Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 12 شباط 2023

العدد 7

أحد الابن الشّاطر

اللّحن 2- الإيوثينا 2

أعياد الأسبوع: *12: أحد الابن الشّاطر،  ملاطيوس أسقف أنطاكية *13: الرَّسولين برسكيلّا وأكيلا، البارّ مرتينيانوس *14: البارّ افكسنديوس، البارّ مارون النّاسك *15: القدّيس أونيسيموس أحد الرُّسُل السَّبْعين، البارّ إفسابيوس *16: الشَّهيد بمفيلس ورفقته *17: العظيم في الشُّهداء ثيوذورُس التّيروني *18: سبت الأموات، القدّيس لاون بابا رومية، القدّيس أغابيتوس السّينائيّ.

الكلمة الافتتاحيّة

بِناءُ النَفْس

حين يجتاحُنا الفراغ، نُحاول ملأه بشتّى الطُّرق، نلتَهي بوسائل ترفيه لنَنسى؛ ولكن لا شيء يُكمّل الإنسان سوى الله، إذ بدونه لسنا شيئًا. في جحيمنا هذا لا نيأس، فيه نبقى على الرَّجاء، واثقين بأنّ غَلَبة الصَّليب تستطيع في أيّة لحظةٍ أن تُشرِق فينا فجرَ القيامة، وتملأ فراغَنا بينابيعَ تتفَجَّر فينا حياةً، فنَعبُر من الفراغ إلى الحياة.

كيف نُعيد إصلاحَ بيت نفسنا الَّذي تَزَعزع بفِعل الخطيئة والبُعد عن الله؟ بناءُ النَّفْس أصعب بكثير من بناء نفوس الآخرين، ويجب أن يتمَّ قبل البدء بأيّ عملٍ بشاريّ أو تعليميّ، كي لا نكون "عُميانًا يقودون عُميانًا، ونَقَع كلّنا في الهُوَّة" (متى ١٥: ١٤).

العملُ على التَّطَهُّر من الأهواء الدّاخليّة كالكبرياء والأنانيّة والغضب والكسل والمجد الباطل أو حبّ الظُّهور، ليس بالأمر السَّهل، بخاصّة إذا ما كانت شَهوة العالم ومُغرياته مُتَجذّرة فينا. فالبناء يتطلّب تواضعًا لنقبل استشارة مُتعهّدٍ خبير، وهنا أهمّية دور الأب الرُّوحيّ ومرافقته لنا في كافَّة المراحل. نبدأ بوضع أساسٍ روحيٍّ صَلب، مُوجِع في بعض الأحيان إذ يَستوجِب كَشفَ أعماقِنا، وتجاوبًا مع المطلوب بفعل الطَّاعة، الَّتي لا نَفهَم سببَها مَرّاتٍ كثيرة، ولكن نَتَلمّس فائدتَها تدريجيًّا.

حين نُحدّد أولويّاتنا ونُعيد ترتيبَها، تَرتفِع أعمِدةُ البناء، وتَتبَلوَر صورةُ حياتنا وهدفها، ولا نَنسَيَنَّ المسيح، "حجر الزَّاوية" الَّذي يَجِب ألَّا نَرذُل، بل نَبني عليه كلَّ مشروعنا. هو يريدنا معه، فهل نَعتبر ذواتَنا خروفًا ضالًّا يَبحث عن الرَّاعي الصَّالح؟ هل نُريده أن يجِدَنا ويُعيدَنا إلى الحَظيرة أي الجماعة؟ ألسنا نُفَضِّلُ وَهْمَ الحريّة على صَليبِ طاعةِ مشيئَتِه؟ هل نُريد فعلًا أن نموتَ عن ذواتِنا لنَحيا مع الآخر، ونَرِث الحياة الأبديّة؟

إذا جاوبنا إيجابًا نكون قد رسمنا خريطةَ بنائنا الرّوحيّ، بيت نفسنا الَّتي "تطلب الرَّبَّ وتُحبُّه من كلّ قلبها"، فمَعَهُ كلُّ شيءٍ جديد، من جديد! خلقٌ مُستمرّ، وتجدّدٌ دائم "حتّى نصِلَ إلى إنسانٍ كاملٍ على مِلءِ قامةِ المسيح" (أفسس ٤: ١٣)؛ هو مرآتُنا ومُخطَّطُنا التَّوجيهيّ الَّذي نتعلّم مِنهُ كما أَوصانا: هو "الوديع والمتواضع القلب" (متى ١١: ٢٩).

هكذا نَجِدُ الرّاحةَ الحقيقيّة، والفرحَ الكامل الَّذي لا يُنتزع مِنّا مهما صَعُبَت ظروفُنا وكثُرَت مشاكلُنا. حينها نفهم أنَّنا نَتَقدّم نحوهُ بثباتٍ، حينها نرى أنّنا لا نَضطَرِبُ حين نَخسَر ما ظَنَنّا يومًا أنّه لنا، ولا نيأسُ عند فراقنا شخصًا عزيزًا؛ حينها نَغفِرُ بصدقٍ، وبدونِ ضَغينَةٍ، لمن أخطأ إلينا، ونصيرُ أبناءً للعَلِيّ، مولودينَ من فَوق، مَغروسينَ في بيتِ الله، ويصيرُ بناءُ نفسنا مَنزلًا من منازل الله الكثيرة (يوحنا ١٤: ٢)

طروباريّة القيامة (باللَّحن الثّاني)

عندما انحدرتَ إلى المَوْت. أَيُّها الحياةُ الَّذي لا يَموت. حينئذٍ أَمَتَّ الجحيمَ بِبَرْقِ لاهوتِك. وعندما أقمتَ الأمواتَ من تحتِ الثَّرى. صرخَ نحوكَ جميعُ القُوّاتِ السّماويّين. أَيُّها المسيحُ الإله. مُعطي الحياةِ المَجدُ لك.

قنداق الابن الشّاطر (باللَّحن الثّالث)

لمّا هَجَرْتُ مجدَكَ الأَبَوِيَّ عن جَهْلٍ وغَباوَة، بَدَّدْتُ في الشُّرورِ الغِنَى الَّذي أعطيتَنِي أيُّها الأَبُ الرَّؤوف. لذلكَ أَصرُخُ إِليكَ بصوتِ الابنِ الشَّاطِرِ هاتِفًا: خَطِئْتُ أمامَكَ، فاقَبلنِي تائِبًا، واجعلْنِي كأَحَدِ أُجَرائِكَ.

الرّسالة (1 كو 6: 12-20)

لتكُن يا ربُّ رَحْمتكَ علينا

ابتهجوا أيُّها الصِّدّيقون بالرَّبّ

يا إخوة، كلُّ شيءٍ مُباحٌ لي ولكن ليس كلُّ شيءٍ يوافق. كلُّ شيءٍ مُباحٌ لي ولكن لا يتسلَّطُ عليُّ شيءٌ. إنَّ الأطعمة للجَوْفِ والجَوْفَ للأطعمة، وسيُبيدُ الله هذه وتلك. أمَّا الجسدُ فليسَ للزِّنى بل للرَّبِّ والرَّبُّ للجسد. واللهُ قد أقام الرَّبَّ وسيُقيمنا نحن أيضًا بقوَّته. أما تعلمون أنَّ أجسادَكم هي أعضاءُ المسيح؟ أفآخُذُ أعضاءَ المسيح وأجعلُها أعضاءَ زانيةٍ؟ حاشا. أما تعلمون أنَّ من اقترنَ بزانيةٍ يصيرُ معها جسدًا واحدًا، لأنَّه قد قيلَ يصيران كلاهما جسدًا واحدًا. أمَّا الَّذي يقترنُ بالرَّبِّ فيكون معه روحًا واحدًا. اُهربوا من الزَّنى. فإنَّ كلَّ خطيئةٍ يفعلها الإنسانُ هي في خارج الجسد. أمَّا الزَّاني فإنَّه يخطئ إلى جسدِه. ألستم تعلمون أنَّ أجسادَكم هي هيكلُ الرُّوح القدس الَّذي فيكم، الَّذي نلتموه من الله، وأنَّكم لستم لأنفسكم لأنَّكم قد اشتُريتم بثمن؟ فمجِّدوا الله في أجسادِكم وفي أرواحكم الَّتي هي لِلَّه.

الإنجيل (لو 15: 11– 32)

قالَ الرَّبُّ هذا المثَل: إِنسانٌ كان له ابنان. فقالَ أصغرُهُما لأبيه: يا أبتِ، أَعطِني النَّصيبَ الَّذي يَخُصُّني من المال. فَقَسَمَ بينهما معيشَتَه. وبعدَ أيَّامٍ غيرِ كثيرةٍ جَمَعَ الابنُ الأصغَرُ كلَّ شيءٍ لهُ وسافَرَ إلى بلدٍ بعيدٍ وبذَّر مالَه هناك عائِشًا في الخَلاعَة. فلمَّا أَنفقَ كلَّ شيءٍ، حَدَثَتْ في ذلك البلدِ مجاعَةٌ شديدة، فأَخَذَ في العَوَز. فذهبَ وانضوَى إلى واحدٍ من أهلِ ذلكَ البلدِ فأرسَلَه إلى حقولِه يرعى خنازير. وكان يشتهي أن يملأ بطنَه من الخُرْنُوب الَّذي كانت الخنازيرُ تأكلُهُ فلم يُعْطِهِ أحد. فرجع إلى نفسِه وقال: كم لأبي من أُجَرَاءَ يَفْضُلُ عنهم الخبزُ وأنا أهلِكُ جوعًا. أقومُ وأمضي إلى أبي وأقولُ له: يا أبتِ، قد أخطأْتُ إلى السَّماء وإليك، ولستُ مُستحقًّا بعدُ أن أُدْعَى لك ابنًا، فاجعلني كأحَدِ أُجرائِك. فقامَ وجاءَ إلى أبيه. وفيما هو بعدُ غيرَ بعيدٍ، رآه أبوه فَتَحَنَّنَ عليه وأسرعَ وأَلْقَى بنفسِهِ على عُنُقِهِ وقَبَّلَه. فقالَ له الابنُ: يا أَبَتِ قد أخطأتُ إلى السَّماء وأمامَك ولستُ مُستَحِقًّا بعدُ أن أُدعى لك ابنًا. فقالَ الأبُ لعبيده: هاتُوا الحُلَّةَ الأولى وأَلْبِسُوه، واجْعَلُوا خاتَمًا في يدِهِ وحِذَاءً في رجلَيْه، وأْتُوا بالعِجل المُسَمَّن واذْبَحُوهُ فنأكلَ ونفرحَ، لأنَّ ابني هذا، كان مَيِّتًا فعاش، وكان ضالًّا فوُجِد. فطَفِقُوا يَفرحُون. وكان ابنهُ الأكبرُ في الحقل. فلمَّا أَتَى وقَرُبَ من البيتِ سمعَ أصواتَ الغناءِ والرَّقْصِ. فدعا أحدَ الغِلْمَانِ وسأله: ما هذا؟ فقال له: قد قَدِمَ أخوكَ فذبحَ أبوكَ العجلَ المسمَّنَ لأنَّهُ لَقِيَهُ سالـِمًا. فغضِبَ ولم يُرِدْ أن يدخُل. فخرجَ أبوه وطفقَ يتوسَّلُ إليه. فأجابَ وقال لأبيه: كم لي من السِّنين أخدُمُكَ ولم أَتَعَدَّ لكَ وصيَّة قطُّ وأنتَ لم تُعْطِنِي قَطُّ جِدْيًا لأَفْرَحَ مع أصدقائي. ولمّا جاءَ ابنُكَ هذا الَّذي أكلَ معيشتَكَ مع الزَّواني ذبحتَ له العجلَ المسمَّنَ. فقالَ له: يا ابني، أنتَ معي في كلِّ حينٍ وكلُّ ما هو لي فهو لك. ولكن كان يَنبغِي أَنْ نفرَحَ ونُسَرَّ لأَنَّ أخاكَ هذا كان مَيِّتًا فعاشَ وكان ضالًّا فوُجِدَ.

حول الإنجيل

تبدأ التَّوبة بالاِعتراف بالذَّنب. هذا علَّمَنا إيّاه الكتاب المُقَدَّس مِنْ خلال مثل الابن الشَّاطر، الَّذي اعترف قائلًا: "أخطأتُ إلى السَّماء وأمامَك" (لوقا 15: 18). كذلك نسمع صوت العَشَّار صارِخًا "اللَّهُمَّ ارحمني أنا الخاطئ" (لوقا 18: 13).

كثيرون لم يفقهوا أنّ الاعتراف يُشكِّل الدَّرَجَة الأولى في سُلَّم التّوبة. لذلك قِلَّة مِنَ المؤمنين تمارس هذا السِّرّ العظيم، الَّذي هو مِعْبَرٌ أساسيّ لعيش التَّوبة الصَّحيحة والصَّادِقَة.

مَثَلْ "الابن الشَّاطر"، أو "الابن الضَّال" كما هو شائع، يجسّد لنا بِدِقَّةٍ نتائج الاعتراف. فالخطيئة الجَوْهَرِيَّة الَّتي ارتكبها الابن الأصغر، ليس تبذير مال ابيه، ولا عيشه في الفِسْقِ، بل كانت نسيانه لماهيّة أبيه. فجوهر هذا الأب، الَّذي هو مثالٌ عن الآب السَّماويّ، هو المَحَبّة. مِنْ هنا بإمكاننا أنْ نطلق على هذا المثل أيضًا "مثل الأب المُحِبّ"، لأنّه لا يكشف عن جفاف قلب الابن الهارب مِنْ وَجْهِ أبيه، بل يُظهرُ اشتياق الأب المُحِبّ إلى عودته، ليستقبله بالقبلات، دون عتاب أو جرح لمشاعره. الله ينتظر عودتنا.

وتتجلّى محبَّةُ الأب الَّذي ينتظر ابنه، عندما رأى الابن مُقْبِلًا نحوه، أي تائبًا، فركض نحوه مُسْرِعًا ليُعانقه ويحتضنه، غير مُبالٍ بقذارة ملابسه وجسده، لأنّ محبّة الله تغفر كلّ خطايانا. وهذه المحبّة هي الَّتي تغسلنا من آثامنا فنَبْيَضَّ أكثر مِنَ الثَّلج.

رفع الأب نير عبوديَّةِ الخطيئة عن الابن، وأظهر مَحَبَّته وحنانه بالقُبْلَة الأبَوِيَّة. وعندما بدأ الابن بإعلان اعترافه، لم يدعه الأب يصل ليقول "اجعلني كأحد أجرائك"، بل قاطعه الأب، عندما أعلن عدم استحقاق البُنُوَّة، ليَهَبَهُ بأبوَّتِهِ بنوَّةً كاملة.

هذا هو الله الحقيقيّ، الَّذي أحبَّنا وبذل نفسه لأجل خلاصنا مِنْ نِيرِ العبوديّة. إنَّ حنانَ اللهِ يفوق كلَّ تَصَوُّر. الله لا ينفر منّا بل من خطايانا، وبمحبّته يَرفَعُها عنّا، ويُنَقّينا مِنْ كُلِّ آثامِنا.

لم يضع الأب شروطًا للعَوْدَة. تفكيره غير تفكيرنا. البشر يضعون الشُّرُوط. هذا أعلنه الابن الأصْغَر، ولَمَسْناه في تذمُّر الابن الأكبر الَّذي امتعض من محبَّة الأب.

المشكلة الحقيقيّة الَّتي يُواجهها السَّاعي إلى التَّوبة، كما يُبيّنُ لنا هذا المثل تقع، ليس في عدم قبول الله لنا، بل في رفض قبول إخوتنا البشر لتوبتنا. فالابن الأكبر في هذا المثل، يجسّد الأفكار الفرّيسيّة المُعَشِّعشَّة فينا، وتريد استملاك الرَّحْمَة الإلهيّة لها فقط، ضاربةً كلَّ تعليمٍ عن محبّة الله لجميع البشر، وناسيةً فرح الله بعودة التَّائبين.

هذا المَثل يُعتبر ممَرًّا إلزاميًّا لدخولنا فرح الصَّوْمَ الأربعينيّ المقدّس، لذا علينا أن نَغْرُفَ مِنْ معينه العِبَرَ الحقيقيّة، الَّتي تضعنا على سكّة الخلاص. هذا لا يتمّ إلَّا بتوبةٍ حقيقيّة. وما التَّوبة سوى اكتشافنا أنّ حضن الآب هو مكان عيشنا الوحيد. مِنْهُ نولَد وإليه نَعُود، ومِنْ دونِهِ يَفنى كلّ وجود.

جيلٌ مُدْمِن..!!

الإدمان هو حالة من التَّعلُّق النَّفسيّ والسُّلوكيّ بوسائل التَّواصل والتّكنولوجيا الحديثة يشعر معها المرء أنَّ حياته لا تستقيم بدونها، فينفق عليها الكثير من المال والوقت والجهد حتّى يُمسي عبدًا لها. كما أنَّ الهروب من الواقع  هو السَّبب الرَّئيسيّ للُّجوء إلى هذا العالم الافتراضيّ ظنًّا منّا أنّه يمكننا التَّحكُّم فيه والسَّيطَرة عليه. مِنْ هنا ضرورة القَوْل مع الرَّسول بولس:" كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي، لكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تُوافِقُ. كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي، لكِنْ لاَ يَتَسَلَّطُ عَلَيَّ شَيْءٌ" (1 كو 6: 12).

لقد أصبحت وسائل التَّواصل الاجتماعيّ اليوم واقعًا في حياتنا الـمُعاصِرَة تُحرِّك سلوكيّاتنا وتتحكَّم فينا، لذلك أصبح مَلَفّ علاج الإدمان على هذه المواقع  محلّ بحثٍ ودراسة لأنَّه يؤثِّر على بنية المجتمع وتماسك الأسرة فيه، وأصبحت الشَّكاوى تتزايد مِنْ وُجود مُدْمِن أو أكثر داخل الأسرة الواحدة على هذه المواقع. إضافَةً إلى العمل على اِستعادة حرّيّتنا المسلوبة الممنوحة لنا من الله "فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا" (يو 8: 36).

إنَّ سلبيّات وسائل التَّواصُل لا تُلْغِ ايجابيّاتها المتعدِّدَة، فهناك أكثر من مليار إنسان حول العالم يستخدمون الفيس بوك وأكثر من خمس مائة مليون إنسان يستخدمون تويتر وغيرها من وسائل التَّواصل في التَّسويق الإلكترونيّ لأعمالهم، لكنَّ العَدَدَ الأكبر من المستخدمين يضيّعون أوقاتهم بطريقة إدمانيّة عبوديّة. لذلك أصبح التَّفكير في  علاج إدمان مواقع التَّواصل الاجتماعيّ هدف وغاية تشغل بال الكثير من الأسر والمجتمعات حول العالم.

إنَّ علاج هذا الإدمان يتطلّب بدايةً اعتراف بهذه العبوديّة ورغبة في التَّحرُّر منها "أُومِنُ يَا سَيِّدُ، فَأَعِنْ عَدَمَ إِيمَانِي" (مر 9: 24). كما يحتاج إلى تعاون أُسَرِيّ مع المدمن واحتضانه بالإرشاد والتَّحفيز والرِّفق والتَّرَوِّي حتّى نستفزّ بداخل المدمن كلّ مقوِّمات النَّشاط والثِّقة بالنَّفس، وأنْ نُوَجِّه هذا النَّشاط المهدور إلى هواية المدمن الواقعيّة الحقيقيّة. ولا يغيب عن بالنا أيضًا الدَّوْر الكبير للأنشطة الرِّعائيَّة والكنسيَّة والصَّلاتيّة والرِّيّاضيّة والشَّبابيّة في خَلْقِ جَوٍّ مُلائم وصحيّ وضروريّ للتَّعويض وللابتعاد عن هذا الإدمان التّكنولوجيّ والسَّهر على خلاص أنفسنا "مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ" (أف 5: 16).

أقوال للقدِّيس أفرام السُّريانيّ

+ يوم الَّذي لا تجلس فيه ساعة مع نفسك لا تحسبه من عداد أيّام حياتك، حبّ السُّكون، لأنّ فيه حياةً لنفسك، وما دُمْتَ تنظر غيرك فلن ترى نفسك.

+ دَبِّر سفينة حياتي بوصاياك وأعطني فهمًا لكي أتاجر بالوزنات ما دام لي الوقت قبل أن يُقال لي: "هلُمَّ أرِني تجارة زمانك".

+ يا لَعِظَمِ وسُمُوِّ الصَّلاة! سعيدٌ هو مَنْ يُصَلّي بحرارةٍ فالشَّيطان لا يقربه قط، على شرط أن يتطهَّر مِنْ كُلِّ غِشّ يا لَسُموِّ الصَّلاة.

+ اجعل اليوم يوم توبتك، لئلّا يأتيك الموت في هذه اللَّيلة.

+ صادِق إنسانًا يخاف الله ليعلِّمَكَ مخافة الله، ولا تُصاحِب المُتهاونين وليَكُن الرَّبُّ أمامك كلَّ حين لأنَّه يُنَجّي المتوكِّلين عليه.

+ اللَّهمَّ اخلق فيّ قلبًا عفيفًا بسيطًا لا يفَكِّر بالشّرِّ ولا تأوي إليه الشَّهوات.

+ لِيَكُن الإنسان مثل النَّحلة يأخذ القليل مِنْ كلِّ فضيلةٍ فيشَكِّل عسل الحكمة.

أنقر هنا لتحميل الملفّ