Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 12 حزيران 2022                  

العدد 24

أحد العنصرة العظيم

أعياد الأسبوع: *12: أحد العنصرة وصلاة السّجدة، البارّ أنوفريوس المصريّ، بطرس الآثوسيّ *13: اثنين الرُّوح القدس، الشّهيدة أكيلينا *14: النّبيّ أليشع، ميثوديوس رئيس أساقفة القسطنطينيّة *15: النّبيّ عاموس، البارّ ايرونيمُس *16: تيخن أسقف أماثوس * 17: ايسفروس الشّهيد ورفقته، مانوئيل وصابل واسماعيل الشّهداء *18: وداع عيد العنصرة، الشّهداء لاونديوس ورفقته.

كلمة الرّاعي

العنصرة 

تعيّد الكنيسة المقدَّسة بأحد العنصرة الَّذي يختتم الزَّمن الفِصحيّ بعد خمسين يومًا من أحد القيامة.

عيدُ العنصرة هو عيد ميلاد الكنيسة. يوم العنصرة تمَّم يسوع وعده لتلاميذه بإرسال الرُّوح المُعَزِّي لهم

(راجع: يو14: 26، لو 24: 49 وأع 2: 33).

بالعنصرة يتحقَّق الفصح والصُّعود في الكنيسة وفي المؤمنين بيسوع المسيح. في هذا اليوم، حلَّ الرُّوح القدس على الرُّسُل والتَّلاميذ الآخرين الَّذين كانوا مجتمعين في الصَّلاة مع مريم والدة الإله في عِلّيّة صهيون. كان عدد الجماعة نحو مئة وعشرين شخصًا (أع 1: 14-15). يسوع القائم من بين الأموات صعد إلى السَّماء ليُرْسِل روحه إلى الكنيسة فيستقرَّ فيها، ويمنح المؤمنين به أن يعيشوا هذا السّرّ أي أن يشاركوه حياته الإلهيّة، ويُصبحوا شهودًا له في كلّ العالم.

*          *          *

عنصرة لفظة عربيّة مأخوذة من العبرية "עצרה" (عتصيرت) ومعناها اجتماع أو احتفال. وأمّا التَّسمية اليونانيّة للعيد "πεντηκόστη" أي الخمسين، لأنّه كان يُحتَفَل به بعد مرور خمسين يوم من الفصح (لاو 23: 16). دُعي أيضًا عيد الأسابيع "שבועות" (شفوعوت) (راجع: طوبيّا 2 :1). ويعتبر عيد العنصرة (عيد الأسابيع) أحد أعياد الحج اليهوديّة الثّلاثة مع عيد الفطير (الفصح) في الرّبيع وعيد المَظال (قطْف الثِّمار في الخريف) (تثنية الاشتراع 16: 13 ولاويين 23: 34). يَحتفل به اليهود به في حضرة الله مع جميع أهل البيت ومع الفقراء. وبعد دخولهم أرض كنعان كان يحتفل اليهود بهذه الأعياد في الهيكل.

وفي القرن الثّاني قبل الميلاد تطوّر العيد وأصبح ذكرى نزول الشَّريعة على يد موسى كليم الله في طور سيناء لأنّ الشّريعة أعطيت خمسين يومًا بعد الفصح (خروج 19: 1- 16). وفي وثائق قمران تبدو العنصرة أهمّ الأعياد الَّتي فيها يحتفلون بتجديد العهد.

في العنصرة تحقَّقتْ مواعيد الله، ففي الأيّام "الأخيرة سوف يُعطى الرُّوح للجميع" (يوئيل 3: 1- 5، حزقيال 36: 27). وسبق يوحنّا المعمدان وتنبّأ بحضور ذلك الَّذي كان مُزمِعًا أنْ يعمِّد بالرُّوح القدس (مرقس 8:1). وقد ثبَّت يسوع بعد قيامته هذه المواعيد إذ قال لتلاميذه "تعمَدون بالرُّوح القدس بعد أيّام قليلة" (أعمال 1: 5).

*          *          *

نقرأ في إنجيل اليوم (يوحنّا 7): "إنْ عَطِشَ أحد فليُقبِل إليّ ويشرب". ويكمل يسوع قائلًا: "من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهارُ ماءٍ حَيّ". الرُّوح القدس هو هذا الماء الحَيّ أي المُتَجَدِّد لأنّه ينبوع الحياة وصانعها وهو ثابت الطَّبيعة كما أنّ الماء لا يتغيّر بطبيعته. لا حياة بدون ماء. كلّ شيء يمكن أن يُستغنى عنه إلّا الماء. هذا يعني أنّ الحياة الجديدة الَّتي بالرُّوح القدس هي أصل وجوهر حياتنا والَّتي بدونها لا نستطيع أن نحيا. بدون روح الله لا حياة لنا. روح الله هو مصدر حياتنا وهو يَمُدُّ حياة الله فينا ومن خلالنا في العالم.

الكنيسة هي مطرح وجود هذا النَّبع في العالم لأنّها جسد المسيح. كما يستقرُّ الرُّوح القدس في المسيح يستقرُّ في الكنيسة. لذلك، الكنيسة هي منبع روح الله في العالم، والرُّوح نفسه يشدُّ النّاس إليها ويجذبهم ليأخذهم إلى المسيح فيُتْحِدُهُم به في جسده.

*          *          *

صار الإنسان بالمسيح في نعمة الرُّوح القدس "هيكل الله" (راجع: 1 كورنثوس 3: 17 و2 كو 6: 16)، أي هو مَمْلوء من حضوره ومجده بالنّعمة الإلهيَّة. الرُّوح القدس يعطينا الصّفات الإلهيَّة أي يجعلنا شبيهين بالمسيح (راجع: غلاطية 5: 22 و23). بالرُّوح القدس نحقِّق مسيحيَّتنا أي نصير مُسَحاء صغار حاملين في جسدنا "سمات الرّبّ يسوع" (غل 6: 17) لأنّنا نسلك وراء معلّمنا طريق إخلاء الذّات وحمل الصّليب وعيش المحبَّة ببذلنا ذواتنا لأجل الإخوة (راجع: فيليبي 2: 5 – 11 وغل 6: 1 – 10).

الرُّوح القدس هو "روح التّقديس وعربون الدّهر الآتي ..." (أنافورا القدّيس باسيليوس الكبير). بالعنصرة منحنا الله ذاته لنعود إليه بمؤآزة قوّته فنحقِّق بالمسيح مشروعه لنا أي أن نصير له أبناءً وورثة. العنصرة حدث أبديّ تحقِّق في الكنيسة ويتحقَّق في كلّ مؤمن إذ يُعطى له أوّلًا في المعموديّة والمَيْرون والمناولة الإلهيّة وفي سائر الأسرار، إنّها خبرة حياة الدّهر الآتي منذ الآن... هذه خبر الكنيسة المقدَّسة والقدّيسين وهذا ما نطلبه في حياتنا أن نكون عنصريين أي روح الرّبّ يهبّ فينا على الدّوام لنصير للمسيح شهودًا بقيامته وغلبته على الموت وتبنّي الله الآب لنا به...

من له أذنان للسَّمع فليسمع.

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريَّة العَنْصَرَة (باللَّحن الثَّامِن)

مُبَارَكٌ أَنْتَ أَيُّهَا المسيحُ إِلهُنَا، يا مَنْ أَظْهَرْتَ الصَّيَّادِينَ غَزِيرِي الحِكْمَة إِذْ سَكَبْتَ عَلَيهِمِ الرُّوح القُدُس، وبِهِمِ ٱصْطَدْتَ الـمَسْكُونَة، يا مُحِبَّ البَشَرِ، المَجْدُ لك.

قنداق العَنْصَرَة (باللَّحن الثَّامِن)

عندما نَزَلَ العَلِيُّ مُبَلْبِلًا الأَلْسِنَة كانَ للأُمَمِ مُقَسِّمًا. ولمَّا وَزَّعَ الألسِنَةَ النَّارِيَّة دَعَا الكُلَّ إلى اتِّحَادٍ واحِد. لذلك، بصوتٍ مُتَّفِق، نُمَجِّدُ الرُّوح الكُلِّيَّ قُدْسُهُ.

الرِّسالَة (أع 2: 1-11)

إِلى كُلِّ الأَرْضِ خَرَجَ صَوْتُهُم

السَّمَاواتُ تُذِيعُ مَجْدَ الله

لمَّا حَلَّ يومُ الخمسِينَ، كانَ الرُّسُلُ كُلُّهم معًا في مكانٍ واحِد. فَحَدَثَ بَغْتَةً صوتٌ من السَّماءِ كَصَوْتِ ريحٍ شديدةٍ تَعصِفُ، ومَلأَ كلَّ البيتِ الَّذي كانُوا جالِسِينَ فيهِ، وظَهَرَتْ لهم أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كأنَّها من نار، فٱسْتَقَرَّتْ على كُلِّ واحِدٍ منهم، فامْتَلأُوا كلُّهم من الرُّوح القُدُس، وطَفِقُوا يَتَكَلَّمُون بلغاتٍ أُخرى، كما أعطاهُم الرُّوح أَنْ يَنْطِقُوا. وكانَ في أُورَشَلِيمَ رجالٌ يهودٌ أتقياءُ من كلِّ أُمَّةٍ تحتَ السَّماءِ. فلمَّا صارَ هذا الصَّوْتُ اجْتَمَعَ الجُمْهْورُ فتحيَّرُوا لأنَّ كلَّ واحِدٍ كانَ يَسْمَعُهُم يَنْطِقون بِلُغَتِه. فدُهِشُوا جميعُهُم وتَعَجَّبُوا قائِلِينَ بعضُهُم لبعضٍ: أليسَ هؤلاءِ المتكلِّمُونَ كلُّهُم جَلِيلِيِّين؟ فكيفَ نَسْمَعُ كلٌّ مِنَّا لُغَتَهُ الَّتي وُلِدَ فيها، نحن الفرتيِّينَ والمادِيِّينَ والعيلامِيِّينَ، وسُكَّانَ ما بين النَّهرَيْن واليهوديَّة وكبادوكِيَةَ وبُنْطُسَ وآسِيَةَ وفرِيجِيَّةَ وبَمْفِيلِيَة ومِصْرَ ونواحي ليبِيَةَ عند القَيْرَوَان، والرُّومانِيِّين الـمُسْتَوْطِنِينَ، واليهودَ والدُّخَلاءَ والكْرِيتيِّين والعرب، نسمَعُهُم يَنْطِقُونَ بأَلْسِنَتِنَا بعظَائِمِ الله!.

الإنجيل (يو 7: 37-52)

في اليومِ الآخِرِ العظيمِ من العيد، كانَ يسوعُ واقِفًا فصاحَ قائلًا: إِنْ عَطِشَ أحدٌ فَلْيَأْتِ إِلَيَّ ويشرَب. من آمَنَ بي، فكما قالَ الكتاب ستَجْرِي من بطنِهِ أنهارُ ماءٍ حَيٍّ. (إِنَّمَا قالَ هذا عن الرّوح الَّذي كانَ المؤمنونَ به مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ إِذْ لم يَكُنِ الرُّوح القُدُسُ قد أُعْطِيَ بعدُ، لأنَّ يسوعَ لم يَكُنْ بعدُ قد مُجِّدَ). فكثيرونَ من الجمعِ لمَّا سمعُوا كلامَه قالُوا: هذا بالحقيقةِ هو النَّبِيُّ. وقال آخَرُون: هذا هو المسيح، وآخَرُون قالوا: أَلَعَلَّ المسيحَ من الجليل يأتي! أَلَمْ يَقُلِ الكتابُ إنَّه من نسلِ داودَ، من بيتَ لحمَ القريةِ حيثُ كانَ داودُ، يأتي المسيح؟ فحَدَثَ شِقَاقٌ بينَ الجمعِ من أَجْلِهِ. وكانَ قومٌ منهم يُريدُونَ أن يُمْسِكُوهُ، ولكِنْ لم يُلْقِ أَحَدٌ عليه يدًا. فجاءَ الخُدَّامُ إلى رؤساءِ الكهنَةِ والفَرِّيسِيِّينَ، فقالَ لهُم: لِمَ لم تأتوا بهِ؟ فأجابَ الخُدَّامُ: لم يتكلَّمْ قطُّ إنسانٌ هكذا مثلَ هذا الإنسان. فأجابَهُمُ الفَرِّيسِيُّون: أَلَعَلَّكُم أنتم أيضًا قد ضَلَلْتُم! هل أحدٌ مِنَ الرُّؤساءِ أو مِنَ الفَرِّيسيِّينَ آمَنَ بِهِ؟ أمَّا هؤلاء الجمعُ الَّذينَ لا يعرِفُونَ النَّاموسَ فَهُم ملعُونُون. فقالَ لهم نِيقودِيمُس الَّذي كانَ قد جاءَ إليه ليلًا وهُوَ واحِدٌ منهم: أَلَعَلَّ نامُوسَنَا يَدِينُ إنسانًا إن لم يسمَعْ مِنهُ أوَّلًا ويَعلَمْ ما فَعَلَ! أجابوا وقالوا لهُ: أَلَعَلَّكَ أنتَ أيضًا من الجليل! اِبْحَثْ وٱنْظُرْ، إنَّهُ لم يَقُمْ نبيٌّ منَ الجليل. ثُمَّ كَلَّمَهُم أيضًا يسوعُ قائلًا: أنا هوَ نورُ العالَم، من يَتْبَعْنِي لا يمشي في الظَّلامِ، بل يَكُونُ لهُ نورُ الحياة.

حول الرّسالة

تروي لنا رسالة اليوم المأخوذة من سفر أعمال الرُّسُل حادثة حلول الرُّوح القدس على التّلاميذ، الَّذين وبالرُّغم من ظهور المخلّص لهم مرّات عدّة بعد القيامة، وصعوده أمامهم إلى السَّماء بقيت قلوبهم مضطربة، وخائفة إلى أن حلّ الرُّوح القدس عليهم بشكلِ ألسنةٍ ناريّة، وبدّد خوفهم وجعلهم يجاهرون بإيمانهم بالرَّبِّ القائم من بين الأموات.

لقد نزل الرُّوح القدس على الرُّسُل، وهم مجتمعون في مكانٍ واحد، وبنفسٍ واحدة في الصَّلاة، فعندما تسود المحبّة يظهر الرُّوح القدس لِيَهَبَ ويوزِّع المواهب، وهذا ما تحدثت عنه خدمة صلاة سحر العنصرة: "إنّ الرُّوح القدس نورٌ وحياةٌ وينبوع حيّ عقليّ. روحُ فَهْمٍ صالحٍ مستقيم عقليّ رئاسيّ مطهِرٌ للهَفَوات. إلهٌ ومؤلِّه، نارٌ من نارٍ بارزةٍ متكلِّم فاعلٍ مقسّمٍ للمواهب"، فهذا موهوب لخدمة الفقراء، وذاك للتَّعبُّد وآخر للتَّعليم وآخر للوَعْظ وغيره لأعمال الرَّحمة.

بعدما امتلأ المجتمعون من الرُّوح القدس طفقوا يتكلَّمون بلغاتٍ أخرى كما أعطاهم الرُّوح أن ينطقوا، لأنّ الله سيكلّم العالم بواسطتهم بلُغاتٍ جديدة وأسلوبٍ جديد. كما أراد أيضًا أن يذكَّرنا بالَّذين أرادوا قديمًا أن يبنوا بُرجًا يصل إلى السَّماء، وعن طريق بَلْبَلَةِ الألْسُن قضى الله على قرارهم الرَّدِيء ( تك 11 : 1-9 )، أمّا الآن فالرُّوح ينزل بشكل ألْسِنَةٍ ناريَّة لكي يُوَحِدّ المَسكونة المُشتَّتَة قديمًا لذلك تغيّر وتجدِّد كلَّ شيء.

اليوم انقلب الضُّعف إلى قُوَّة، والخوف إلى جرأة، والجُبْن إلى شجاعة، والَّذين خافوا وهربوا يوم الآلام نراهم اليوم أقوياء وجَريئين، فبطرس الَّذي أنكر المسيح وجَحَدَه ثلاثًا نراه اليوم يَعِظ اليهود ويعلّمهم ولا يَخافهم: "أيّها الإسرائيليّون اسمعوا هذه الأقوال... وبأيدي أثمةٍ صلبتموه وقتلتموه. الَّذي أقامه الله ناقضًا أوجاع الموت..." ( أع 2 : 22-24 ).

الآيات المتبقيّة من الرِّسالة كان هَمّ لوقا الرَّسُول منها التّأكيد على أنَّ الكَوْن كلّه هنا ليشهد مجيء الرُّوح، ويسمع كلمة الله، لكنّ الحاضِرين ليسوا جميعهم يهودًا بالوِلادَة، فبَعْضُهُم دُخَلاء أي وَثَنِيَّين، وهذه دَلالة على أنّ الله لا يُمَيِّز بِعَطاياه بين يهوديّ ووثنيّ، فهو أتى من أجل الكلّ ومنح عطاياه للجميع دون تمييز.

تفسير القدّاس الإلهيّ (الجزء الحادي عشر)

"القُدُسات للقِدِّيسين": بعد تلاوة الصَّلاة الرَّبيّة يعطينا الكاهن السَّلام لكي نكون مستعدِّين للاقتراب من الأسرار المقدَّسَة، ويصلّي كي تكون هذه القُدُسات "لِخَيْرنا جميعًا بحسب حاجة كلّ واحدٍ منّا... ولِشِفاء المرضى". يُنهي الكاهن صلاتَه بإعلان: "بنعمة ورأفات ابنك الوحيد ومحبّته للبشر الَّذي أنت مُبارَكٌ معه ومع روحك الكُلِّيُّ قُدسُه الصَّالِح والصَّانِع الحياة..." ثمّ يتلو إفشينًا آخَرَ يقول فيه: "...اِرتَضِ أن تُناولَنا بِيَدِكَ العزيزة جسَدَكَ الطَّاهر ودمك الكريم وبواسطتنا لكلّ شعبك". هنا يظهر أنّ المسيح نفسه الَّذي هو الكاهن الحقيقيّ يُناوِلُ بصورةٍ غير مَنظورة الكاهن والشَّعب جسدَه ودمَه الطّاهِرَيْن، إذ إنّ القدَّاس الإلهيّ هو عشاء الرَّبّ السِّرّيّ الَّذي فيه يقدّم الرَّبّ ذاته غذاء للمؤمنين، كما فعل للرُّسُل في عِلِّيَّةِ صهيون. يسجد الكاهن أمام القرابين قائلًا: "يا الله اغفر لي أنا الخاطئ وارحمني"، لأنّه على وشك أن يحمل الرَّبُّ بيديه، ثمّ يرفع الحمل بيديه ويُعلن: "لنُصْغِ، القدسات للقِدِّيسين". إنّ هذا الإعلان هو دعوة لنا لأن نتيقّظ ونكون حذرين، فالقدسات، أي القرابين المتحوّلة إلى جسد الرَّبّ ودمه، يستحقّها القدِّيسون فقط. لكنّ هذا الكلام موجَّه لنا نحن المجتمعين حول مائدة الرَّبّ في الكنيسة، حول الَّذين يسعون للخلاص من خطاياهم ويطلبون رحمة الرَّبّ. ثمّ تأتي صلوات الاستعداد للمناولة ليُعْلِنَ فيها المؤمن عدم استحقاقه واتّكاله على الرَّبّ ورحمته وثقته بمحبّةِ الرَّبّ "الَّذي يريد جميع النّاس أن يخلُصوا وإلى معرفة الحق يُقْبِلوا" (1 تيمو 4:2).

المناولة، تحضير الكأس للمناولة: أثناء ترتيل الشَّعب "قدُّوسٌ واحِدٌ، ربٌّ واحِدٌ، يسوع المسيح لِمَجْدِ اللهِ الآبِ آمين"، يأخذ الكاهن الحَمَلَ بِيَدَيْه ويرفعه. ويقول الشَّمّاس (إذا وُجِد): "فَصِّل يا سيّد الخبز المقدَّس"، فيُفَصِّله إلى أربعة أجزاء ويضعها على الصّينيّة بشكلِ صليبٍ قائلًا: "يُجزَّأ ويُقسَّم حمل الله، الَّذي يُجزَّأ ولا ينقسم ويؤكَل دائمًا ولا ينفد، بل يقدِّس المشتركين به". ثمّ يأخذ الجزء الأعلى، ويرسم به شكل صليب فوق الكأس ويضعه فيها قائلًا: "كمال الرُّوح القدس"، بعد أن يكون الشَّمّاس قد أشار إليها قائلاً: "كمِّل يا سيّد الكأس المقدَّسة". ثم يتابع الشَّمّاس طالبًا من الكاهن أن يبارك الماء الحّار قائلًا "مباركةٌ حرارة قدساتك كلَّ حين الآن وكلَّ أوان وإلى دهر الداهرين، آمين"، ويسكب الماء الحارّ قائلًا: "حرارة الرُّوح القدس، آمين". بعد أن يتناول الكاهن، يضع في الكأس ما تبقّى من أجزاء الحمل ليناول المؤمنين بها، وهو يقول قِطَعًا خاصّة بالقيامة "إذ قد رأينا قيامة المسيح..."  (يتبع)

أنقر هنا لتحميل الملفّ