Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 11 أيلول 2022           

العدد 37

الأحد قبل عيد رفع الصّليب

اللّحن 4- الإيوثينا 2

أعياد الأسبوع: *11: البارّة ثيوذورة الإسكندريّة، القدّيس إفروسينوس الطبّاخ *12: وداع عيد ميلاد السّيّدة، الشّهيد في الكهنة أفطونومس *13: تقدمة عيد رفع الصَّليب الكَريم، الشّهيد كورنيليوس قائد المئة ورفقته، تجديد هيكل القيامة *14: عيد رفع الصَّليب الكريم المُحيي (صوم) *15: الشّهيد نيقيطا، القدّيس سمعان التسالونيكيّ *16: العظيمة في الشَّهيدات آفيميّة، القدّيس مرتينوس أسقُف رومية *17: الشّهيدات صوفيّا وبناتها بيستي وألبيذي وأغابي.

كلمة الرّاعي

الصَّليب فخرنا

”فحاشا لي أن أفتَخِرَ إلَّا بصليبِ ربِّنا يسوعَ المسيحِ الَّذي به صُلبَ العالمُ لي وأنا صُلبتُ للعالم“ (غلاطية 6: 14)

أربعون يومًا تفصل أو تصل بين عيد التّجلِّي وعيد رفع الصَّليب الكريم المُحيي. هذا حدّدته الكنيسة إذ بدأت بترتيل كطافاسيّات الصَّليب من يومها. في الحقيقة هذا يشير إلى أنّ الكنيسة تنقلنا من تجلِّي سرّ الرّبّ إلهًا متأنِّسًا ممجّدًا على جبل ثابور إلى تمجيده وتجلّيه في سرّ حبّه للخليقة على جبل الصَّليب. في الحقيقة، الرّبّ يسوع هو الَّذي كشف لنا هذا الأمر حين تحدَّث مع تلاميذه وهو نازل من جبل التّجلّي عن آلامه وصلبه (راجع مثلًا: مر 9: 9—13).

في سرّ التّجسّد الإلهيّ لا ينفصل المجد عن الألم ولا القوّة عن الضُّعف لأنّ حقيقة المسيح الإلهيّة تجلَّت من خلال آلامه على الصَّليب حيث صار موته حياةً للعالم أجمع...

*          *          *

الحياة في هذا العالم تمتزج فيها الأفراح بالأتراح والآلام بالرّاحة والضِّيق بالفرج والعَوَز بالغنى... حياتنا لا يمكننا أن نعيشها دون ألم لأنّ الخطيئة الَّتي هي مصدر أوجاعنا صارت مرتبطة بنَفَسِنا. الإنسان في العالم يتنفَّس الخطيئة ولهذا لا يجد راحةً ولا سلامًا. مِنْ أين يأتي البشر بالأوكسيجين النّقيّ؟!... من الصَّلاة، ولكن ليست أيّة صلاة بل من الصّلاة الحارّة الَّتي تقضي على فيروسات الأهواء المنتشرة في هواء القلب وفضائه والمسبّبة الخطيئة.

يا أخي، هل تريد أن تعيش دون ألم؟ إذًا عليك أن تقبل الألم طريقًا إلى الرّاحة الأبديَّة. أمَّا إذا طلبت الرّاحة في هذا العالم من هذا العالم فستجلب على نفسك راحةً مؤقّتة سريعة الزّوال وهشّة مؤدِّيَة إلى الألم الأبديّ.

من أين تأتيكَ الرّاحة؟ من القلب النّقيّ أي الَّذي لا يرى خطايا الآخَر عائقًا أمام محبّته له، بل بالعكس سببًا موجبًا لمحبّته أكثر وتعهّده بالصّلاة والخدمة اللَّتين بالحقّ الإلهيّ. هذا هو صليبُكَ أي أن تَصلب روح الدّينونة والكبرياء الَّتي فيك لتتحرَّر من الأنا القابضة عليك بالأهواء المُتعدِّدة الأَشْكَال.

*          *          *

الإنسان يشتاق إلى الافتخار في نفسه بسبب كبريائه لأنّه يحبّ المديح وتعظّم المشيئة وأساليب الحياة. هذا وضع الإنسان في سقوطه أي في عبادته لذاته. مصدر الشّوق إلى العظمة والمجد هو أنّ الإنسان ما بعد خطيئة الجَدَّين الأوَّلَين صار على صورة آدم وليس على صورة الله المباشَرة كما آدم الأوَّل، أي أنّ صورة الله لم تعد فيه واضحة (راجع تكوين 5: 1—3) لأنّ الإنسان صار مجبولًا بالطّبيعة الضّعيفة جرَّاء الخطيئة الأولى أي أنّه صار ميَّالًا للشّرّ (راجع تك 6: 1—6).

ما هو الشّرّ؟ أن يفتخر الإنسان بذاته، بكلمات أخرى أن يردّ كلّ ما له وعنده وفيه إلى نفسه. من ينسى أنّه ”تراب ورماد“ (تك 18: 27 وسيراخ 17: 31) يفتخر أيْ يحيا في الأنانيّة المُطلَقَة. من عرف أنّه بائد ساقط خاطئ وأنَّ نَفَسَهُ هو من رحمة الله عليه يتَّضِع ويطلب مجد الله الَّذي بالتَّوبة.

هل يعرف الإنسان ماذا في السّماء؟ هل عاين القوّات غير الهيوليَّة الَّتي تسبِّح مجد الله بلا انقطاع في الفرح السّرمديّ؟ هل اختبرَ النّور الإلهيّ غير المخلوق؟ هل قلبه ملتهب بالعشق الإلهيّ المحرق كلّ أشواك الأهواء والواهِب الرَّاحة والغبطة الَّتي لا توصف؟

”مَنِ افْتَخَرَ فَلْيَفْتَخِرْ بِالرَّبّ. لأَنَّهُ لَيْسَ مَنْ مَدَحَ نَفْسَهُ هُوَ الْمُزَكَّى، بَلْ مَنْ يَمْدَحُهُ الرَّبُّ“ (2 كو 10: 17—18). نحن نفتخر بصليب ربّنا يسوع المسيح لأنّه هو الَّذي خلَّصنا إذ صُلب ومات لأجلنا ليُقيمَنا معه. إذا افتخرنا به نتمجَّد معه لأنّنا بدونه لا نستطيع أن نحقِّق الغلبة على الخطيئة والموت، وهو الوحيد الَّذي يحقّ له ويليق به الفخر لأنّه مصدر كلّ مجد سرمديٍّ سينسكب على محبّيه المؤمنين به.

أُطلُبْ مجد الله يا أخي في كلّ حياتك فتحصد مجدًا أبديًّا لنفسك. أهرُبْ من المديح طالما أنت في هذه الحياة الفانية لئلّا يبتلعك شيطان المجد الباطل ويُفني حياتك في جحيم نفسك. اِتَّضِعْ لتنال من العَلِيّ كلّ بركة ونعمة وتصير نبعًا يفيض ماءَ حياةٍ من لَدُنِ الله.

اِقْبَلْ صليب الرّبّ بحُبّ وأمانة لتحيا بسلامٍ كاملٍ مع نفسك ومع القريب في شركة القدِّيسين بالمسيح في نعمة الرُّوح القدس. لا تَخَفْ المواجهة لأنّ الحياة حربٌ دائمة مع أرواح الشّرّ الَّتي في الهواء الطّالبة صلبنا في أجسادنا لتصير لنا أجسادنا صليبًا للموت الأبديّ بالأهواء. أمّا من يصلب جسده للمسيح بطاعة الوصيّة يطرد عنه ذباب الشّياطين وأفكارها باسيم يسوع المسيح يتلبَّس بالنّعمة الإلهيّة  المتنزّلة عليه من فوق بالرُّوح الإلهيّ فيصير مع المصلوب ممجَّدًا منذ الآن في شركة جسد المسيح—الكنيسة...

ومن له أذنان للسّمع فليسمع...

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (باللَّحن الرّابع)

إنَّ تلميذاتِ الرَّبّ تعلَّمنَ مِنَ المَلاكِ الكَرْزَ بالقيامةِ البَهج. وطَرَحنَ القَضاءَ الجَدِّيَّ. وخاطبنَ الرُّسلَ مُفتَخِراتٍ وقائِلات. سُبيَ المَوتُ وقامَ المَسيحُ الإله. ومنحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.

طروباريّة ميلاد السّيّدة (اللّحن الرّابع)

ميلادُكِ يا والدة الإله، بشَّرَ بالفرحِ كلَّ المسكونة، لأنّه منكِ أشرقَ شمسُ العدلِ المسيح إلهنا، فَحَلَّ اللَّعنَةَ ووَهَبَ البركة، وأبطلَ الموت، ومنحنا حياةً أبديّة.

قنداق ميلاد السَّيِّدَة (باللَّحن الرَّابِع)

إنَّ يُواكِيمَ وحنَّةَ من عارِ ﭐلعُقْر أُطلِقا، وآدمَ وحوَّاءَ من فسادِ ﭐلموتِ، بمولِدِكِ ﭐلمُقَدَّس يا طاهِرَة، أُعتِقا. فلَهُ يُعَيِّدُ شعبُكِ إذ قد تَخلَّصَ من وَصْمَةِ الزَّلَّات. صارِخًا نحوكِ، العاقِرُ تَلِدُ والدةَ ﭐلإله ﭐلمُغَذِّيَة حياتَنَا.

الرّسالة (غلا 6: 11-18)

خلّص يا ربُّ شعبَك وبارك ميراثَك                  

إليكَ يا ربُّ أصرخ: إلهي

يا إخوة، أنظروا ما أعظمَ الكتابات الَّتي كتبتُها إليكم بيدي. إنَّ كُلَّ الَّذينَ يُريدون أن يُرضُوا بحسَبِ الجسَدِ يُلزمونكم أن تختتِنوا، وإنَّما ذلكَ لئلَّا يُضطهَدوا من أجل صليبِ المسيح. لأنَّ الَّذينَ يَختتِنون هُم أنفسُهم لا يحفَظون النَّاموسَ، بل إنَّما يُريدون أن تَختتِنوا ليفتخروا بأجسادِكم. أمَّا أنا فحاشا لي أن أفتَخِرَ إلَّا بصليبِ ربِّنا يسوعَ المسيحِ الَّذي به صُلبَ العالمُ لي وأنا صُلبتُ للعالم. لأنَّهُ في المسيح يسوعَ ليسَ الخِتانُ بشيء ولا القَلَفُ بل الخليقَةُ الجديدة. وكلُّ الَّذينَ يَسلُكُون بحَسبِ هذا القانون فعليهم سَلامٌ ورَحمةٌ وعلى إسرائيلِ الله. فلا يجلِبنَّ عليَّ أحدٌ أتعابًا في ما بعدُ، فإنّي حامِلٌ في جسدي سماتِ الرَّبِّ يسوع. نعمةُ ربِّنا يسوعَ المسيحِ مع روحِكم أيُّها الإِخوة. آمين.

الإنجيل(يو 3: 13-17)

قال الرَّبُّ: لم يصعدْ أحدٌ إلى السَّماءِ إلَّا الَّذي نزلَ مِنَ السَّماءِ ابنُ البشر الَّذي هو في السَّماءِ. وكما رَفع موسى الحيَّةَ في البرّيَّة، هكذا ينبغي أن يُرفَعَ ابنُ البشر لكي لا يهلِكَ كلُّ مَن يؤمِنُ بِه، بل تكونَ لهُ الحياة الأبديَّة. فإنَّهُ لم يرسِل اللهُ ابنَهُ الوحيدَ إلى العالمَ ليّدينَ العالم بل ليُخلِّصَ بهِ العالم.

الأحد قبل عيد رفع الصَّليب

تُهيِّؤنا الكنيسة منذ هذا اليوم لعيد رفع الصَّليب المُقدَّس الواقع في الرَّابع عشـر من أيلول لأهميّة هذا الحَدَثْ العظيم، وقد وَضَعَتْ الأحد الَّذي يَسبق العيد نَصَّا الرّسالة والإنجيل المُرتَبِطان بأهميّة الصَّليب الَّذي هو آلة الخلاص، و"فخر المؤمنين والملائكة" (القدِّيس كيرلُّس الأورشليميّ ١٣: ٢٢).

نقرأ اليوم مقطع من رسالة بولس الرَّسول الى أهلِ غلاطية والَّتي يكتبُ فيها بأن لا الختان ولا الغرلة تحفظ النَّاموس، بل صليب المسيح، الَّذي به نصبح "الخليقة الجديدة". فلا النَّاموس الموسوي ولا الشَّريعة اليهوديّة تُخلّص الإنسان، بل "الرَّبّ يسوع المسيح وإيّاه مصلوبًا وقائمًا". يشدِّدُ الرَّسول أنّ الافتخار هو بالصَّليب المُحْيي الَّذي هو "علامة غلبة المسيح على الموت" (القدِّيس كيرلُّس الأورشليميّ ١٣: ٤٠) والَّذي به أصبحنا "إسرائيل الجديد" الشَّعب المُختار الَّذي اقتناه بدمه الكريم.

أمّا النَّصّ الإنجيليّ اليوم فَيَدُور حَوْلَ لُبّ بشارة الفرح: "المسيح وإيّاه مَصلوبًا" (١كو ٢: ٢). فكلّ من يضع نصب عينيه المَصلُوب والنّاهِضِ من المَوْت سيُبرَأ من عضَّة الشَّيْطان، مثلما أُبرء الشَّعب اليَهوديّ من عضَّة الأفعى عندما نظر إلى الحَيَّة النُّحاسيَّة الَّتي رَفَعَها موسى في البرِّيَّة. أي كلّ مَنْ ينظر إلى يسوع المسيح المَرفوع على الصَّليب نظرة إيمان ينجو من سُمِّ الخطيئة ويَحْيَا الحياة الأبديّة في الملكوت.

"بالصَّليب أتى الفرح لكُلِّ العالَم" أي تحقَّق خلاص الإنسان المَخلوق على صورة الله ومثاله. بقوَّةِ الصَّليب انْحَلَّتْ قُوَّة الظَّلام وأعطيَ للرُّسُل ولنا من بعدهم أن نقهر الأعداء "وندوس الحيَّاتْ والعقارب وكلِّ قوَّة العَدُو" (لو ١٠: ١٩) ولا يضرُّنا شيء. الصَّليب طريقنا إلى القيامة، خلاصنا مرتبط بصليب المسيح الَّذي هو محفورٌ في قلوبنا وهو علامة للنُّور الَّذي نحمله للعالم أجمع، الصَّليب خميرة المَحَبَّة والسَّلام الَّتي نحملها لمضطهدينا.

بِعُودِ الشَّجَرة سقط آدم وأسقط البشريَّة وبِعُودِ الصَّليب أصعد آدم الجديد الخليقة واتْحَدَها معه في ملكه الأبديّ، فلنسجد للصَّليب المُحيي الَّذي حَوَّلَ كلَّ مَرارةٍ إلى عذوبة وكلَّ حزنٍ إلى فرح وكلَّ يأسٍ إلى رجاء وكلَّ موتٍ إلى حياة، هذا هو السِّرُّ العظيم سِرُّ المحبّة العظمى وموضع افتخارنا فلنُرَدِّد مع الرَّسول بولس "حاشا لي أن أفتخر إلَّا بصَليب ربِّنا" (غلا ٦: ١٤).

قراءة الكتاب المقدّس

الكتاب المُقدَّس هو كتاب الكتب وأعظمها على الإطلاق. إنَّه الخريطة الَّتي تقود قارئيه إلى السَّماء. يَحوي رسالة سماويَّة عَظيمة سَجَّلها لنا الوَحِي الإلهيّ المُقدَّس على أيْدي رجال الله القدِّيسين: "لم تأتِ نبؤة قط بمشيئة إنسانٍ بل تكلَّم أناس الله القدِّيسون مَسُوقِين من الرُّوح القُدُس" (٢ بطرس ٢١:١) ، "كلّ الكتاب هو مُوحى به من الله ونافع للتَّعليم والتَّوْبيخ، للتَّقويم والتَّأديب الَّذي في البِرّ، لكي يكون إنسان الله كاملًا مُتأهّبًا لكلِّ عملٍ صالحٍ" (٢ تيموثاوس ١٦:٣-١٧). لعَلَّ أهمَّ ما أراد أن يكشفه لنا هذا الكتاب هو طريق الخَلَاص بالفِداء الَّذي نِلْناه بِدَم يسوع المسيح المَسْفُوك على عُود الصَّليب. إنّ قراءة الكتاب المُقدَّس الَّتي تجلب فائدة قصوى هي الَّتي تبدأ بالصَّلاة وليس بالقراءة. ذلك كمِثْلِ مَنْ يُريد درس كتابٍ ما يتناول مواضيع عميقة، يَسْتَدعي مؤلِّفه من أجل المساعدة على فهم ما سيقرأ . مِنْ هنا يُنصَح بقراءة الكتاب المُقدَّس بعد صلاة قصيرة يطلب فيها القارئ مِنَ الله (مؤلِّف الكتاب المُقدَّس) أن يفتح ذهنه ليفهم ما سيقرأ، ويَستنير عقله وقلبه، ويمنحه القُوَّة على العمل والسُّلوك بوصايا وتعاليم هذا الكتاب: "وصايا الله مستقيمة تُفَرِّح القلب، أمر الرَّبِّ طاهرٌ ينير العينين" (مزمور ٨:١٩)، "خبّأتُ كلامك في قلبي لكي لا أخطئ إليك" (مزمور ١١:١١٩). في الصَّلاة أيضًا يطلب القارئ من الله أن يُعطيه فَهْمًا وحكمةً لكي يعرف كيف يعيش ويحيا ويطبِّق كلمات الكتاب في حياته "إن كان أحد تعوزه حكمةً فليطلب من الله الَّذي يُعطي الجميع بِسَخاء ولا يُعيّر فسيُعطى له، ولكن ليطلب بإيمانٍ غير مرتاب البَتّة" (يعقوب ١ : ٥-٦). بالأخير مغبوط مَنْ كانت له العِشْرَة مع الكتاب المُقدَّس والصَّداقة الحَميمة لِتَعالِيمِهِ حيث أنّ كاتب المزامير  يتكلَّم عن غبطة وسعادة الإنسان الَّذي "في ناموس الرَّبِّ مَسَرَّتَه وفي شريعته يلهج نهارًا وليلًا"(مزمور ٢:١). بالحقيقة إنّ قراءة الكتاب المُقدَّس نافعةٌ وممتعةٌ على السَّواء .

احفظ قلبك فإنّ منه مخارج الحياة (أمثال ٤ : ٣٣ )

الأرشمندريت الياس مرقص

١ – احفظ قلبك، لأنّ قلبك هو لك. هو أساس حياتك ومركز شخصيّتك. القلب هو تلك الغرفة السّرّيّة الدّاخليّة الَّتي لا يراها أحد ولا يدخلها أحد سواك.

٢ – احفظ قلبك قبل كلّ شيء هذا هو المهمّ. القلب غير ما هو ظاهر وخارجيّ، ومهما أخطأ الإنسان وهَفا بسبب ضعفه وظروفه، سهل عليه، إذا حفظ قلبه ولم يفرّط به، أن يستعيد نفسه في أيّ وقت .

٣ – احفظ قلبك، لأنّ ما يخرج من الفم هذا ينجّس الإنسان، لأنّ ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر، وذاك ينجّس الإنسان (متّى ١٥ : ١١ و ١٨).

٤ – احفظ قلبك، لأنّ في القلب النِّيّة الصّادقة والعزم الحقيقيّ، وفيه المحبّة الصّادقة والصَّفاء الحقيقيّ.

٥ – احفظ قلبك نظيفًا بلا غِشّ كي يأتي إليك الثّالوث الأقدس وعندك يصنع منزلًا (يو ١٤ : ٢٣) ويدخل المسيح إليك ويتعشّى معك (رؤيا ٣ : ٢٠). احفظه طاهرًا وديعًا، احفظه من السُّوء، من البغض والحسد، احفظه من الدُّود لأنّ قلب الأشرار كشيء زهيد (أمثال ١٠ : ٢٠). طوبى لأنقياء القلب فإنّهم يعاينون الله (متّى ٥ : ٨).

٦ – احفظه، احفظه ليلًا ونهارًا، لأنّه أسهل لك أن تبتعد عن الخطيئة من أن تُخطئ وتتوب باستمرار.

٧ – احفظ قلبك في المسيح. لا تجعل قلبك أساس حياتك النِّهائيّ. الأساس النِّهائيّ هو المسيح. هو حجر الزّاوية (متّى ٢١ : ٤٢)، فإذا خانك قلبك ووقع أثناء المسير في الطّريق ارجع به إلى المسيح، لا تيأس، لأنّ الله أعظم من قلوبنا (1 يو ٣ : ٢٠) وقد قال: يا ابني اعطني قلبك (أمثال ٢٣ : ٢٦).

٨ – احفظ قلبك نابضًا بالحياة – كيلا يجفّ فلا يعود يصلح للحياة. لا تقسّوا قلوبكم (عب ٣ : ٨ و ٤: ٧، مز ٩٤ : ٨). إملأ قلبك من نعمة الرّوح القدس لتجري منه أنهار مياه حيّة (يو ٧ : ٣٨).

٩ – احفظ قلبك فإنّ منه مخارج الحياة (أمثال ٤ : ٢٣).

(المرجع : مجلّة النور، العدد التّاسع-  أيلول، ١٩٥٧)

أنقر هنا لتحميل الملفّ