Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 24 نيسان 2022    

العدد 17

أحد الفصح العظيم المقدَّس 

أعياد الأسبوع: *25: اثنين الباعوث، الرّسول مرقس الإنجيليّ، القدّيس جاورجيوس اللابس الظّفر *26: ثلاثاء الباعوث، الشّهيد فاسيلافس أسقف أماسية *27: الشّهيد في الكهنة سمعان نسيب الرَّبّ *28: التّسعة المستشهدون في كيزيكوس *29: تذكار تجديد هيكل الكلّيّة القداسة أم الإله الينبوع الحَيّ، الرَّسولان ياسنوس وسوسيباترس ورفقتهما *30: الرّسول يعقوب أخو يوحنّا الثّاولوغوس.

كلمة الرّاعي 

العبورُ بفصحِ المسيحِ إلى ملكوتِ الله الآن

"فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ

وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ

لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ" (رو 8: 17)

الخليقةُ كلُّها "تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعًا إِلَى الآنَ" (رو 8: 22) في صبرِ رجاءِ الخلاصِ بالمسيحِ القائمِ من بين الأمواتِ واستعلانِ ملكوتِ اللهِ في أبناءِ النُّور. المسيح افتدى الكَوْن وما فيه بقبوله الصّلب والموت لأجل خلاصنا، وذلك حتَّى يُجدِّد، كلّ ما ومَن هو مخلوقٌ منه، فيه وبه في الَّذين يقبلونه ملكًا وربًّا وسيِّدًا لحياتهم.

ليس الفصح الَّذي نعيِّده ذكرى عبَرَت، بل هو حدث آنِيّ لأنّ قيامة المسيح من بين الأموات جدَّدت الطَّبائع كلّها، وهذه الجِدَّة صارت معطاة للَّذين يؤمنون به. في المسيح القائم من بين الأموات صار الإنسان كاملًا على صورة الله ومثاله...

*          *          *

ما الَّذي يميِّز هذا الإنسان الجديد؟ أَنَّه على صورة ابن الله المتجسِّد (راجع رو 8: 29) أي هو يحمل صفاته، الّتي هي: "مَحَبَّةٌ، فَرَحٌ، سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ، لُطْفٌ، صَلاَحٌ، إِيمَانٌ، وَدَاعَةٌ، تَعَفُّفٌ" (غل 5: 22 و23). من يعرف الحَقَّ يصير حرًّا من أهوائه وينعتق من عبوديّة الخطيئة لأنّه يستعبد ذاته لله بإخلاء ذاته على شبه المسيح في طاعة الوصيّة الإلهيّة فيرفعه الله جاعلًا إيّاه ابنًا ووراثًا له مع المسيح (راجع في 2: 5 – 11 ورو 8: 15 – 18).

*          *          *

مسؤوليّتنا كمسيحيّين مؤمنين بالقيامة أن نغيّر العالم بقوّة المسيح يسوع المنبعث من الرَّمْس الَّتي يسكبها علينا بروحه القدُّوس. المسيح لم يأت ويعش معنا ويمت من أجلنا إلّا لكي يمنحنا قوّة التّغيير الكيانيّ ويبثّ فينا بروحه الثّورة على الباطل والقدرة على الشّهادة للحقَّ. إذا كان المسيح قد قام فلا يحقّ لنا أن نخاف الموت "لأنّ موت المخلِّص حرَّرنا"، ولكن لكي ننعتق من خوف الموت علينا أن نقبل الموت الطّوعيّ عن أهوائنا وشهواتنا، عن أنانيّتنا وفردانيّتنا أي عن تمحور حياتنا حول ذاتنا غير مقيمين للآخَر مكانًا فيها ليصير هو فرح الحياة بالنِّسبة لنا...

هذا لا يمكن أن يتحقَّق ما لم ندفن إنساننا العتيق الَّذي يعيش لمصلحته في استهلاك الآخَر والوجود لذاته لكي ينوجد، وما هذه النّمطيّة (modularité) من الحياة إلّا دائرة مفرغَة من استهلاك الذّات عبر استهلاك الآخَر، وهي طريق تؤدِّي حكمًا إلى موت القلب أي تحوّل الشَّخص البشريّ إلى مطحنة تسحق كلّ من تتعاطى معه...

*          *          *

أيّها الأحبَّاء، في هذا الزّمن الدّقيق والمَصيريّ في تاريخ البشريّة الحديث، وفي تاريخ بلدنا، لا بدَّ لنا كمؤمنين بالقيامة أن نرجع إلى ذواتنا بالتّوبة في غسل الضَّمائر والقلوب بكلمة الله المطهِّرَة والمُجَدِّدَة للكيان البشريّ. العالم يحتاج المسيح الغالب الموت والشّرّ والخطيئة والَّذي فجَّر مملكة إبليس الجحيميَّة بنزوله إليها وتحريره الأبرار الرّاقدين منذ الدّهر. فلنفتح له قلوبنا ليدخلها وينيرها مطهِّرًا إيّاها من كلّ دنسٍ وتعلُّقٍ بالدّنيويَّات، لكي يعيد إحياءَها بنعمته فنسلك في وصيّةِ حبِّهِ طريقَ الحقِّ والشّهادةِ.

هكذا تتغيَّر ظروفنا ومجتمعاتنا، حين يتغيَّر الإنسان بعيشه سرّ القيامة في التّواضع بتقويم طريقه بالتّوبة والاستقامة والرّحمة والغفران. بلادنا وشعبها وحكّامها يتغيَّرون إلى الأفضل إذا ما سلكنا نحن في نور قيامة الرّبّ يسوع المسيح "مفتدين الوقت لأنّ الأيّام شرّيرة" (أف 5: 16)، إذ "النّور في الظّلمة يضيء" (يو 1: 5).

دعوتُنا اليوم أن نصلِّي لقيامة شعب بلدنا وحكّامه من عبوديَّة التَّحزّبات بتنقية الضّمائر والسّلوك في العدل وإنصاف المسكين والبائس واليتيم والأرملة والموظَّف المستقيم والعائلة الّتي تحيا بمخافة الله، وأن لا يضيع تعب إنسان اقتناه بعرق جبينه، وأن يتأدَّب مرتكبو الشَّرِّ والفساد ليتقوّموا ويرعَووا لأجل خلاصهم.

نناشد اليوم ضمائر شعب هذا البلد وحكّامه ليرجعوا إلى الرّبّ ويخضعوا للحقّ الإلهيّ وليس لمصالحهم الشّخصيّة وأهوائهم أو لمن يَفرضون عليهم خياراتهم. ضعيفُ الإيمانِ خَنُوعٌ وخاضِعٌ لأسياد هذا العالم الَّذين نهايتهم الهلاك الأبديّ ما لم يرجعوا عن طرقهم وتسلّطهم وشرورهم.

نرفع صلواتنا لأجل السّلام في كلّ بقاع العالم ولأجل إنهاء الحروب وحلّ الخلافات بالحوار على أسسٍ تحترم حقوق الشّعوب في إطار الجيرة الحسنة والأُخُوَّةِ الإنسانيّة. وندعو لوقف الظّلم التاريخيّ بحقّ الشّعب الفلسطينيّ الَّذي لا بدّ له من إقامة دولته وعودة أبنائه إلى بلادهم في ظلّ حلّ عادل وإنسانيّ يضمن حقوقهم بالعيش الكريم في بلدهم وأرضهم...

"مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَكُونُ لَهُ إِلهًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا" (رؤ 21: 7).

ماران أثا...

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (باللَّحن الخامس)

المسيحُ قامَ من بينِ الأموات، ووَطِئَ الموتَ بالموتِ، ووَهَبَ الحياةَ للَّذينَ في القُبُور.

الإيباكويي(الطّاعة)(باللّحن الرّابع)

سَبَقتِ الصُّبحَ اللَّواتي كُنَّ مع مريم، فَوَجَدْنَ الحجَرَ مُدحْرَجًا عَن القَبْرِ، وَسَمِعْنَ الملاكَ قائِلًا لهُنَّ: لِمَ تَطلُبْنَ مع الموتى كإنسانٍ الّذي هُوَ في النُّورِ الأزليّ، أُنْظُرْنَ لَفَائِفَ الأكْفَانِ وأسْرِعْنَ وَاكْرِزْنَ في العالَم بأنَّ الرَّبَّ قَدْ قامَ وأمَاتَ الموتَ، لأنَّه ابنُ اللهِ المُخَلِّصُ جِنْسَ البَشَرِ.

قنداق الفصح (باللَّحن الثّامن)

وَلَئِنْ كُنْتَ نَزَلْتَ إلى قبرٍ يا مَن لا يموت، إِلَّا أَنَّكَ دَرَسْتَ قُوَّةَ الجحيم، وقُمْتَ غالِبًا أَيُّها المسيحُ الإله، وللنِّسوَةِ حامِلاتِ الطِّيبِ قُلْتَ افْرَحْنَ، ولِرُسُلِكَ وَهَبْتَ السَّلام، يا مانِحَ الواقِعِينَ القِيَام.

الرّسالة(أع 1: 1-8) 

هذا هُوَ اليَوْمُ الَّذي صَنَعَهُ الربّ. فَلْنتهللْ ونَفْرَحْ بِهِ

اعْتَرِفُوا للرَبِ فإنَّهُ صالحٌ وإنَّ إلى الأبدِ رَحْمَتَهُ

قد أنشأتُ الكلامَ الأوّلَ يا ثاوفيلَسُ في جميع الأمورِ الَّتي ابتدأ يسوع يعملّها ويُعلِّمُ بها، إلى اليومِ الَّذي صَعِدَ فيهِ من بعدِ أن أوصى بالرُّوح القدُسِ الرُّسلَ الَّذينَ اصطفاهم، الَّذين أراهُمْ أيضًا نفسَهُ حيًّا بَعْدَ تألُّمهِ ببراهينَ كثيرةٍ، وهو يتراءَى لهم مدَّة أربعينَ يومًا ويُكلِّمُهُم بما يختصُّ بملكوتِ الله. وفيما هو مجتمعٌ معهم أوصاهم أن لا تبرحوا من أورشليمَ بل انتظروا موعِدَ الآب الَّذي سمعتموهُ مني، فإنَّ يوحنا عمَّدَ بالماء وأمَّا أنتم فستعمَّدون بالرُّوح القدس، لا بعدَ هذه الأيّام بكثيرٍ. فسألهُ المجتمعونَ قائلينَ: يا ربُّ، أفي هذا الزّمان تردُّ الملكَ إلى إسرائيلَ. فقالَ لهم ليس لكم أن تَعْرِفوا الأزمنةَ أو الأوقاتَ الَّتي جعلَها الآبُ في سلطانِه، لكنَّكم ستنالونَ قوَّة بحلولِ الرُّوح القدس عليكُمْ، وتكونونَ لي شهودًا في أورشليمَ وفي جميع اليهوديَّةِ والسّامرة، وإلى أقصى الأرض.

الإنجيل(يو 1: 1-17)

في البدءِ كانَ الكَلِمةُ والكَلِمةُ كانَ عندَ الله وإلهًا كانَ الكَلِمَة. هذا كانَ في البدءِ عندَ الله. كُلٌّ بهِ كانَ وبغيرِهِ لم يكُنْ شَيءٌ ممَّا كُوِّن. بهِ كانتِ الحياةُ والحياةُ كانَتْ نُورَ النّاس والنُّورُ في الظّلمَةِ يُضيءُ والظّلمَةُ لم تُدْرِكْهُ. كانَ إنسانٌ مُرسَلٌ مِنَ اللهِ اسمُهُ يُوحَنَّا. هذا جاءَ لِلشَّهادَةِ ليشهد للنُّور. لكي يؤمنَ الكلُّ بِواسطتِهِ. لم يكنْ هوَ النُّورَ بل كان ليشهَدَ للنُّورِ. الكلمةُ هو النُّور الحق، الآتي إلى العالم والمُنيرُ كُلَّ إنسانٍ. في العالم كانَ والعالمُ بِهِ كُوِّنَ والعالمُ لَمْ يعرفهُ. إلى خاصَّتِهِ أتى وخاصَّتهُ لم تقبَلهُ. فأمَّا كلُّ الَّذينَ قَبِلوهُ فقد أعطاهُم سُلطانًا أن يكونوا أولادًا للهِ، وهم الَّذينَ يؤمنون باسمِهِ، الَّذينَ لا مِن دَمٍ ولا مِنْ مشيئةِ لحمٍ ولا مِنْ مَشيئةِ رَجُلٍ لكنْ مِنَ الله وُلِدوا. والكلمَةُ صارَ جسدًا وحلَّ فينا (وقد أبْصرْنا مجدَهُ مجدَ وحيدٍ من الآب) مملوءًا نِعمة وحقًّا. ويُوحَنَّا شَهِدَ لهُ وصرَخَ قائلًا: هذا هُوَ الَّذي قلتُ عَنهُ إنَّ الَّذي يَأتي بَعدي صارَ قبلي لأنَّهُ مُتَقدِّمي. ومن مِلئِهِ نحنُ كلُّنا أخَذْنا ونعمةً عوضَ نعمةٍ. لأنَّ النّاموسَ بموسى أُعطِي. وأمَّا النِّعمَةُ والحقُّ فبِيسُوعَ المسيحِ حَصلا.

حول الرّسالة

قوّة الرُّوح القدس 

في الإصحاح الأوّل من سفر أعمال الرُّسُل، وبعد سؤال التّلاميذ للسّيّد عن الأزمنة، يُجيبهم المسيح قائلًا: "لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ، لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوح الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا في اورشليم... وإلى أقصى الأرض".

جواب السّيّد هو وَعدٌ بحُلولِ الرُّوح القدس ونَيْلِ قوّة دون تحديد الأزمنة الَّتي سأل عنها التّلاميذ: "هَلْ فِي هذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إلى إِسْرَائِيلَ؟".

لا ننال دَوْمًا أجوبة على أسئلة تَدورُ في خاطِرِنا. نحن لم ننتمِ إلى الكنيسة كي نحظى بمعرفة كلّ شيء بل لتتغيّر طريقة تفكيرنا فنبحث عن الأهمّ ولنطرح الأسئلة الصَّحيحة الَّتي تقودنا إلى الخلاص بالمسيح.

لذا يقول الرَّسول بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس: "كلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكلاَمِ الْحِكْمَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الْمُقْنِعِ، بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوح وَالْقُوَّةِ، لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ النَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ اللهِ."

صلاتنا تتضمّن طلبات من أجل سلام كلّ العالم وخصب ثمار الأرض وغيرها من الطّلبات. نسأل بثقة ونعلم أنّ الله سميع لنا. لكنّنا أساسًا ندرك أنّ ما نرجوه أوّلًا هو أن ننال "قوّة متى حلّ الرُّوح القدس" علينا. حلول يبدّل نظرتنا إلى تفاصيل الحياة وإلى هموم هذا العالم وملذّاته وإلى علاقتنا بالآخرين.

إذا لم نطلب قوّة الرُّوح ولم نُخْلِ قلبنا من مشاغله لنقبلها، فقد نكون في مجرّد سعي إلى انتماء نحاول عبره اكتساب معرفة وأجوبة دون التّبدّل العميق. نظنّ أنّنا من جماعة المسيح لأنّنا نعلم بعض العلم ونمارس بعض الطُّقوس ونكرّر بعض ما حفظناه. من يكتفي باشباع رغبته إلى معلومات وأجوبة قد ينسى طلب المعرفة الأعمق الكيانيّة الَّتي تنسكب في القلب وتحوّل الإنسان إلى هيكلٍ للرُّوح القدس.

من القبر ينفجر النُّور، ومن الرُّوح نستمدّ القوَّة. نور وقوّة يبشّران أعماقنا فنصبح شهودًا للحياة بالمسيح إلى أقصى الأرض. حتّى لو عجزنا عن تفسير منطقيّ لمشاكلّ تواجهنا سنبقى أبدًا نلتمس من الله قلبًا بسيطًا يفرح بحياته مع المسيح. نحيا بعنايته بنا. وطلبنا ألّا نضعف وأن نَعي أنّنا وُهبنا ما يغلب الموت وما يجعلنا مكرَّسين للرَّبّ، نحيا بوجودٍ يبثّه هو فينا كلّ يوم.

الفصح بالصَّليب

"بالصَّليب أتى الفرح لكلِّ العالم"، "فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّليب عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ" (كورنثوس الأولى 1: 18). هذا الكلام لا يُفهم ولا يَقبله غير المؤمن، نقبله فقط بالرُّوح القدُس الَّذي يعطينا أن نقول: "أنَّ يسوع ربٌّ" (كورنثوس الأولى 12: 3).

الفصح في الأساس يعني العُبور، عبور الشَّعب العبرانيّ من العبوديّة إلى الحرّيّة، إلى أرض الميعاد. والمسيح أصبح هو كمال الفصح، هو الَّذي حقَّقَ هذا العبور، من أرض العبوديّة والموت إلى الملكوت. حقَّقَ كلَّ هذا وأعطانا إمكانيّة عَيْش هذا العبور بموته على الصَّليب. الصَّليب أصبح خشبة الخلاص، الَّتي بها نعبر من هذا الحياة الوقتيّة إلى تلك الأبديّة، وأعطانا أن نتذوّقها ونعيشها منذ الآن.

الموت دخل إلى حياتنا كبشرٍ بسبب الخطيئة، ولا شفاء لنا من الخطيئة إلّا بالإيمان والمحبّة. ومن لا يُحبّ يبقى في الموت: "مَن لا يحبّ لم يعرف الله لأنّ الله محبّة" (1 يو 4: 8). لهذا فالمسيح هو مثالنا، وهو قال: "أنا هو القيامة والحياة، مَن آمن بي ولو مات فسيحيا" (يو 11: 25 - 26). الصَّليب هو علامة محبّة الله الآب لكلّ جنسنا البشريّ، ونرى هذا بوضوح في كلام الرَّبّ: "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يو3: 16). المسيح حمل على الصَّليب خطايا البشريّة لكي يحرّرها من سلطة الموت. علّمنا أن نستعيد حريّتنا المفقودة من خلال بذل الحبّ، عندما نتخلّى عن أنفسنا محبّةً بالآخَر، لأنّه هكذا أحبّنا الله، أكثر من نفسه، حتّى بذل ابنه الوحيد محبّةً بنا.

المسيح ارتضى الصَّليب بإرادته لكي يرفعنا من موتنا. لا نقف عند الصَّليب فقط، وإلّا أصبحنا مُحبِّين للألم. نحن ننظر إلى القيامة من خلال ألم الصَّليب. لم يعد الصَّليب رمزًا للموت، بل رمزًا للصَّبر، والتّعزية، والغفران، والحياة والقيامة، من خلال المحبّة الَّتي بذلها المسيح بِسَفْكِ دمه عليه، محبّةً بكلِّ شخصٍ منّا نحن البشر التّرابيّين. الصَّليب بالمسيح أصبح أداة الغلبة والنَّصر، المسيح أعطاه هذه القوّة وهذا الشّفاء.

قوّة الحياة والقيامة تأتي من قوّة المحبّة الَّتي تغلب كلّ ألمٍ وكلّ موتٍ. تُغَيِّرُ كيان الإنسان وتمنحه ولادةً وتَجَدُّدًا من فوق. المسيح غلب الموت بموته على الصَّليب، وقام واهبًا الحياة للَّذين في القبور. كشف لنا طبيعة الحبّ الإلهيّ تجاهنا نحن المائتين.

إنْ أردنا أن نصل إلى القيامة علينا أن نتعلّم كيف نُخلي أنفسَنا على المثال الإلهيّ: "من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني". هو قرارٌ إراديّ حرٌّ، نَصْبُو من خلاله لأن نحصل على حياة المسيح فينا، على قوّة القيامة وفرحها.

ألا أعطانا الله أن نتعلّم كيف نحمل الصَّليب بفرحٍ وصبرٍ، لنعبر من هذه الحياة إلى تلك الأبديّة، مُقتدين بربِّ المجد، وحاوينه في داخلنا منذ الآن، آمين.

أخبارنا

برنامج صاحب السّيادة في الفصح

* أحد الفصح المقدَّس

يترأّس راعي الأبرشيّة سيادة المتروبوليت أنطونيوس (الصّوري) يوم الأحد الواقع فيه 24 نيسان 2022 خدمة عيد الفصح الّتي تبدأ عند السّاعة الخامسة فجرًا في كاتدرائيّة القدّيس نيقولاوس—الميدان، وتتضمّن صلاة الهجمة فالسّحرية والقدّاس الإلهيّ.

* عيد القدّيس جاورجيوس المظفَّر (كنيسة القديس جاورجيوس حوش الأمراء)

يترأّس راعي الأبرشيّة سيادة المتروبوليت أنطونيوس (الصّوري) احتفالات عيد العظيم في الشّهداء القدّيس جاورجيوس المظفّر في كنيسة القدّيس في حوش الأمراء بحسب البرنامج التّالي:

غروب العيد: الأحد في 24 نيسان 2022 السّاعة السّادسة (6.00) مساءً.

سحرية وقدّاس العيد: الإثنين في 25 نيسان 2022. تبدأ السّحريّة عند السّاعة 8.30 صباحًا ويليها القدّاس الإلهيّ السّاعة 10.00.

* استقبال المهنّئين بعيد الفصح

يستقبل راعي الأبرشيّة في دار المطرانيَّة المهنّئين بعيد الفصح المجيد بحسب البرنامج التّالي:

الأحد في 24 نيسان 2022: من السّاعة الحادية عشرة (11.00) ق.ظ وحتّى الخامسة (5.00) ب.ظ.

الإثنين في 25 نيسان 2022: من السّاعة الثّالثة (3.00) ب.ظ. وحتّى السّادسة (6.00) مساءً.

المسيح قام!       حقًّا قام!

كلّ عام أنتم بألف خير.

أنقر هنا لتحميل الملفّ