Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 2 أيّار 2021     

العدد 18

أحد الفصح العظيم المقدّس 

أعياد الأسبوع: *2: أحد الفصح العظيم المقدّس، نقل جسد القدِّيس أثناسيوس الكبير *3: إثنين الباعوث، الشَّهيدان تيموثاوس ومفرة *4: ثلاثاء الباعوث، الشَّهيدة بيلاجيا، البارّ إيلاريوس العجائبيّ *5: أربعاء الباعوث، الشّهيدة إيريني، الشّهيد أفرام الجديد *6: خميس الباعوث، الصِّدِّيق أيّوب الكثير الجهاد، القدِّيس العظيم في الشّهداء جاورجيوس اللّابس الظّفر *7: ينبوع الحياة، تذكار تجديد هيكل الكلّيّة القداسة سيّدتنا أمّ الإله الينبوع الحيّ، تذكار علامة الصَّليب الَّتي ظهرت في أورشليم *8: يوحنّا اللاهوتيّ الإنجيليّ، أرسانيوس الكبير.

كلمة الرّاعي

قُمْ يا اللهُ واحْكُمْ في الأرض

”مِنِ اغْتِصَابِ الْمَسَاكِينِ، مِنْ صَرْخَةِ الْبَائِسِينَ، الآنَ أَقُومُ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَصْنَعُ الخَلاصَ وَاَسْتَعْلِنُ بِهُ“ (مز 12: 5)

دَوَّى، اليوم، هتاف المؤمنين ”المسيح قام! حقًّا قام!“، اعترافًا بقيامة الرّبّ يسوع المسيح بالجسد من بين الأموات افتتاحًا لملكوت السّماوات الَّذي سيحيا فيه البشر بالجسد والرّوح. يسوع هو أوّل إنسان قام بالجسد لحياة أبديَّة، وصار باكورة للبشريّة الجديدة الغالبة الموت غلبة نهائيَّة. فيه دَخَلَتِ البشريّة ”عهدًا جديدًا“ مع الله، عهدًا أقامه الله بينه وبين البشر، بدم ابنه الوحيد الإله المتأنِّس، لأنّه إله المحبَّة والحنان ونبع الحياة.

البشريَّة عاشت في الألم وخوف الموت، منذ آدم الأوّل، ومن لم يعرف المسيح يبقى خاضِعًا للخوف، لأنّ المحبَّة وحدها ”تطرد الخوف خارجًا“ (1 يوحنّا 4: 18) عن قلب الإنسان وكيانه ووجوده. البشر يحيون انطلاقًا من ماساة خوفهم من الموت، ولهذا يصير الآخَر تهديدًا لكياني ووجودي وتحقيقي لحياتي وأهدافي. من لم يدخل في سرّ المحبَّة الّتي بالمسيح وفيه يبقى الآخَر له عذولًا وعدوًّا، أمّا من عرف الرّبّ فيصير له الآخَر ودودًا وصديقًا. هذه النّقلة من الخوف إلى الطُمَأنينة لا يمكن أن تصير في الكيان بدون موت وقيامة، أي بغير تَحَرُّرٍ من مصدر الخوف واقتناء لمنبع الطّمأنينة. لذلك، فقط، في المسيح القائم من بين الأموات يستطيع الإنسان العبور إلى حياة جديدة ملؤها الحبّ والرّاحة والسّلام والفرح، لأنّه بدون موت الخوف وإبادة العداوة بين البشر ومصالحة الإنسان مع نفسه ومع الله ومع الخليقة لا ولادة للبشريّة الجديدة المتألِّهة أي الَّتي اتَّحدَت بمصدر الحياة واقتنت روح الرَّبّ ساكنًا فيها وواهبًا إيَّاها صفات الله...

*          *          *

قيامة الرّبّ يسوع المسيح من بين الأموات، بذات سلطانه، هي فصحنا نحو أرض الميعاد - ملكوت السّماوات، وهي تاليًا عبورنا إلى حياة متناقضة مع حياة هذا الدَّهر. المسيحيّ لا يقدر أن يكون ظالمًا وحسودًا وغيورًا ومستكبرًا وأنانيًّا... ومن سلك بحسب مفاهيم هذا العالم السَّاقط يبقى في سقوطه ولا يكون له فصح الرّبّ خلاصًا بل دينونة، لأنّه ما زال في خطاياه (راجع: 1 كورنثوس 15: 17) إذ بالنّسبة له المسيح لم يقم!...

المسيحيّ هو من يَحكُمُ الله فيه وهو من يُحْكَمُ بوصيّة الله ويَحكُمُ بها أي هي تحيا فيه وتتجسَّدُ به وهو فيها وبها. لا يمكن للمسيحيّ أن يكون صامتًا عن الظُّلم لئلَّا يصير محسوبًا ضدَّ الله. القيامة نور للقلب والفكر ولا تشوبها ظلمة، ومن كان فكره مظلمًا لم يقم بعد بل ما زال في خطاياه.

ليست قيامة الرّبّ يسوع حدثًا تاريخيًّا نستذكره أو نستحضره، بل هي مصدر حياتنا كمسيحيّين، لأنّنا بدون قيامة الرَّبّ لا وجود لنا ولا معنًى. ومن لم يعرف خبرة القيامة بالتّوبة يبقى في قساوة قلبه وفي إلحاده ولو كان يظنّ نفسه مؤمنًا، لأنَّ ابن القيامة هو من تغيَّرت حياته بتجديد ذهنه فقدَّمها ”ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ ...“ (رومية 12: 1 و2) إذ اختبر ما هي مشيئة الله الصّالحة الكاملة والمَرْضِيَّة حين سلك في حياته عابدًا لله أي مسبِّحًا له بنغمات طاعة الوصيَّة الَّتي كشفت له أنّه لم يعد من هذا العالم (راجع: يوحنّا 15: 19).

*          *          *

أيُّها الأحبَّاء، حين نهتف ونصرخ فرحين بقيامة المسيح، ومرتّلين ترنيمة الظّفر لا نحتفل عالميًّا ولا اجتماعيًّا بهذا العيد، بل نعيِّد وجوديًّا وكيانيًّا لاغتباطنا بالحرّيّة الَّتي ”حرَّرنا بها المسيح“ (غلاطية 5: 1) إذ لم نعد بإزاء الله عبيدًا بل أبناء، وبإزاء بعضنا البعض أعداء بل أحبَّاء. المسألة تتعلَّق بالخليقة الجديدة، الَّتي إمَّا أن نكونها أو لا نكون... لا مطرح للمُساومات وللمقايضات وللتّنازلات. أنت مع المسيح وله أو أنت ضدّه. من تمسَّك بهذا العالم الَّذي هو ”شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ“ (1 يوحنا 2: 16) يرفض الاعتراف بالقيامة، ومن تشُدّه الخطيئة أكثر من الوصيَّة يحبّ الموت الَّذي فيه (راجع: أمثال 8: 36)، والَّذي ”يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ“ (يوحنّا 12: 25).

هذا زمن التّغيير الجذريّ في حياتنا. أُعطينا بقيامة الرّبّ بذرة الحياة الجديدة فينا. من سقاها بطاعة الوصيّة ونقّى أرضها بصلاته واستمطر عليها غيث السّماء يصير مسكنًا لروح الله، و ”سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً“ (رؤيا 21: 1)...

”مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَكُونُ لَهُ إِلهًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا“ (رؤ 21: 7) ...

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (باللَّحن الخامس)

المسيحُ قامَ من بينِ الأموات، ووَطِئَ الموتَ بالموتِ، ووَهَبَ الحياةَ للَّذينَ في القُبُور.

الإيباكويي (الطّاعة)(باللّحن الرّابع)

سَبَقتِ الصُّبحَ اللَّواتي كُنَّ مع مريم، فَوَجَدْنَ الحجَرَ مُدحْرَجاً عَن القَبْرِ، وَسَمِعْنَ الملاكَ قائِلًا لهنَّ: لِمَ تَطلُبْنَ مع الموتى كإنسانٍ الّذي هُوَ في النُّورِ الأزليّ، أُنْظُرْنَ لَفَائِفَ الأكْفَانِ وأسْرِعْنَ وَاكْرِزْنَ في العالَم بأنَّ الربَّ قَدْ قامَ وأمَاتَ الموتَ، لأنَّه ابنُ اللهِ المُخَلِّصُ جِنْسَ البَشَرِ.

قنداق الفصح (باللَّحن الثّامن)

وَلَئِنْ كُنْتَ نَزَلْتَ إلى قبرٍ يا مَن لا يموت، إِلَّا أَنَّكَ دَرَسْتَ قُوَّةَ الجحيم، وقُمْتَ غالِبًا أَيُّها المسيحُ الإله، وللنِّسوَةِ حامِلاتِ الطِّيبِ قُلْتَ افْرَحْنَ، ولِرُسُلِكَ وَهَبْتَ السَّلام، يا مانِحَ الواقِعِينَ القِيَام.

الرّسالة (أع 1: 1– 8)  

هذا هُوَ اليَوْمُ الّذي صَنَعَهُ الرَّبّ، فَلْنَفْرَحْ وَنَتَهَلَّلْ بِهِ

اعْتَرِفُوا للرَّبِّ فإنَّهُ صالحٌ، وإنّ إلى الأبدِ رَحْمَتَهُ

إنّي قد أنشأتُ الكلامَ الأوّلَ يا ثاوفيلَسُ في جميع الأمورِ الّتي ابتدأ يسوعُ يَعمَلُها ويُعلِّمُ بها، إلى اليومِ الّذي صَعِدَ فيهِ، مِن بَعدِ أَنْ أَوْصى بِالرُّوحِ القُدُسِ الرُّسُلَ الّذينَ اصطَفاهُم، الّذين أراهُمْ أيضًا نفسَهُ حيًّا بَعْدَ تألُّمهِ ببراهينَ كثيرة، وهو يتراءَى لهم مدَّة أربعينَ يومًا ويُكلِّمُهُم بما يختصُّ بملكوتِ الله. وفيما هو مجتمعٌ معهم أَوْصاهُمْ أن لا تَبْرَحُوا مِن أورشليمَ بَلِ انتَظِرُوا مَوعِدَ الآبِ الّذي سَمِعْتُمُوهُ مِنّي، فإنَّ يُوحنّا عمَّدَ بالماء، وأمَّا أنتم فستعمَّدُونَ بِالرُّوحِ القُدُسِ، لا بعدَ هذه الأيّامِ بِكَثير. فسألهُ المجتمعونَ قائلينَ: يا ربُّ أفي هذا الزّمانِ تَرُدُّ المُلْكَ إلى إسرائيل؟ فقالَ لهم ليس لكم أن تَعْرِفوا الأزمنة أو الأوقاتِ الّتي جعلَها الآبُ في سلطانِه، لكنَّكم سَتَنالُونَ قُوَّةً بِحُلُولِ الرُّوحِ القُدُسِ عَلَيكُمْ، وَتَكُونونَ لي شهودًا في أورشليمَ وفي جميع اليهوديَّةِ والسّامرة، وإلى أقصى الأرض.

الإنجيل (يو 1: 1– 17)

في البدءِ كانَ الكَلِمةُ، والكَلِمةُ كانَ عندَ الله، وَكانَ الكَلِمَةُ اللهَ. هذا كانَ في البدءِ عندَ الله. كُلٌ بهِ كانَ وبغيرِهِ لَم يكُنْ شَيءٌ ممَّا كُوّن. بهِ كانتِ الحياةُ، والحياةُ كانَتْ نُورَ النّاس. والنُّورُ في الظُّلمَةِ يُضيءُ، والظّلمَةُ لم تُدْرِكْهُ. كانَ إنسانٌ مُرسَلٌ مِنَ اللهِ اسمُهُ يُوحَنَّا. هذا جاءَ لِلشَّهادَةِ لِيَشْهَدَ لِلنُّور، لكي يؤمنَ الكلُّ بِواسطتِهِ. لم يكنْ هوَ النُّورَ بَلْ كان ليشهَدَ للنّورِ. كانَ النُّورُ الحقيقيُّ الّذي يُنِيرُ كُلَّ إنسانٍ آتِيًا إلى العالم. في العالَمِ كان، والعالَمُ بهِ كُوِّنَ، والعالمُ لَمْ يَعرِفْهُ. إلى خاصَّتِهِ أتى، وخاصَّتهُ لم تقبَلهُ. فأمَّا كلُّ الّذينَ قَبِلوهُ فقد أعطاهُم سُلطانًا أن يكونوا أولادًا للهِ، الّذينَ يؤمنون باسمِهِ، الّذينَ لا مِن دَمٍ، ولا مِنْ مشيئةِ لحمٍ، ولا مِن مشيئة رَجُلٍ، لكنْ مِنَ الله وُلِدوا. والكلمَةُ صارَ جسدًا وحلَّ فينا (وقد أبْصرْنا مجدَهُ مجدَ وحيدٍ من الآب) مَملُوءًا نِعمةً وحقًّا، ويُوحَنَّا شَهِدَ لهُ وصرَخَ قائلًا: هذا هُوَ الّذي قُلتُ عَنهُ إنَّ الّذي يَأتي بَعدي صارَ قبلي لأنَّهُ مُتَقَدِّمي. وَمِنْ مِلْئِهِ نحنُ كلُّنا أخَذْنا وَنِعمةً عِوَضَ نِعمة. لأنَّ النّاموسَ بموسى أُعطِيَ. وأمَّا النِّعمَةُ والحقُّ فبِيسُوعَ المسيحِ حَصلا.

حول الإنجيل

"في البدء كان الكلمة... كلٌ به كان وبغيره لم يكن شيء ممّا كوّن" يبدأ الإنجيليّ يوحنّا بنفس تعبير سفر التّكوين "في البدء" مُظهرًا لا بل كاشفًا أنّ الخلقَ قد تمَّ بكلمة الله الّذي تجسَّد من أجلنا ومن أجل خلاصنا، وإنَّ لا شيء في الكون له وجود بدونه. لكونه وحده مصدر الحياة.

والحياة الآتية من كلمة الله تكسر قوّة الظّلام لأنّ النّور يفوق الظّلام قوّةً وفعلاً، حتّى أنَّه مهما عظمت قوى الظّلام فلن تستطيع أن تدرك النّور. وكلّنا يعلمُ أنَّ بصيصَ نورٍ يغلب طاقة الظّلام كلِّها.

الكلمة صار جسدًا ليصيِّر الجسديّ إلهًا بالنّعمة الّتي سيسكبها عليه بروحه القدّوس. الكلمة أخذ صورة عبدٍ ليجعل البشر أبناء الله.

هبةُ القيامة عطيّةٌ مجانيّة أُعطيت لنا بدمِ المسيح المَسفوك على الصّليب، لكنَّ الولوج إلى الحياة تقتضي تفعيل قوّة القيامة فينا. الفرح والسّعادة والسّلام الآتين من لدن الله قُدِّموا إلينا كعَلَى طبقٍ من فضَّةٍ ولكن يعود لنا ولحريّتنا أن نقبلهم أو نستبدلهم بسعادة وسلام أو لذّةٍ آنيّة.

يقول القدّيس بورفيريوس الرّائي: "أنّ الله الكلّي القدرة يقرع باب نفس الإنسان الضّعيف وينتظر بصبرٍ أن يفتح له لكي يجعله سعيدًا بالحقيقة. أمّا هو فغالبًا ما يُسيء استعمال حرّيته الّتي منحه الله إيّاها، فلا يفتح له، بل يبقى مغلِقًا على نفسه في شقائه".

 حضور المسيح الّذي قال عنه الإنجيليّ يوحنّا " كان النّور الحقيقيّ الّذي ينير كلَّ إنسان آتٍ إلى العالم" يكشف لنا بأنّه هو السّبب الوحيد للفرح الّذي لا يُنتَزَع من الإنسان وإنّ غيابه عن عمق النّفس البشريّة يسبّب الأحزان الّتي نعيشها في عالمنا الحاليّ. وما الظّلام إلّا نتاج استسلام الإنسان الطَوْعيّ والدّاخليّ لرغباتٍ سيّئةٍ تأصّلت فيه وتصوَّرت طريقة عيشٍ في العالم، حياةٌ مليئةٍ بالخطايا والكبرياء المجروح النّاتج عن أعمال الإنسان السّيّئة.

إنَّ تلاوة هذا النّصّ الإنجيليّ النّورانيّ، أي المجبول بالقوّة الإلهيّة والنّعمة والنّور، هو ما تدعونا الكنيسة إليه اليوم أن نشترك به. لذا نرتّل "أنعم علينا أن نشاركك بأوفر حقيقة في نهار ملكك الّذي لا يغرب أبدًا" لأنَّ قيامة المسيح هي الّتي كشفت لنا قدرته على الغلبة، فقد قال لنا سابقًا "ثقوا قد غلبت العالم" ولكنّنا رأيناه مُعلّقًا على الصّليب. لكنّنا اليوم ندرك حقيقة غلبته وندرك أنّ ما قاله عن قوّة الحياة فينا تحقَّقَ بقيامته.

لقد قام المسيح ومنحنا القدرة أن نغلب الظّلام والخطيئة الّتي فينا، قام المسيح ليُعطينا محبةً كثيرةً وفرحًا منذ الآن، ملكوت المسيح افتُتحَ بموته ونزوله إلى أعمق وظلمات الجحيم ليفجّر قوّة القيامة فيه ويشركنا في ملكوت محبّته المُضيء والّذي لا يَعْروه مساء. المسيح قام، حقًّا قام..!!

اليوم يوم القيامة

بهذا الإعلان الفصحيّ المُدَوِّي صَدَحَتْ حناجرنا في هذا الفجر الجديد المُبارَك، وهو يعني أنّ القيامة ليست حَدَثًا تاريخيًّا صار منذ ألفَي عام وانتهى. لا، بل القيامةُ فعلٌ تاريخيّ مستمرٌّ أبدًا. هي واقع نعيشه اليوم لنعيشه كلّ يوم. تأوين القيامة بجعلِها راهنًا مستديمًا هذا هو المطلوب. فلماذا، إذًا، جعلنا لها موسمًا دَعَوناه موسمَ الفصح؟ هل لنحبسها فيه أو ليختزلها هو؟ بالطّبع لا. وجوابي أنّنا إنّما وقّعناها موسميًّا كي لا ننسـى؛ أي كي نذكر، على الدّوام، أنّنا قياميّون. إنّ الإيقاع الموسميّ مهمّ لأَنّه يُسعف الذّاكرة، وهذه خوّانة لأنّ رتابة الأيّام تجعلها كذلك.

أجل، إذا رتّلنا "اليومَ يومُ القيامة" فلكي نذكر أنّنا قياميّون وأنّنا بهذه الصّفة نُطلّ على العالم ونتعاطى قضاياه. نحن قياميّون، وينبغي لقياميّتنا أن تتجلّى في فكرنا وسلوكنا، في قولنا والفعل. قياميّتنا هي هويّتنا الّتي نواجه بها العالم وبها يعرفنا العالم. إنّها تظهر بتخلّقنا بأخلاق القيامة الّتي هي صفح وغفران وتَصالُحُ إخوة، أي، وباختصار، باعتناقنا فكر المسيح (فيليبي 5:2) المغاير كلّيًّا لفكر العالم، لأنّ "أفكاري ليست أفكاركم، يقول الرَّبّ" (إشعيا 8:55). "نحن قياميّون" تعني أنّ جذورنا ضاربة في السّماء لا في الأرض، وأنّنا من السّماء نجيء لنُعانق الأرض حتّى، إذا ما وطئتها أقدامنا، نحرثها ببركات السّماء ونقدّمها لبارئها حقلةً مفلوحةً تُثمر ببركات السّماء أيضًا. "اليومَ يومُ القيامة" إعلانٌ فصحيٌّ يعني أنّنا ما دُمنا مشمولين بكنف القائم من بين الأموات فنحن في الحياة الأبديّة قائمون منذ الآن، إذ ليست الحياة الأبديّة آتيًا مُرجَأً، لكنّها "ساعة تأتي وهي الآن حاضرة" (يوحنّا 25:5). إنّها المسيح حاضرًا معنا وحياتنا مستترة فيه، سرّيًّا، بالرّوح القدس.

"اليومَ يومُ القيامة" أي اليومُ الّذي به ختم القائم من بين الأموات تاريخًا قديمًا هو تاريخ السّقوط ليدشّن تاريخًا جديدًا هو تاريخ الخلاص، تاريخ تجديد الخليقة والتَّوثُّب إلى الفردوس المُستعاد. إنّه اليوم الّذي فيه وضع المسيح الظّافر حدًّا نهائيًّا لحكم النّاموس الّذي بموسى أُعطي ليدشّن عهدًا جديدًا هو عهد النّعمة والحقّ اللَّذَين به حصلا. فنحن، إذًا، قياميّون عندما تخلع عنّا العتاقة الّتي كنّا عليها، عتاقة مفاسدنا وعاداتنا القبيحة، لنتسـربل الجدّة الّتي أطلقها السّيّد بقيامته والّتي نحن، أصلًا، من مواليدها مُذ خرجنا من جرن المعموديّة.

"اليومَ يومُ القيامة"؛ وكما انفجر من ظلمة القبر "النّور الّذي لا يعروه مساء" هكذا سينفجر من ظلمة أحوالنا السّوداء نورٌ. هذا رجاؤنا، والرّجاء، في قاموسنا، يقين ثابت وليس احتمالًا. المسيح قام!

أخبارنا - برنامج صلوات راعي الأبرشيّة في أحد الفصح العظيم المُقدَّس وأسبوع التّجديدات

* السّبت في 1 أيّار، ليلة الفصح العظيم المقدّس:

الهجمة وقدّاس الفصح، في كنيسة القدّيس أندراوس- عيتا الفخّار، عند السّاعة 10:00 مساءً.

* الأحد في 2 أيّار، أحد الفصح العظيم المقدّس:

الهجمة، السّحريّة  وقدّاس الفصح، في كاتدرائيّة القدّيس نيقولاوس- حيّ الميدان زحلة، عند السّاعة 5:00 فجرًا.

* مساء أحد الفصح العظيم المُقدَّس في 2 أيّار:

غروب الباعوث وقراءة الإنجيل بِلُغات مُتعدِّدة، في كنيسة سيّدة البشارة- المطرانيّة، عند السّاعة 6:00 مساءً.

* الثّلاثاء في 4 أيّار، ثلاثاء الباعوث:

سحريّة وقدّاس إلهيّ، في كنيسة القدّيس أنطونيوس الكبير- المعلّقة، عند السّاعة 8:30 صباحًا.

* الجمعة في 7 أيّار، جمعة الباعوث:

سحريّة وقدّاس إلهيّ، في كنيسة سيّدة البشارة- المطرانيّة، عند السّاعة 8:30 صباحًا.

* ملاحظة:

يعتذر صاحب السّيادة راعي الأبرشيّة المتروبوليت أنطونيوس (الصّوري) عن استقبال المهنّئين بعيد الفصح المجيد نظرًا للظّروف الرّاهنة الّتي تمرّ بها البلاد وبائيًّا واجتماعيًّا.

المسيح قام!  حقًّا قام!

انقر هنا لتحميل الملف