Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 8 كانون الثّاني 2023                 

العدد 2

الأحد بعد عيد الظّهور الإلهيّ

اللّحن 5- الإيوثينا 8

أعياد الأسبوع: *8: البارَّة دومنيكة، البارّ جرجس الخوزيبي *9: الشَّهيد بوليفكتوس، البارّ افستراتيوس *10: القدّيس غريغوريوس أسقف نيصص، القدّيس دومتيانوس أسقف مليطة *11: البارّ ثاودوسيوس رئيس الأديرة، البارّ ﭬيتاليوس *12: الشّهيدتين تاتيانا وآفستاسيّا، القدّيس فيلوثاوس الأنطاكيّ *13: الشَّهيدين أرميلس واستراتونيكس، البارّ مكسيموس (كفسوكاليفيا) *14: وداع عيد الظُّهور، الآباء المقتولين في سيناء وريثو.

الكلمة الإفتتاحيّة 

الماء

نستهلُّ العام َالجديدَ، ولنا أملٌ، الأملُ في أن تكونَ حياتُنا جديدةً، وهذا لا يكون بتجدُّد المكان والزَّمان، بل بالتَّجدُّد الدَّاخليِّ في النَّفْسِ والرّوح. نبدأُ عامَنا الأرضيَّ الجديدَ ونحتفلُ بعيد الظُّهور الإلهيّ، وكأنَّ الكنيسةَ تُعلِّمُنا في هذا التَّرتيبِ أنَّ أيّامنا تتجلَّى بهذا الظُّهور الثَّالوثيّ الدَّائم في حياتنا، فنبدأُ سنتَنا بتقديس الماء، ونستذكرُ أنّ وقتَ إبداع العالم "كان روحُ الله يرفُّ على وجهِ المياه" (تك١: ٢). نعم! إنّ بدايةَ العالم كانت بالله وعلى هذا الأساس تكون بداية السَّنة باللهِ أيضًا.

تُقدِّس الكنيسةُ الماءَ لأنَّه "ألطف العناصر المنظورة الَّتي يتكوّن منها العالم" (ق. كيرلُّس الأورشليميّ ٣: ٥). ولأنَّ به كان خلاصُ الشَّعب العبرانيّ من فرعون الَّذي غرقَ في البحر هو وجنوده (خر ١٤). كذلك إيليّا النّبيّ الَّذي لم يصعد إلى السَّماء إلَّا بعد أنْ عبرَ نهر الأردن. وأمّا الكهنوتُ فلمْ يُعطَ لهارون إلّا بعد أن غُسِّل بالماء (خر ٢٩: ٤).

مع المسيح، بَطُـلَتْ كُل هذه الرُّموز وحلَّت مكانها الحقائق، إذ، قدّس المسيحُ الماءَ بعماده وفتحَ لنا بابَ التَّقديس والتَّبنّي كما أعدَّ لنا الرُّوح القدس لتطهيرنا وتبريرنا. وهنا، يذكرُ القدّيسُ كيرلُّس الأورشليميّ أنَّ الخليقة َكلَّها تقدَّسَت بحقيقةِ نزولِ المسيح إلى مياه الأردن، أي أنَّه ليس الإنسانُ فقط من تقدَّس بمعموديّة المسيح، بل، طال التَّقديسُ كل َّشيء! لقد سقطتْ الملائكة أوَّلًا، ثمّ تبعها سقوط الإنسان، فالسُّقوط إذًا، شملَ كلَّ الكونِ وأصبحَ الماءُ "مأوىً ومربـض للتّنّين" لأنّ المسيحَ لم يأتِ ليُخلِّصَ الإنسان فقط، بل ومن خلالِه كلّ الخليقة. وهذا ما نقرأُ في خدمةِ تقديس الماء يومَ عيد الظُّهور الإلهيّ إذ يقرأُ الكاهن في إفشين التَّقديس: "اليومَ فُتحَ لنا الفردوسُ وأَشرقَت لنا شمسُ البرّ، اليومَ تتلألأُ الخليقةُ كلُّها".

يُــغرّقُ الماءُ طبيعتَنا القديمة ويُميتُها، ويولّدُ طبيعةً جديدة، والَّذي كان للمسحةِ الخارجيّة والمـُلك الزَّمنيّ، أصبحَ للتَّقديس والحياة الأبديّة. لقد تَبارَكَ الماءُ بمعموديّة المسيح، واليومَ يُبارَك بإنزالِ الصَّليبِ الـمُقدَّس فيه. هذا الطَّقسُ اللّيتورجيّ قد أستُخدِم منذُ القرن الرَّابع، وما زالَ يُقامُ حتّى اليومَ كتذكارٍ سنويّ.

تُبارَك المياهُ في عيد "الغطاس" بصلواتٍ تُعيدُ كلَّ أحداثِ الخلاصِ منذُ بداية تكوين العالم مرورًا بأمر المسيح لتلاميذه "اذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ" (متى ٢٨: ١٩) لننـتهي بنهر ماء الحياة الصَّافي الخارج من عرش الله بسِفْرِ الرُّؤيا (رؤ ٢٢). وبعد أن تُبارَك المياه، يأخذُها المؤمنُ كذخيرة بسبب قوَّتها التَّكريسيّة والشِّفائيّة ليشربَ منها "لشفاء النَّفْسِ والجسد"، ليُباركِ بها منزلَهُ ومقتنياتِهِ، وللحماية من الأرواح الشِّرِّيرة.

هذا، وقد ابتدأ الكتابُ المقدّس بروح الله يرفُّ على الماء (تك ١: ٢)، وانتهى بدعوتنا للشِّرب من ماء الحياة "وَمَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْتِ. وَمَنْ يُرِدْ فَلْيَأْخُذْ مَاءَ حَيَاةٍ مَجَّانًا" (رؤ ٢٢: ١٧).

نعم! إنّ الماءَ هدّامٌ وبــنّاءٌ في الوقت ذاته، يكونُ هدّامًا عندما يُعصي الإنسانُ أمر الله، ويكون بــنّاءً عندما يؤمنُ الإنسانُ بأنَّه حياة. فماءُ الحياة ينبعُ من عرشِ اللهِ ذاته.

عسانا نُجاهدُ لنشربَ من الماء الحَيّ "الَّذي مَنْ يشربه لا يعطش أبدًا" حتّى نُكملَ هذا العام، وكلَّ أيَّامِ حياتنا، مُمتلئين من ماء الحياة، ماء يسوع الَّذي لا ينضُب أبدًا.

 طروباريّة القيامة (باللَّحن الخامس)

لِنُسَبِّحْ نحنُ المُؤمنينَ ونسجُدْ للكلمة. المُساوي للآبِ والرُّوحِ في الأزَليّةِ وعدمِ الابتداء. المَوْلودِ مَنَ العذراء لِخلاصِنا. لأنّه سُرَّ أن يَعلُوَ بالجَسَدِ على الصَّليب. ويحتمِلَ المَوْت. ويُنهِضَ المَوْتى بقيامتِهِ المَجيدة.

طروباريّة الظّهور (باللَّحن الأوّل)

باعتمادك يا ربّ في نهرِ الأردن ظهرَتِ السَّجدَةُ للثّالوث، لأنّ صوتَ الآبِ تقدَّمَ لكَ بالشّهادة مُسمِّيًا إيّاكَ ابنًا محبوبًا، والرُّوحَ بهيئةِ حمامة يؤيِّدُ حقيقة الكلمة. فيا مَن ظهرتَ وأنرتَ العالم، أيُّها المسيحُ الإلهُ، المجدُ لك.

قنداق عيد الظّهور (باللَّحن الرَّابع)

اليومَ ظهرتَ للمسكونة يا ربّ، ونورُك قد ارتسمَ علينا، نحن الّذين نسبِّحُكَ بمعرفةٍ قائلين: لقد أتيتَ وظهرتَ أيُّها النُّورُ الّذي لا يُدنى منه.

الرِّسالة (أف 4: 7-13)

لِتَكُن يا ربُّ رحمَتُكَ عَلَينا

ابتهِجوا أيُّها الصِّدّيقونَ بالرَّبّ

يا إخوة، لكلِّ واحدٍ منّا أُعطيَتِ النِّعمةُ على مِقدارِ موهبةِ المسيح. فلذلك يقول: لمّا صعِدَ إلى العُلى سبى سبيًا وأعطى النّاسَ عطايا. فكونُهُ صعِدَ هل هو إلّا أنّه نزَل أوَّلًا إلى أسافلِ الأرض. فذاك الَّذي نزلَ هو الَّذي صعدَ أيضًا فوق السَّماوات كلِّها ليملأ كلَّ شيء. وهو قد أعطى أن يكونَ البعضُ رُسُلًا والبعضُ أنبياءَ والبعضُ مبشِّرين والبعضُ رُعاةً ومعلِّمين. لأجلِ تكميل القدّيسين ولعَمَلِ الخدمة وبُنيان جسد المسيح. إلى أن ننتهي جميعُنا إلى وحدة الإيمان ومعرفة ابن الله، إلى إنسانٍ كاملٍ، إلى مقدار قامةِ مِلءِ المسيح.

الإنجيل (متّى 4: 12-17)

في ذلك الزَّمان، لمّا سمع يسوع أنَّ يوحنّا قد أُسْلِم انصرف إلى الجليل، وترك النّاصرة، وجاء فسكن في كفرناحوم الَّتي على شاطئ البحر في تُخوم زبولون ونفتاليم، ليتمّ ما قيل بإشعياء النّبيّ القائل: "أرض زبولون وأرض نفتاليم، طريقُ البحر، عِبرُ الأردن، جليلُ الأمم. الشَّعبُ الجالسُ في الظُّلمة أبصر نورًا عظيمًا، والجالسون في بقعة الموت وظلالِه أشرق عليهم نور". ومنذئذ ابتدأ يسوع يكرز ويقول: "توبوا فقد اقترب ملكوت السَّماوات".

حول الرّسالة 

باسم الآب والابن والرُّوح القُدُس آمين،

"وَلكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ" (أف 4: 7).

هذه هي محبَّةُ الرَّبِّ يسوع، الله يمنح عَطِيَّةً مجّانيّةً لكُلٍّ منّا بواسطة ختم وموهبة الرُّوح القدس الَّتي أخذناها بالمعموديَّة، ونحن علينا أنْ نُنَمِّيها بالجهاد والصَّلاة والصَّوم والتَّوبة والمَحبَّة والتَّواضع، لأنَّه يعرف مقدرة كلَّ شخصٍ مِنَّا وسوف نطالَبُ منه على النِّعَم الَّتي وَهَبَنا إيّاها، كيف استغلَّيْناها؟ هل عملنا بالوزنات أو طمرناها؟ عالمين أيضًا أنَّ الَّذي قد أُعْطِيَ كثيرًا يُطلَب منه الكثير.

كلُّ فردٍ مِنّا يُشَكِّل جسدَ الرَّبِّ يسوع وكلُّنا لدينا خاصِّيَّة عند الرَّبّ يسوع، الكلُّ يكمل الكلّ هذا هو فرح الجماعة من دون أي مصلحة شخصيَّة أو أي غاية ضيِّقة.

إذا أرَدْنا مُقارَنَة جسد الرَّبّ يسوع بالجسد البَشَرِيّ!

ما هو الحَلّ إذا أصاب أحد اليَدَيْن أو الرِّجلَيْن أو أحد أعضاء الجسد مرضًا ما، هل أقطع وأُزيل هذا العضو أم أسعى جاهِدًا لِشِفاءِه والمُحافَظَة عليه؟؟؟

هذه هي حالنا يا أحِبَّة، أنْ نحمل بعضُنا أثقالَ بعضٍ، أنْ نَكون عَوْنًا لإخوتنا في دخول الملكوت وليس عائقًا أو دينونة.

يقول القدِّيس بولس الرَّسول برسالَتِه لأهلِ غلاطية:

"أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنِ انْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ مِثْلَ هذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ، نَاظِرًا إِلَى نَفْسِكَ لِئَلَّا تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضًا" (غل 6: 1).

لأنّ الرَّبَّ لا يَهُمُّهُ مَوْتُ الخاطئ بل أنْ يَرْجع إلى أحضان الرَّبّ ويَحْيَا، ويريدنا أنْ نكون كامِلِين في القداسة "إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ". هذه هي الكنيسة يا أحبّة، أن نكون شَفُوقين مُحِبِّين مُسامِحين بعضُنا البعض، أنْ نمتَلِئ من المحبَّة الأخويَّة الإنجيليّة لأنّ الرَّبَّ يقول: "بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ" (يو 13: 35).

يبقى السُّؤال: "هل لدينا هذا الحبّ؟"، لوجدان لكلِّ واحدٍ منّا أمامَ مِنْبَرِ الرَّبِّ يسوع. آمين.

شرح أيقونة الظُّهور الإلهيّ  

إذا تأمّلنا في أيقونة الظُّهورِ الإلهيّ (الغطاس)، نرى يسوعَ ويوحنّا المعمدان بالإضافة إلى العناصر التّالية: الحمامة-المياه- السَّمك- الملائكة.

يُصَوَّرُ الرَّبُّ يسوعُ وافقًا في مجرى الماء، عاريًا، وقد برزت عضلاتُ بطنه. فالعُريُ يُذكّرُ بحالةِ الإنسانِ في الفردوسِ قبلَ السُّقوط. وبروزُ عضلاتِ البطن، يُمهِّدُ لِمشهدِ الآلامِ والصَّلب. وكذلك قطعة القماش الملفوفة حولَ خصره ترمزُ إلى الكَفَنِ الَّذي سيُلَفُّ به عند موتِه.

نرى الرَّبَّ يسوعَ يُبارِكُ المياه بِيَدِه اليُمنى، وهذا يعني أنّه هو المقدِّس، يُشيرُ إلى المياه كأنّه يدعو آدمَ إلى الاِغتسالِ معه فيها، ليتطهّرَ مِن خطاياه.

يوحنّا المعمدانُ يُلامسُ هامَةَ الرَّبِّ يسوعَ بِرِعدة، لأنّه يُدرِكُ أنّ الأجدر به أن يعتمدَ مِن يسوعَ لا أن يُعمِّدَه.

مجرى النَّهر يبدو على شكل كهفٍ، كصورةٍ مُسبَقةٍ للقبر، سوفَ نراها بشكلٍ أوضح في أيقونةِ النّزولِ إلى الجحيم، كما سبقَ أن رأيناها في أيقونةِ الميلاد. وفي هذا تعليمٌ مَفادُه أنّ هذا الَّذي رأيناه طفلًا في مغارةِ بيتَ لحم، واليومَ نراهُ رجلًا يقتبلُ المعموديّةَ من يوحنّا في نهر الأردُنّ، هو الفادي الَّذي سيموتُ من أجلِ خلاصِنا.

السّمكُ في مياه النَّهرِ يرمزُ إلى النَّاسِ الَّذين سيُلَبُّونَ دعوةَ المسيح، وسيدخلونَ معه في القبر لكي ينهضوا معه. وكلمةُ "سمكة" في اللَّغةِ اليونانيّة تتألّف من خمسةِ أحرُفٍ هي الأحرفُ الأُولى مِن عبارة: "يسوع المسيح ابن الله المخلّص". السّمكةُ هيَ الرَّمزُ المسيحيُّ الأقدم.

الحمامةُ في هذه الأيقونة هي الرُّوحُ القدس الَّذي ظهر في حادثةِ معموديّة الرَّبّ على شكل حمامة. ولكنْ ليس هذا وحسْب، بل تذكّرُنا بالحمامةِ الَّتي في أيّام نوح بشّرت بانتهاء الطُّوفان وظهور اليابسة. وإذا عُدنا في التَّاريخ المقدّس أكثر، نرى أنّ "روح اللهِ يَرِفُّ على وجهِ المياه" (تك 1:1).

تنحدرُ الحمامةُ من السَّماء، ويقولُ النَّصُّ إنّ صوتَ الآبِ سُمِعَ من السَّماء يقول: "هذا هو ابني الحبيبُ الَّذي به سُرِرتُ". لذلك، نرى اللَّوْنَ الذَّهبيَّ في القسم الأعلى من الأيقونة حيثُ الحمامةُ، وحيث السَّماءُ مفتوحةٌ لِتُشيرَ إلى البَرَكةِ الآتيةِ من اللهِ الآب. هذا اللَّوْنُ الذَّهبيُّ هو لونُ المجد، أي لونُ السَّماء، مسكنِ الله.

يبدو الملائكةُ في أيقونةِ الظُّهورِ الإلهيّ مستعدّينَ للخدمة، لأنّ الرَّبَّ يسوعَ، مباشرةً بعد خروجِه من مياهِ الأردنّ، سيذهب إلى البرّيّةِ ليصومَ أربعينَ يومًا وأربعينَ ليلةً وينتصرَ على تجاربِ إبليس. هناكَ سوفُ يقومُ الملائكةُ بخدمتِه.

نرى في العادةِ أربعًا من الملائكة: ثلاثةً منهم ينظرونَ إلى المسيح، وواحدًا خلفهم منفردًا عنهم يحدّقُ إلى السَّماء. أحدُ الثَّلاثةِ يرتدي الأرجوانَ رمزًا للمحبّةِ الإلهيّةِ للنَّاس؛ وآخَرُ يرتدي الذَّهبيّ رمزًا للمجدِ الإلهيّ؛ والثَّالثُ يرتدي الأحمر رمزًا للموتِ الفدائيّ.

أمّا الملاكُ المنفردُ عن رفاقِه والمحدِّقُ أبدًا بالسَّماء، فيرتدي اللَّوْنَ الأخضر، دلالةً على تجدُّدِ الحياة، وهو يمثّلُ ملائكةَ التَّسبيح، الَّذين لا ينفكّون يرنّمونَ لرَبِّ المجد.

 أقوال عن الظّهور الإلهيّ للمتروبوليت أنطونيوس (الصّوري)

+ هذا هو أساس الإيمان المسيحيّ أنّ الله ثالوث وأنّ ابن الله، الأقنوم الثّاني اتّخذ طبيعتنا البشريّة بكاملها ليفتديها بإتمامه النَّاموس في إنسانيّته ليجعل البشريّة تتحرّر من نير النَّاموس وليُدخِلها في سرّ النّعمة في شركة حياة الثّالوث القدّوس.

+ افتدى الله كلّ الخليقة والطّبيعة البشريّة تجدَّدت بالمسيح المعتمد من يوحنّا لأنّ الله نفسه نزل في المياه فقدَّسها، وهذا رمز إلى الموت والقيامة، ففي المسيح يموت آدم العتيق تحت الماء ليقوم آدم الجديد غالبًا قوَّةَ الموت المتمثّلة بالمياه، حيث يستتر إبليس ليخنق الإنسان، الّتي تصير مصدرًا للحياة عوض الموت.

+ نور الله قد سكن فينا بنعمة الرُّوح القدس المستقرّ في الابن من خلال الكنيسة جسد المسيح. صرنا نعبد الله الآب بمعرفة، ونسبِّحه كونه أتى إلينا وكشف لنا ذاته في ابنه المتجسِّد بنعمة الرُّوح القدس السّاكن فينا.

+ كما تقدَّس يوحنَّا المعمدان والمياه بمعموديّة يسوع، كذلك نحن أيضًا بِرَشِّنا ونَضْحِنا بالماء المقدَّس نتطهَّر ونتنقّى ونتجدَّد ونستنير لنجوز ”سبيل العمر الزّائل“ إلى ملكوت السّماوات في استباق تذوّقه وعيشه منذ الآن.

+ الكشف الإلهيّ لسرّ الله المثلّث الأقانيم، في معموديّة الرَّبّ يسوع المسيح على يد يوحنّا المعمدان، منح البشر أن يسكن فيهم نور نعمة الثّالوث، فيرتسم هذا النّور على مُحَيّاهم شهادة للأبديّة المتجلّية في وجوههم إعلانًا لنقاوة النّفس والجسد، كما نسمع عن أوَّل الشّهداء استفانوس أنّ ”وَجْهَهُ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَلاَكٍ“ (أعمال الرّسل 6: 15).

+ هذا هو عمل الله فينا وعملنا فيه إذا ما قبلنا كلمته نورًا لحياتنا، فنصير كيوحنّا المعمدان شهودًا لـ”حمل الله الرّافع خطيئة العالم“ والمانح الخليقة كلّها الرّحمة العظمى.

+  لقد استعلن الله ثالوثًا في معموديّة الرَّبّ يسوع، واستعلن إنسانًا مشارِكًا لنا حياتنا لكي نشاركه حياته. لم يأت الرَّبّ ليهبنا شيئًا آخر غير ذاته. بالابن نعرف الآب وبالآب نعرف الابن.

أنقر هنا لتحميل الملفّ