينَ قليلُون.

حول الإنجيل

يسبق عيد الميلاد المجيد عادةً أحدَين، وهما أحد النّسبة الّذي يقع قبل عيد الميلاد مباشرةً، وأحد الأجداد الّذي يقع قبل أسبوعين. ونقيم في أحد الأجداد تذكار جميع الّذين كان لهم نصيبٌ بالاختيار الإلهيّ ليكونوا مع الله، بدءاً من آدم، مروراً بكلّ من اختارهم الله، من إبراهيم إلى سائر الأنبياء الّذين سبقوا الرّبّ يسوع المسيح. بالتّالي نحتفل في مثل هذا اليوم بأولئك المختارين.

أمّا الفصل الإنجيليّ من لوقا الّذي نقرأه في هذا العيد، فيتحدّث عن أولئك المختارين. إنّه يخبرنا عن إنسانٍ صنع عشاءً عظيماً، والعظمة في هذا الإطار لا ترتبط بالأكل والشّراب، فهما غير مهمّين عند الله. المأكل والمشرب هامّان فقط لتنمية الجسد، في حين أنّ حديث الله عن الرّوح والخلاص هو العظيم. فأيّ عشاءٍ هو المقصود هنا؟

إنّه العشاء الّذي أعده الرّبّ يسوع المسيح ليقدّم لنا طعاماً لأبديّة خلودنا معه، مقدّماً لنا جسده ودمه الإلهيّين. وأراد أن يعطي هذا العشاء قوّة خلاصٍ لكلّ من يلبّي دعوة النّداء. فكانت الدّعوة لكثيرٍ من المدعوّين، غير أنّهم بدأوا يستعفون لأسبابٍ وجيهةٍ، فهم معذورون لأنّ أعمالهم وحياتهم الخاصّة تستدعي هذا الغياب. ونحن في أحاديثنا دائماً نعتذر بالأسباب ذاتها حين نقصـّر في مجيئنا إلى الكنيسة، متعلّلين بأسبابٍ تتعلّق بأعمالنا وحياتنا الخاصّة. لكنّ يسوع يقول هنا بأنّ العذر غير مقبولٍ البتّة، فما من شيءٍ عند الله أهمّ من أن يكون الإنسان حاضراً معه.

إنّ الأسباب الّتي منعت هؤلاء المستعفين عن العشاء هي أعمال ذلك الزّمن الأساسيّة والضـّروريّة للحياة، والله ذاته هو شاء ودبّرها لحياتنا. فلماذا أثارت غضب السّيّد؟ الخطأ هنا أنّ هذه الأسباب الضّروريّة وُجِدت لنتجنّد بواسطتها وليس لنستعفي بواسطتها. إنّها ليست عللاً للأعذار وإنّما ظروفٌ لرسالة. العشاء هنا سيتمّ وسط الحقل وفي الطّريق بالتّجارة وفي البيت. ليس الله انشغالاً بين كلّ أشغالنا، بل غاية كلّ أعمالنا. والخطأ هنا أنّ المدعوّين حسبوه واحداً من بين اهتماماتهم، فلم يعتبروه أهمّ من الأساسيّات في الحياة وأنّه هو الّذي باركها.

المدعوّون ليكون الله غاية حياتهم كثيرون، لكنّ قلّةً تطلب الواحد الّذي الحاجة إليه. من هؤلاء الأجداد الّذين زرعوا وتاجروا وتزوّجوا وأنجبوا لكن من أجل المسيح. فقد مارس الأجداد كلّ شيءٍ كشـيءٍ من الرّسالة ليس كأمرٍ للاستعفاء منها، فهيّأوا بحياتهم وأعمالهم مجيء الرّبّ الأوّل. وهكذا ينبغي على المسيحيّ أن يحيا في أعماله، لكن ليهيّئ للمجيء الثّاني المجيد للرّبّ بعد حضوره الأوّل المتواضع.

ميلاد مجيد

يحكى أنّ صيّاداً يقال له متّى كان يقيم هو وزوجته وطفلتهما مريم في منزل بعيد وسط الصخور يحيون في دعة وقناعة وسلام.

 فشاع في القرية، ذات يوم، أنّ دبّاً يجول بين الضواحي، فلمّا انتهى الخبر إلى متّى حتّى عزم على صيد الدبّ. فتناول بندقيّته، وخفّ إلى تلك الناحية. فلم يصادفه. فجعل يترصّده مرّة بعد مرّة. ثمّ سلخ أيّاماً يترقّبه في طول النهار ومعظم الليل، فلم يقف منه على أثر. فهمّ بالرجوع، وقد وافت ليلة الميلاد، فإذا الوحش على خطوات منه. ولم يكن دبّاً، بل كان دبّة ومعها ولدها يقفز حولها ويلاعبها، وهو أكثر ما يبدو براءة وأماناً، وهي من الرقّة والحنوّ على أوفى ما تكون. فصوّب متّى البندقيّة نحو الدبّة، وأطلق النار، وصغيرها يواثبها ويلعب. فأخطأها وأصاب الولد، فأراده قتيلاً. فوجمت أمّه كأنّما أُصيبت في الصميم. ثمّ أكبّت على ولدها تلحس جرحه، وتنضح عليه ماء من ينبوع قريب. ثمّ انقلبت عنه، وعينها إليه، علّه ينهض فيتبعها. إلاّ أنّها اشتمّت ريح الموت، فانكفأت مثقلة الخطى، ولم تبرح موغلة حتّى حجبها الضباب.انقضت سنة لم تشاهَد فيها الدبّة هناك. فلمّا دنا الميلاد التالي لمحها بعض القرويّين تجتاز بالضواحي، في ناحية الينبوع. فحذّروا متّى منها. وألحّت عليه زوجته تناشده الكفّ عن الصيد، ولو إلى حين، خوف أن تكون الدبّة قد عادت لكي تثأر لولدها. ومتّى مع ذلك، يأبى إلاّ رصدها.

 ثمّ حلّت ليلة الميلاد. وكان كلّ بيت من بيوت القرية تُهيَّأ فيه شجرة العيد. وكانت التسابيح والأجراس ألحانها تترجّع ما بين الأودية والجبال. بل القرية بأسرها كانت تستعدّ للطفل الإله، ما عدا متّى. فإنّه قد شُغل عنه بالدبّة، وصمّم على قتلها. فانطلق لا ينثني ولا يتراجع. فخرجت ابنته في إثره، فمنعها، فامتثلت، على أن يأتيها بدبّ صغير هديّة للعيد. ثمّ غافلت مريم أمّها، وجرت صوب الينبوع. وكان متّى في غضون ذلك، يرصد الدبّة في مكمن بين صخرتين، فوق منحدر سحيق. فبادت بعد قليل، واتّجهت نحوه. فبينما هو يسدّد إليها السلاح ينتظر أن تقترب أكثر ليرميها، إذا أقبلت مريم من الجهة الأخرى، ترنّم وتلوّح للدبّة بشيء كان في يدها، ثمّ تدنو منها من دون خوف ولا ارتياب. فلبث متّى في مكمنه، وقد تحيّر ماذا يفعل؟ فإن هو نادى مريم فقد يثير الدبّة، فتكون إلى الطفلة أسبق منه. وإن أطلق عليها النار، فقد يصيب ابنته كما أصاب ولد الدبّة. وما هي دقائق حتّى صارت مريم بين يديّ الدبّة، وهذه منتصبة تلاعبها.

فركع متّى وأخذ يبتهل إلى الله، وقد أغمض عينيه كي لا يبصر ما توقّع من فجيعة. فلمّا فتحهما، بعد هنيهة، رأى أنّ الدبّة تحمل ابنته، فتسير بها غير بعيد، ثمّ تضعها على الطريق، برفق الأمّ وحنوّها، ومريم في غاية الثقة والأمان. ثمّ إنّ الدبّة سلكت عبر الصخور، ولم تبرح موغلة حتّى حجبها الضباب… عند ذلك برز الصيّاد، فهرع إلى ابنته، وضمّها إليه يبكي ويشكر. فأخبرته كيف لقيت الدبّة، فلاعبتها. وقالت لأبيها إنّ الدبّة لم يصحبها ولدها، وسألته عنه لعلّه يعرف أين يكون.

 كانت التسابيح والأجراس تتجاوب ألحانها في القرية، ساعة رجع متّى إلى بيته مطرقاً، ومريم على ذراعه، وفي نفسه غصّة وندامة، ومحبّة للخلق لم يشعر بها من قبل. أمّا البندقيّة فلم تكن معه، إذ تركها في ناحية الينبوع، حيث أريق على بياض الثلج دم بريء.

 وكانت القرية كلّها تمجّد الله في العلى وتنشد السلام على الأرض، في ما يتمنّى ههنا من أيّام السماء. ويومئذ وُلد يسوع في قلب متّى.

يا أيّها الإنسان، يا من خُلقت على صورة الله...

لا تدع الحيوان أن يكون أكثر رفقاً منك...

تعالَ وارمِ سلاح الحقد والكراهية والحسد عند مذود الطفل الإلهيّ...

عساه يحوّل قلبك اللحميّ إلى آخَر إلهيّ... قلب مملوء بالعطف والسلام والمحبّة... فتغمرك، عندئذ، الخيرات الزمنيّة والروحيّة (إعداد راهبات دير القديس يعقوب الفارسي المقطّع-دده).

أخبار

+ رسامة الشّماس سيرافيم (مخّول) كاهنًا لله العليّ في رعيّة القديس جاورجيوس- حوش الأمراء

بوضع يد صاحب السِّيادة راعي الأبرشيّة المتروبوليت أنطونيوس (الصّوري) الجزيل الاحترام، تتمّ رسامة الشمّاس سيرافيم (مخول) كاهنًا للرّبّ في رعيّة القديس جاورجيوس—حوش الأمراء، وذلك يوم السَّبت الواقع فيه ٢٣ كانون الأول ٢٠١٧ في كنيسة القديس جاورجيوس—حوش الأمراء. تبدأ السَّحريَّة عند السَّاعة الثامنة والنصف صباحًا، والقدَّاس الإلهي عند الساعة العاشرة. يلي القدّاس التهاني في قاعة الرعيّة ومن ثمّ مائدة محبّة للجميع.

الدّعوة عامّة

انقر هنا لتحميل الملف