Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد ۲ كانون الأوّل ۲٠١٨

العدد ٤٨

الأحد (۲٧) بعد العنصرة 

اللّحن ۲- الإيوثينا ٥

أعياد الأسبوع: *2: النّبيّ حبقوق، القدّيس بورفيريوس الرّائي  *3:  النّبيّ صوفونيا 4: الشّهيدة بربارة، البار يوحنّا الدّمشقيّ *5: سابا المُتقدّس المُتوشّح بالله، الشّهيد أنسطاسيوس *6:  نيقولاوس العجائبيّ أسقف ميراليكية *7: أمبروسيوس أسقف ميلان، عمّون أسقف نيطريا *8: البار بتابيوس المصريّ.

كلمة الرّاعي

الشّيخ البارّ بورفيريوس الآثوسيّ (الرّائي) 

أعلن مجمع البطريركيّة المسكونيّة في جلسته بتاريخ 27 تشرين الثّاني 2013 قداسة الأب بورفيريوس، وأدرجه في عداد قدّيســي الكنيسة الأرثوذكسيّة.

الشّيخ البارّ بورفيريوس الآثوسيّ وُلد عام 1906 في قرية آيوس يوانيس في جزيرة إيفيا في اليونان، كان اسمه في العالم (قبل الرّهبنة) إفانجيلوس بايراكتاريس. أبدى إفانجلوس ميلًا صريحًا نحو الرّهبنة باكرًا جدًّا، ففي سن الثّالثة عشرة، وبعد إنهاء المرحلة الأولى من تعليمه الأساسيّ فقط، انتقل للعيش في اسقيط (تجمُّع رهبانيّ) الـثّـالوث القدّوس في الجبل المقدّس (آثوس)، حيث قضـــى السّتّ سنوات التّالية من حياته فيه كتلميذ لراهبَين شيخَين باسم نيكيتاس. خلال هذه الفترة من حياته زارته النّعمة الإلهيّة ذات يوم وكان لهذا الحدث تأثير كبير في تحوّل حياته إلى منعطف جديد في خبرة معرفة الله واقتناء المواهب. أصبح يرى أمورًا كثيرة وينتبه لكلّ شيء. انفتحت عيناه وأذناه، فصار يميّز الحيوانات والعصافير على أنواعها. انفتح أنفه وكان يشمّ كلّ شيء ويتبيّن الرّوائح بدقّة متناهية. أصبح إنسانًا جديدًا: يجعل كلّ ما يراه صلاة، يرى، يسمع، يشُمّ كلّ شيء بنعمة الله... يتأثّر، يتخشّع ويصلّي. يصف القدّيس هذه المرحلة قائلًا: "كنت أعيش ضمن النّجوم، داخل الأبديّة، في السّماء...".

اضطرّ، لاحقًا، للعودة إلى الجزيرة مسقط رأسه بسبب مرض شديدٍ أَلَمَّ به، وهناك التحق بدير القديس خارالمبوس فيها. بعمر العشرين سنة التقى بالمطران بورفيريوس رئيس أساقفة سيناء الّذي رأى فيه مواهب روحيّة، فسامه كاهنًا باسم بورفيريوس. بعد عدّة سنوات وبسبب تحوّل دير القدّيس خارالمبوس إلى دير نسائي (للرّاهبات) اضطر الأب بورفيريوس إلى الانتقال إلى دير القدّيس نيقولاوس في الجزيرة نفسها وذلك في العـام 1940. في تلك السّنة، وخلال الحرب العالميّة الثّانية، عُيّن الأب بورفيريوس كاهنًا لكنيسة القدّيس جيراسيموس الصّغيرة التّابعة لمستشفى أثينا، لأنّه كان يحبّ هذه الخدمة تأثّرًا بقول القدّيس نيكيفوروس: "كم من الخير يستطيع أن يفعل المرء، عندما يُعزّي نفوسًا متألّمة أو أشخاصًا يعانون من أمراض...".

هذه المرحلة الجديدة من حياته استمرّت ثلاثة وثلاثين عامًا. وصفها الأب بورفيريوس كالتّالي: "عشت هناك ثلاثة وثلاثين عامًا، وكأنّني قضيت يومًا واحدًا، عشتُ حياة جميلة. كنت مجهولًا جدًّا، ومختفيًا، هناك، في المستشفى... كنت مُهمَلاً جدًا، غير متعلّم، غير مهم، فقيرًا، آخرون يترأسون الكنيسة وأنا لا أعرف شــيئًا"..

أحبّ القدّيس جيراسيموس حبًّا كبيرًا وكذلك المرضى. ذاع صيته كأب روحيّ، فتقاطر إليه النّاس من أجل الاعتراف.

وفي العام 1973 أنهى خدمته في هذه الكنيسة وانتقل إلى عدّة أديرة حيث أصاب شهرة واسعة وصار كثيرٌ من المؤمنين يتردّدون إليه. رغب القدّيس ببناء دير مقدّس، يكون أساسًا رهبانيًا تعيش فيه راهبات تقيّات من بناته الرّوحيّات. تعهد الأب بورفيريوس أمام الله أن يهتمّ بهؤلاء النّسوة اللّواتي ساعدنه قبل مفارقته الدّنيا لأنّهنّ كن معاونات أمينات لسنوات عديدة. وقد شاء أن يزداد هذا الدّير مع الوقت ويجمع كلّ من أردن أن يكرّسن أنفسهنّ لله. حصل على الإذن بإنشاء "دير تجلّي ربّنا وإلهنا يسوع المسيح" في العام 1981 وذلك بعد متاعب إداريّة كثيرة. أظهر الله له مكانًا في "ميليسـي، أتيكا"، فوق الهضبة، لكي يبني ديرًا. أخبره أحد الرّعاة أنّ هذا المكان يُعرف بـ"الخلاص المقدّس".

تمّ وضع حجر الأساس في ليلة 25 شباط 1990، خلال سهرانة للقدّيس "بورفيريوس الغزّاوي". لم يكن الأب بورفيريوس يستطيع النّزول إلى أسفل حيث سيوضع حجر الأساس، فأعطاهم بكثير من التأثّر صليبه ليكون حجر الأساس. ومن سريره صلّى "يا صليب المسيح ثبّت أساس هذا البيت، يا صليب المسيح، خلّصنا بقوّتك، اذكر، يا الله، عبدك الحقير بورفيريوس ورفقته...". وبصلوات القديس استمر العمل في بناء الكنيسة من دون توقف، واستطاع أن يرى بعينيه الرّوحيّتين (لأنّه كان قد فقد نظره الطّبيعيّ منذ سنوات) الكنيسة في مراحلها الأخيرة. لأنّه ما إن وصل البناء إلى قاعدة قبّة الكنيسة الأساسيّة حتّى رحل القدّيس من هذا العالم. وفي شهر تشرين الثّاني من العام 1991 انتقل إلى قلّايته (غرفة الرّاهب) القديمة في جبل آثوس حيث رقد بالرَّبّ في الثّاني من شهر كانون الأوّل من العام نفسه.

*          *          *

أيها الأحبّاء، هذا القديس ميّزه الله بموهبة الرّؤية الرّوحيّة. كان يعرف ما الّذي يريده الّذين يأتون قبل أن يقولوا له، كان يعرف أسماءهم قبل أن يقولوا له ذلك. عرفه العديد من بلادنا أيضًا من الرّهبان وغيرهم. وقد بارك ديرَي القدّيس سلوان الآثوسيّ ويوحنّا المعمدان في دوما عند إنشائهما وعاينهما بالرّوح في آخر أيّامه. كما أنّه حدَّد لرئيسة دير القديس يعقوب الفارسيّ المقطّع السابقة المغبوطة الذكر، بتدقيق، مكان بئر الماء الّذي يجب أن يحفروه في الدّير ليحصلوا على الماء وهو في ديره في اليونان.

موهبة خاصّة ومميَّزة حباه الله بها لمجد اسمه القدّوس حتّى أنّه، بعد رقاده، عند اتّصال أحد أبنائه الرّوحيّين من أميركا بالدّير قبل إذاعة خبر انتقاله إلى الأخدار السّماويّة ردّ عليه على الهاتف وأعطاه الوصف الدّقيق لحالته والعلاج المناسب له.

*          *          *

"عجيب الله في قدّيسيه إله إسرائيل" يقول كاتب المزامير. القداسة هي سكنى الله في الإنسان بالنّعمة الإلهيّة وحياة الإنسان بقوّة الله. القدّيس هو التّوّاب والمتطهِّر والنّقيّ القلب. القداسة تواضع أمام الله ومجد من لدن العليّ، فقر عن العالم وغنى بالمواهب الإلهيّة، جهل للشّرّ والخطيئة ومعرفة للخير والصّلاح في البّرّ. القداسة هي إدراك أن العالم وكلّ ما فيه باطل من دون الإيمان والتّقوى وحفظ وصايا الله والامتلاء من الحبّ الإلهيّ. القداسة ليست حكرًا على زمان ومكان، أو على رهبان ونسّاك، إنّها دعوتنا أجمعين نحن الَّذين آمنّا بالرَّبّ يسوع المسيح لأنّها هي التّشبّه بالله بمشيئة الآب في نعمة الرّوح القدس بواسطة يسوع المسيح.

"غير المُستطاع عند النّاس مُستطاع عند الله" (لوقا 18: 27). آمنوا وجاهدوا في حفظ وصايا المسيح، حينها تعاينون مجد الله في أنفسكم ...

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (باللّحن الثّاني)

عندما انحدرتَ إلى المَوْت. أَيُّها الحياةُ الَّذي لا يَموت. حينئذٍ أَمَتَّ الجحيمَ بِبَرْقِ لاهوتِك. وعندما أقمتَ الأمواتَ من تحتِ الثَرى. صرخَ نحوكَ جميعُ القُوّاتِ السّماويّين. أَيُّها المسيحُ الإله. مُعطي الحياةِ المَجدُ لك.

طروباريّة القدّيس بورفيريوس الرّائي (باللَّحن الخامس)

قد أعطاكَ المسيحُ الرَّبُّ منَ العُلى. مَعرفَةَ المُقْبِلاتِ جَزاءَ ما قد بذلتَ. وَسيرتُكَ الشَّريفَةِ يا بُورفيريوس. يا زهرةَ إيفيا مِن آثوسَ اقتُلعَتْ بالسِّرّ وغُرِسَتْ في أبهَجِ الجِنان. لكي تَشفَع لدى الرَّبِّ بِمادحيكَ على الدّوام.

قنداق تقدمة الميلاد (باللَّحن الثّالث)

أليومَ العذراءُ تأتي إلى المغارة لِتَلِد الكَلمةَ الّذي قبل الدّهور ولادة لا تفسَّر ولا يُنطق بها. فافرحي أيّتها المَسكونة إذا سَمِعتِ، ومَجِّدي مع المَلائكة والرّعاة الّذي سيَظهر بمشيئتِهِ طفلًا جديدًا، الإلهَ الّذي قبل الدّهور.

الرّسالة (أف 6: 10– 17)

قوَّتي وتّسبحتي الرَّبُّ

أدبًا أدَّبني الرَّبُّ وإلى الموتِ لَم يُسلِّمني

يا إخوة، تَقوَّوا في الرَّبِّ وفي عزَّةِ قدرتِه. اِلبَسُوا سلاحَ اللهِ الكاملَ لتستطيعوا أن تَقِفوا ضِدَّ مكايِدِ إبليس. فإنَّ مصارَعَتَنا ليست ضِدَّ دمٍ ولحمٍ بل ضِدَّ الرّئاساتِ، ضدَّ السّلاطينِ، ضدَّ وُلاةِ العالم، عالمِ ظُلمةِ هذا الدّهر، ضِدَّ أجنادِ الشّرِّ الرّوحيَّةِ في السّماويَّات. فلذلكَ احمِلوا سلاحَ اللهِ الكاملَ لتستطيعوا المقاومةَ في اليومِ الشّرّير، حتَّى، إذا تمَّمتُم كلَّ شيءٍ، تثبُتُوا. فاثُبُتوا إذَنْ ممنطِقينَ أحقاءَكم بالحقِّ ولابسينَ درعَ البِرّ، وأَنعِلوا أقَدامَكم باستعدادِ إنجيل السّلام، واحمِلوا، عِلاوةً على كلّ ذلك، تُرسَ الإيمان الّذي بهِ تقدِرون على أن تُطفِئوا جميِعَ سهامِ الشّرّيرِ المُلتَهِبَة، واتَّخِذوا خُوذَةَ الخَلاصِ وسيفَ الرّوحِ الّذي هو كلمةُ الله.

الإنجيل ( لو 18: 35– 43 (لوقا  14))

في ذلك الزّمان، فيما يسوع بالقرب من أريحا، كان أعمى جالسًا على الطّريق يستعطي فلمَّا سمع الجمعَ مجتازًا سأل ما هذا فأُخبِر بأنَّ يسوعَ النّاصريَّ عابرٌ فصرخ قائلًا: يا يسوعُ  ابنَ داودَ ارحمني. فزجرهُ المتقدِّمون ليسكتَ فازداد صراخًا: يا ابنَ داودَ ارحمني. فوقف يسوع وأمر أنْ يُقدَّمَ إليهِ. فلمَّا قرُب سألهُ: ماذا تُريد أن اصنعَ لك. فقال: يا ربُّ، أن أُبصِر. فقال لهُ يسوع: أبصر. إيمانك قد خلَّصك. وفي الحال أبصَرَ وتبعَهُ وهو يمجّد الله. وجميعُ الشّعب إذ رأَوا سبَّحوا الله.

حول الإنجيل

كان من عادة العُميان وذَوي العاهات الجسديّة والفقراء الجلوس على أبواب المدن حيث تكثُر حركة السّيّاح والدّاخلين والخارجين، ما يسهّل لهم عمليّة التّسوّل والاستجداء من الآخرين. ويسجّل لهذا الأعمى إحساس مشاعره العميق. فهو أحسّ بروحه أن إنسانًا عظيمًا قادمًا ومعه في يده معجزة شفائه. لذلك اعتبر أنّ اللّجاجة هي فرصته الوحيدة ليوصل صوته إلى أذن الله. والّذي ينتبه إلى الحوار الّذي دار بين الأعمى والسّائرين بجواره، يدرك أنّه إنسان مُغلَق العَين، نعم، ولكن مفتوح القلب ويملك بصيرة روحيّة داخليّة قد لا تكون مُتوافِرةً لدى كثيرين من المُبصرين جسديًّا أو من كانوا حوله في تلك السّاعة. "فانتهره المتقدّمون ليسكت أمّا هو فصرخ أكثر كثيرًا يا ابن داود ارحمني"، هي لحظة تأخير واحدة وفرصة النّور والحياة قد تكون ضاعت منه. لذلك مهما تكاثر صوت الرّفض والتّعويق يبقى غير قادر أن يغلب الصّراخ المُرتفع والأذن الّتي تسمع حتّى قبل الصّراخ. "في كلّ ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلّصهم" (إشعياء 9:63). الأصوات الرّادعة لصلاة هذا الأعمى تمثّل الأهواء والشّهوات والرّذائل الّتي تحاول خنق المشاعر الرّوحيّة الصّحيحة عند النّاس ومنع اقترابهم من سيّدهم وخالقهم. العلاج الوحيد في مثل هذه الحالة يكمن في الثّبات في الإيمان واللّجاجة والطّلب. لمّا سمع المسيح عبارة "يا ابن داود" أدرك أنّ هذا ليس بأعمى بل هو إنسانٌ يرى ما لا يراه البَصير من حيث أنّه تفوّه بكلمة السّرّ الّتي طالما أخفاها السّيّد عن تلاميذه إلى حين دنوّ السّاعة المحدّدة لذلك.

"فوقف يسوع": لولا إيمان الرّجل ما وقف المسيح هذه الوقفة، فإيمان هذا الرّجل الّذي كان ينطق به صراخه جدير بالاستماع والإنصات. هذا الإيمان قاد الرَّبّ لكي يُعطيه سؤله فشفاه. "وتبعه وهو يمجّد الله": لم يكن هدف المعجزة فقط فتح عَيني الأعمى الجسديّتين بل تقديم شفاء روحيّ له قاده لأن يتبع السّيّد ويسير في إثره. انفتحت بصيرته لرؤية الرَّبّ، ولسانه لتمجيده، فكان سببًا لتسبيح الشّعب كلّه

مفاعيل المحبّة

سُئِلَ الرَّبّ يسوع عن أهمّ الوَصايا وأوّلها، فكان جوابه أنَّ الوصيّة الأولى هي "تحبّ الرَّبّ إلهك من كلّ قلبك ومن كلّ نفسك ومن كلّ فكرك" (مت 37:22). ويُتابِع الرَّبّ يسوع ويقول "والثّانية مثلها، تحبّ قريبك كنفسك" (مت 39:22). نستنتج من قول الرَّبّ أنّ محبّة القريب تتماهى مع محبّة الله، ويؤكّد هذا الأمر في سرده ووصفه لكيفيّة الحساب في يوم الدّينونة، أنَّ كلّ ما نفعله لأيّ شخص هذا يدلّ أنّنا نفعله مع الرَّبّ يسوع نفسه (راجع مت 31:25-46). عندما نتحدّث على المحبّة نتحدّث على الله نفسه لأنّ الله محبّة (1يو 8:4). وأكثر ما يميّزنا نحن المسيحيّين عن غيرنا هو كلمة المحبّة ومشتقّاتها. وأكثر أمر سَنُدان عليه يوم الدّينونة هو مفاعيل محبّتنا. هل أحببنا؟ من أحببنا؟ كم أحببنا؟.

من أوّل مفاعيل المحبّة هي القوّة. لا شيء أقوى من المحبّة لأنّها تملك قوّة أن تغيّر كلّ شيء. بالمحبّة غيّر الرَّبّ يسوع العالم، وبالمحبّة نشر الرُّسُل تعاليمهم وسط الاضطهاد والقتل والنّفي والتّعذيب. وعلى المستوى المعيشيّ نرى أنّ المحبّة ليّنت القلوب القاسية، أعادت الضّالين إلى التّوبة كما حصل من جرّاء محبّة الأب الّتي أعادت الابن الضال إلى بيته. ومن مفاعيل المحبّة أيضًا أنّها تطرد الخوف والقلق من حياة المؤمن "لا خوف في المحبّة، بل المحبّة الكاملة تطرد الخوف إلى خارج" (1 يو18:4). إنّ محبّة الله والقريب تجلب السّلام إلى قلوبنا، فالقلب الّذي يسكنه الله هو مُفعم بالسّلام والطّمأنينة. الخوف يقض مضجع من لا يعرف المحبّة أو الله فيقلق لأجل الخوف من المرض، الخوف من المستقبل، الخوف من الموت... ولكن عندما تتملّكنا محبّة الله تتلاشى هذه الهواجس كلّها ويبقى في القلب سلام لأنّ الرَّبّ يقول "إن نسيت المرأة رضيعها أنا لا أنساك" (إش15:49). ويطمئننا بقوله "لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب" (يو 27:14) و "لا تخف أيّها القطيع الصّغير" (لو 32:12). ومن يكتمل في محبّة الله يكتمل في حفظ الوصايا وتتميمها "من يحبّني يحفظ وصاياي" (يو21:14). ليس هذا وحسب بل يقول الرَّبّ للّذين يحبّونه "أُظهِر لهم ذاتي"، هذا الكشف الإلهيّ هو كمال الحياة بالمسيح "ليس أحد يعرف الإبن إلّا الآب ولا أحد يعرف الآب إلّا الإبن ومن أراد الإبن أن يُعلن له..." (مت27:11). إذًا المحبّة تجعلك في شركة مع الله وما من شيء أسمى من أن تكون شريك الله ومتلقّي أسرار الله الغامضة الوصف. كما ويخبرنا القدّيس بولس الرّسول عن مفاعيل المحبّة بمقطع رائع مشدّدًا على استحالة الحياة المسيحيّة من دون محبّة ومؤكّدًا مفاعيلها في حياتنا "الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّؤَ، وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ، وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا" (1كور 4:13-8).

في الختام ننهي قولنا بكلام للقدّيس بولس الرّسول حول المحبّة الّتي هي أسمى الفضائل المسيحيّة فيذكرها مع الإيمان والرّجاء ولكن يقول أعظمهنّ المحبّة. وأيضًا هنا نستذكر قول للمغبوط أوغسطينس "أحبب وافعل ما تشاء". فالّذي يحبّ يصبح في الله والله فيه، آمين.

+ من أقوال القديس بورفيريوس

- الحياة من دون المسيح، ليست حياة. هذا كلّ ما عندي لأقوله لكَ؛ إذا كنت لا ترى المسيح في كلّ أعمالِكَ وأفكارِكَ، فأنت تعيش بعيدًا عنه. هو كلّ شيء، هو الفرح، هو الحياة، هو النّور، النّور الحقيقيّ، الّذي يفرِّح قلب الإنسان، ويعطيه جناحين ليطير، ليرى كلّ شيء، ليتألّم من أجل الكلّ، ويرغب في أنّ كلّ إنسان يكون معه في هذا الفرح بقرب المسيح.

- جاءه والدان يعانيان من ولدهم لأنّه صعب المراس ولا يسمع الكلمة. فقال لهما الشيخ: "اِفهما ما أقول. خلاص ولدكما متوقّف على تنقية نفسيكما وقداسة سيرتكما".

أخبارنا: عيد القدّيس نيقولاوس العجائبي- زحلة

بمناسبة عيد القدّيس نيقولاوس العجائبيّ أسقف ميراليكيّة تُقام الصّلوات في كنائس الأبرشيّة.

ويترأس راعي الأبرشيَّة سيادة المتروبوليت أنطونيوس (الصّوري) احتفال العيد في كاتدرائيّة القدّيس نيقولاوس في حيّ الميدان- زحلة، بحسب البرنامج التّالي:

الغروب الكبير وكسر الخبز: الأربعاء في 5 كانون الأول السّاعة السّادسة مساءً؛

السّحريّة: الخميس في 6 كانون الأوّل السّاعة 8.30 صباحًا؛

القدّاس الإلهيّ: الخميس في 6 كانون الأوّل السّاعة 10:00 صباحًا؛

ألا أعاد الرَّبّ هذا العيد على الجميع بالخير والبركة بشفاعات القدّيس نيقولاوس العجائبيّ.

انقر هنا لتحميل الملف