Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 15 أيّار 2022   

العدد 20

أحد (3) بعد الفصح- المُخلَّع 

اللّحن 3- الإيوثينا 5

أعياد الأسبوع: *15: بخوميوس الكبير، أخليّوس العجائبيّ رئيس أساقفة لارسا *16: البارّ ثيوذورُس المُتقدّس *17: الرَّسولان أندرونيكوس ويونياس *18: انتصاف الخمسين، الشّهداء بطرس ورفقته، القدّيسة كلافذيّة *19: الشّهيد بتريكيوس أسقف برصة ورفقته *20: الشّهداء ثلالاوس ورفقته، نقل عظام القدّيس نيقولاوس، القدّيسة ليديا بائعة الأرجوان *21: القدّيسَين قسطنطين وهيلانة المُعادِلا الرُّسُل.

كلمة الرّاعي 

الإنسان المخلَّع والوطن المخلَّع

"إنَّ المخلَّع لم تشفه البِرْكَةَ لكنّ كلمتَكَ جدَّدَتْهُ..." (ذكصا الإينوس في أحد المخلّع).

على صورة الإنسان تكون الأوطان. إذا كان الإنسان صالحًا يكون الوطن صالحًا والنِّظام عادلًا والقانون منصفًا والتّساوي قائمًا بين المواطنين في الحقوق والواجبات؛ أمَّا إذا كان الإنسان فاسدًا يفسد الوطن والظُّلم يستحكم ويصير صيف وشتاء تحت سقف واحد وتسود اللّامُساواة بين النّاس.

الإنسان هو أساس كلّ شيء في العالم لأنّ الرّبّ خلق العالم لأجل الإنسان ووهبه إيّاه عربون حبّه الإلهيّ لكي يصير له شركةً مع الله والآخَر ومطرحًا لتجلِّي حقيقة الإنسان الكيانيّة الَّتي هي أنّه على صورة الله أي هو وَحدَة وشركة في تمايزٍ وحرّيّة.

صحيح أنّه "لَيْسَ لَنَا هُنَا مَدِينَةٌ بَاقِيَةٌ، لكِنَّنَا نَطْلُبُ الْعَتِيدَةَ" (عب 13: 14)، ومع عملنا في هذا العالم أن تصير أورشليم السّماويّة، أي ملكوت الله، حاضرة ههنا فينا بسيادة البِرِّ الَّذي بيسوع المسيح في قوّة نعمة الله.

*          *          *

يحدِّثنا إنجيل هذا الأحد عن مخلّع بقي ثماني وثلاثين سنة مرميًّا قرب بِرْكَةِ "بَيْتُ حِسْدَا"، أي بيت الرَّحمة، ينتظر من يرميه في الماء عندما يحرّكه الملاك، فلم يجد!... لماذا في كلّ هذه المُدّة لم يأتِ من يرأف بحال هذا الرّجل؟!... لا بدّ أنّ المشكل عنده وعند الآخَرين، ولذلك بقي مرميًّا كلّ هذا الزّمن دون عون أو رحمة.

يقول المثل الشّعبي: "قُومْ يا عبدي تَقُومْ معَك"، هل قام هذا المخلّع بما يجب عليه لكي يطلب مساعدة الآخَرين؟ هل كان لدى الآخَرين محبّة تكفي للانتظار مع هذا المخلّع لرميه في الماء باللّحظة المناسبة؟ أسئلة كثير تُطرح حول السّبب وراء أنَّ هذا الرّجل لم يجد من يُعينه، لا شكّ أنّه لا يوجد صلة وصل كافية بينه وبين النّاس الَّذين يأتون البِركة، وأنّه، مع ذلك، لم يستطع خلال هذه السّنين الثّماني والثّلاثين أن يبني رباط محبَّة مع أحد، كما أنّه لم ينوجد من يمتدّ نحو هذا الإنسان ويتعهَّده ليعينه!...

*          *          *

وطننا المخلَّع من يشفيه؟!... ليس له من يحبّه... حتّى أبناؤه لا يحبّونه إذ هم متلهّون بالتّحزّبات منقسمون "أنا لفلان وأنا لعلتان"... لا شفاء لهذا البلد إلّا بقوّة الله. التّحرُّر من التّخلُّع الَّذي يضرب جسد الوطن يكون بشفاء أبنائه من تخلُّعهم الرّوحيّ أي بتوبتهم وعودتهم إلى الرّبّ أي إلى الحقّ المطلق وليس إلى أصنام الحقّ الكاذب الّتي يعبدُها النّاس والّتي تجعلهم فئات متخاصمة متناحرة لا تهتمّ إلّا بما لها غير آبهة بالوطن الَّذي هو للجميع. لا قيامة لهذا البلد إلّا بموت روح الانقسام وروح الاستقواء بالدّاخل أو بالخارج، لأنّه "إِنِ انْقَسَمَتْ مَمْلَكَةٌ عَلَى ذَاتِهَا لاَ تَقْدِرُ تِلْكَ الْمَمْلَكَةُ أَنْ تَثْبُتَ. وَإِنِ انْقَسَمَ بَيْتٌ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَقْدِرُ ذلِكَ الْبَيْتُ أَنْ يَثْبُتَ" (مر 3: 24 و25).

دعوة الإنجيل لنا في هذا الأحد هي أن نُقْبِلَ إلى يسوع كسيِّد أوحد لحياتنا إذ هو القادر وحده أن يشفينا من تخلُّعنا، وأن لا نخونه أو نحابي الوجوه بإزاء كلمة حقّه. المؤمن رجل موقف بنّاء ويستلهم الله في كلّ مفترق وفي كلّ رأي وقول وعمل. الزّمن زمن شهادة وإيمان. المخلّع في الإنجيل بعدما شفاه المسيح عاد وشكاه إلى اليهود، كان ناكرًا للجميل وجبانًا و"مَصْلَحْجِيًّا". البشر الّذين لديهم هذه الطّويَّة هم سبب خراب المجتمعات والأوطان لأنّه لا يهمّهم إلّا مصالحهم ولو على خراب حياة الآخرين وأذيّتهم أو تدميرهم. من هنا، لا خلاص لوطننا إلّا بالعودة إلى الله والتّوبة الجماعيّة والشّخصيّة عن كلّ مصلحة ذاتيّة على حساب الوطن إن كان لفرد أو جماعة.

*          *          *

أيّها الأحبّاء، مصيرنا ومصير أولادنا ومصير وطننا كلّها معلّقة على أمانتنا لله، لإنّنا أن لم نرغب بالخروج من روح لوم الآخَر وتبرير الذَّات والدّينونة ونسلك في فحص الضّمير والمسيرة ومعرفة أخطائنا وخطايانا والبحث عن ما هو حسن لدى الآخَر ومحاسبة النّفس، لن ننمو روحيًّا ولن نتقدَّس لأنّنا لا نرغب بالتّوبة أب بتغيير الذّهن والفكر والمَسلك.

بلدنا اليوم على محكّ، العالم في ضيق وفوضى، تغييرات كبرى آتية، ونحن كيف نحافظ على كنيستنا ووجودنا وعلى بلدنا وعلى أحبّائنا؟!...

المطلوب أن نقوم من رقاد الخطيئة والضّعف والانهزاميّة ونشدّد بعضنا البعض ونعضد واحدنا الآخَر وأن نرجع إلى روح الشّركة والمشاركة لنعبر هذا الزّمن الصّعب.

التّغيير يبدأ فينا أوَّلًا ومنّا يمتدّ إلى عائلاتنا ورعايانا ومجتمعاتنا ووطننا. التّغيير المطلوب هو أن نعود إلى الله وإلى كلمته القاطعة الَّتي تمنحنا أن نميِّز الباطل من الحقّ وأن لا نحابي الوجوه وأن لا نخشى وجه إنسان لأنّنا نحبّ الله...

اذهبوا اليوم وقوموا بواجبكم الوطنيّ بضمير نقيّ منطلقين أوَّلًا من تغيير ذواتكم بكلمة المسيح ليشفيكم من تخلُّعكم الرّوحيّ لتغيِّروا عالمكم الدّاخليَّ المخلَّع بالنّعمة الإلهيَّة فيُغيِّر الله بكم وطنكم المخلَّع وعالمكم ويشفيهما...

ومن له أذنان للسّمع فليسمع...

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (باللَّحن الثّالث)

لِتفرحِ السَّماوِيَّات. ولتَبتَهِجِ الأرضِيَّات. لأنَّ الرَّبَّ صنعَ عِزًّا بساعِدهِ. ووَطِئَ المَوْتَ بالمَوْت. وصارَ بِكرَ الأموات. وأنقذَنا من جَوفِ الجحيم. ومَنَحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.

قنداق الفصح (باللَّحن الثّامن)

وَلَئِنْ كُنْتَ نَزَلْتَ إلى قبرٍ يا مَن لا يموت، إِلَّا أَنَّكَ دَرَسْتَ قُوَّةَ الجحيم، وقُمْتَ غالِبًا أَيُّها المسيحُ الإله، وللنِّسوَةِ حامِلاتِ الطِّيبِ قُلْتَ افْرَحْنَ، ولِرُسُلِكَ وَهَبْتَ السَّلام، يا مانِحَ الواقِعِينَ القِيَام.

الرّسالة (أع 9: 22-42) 

رتّلوا لإلهِنا رتّلوا

يا جميعَ الأممِ صفِّقوا بالأيادي

في تلكَ الأيّامِ، فيما كانَ بُطُرسُ يَطوفُ في جَميع الأماكِنِ، نَزَل أيضًا إلى القدِّيسينَ السّاكِنينَ في لُدَّة، فوَجَدَ هناكَ إنسانًا اسمهُ إينِياسُ مُضَطجِعًا على سرير مِنذُ ثماني سِنينَ وهُوَ مُخلَّع. فقالَ لهُ بطرُسُ: يا إينِياس، يشفِيكَ يسوعُ المسيحُ. قُم وافتَرِش لنفسِك. فقام لِلوقت. ورآه جميعُ السّاكِنين في لُدَّةَ وسارُونَ فَرَجَعوا إلى الرَّبّ. وكانت في يافا تِلميذَةٌ اسمُها طابيِثَا الَّذي تفسيرُهُ ظَبْية. وكانت هذه مُمتَلِئةً أعمالًا صَالحةً وصَدقاتٍ كانت تعمَلُها. فحدَثَ في تِلكَ الأيّامِ أنَّها مَرِضَت وماتَت. فَغَسَلوها ووضَعُوها في العِلِّيَّة وإذ كانت لُدَّةُ بقُربِ يافا، وسَمعَ التَّلاميذُ أنَّ بطرُس فيها، أرسلُوا إليهِ رجُليْن يسألانِهِ أنْ لا يُبطِئَ عن القُدُوم إليهم. فقام بطرُسُ وأتى معَهما. فَلمَّا وَصَلَ صَعدوا بهِ إلى العِلِّيَّة. ووقَفَ لديِه جميعُ الأرامِلِ يبكينَ ويُرينَهُ أقمِطةً وثِيابًا كانت تَصنَعُها ظَبيةُ معَهَنَّ. فأخرَجَ بُطرُسُ الجميعَ خارجًا، وجثا على رُكبَتيِه وصلَّى. ثمَّ التَفتَ إلى الجَسدِ وقالَ: يا طابيثا قُومي. ففتَحت عيَنيها. ولمّا أبصرَتْ بُطرُسَ جَلَست، فناوَلها يَدَهُ وأنهضَها. ثم دعا القدّيسيِنَ والأرامِلَ وأقامها لَديهمِ حيَّةً. فشاعَ هذا الخبرُ في يافا كلِّها. فآمنَ كَثيرون بالرَّبّ.

الإنجيل (يو 5: 1-15) 

في ذلك الزّمان، صعد يسوع إلى أورشليم. وإن في أورشليم عند باب الغنم بركةً تسمى بالعبرانيّة "بيتَ حِسْدا" لها خمسة أروقة، كان مضطجعًا عليها جمهور كثير من المرضى من عميان وعرج ويابسي الأعضاء ينتظرون تحريك الماء، لأنّ ملاكًا كان ينزل أوّلًا في البركة ويحرِّك الماء، والَّذي ينزل أوّلًا من بعد تحريك الماء كان يبرأ من أيّ مرض اعتراه. وكان هناك إنسانٌ به مرض منذ ثمانٍ وثلاثين سنة. هذا إذ رآه يسوع مُلقًى وعلم أنّ له زمانًا كثيرًا قال له: أتريد أن تبرأ؟ فأجابه المريض: يا سَيِّد ليس لي إنسان متى حُرِّك الماء يُلقيني في البركة، بل بينما أكون آتيًا ينزل قبلي آخَر. فقال له يسوع: قم احمل سريرك وامشِ. فللوقت برئ الرَّجل وحمل سريره ومشى. وكان في ذلك اليوم سبتٌ. فقال اليهودُ للَّذي شُفي: إنّه سبتٌ، فلا يحلّ لك أن تحمل السَّرير. فأجابهم: إنّ الَّذي أبرأني هو قال لي: إحمل سريرك وامشِ. فسألوه: من هو الإنسان الَّذي قال لك إحمل سريرك وامش؟ أمّا الَّذي شُفي فلم يكن يعلم مَن هو، لأنّ يسوع اعتزل إذ كان في الموضع جمعٌ. وبعد ذلك وجده يسوع في الهيكل فقال له: ها قد عُوفيتَ فلا تعدْ تخطئُ لئلاّ يصيبك شرٌّ أعظم. فذهب ذلك الإنسان وأخبر اليهودَ أنّ يسوع هو الَّذي أبرأه.

حول الإنجيل 

فَقَالَ لَهُ: "أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ؟".

مع أنّ المسيح هو البادِئ، وهو يريد الخلاص لكلّ أحد، لكنّ نعمة الخلاص تقتضي أيضًا إرادة الإنسان في خلاص نفسه. ولهذا، سأله المسيح هذا السُّؤال الَّذي يبدو غريبًا لإنسانٍ مَريض: "أتريد أن تبرأ؟".

هناك من لا يريد أن يبرأ فمرضه صار عادةً واعتاد حياة الخطيئة. والمسيح يحترم الإرادة الإنسانيّة وهو لا يقتحم الإنسان، فنحن مخلوقين على صورته في حرّيّة الإرادة. والمسيح يريد أن يُظهر أنّ خلاص الإنسان هو بِيَدِ الإنسان وبِمعونة الله، والأهمّ هو شفاء الإنسان من الخطيئة، شفاء النَّفْس ومن ثَمَّ الجسد. ويكون سؤال المسيح معناه هل عندك إرادة أن تترك خطيئتك، لأنّ المسيح قال لهُ فيما بعد لا تعد تُخطئ أيضًا، إذًا  مرضه الأساسيّ هو الخطيئة. والخطيئة لها نتائج وَخِيمة على الإنسان، لذلك بعد تَيَهان ثمان وثلاثين سنة دخل الشَّعب إلى أرض كنعان، وكانوا حينما يخطئون يُسَلَّمون لأيدي الأمم فيُذلُّونَهم. والخطيئة في حياة هذا المُقعَد هي الَّتي حطّمته بعد أن استعبدته، ولكنّ المسيح رأى فيه بقايا من إرادة فأتى إليه ليشّجع الرَّجاء الَّذي فيه، وهذا يُعطي رجاءً لكلّ خاطئٍ، فلا ييأس.

هذا السّؤال مُوَجَّه لكلٍّ منّا، فمَن يريد حقًا سيعطيه المسيح القدرة "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا" (يو15: 5)، ويُعطيه الرُّوح القدس المعونة "كذلك أيضًا الرُّوحُ يعين ضعفاتنا".

لنعد إلى جواب المخلَّع: "فأجاب بأن ليس له إنسان"، هو أسقط الموضوع على الآخرين، كأنّه يقول المشكلة ليست فيَّ بل في الآخَرين فالخاطئ دائمًا يبرّر نفسه. لكن عمومًا علينا أن نستفيد من هذا بأن نقدّم خدمات لكلّ محتاج حتّى لا يشتكي علينا أحد. كم من مرّةٍ ألقينا همّنا على النّاس وفشلنا، لكن إذا ألقينا همّنا على الله فلن نفشل. ولكنّ السّيّد شفاه بطريقة لم تخطر على فكره، وهي ليس بإلقائه في البركة متى تحرّك الماء، وإنّما بكلمةٍ صدَرَتْ من فَمِهِ الإلهيّ فَشُفِيَ المريض حالًا.

هذا ما يحصل معنا إذا سمعنا وعملنا بكلمات الرَّبّ يسوع، نحمل سريرنا ونمشي لا نقف، بحبّنا لبعضنا البعض نتمِّمُ مسيرَتَنا مع الرَّبِّ يسوع.

إِمرأَةُ العَهدِ الجديدِ.!!.

سأَلوني: مَن هي المرأَةُ.؟!...

وكان الجواب: هي أُمُّ الكونِ في روحِ الحياةِ.!!.

ووقع الصّمتُ.!!. هكذا أَجابتِ الرّؤى.!!.

أَلا تعرفون.؟!... أَلا تَعرفون.؟!...

المرأَةُ هي من روحِ الرَّبِّ... من روحِ الحبِّ، المعَلَّقِ على الصّليبِ.!!!...

ما الصّليبُ.؟!... أَلا تعرفون الإِلهَ الرَّبَّ يسوع الحبيبَ المخلِّصَ العالمِ.؟!. إِذ أَعطى حياتَه وكلَّ نَفَسِهِ مُعلَّقًا على اللَّا.!!!...

لا.!!. لا... لن... أُنكرَ ربّي، إِلهي ومخلِّصَ العالمِ.!!.

لكن أَنتَ خلَّصتَ العالمَ.!!. أَنتَ... أَنتَ ربّي وإلهي.!!. وأَنا... أَنا ابنُكَ أَنتَ... أَنتَ الّذي أَبدَعتَني من حَشا الخليقةِ... من بطنِ بتوليَّةِ الأُمُّ المرأَةُ.!!!.

ونطقَ الإِلهُ التَّسآلَ: "أَتَوَدُّني يا بطرس".؟!.

"مَن أَنا، سيِّدي... سامحني".!!.

مَن أَنا حتّى أَقومَ إِليكَ بالفِكرِ... بالقولةِ... بالجوابِ.؟!...

هكذا سُمِعَ صوتُ المرأَةِ للمرَّةِ الأُولى.!!.

أَنا... أَنا أُمُّ الحياةِ.!!.

أَموتُ حين تتركُني أَموتُ وحدي معلَّقةً على الصّليبِ.!!!..

وتمتمَ اللَّهَجُ بسكونٍ...

أَنا إِمرأَةُ الحبِّ... أَنا أُمُّ الحياةِ... أَنا اسمي "مريم".!!. انا امرأَةُ العهدِ الجديدِ.!!. أَنا الحياةُ الجديدةُ.!!!. إِذِ الحياةُ... لا امرأَةَ فيها، يا سيِّدُ... ولا رَجُلَ.!!. أَنا العهدُ الجديدُ يا رَبّي ومَليكي.!!. مِنكَ وفيكَ.!!.

"أَنا مَن فيه يُشْرِقُ مِنَ الظّلمَةِ نورٌ"...

 تفسير القدّاس الإلهيّ (الجزء التّاسع)

"في اللّيلة الَّتي أُسلم فيها": بعد تلاوة نشيد الظَّفر، نصل إلى ما يعرفه المؤمنون بالكلام التّأسيسيّ، أو الكلام الجوهريّ. القدّاس الإلهيّ هو الامتداد الأسراريّ للعشاء السّرّي، وليس هو استعادة رمزيّة بل هو العشاء السّرّي نفسه. المسيح نفسه هو الَّذي يقدِّم ويقدَّم. ويحثّنا الذّهبيّ الفم قائلًا: "آمنوا أنّ السّرّ القائم الآن هو نفسه العشاء الَّذي جلس فيه المسيح. فما من اختلاف بين هذا السّرّ والعشاء السّرّي". لقد تحدّث سليمان الحكيم نبويًّا عن "عشاء الحياة": "الحكمة بَنَت بيتها... رتّبت مائدتَها، أرسلت جواريها وتنادي على ظهور أعالي المدينة. من هو جاهل فليمل إلى هنا. والنّاقص الفهم قالت له: "هلمّوا كلوا من طعامي، واشربوا من الخمر الَّتي مزجتها. اتركوا الجهالات فتحيوا وسيروا في طريق الفهم" (أمثال9). باشتراكنا في عشاء الشُّكر نشترك في عشاء المحبّة الإلهيّة ونحن مدعوّون أن نثبت فيها.

"إنّنا مقيمون تذكار الذّبيحة": في العشاء السّرّي قدّم المسيح لتلاميذه جسدَه المقدّس ودمَه الكريم، ومن ثمّ سلّمهم هذه الوصيّة: "اصنعوا هذا لذكري"، فيعلّمنا على هذا النّحو أنّ تذكاره ليس أمرًا فكريًّا بل هو عمل، أي هو إقامة سرّ عشائه. والمسيح بسرّ العشاء، كما يقول الذّهبيّ الفم، قد كهن تذكار ذبيحته. "فبالأسرار يذكّر بالذّبيحة". والمسيح عندما يتحدّث عن دمه أنّه دم العهد الجديد يظهر لنا أنّه سائر إلى الموت، فيتحدّث عن عهد، مذكّرًا على هذا النّحو بالعهد القديم، فهذا العهد أيضًا قد خُتم بدم. في العشاء السّرّي، يتواجد، في شخص المسيح، الماضي (العهد السّابق القديم) والحاضر (العهد الجديد) والمستقبل (الذّبيحة الموضوعة). وهذا الحدث الخلاصيّ إنّما هو تذكار للعشاء الحامل الحياة، تذكار كلّ ما جرى من أجلنا، وتذكار الملكوت نفسه.

"الَّتي لك ممّا لك نقدّمها لك ...": نقدّم لله الهبة الَّتي منحنا إيّاها ونختمها بعرفاننا للجميل. فالله قد أظهر محبّته للإنسان بخليقته الأولى وقدّم إليه العالم هبة. وهو الآن يظهر محبّته للإنسان بخليقته الجديدة، لكنّه هذه المرّة يقدّم ذاته هبة للإنسان. لذلك لا نقدّم لله في ذبيحتنا الجديدة مجرّد عناصر مادّيّة من هذا العالم، إنّما نقدّم له المسيح نفسه. وبتقديمنا للرّبّ ما هو له، نشكره على كلّ شيء ومن جهة كلّ شيء. (يتبع)

أنقر هنا لتحميل الملفّ