Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 17 نيسان 2022

العدد 16

أحد الشّعانين 

أعياد الأسبوع: *17: أحد الشّعانين، الشّهيد في الكهنة سمعان الفارسيّ ورفقته *18: الإثنين العظيم، البارّ يوحنا تلميذ غريغوريوس البانياسي، القدّيس يوسف المغبوط الكلّيّ الحسن مع التّينة الَّتي لُعنت من الرَّبّ ويبست *19: الثّلاثاء العظيم، تذكار مثل العشـر عذارى الوارد في الإنجيل الشّريف، الشّهيد في الكهنة بفنوتيوس *20: الأربعاء العظيم، تذكار المرأة الزّانية الَّتي دهنت الرَّبّ بالطّيب، البارّ ثاوذورس الشّعري، أنستاسيوس بطريرك إنطاكية المعترف، زكّا العشار *21: الخميس العظيم، تذكار الغسل الشّريف، والعشاء السِّرِّي،  والصَّلاة الباهرة العجيبة، تسليم ربَّنا من يهوذا لأمّة اليهود، الشّهيد يَنّواريوس ورفقته، أنستاسيوس السّينائيّ *22: الجمعة العظيم، تذكار آلام ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح، القدّيس ثيوذورس السّيقي، الرّسول نثنائيل *23: سبت النّور، تذكار دفن الجسم الإلهيّ وانحدار ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح إلى الجحيم.

كلمة الرّاعي

يا أورشليم... يا أورشليم...

”أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!

أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!“ (مت 21: 9)

”يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا“ (مت 23: 37)، ها إنّ ملكك المسِّيَّا الَّذي انتظرته مئات السِّنين يأتيك راكبًا على جحش ابن أتان ملكًا للسّلام في هتاف أبنائك وشعبه ”أوصنَّا لابن داود“ أي الرّبّ ينتصر لمختاره وينصره على أعدائه. ماذا كنت تنتظرين من ملكك الجالس على جحش وليس على حصان، هل ظننت أنّه يسحق أعداءك في هذا العالم ومستعبديكِ ومحتلِّيكِ؟! هو جاء غالبًا كلّ حقد وشرّ، هو جاء ليموت لكي يحييك مدينة جديدة نازلة من السّماء وليس مملكةً أرضيّة...

يا أورشليم! اليوم تستقبلين المسّيَّا كمَلِكٍ ظافرٍ بأغصان النّخيل والزّيتون والهتافات ”أوصنّا لابن داود...“ ولاحقًا تصرخين ”اصلبه اصلبه...“ (لو 23: 21، يو 19: 6 و15).  هو لم يكن خافيًا عليه مَكْرُكِ وخداعُك وخبثُك لأنّه كان يعرف ما في الإنسان... (راجع يو 2: 24 و25).

*          *          *

 ها إنَّ ملك الملوك وربّ الأرباب يأتي في هيئة الضَّعف كإنسان ليُدخِل السّلام إلى العالم بتقويضه مملكة الشّرّ عبر قبوله أن يدخل كملك وذبيحة بآنٍ معًا. ملوكيّته وقوّته ستتجلَّيان في صليبه إذ بالموت سيُميت الموت ويهدم مملكة إبليس ويحرِّر المقيَّدين في الجحيم وينهضهم معه.

ها هو المسيح يسوع يدخل على قلوب الَّذين يستقبلونه بالسَّعَف وأغصان الزَّيتون ويفرشون ثيابهم له دلالة على خضوعهم لملكه، لكنّ يسوع كان يعلم ما يقوله كاتب المزامير: ”أَنَا قُلْتُ فِي حَيْرَتِي: كُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبٌ. مَاذَا أَرُدُّ لِلرَّبِّ مِنْ أَجْلِ كُلِّ حَسَنَاتِهِ لِي؟ كَأْسَ الْخَلاَصِ أَتَنَاوَلُ، وَبِاسْمِ الرَّبِّ أَدْعُو. أُوفِي نُذُورِي لِلرَّبِّ مُقَابِلَ كُلِّ شَعْبِهِ ...“ (مز 115 (116): 10—14). لذلك، كان يسوع عالمًا أنّ قلوب هؤلاء ليست نقيّة، ومع ذلك قَبِلَ هتافاتهم لأنّها كانت لتشهد عليهم أمام الله وليشهدوا هم أمام رؤساء هذا العالم لأنّ حقّ الله لا يمكن أن يحجبه الإنسان، فأنّه ”إِنْ سَكَتَ هؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ!“ (لو 19: 40).

يسوع يدخل أورشليم وهو عارف أنّه سيشرب الكأس الّتي يعطيه إيّاها الآب الَّذي أحبّ خاصّته حتّى إنّه بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبديّة. يسوع هو ملك الحبّ الإلهيّ، أي هو كشف لنا أنّ الله محبّة، وحيث المحبّة فهناك الاتّضاع، وحيث الاتّضاع فهناك السّلام، وحيث السّلام فهناك الفرح، وحيث الفرح فهناك الحياة الأبديّة وملكوت السّماوات.

*          *          *

أيُّها الأحبّاء، ها نحن منطلقون في مسيرة الفصح الّتي استُعلِنَت بإقامة لعازر من بين الأموات وتجلَّت باستقبال يسوع ملكًا ظافرًا سيجلس على عرشه-الصّليب حيث يحكم منه على مملكة الشّرّ بالانحلال ويمنح بقيامته الرَّاقدين منذ الدَّهر التّحرُّر من سلطان إبليس.

أمّا نحن، فلنستقبله ملكًا وإلهًا وربًّا لنا، ولنفرش له حياتنا تحت قدميه ليباركها بسكناه في أورشليم قلوبنا ملكًا للسّلام، مصالِحًا لنا مع الله ومع أنفسنا ومع الآخَرين بمنحنا نعمة التّوبة، فنتخلَّى عن حبّ الشّرّ وعن التّمسُّك بتعلُّقاتنا الأنانيّة وعن علاقاتنا الاستهلاكيَّة، ولنقبله سيِّدًا مُطْلَقًا علينا فنصنع مشيئه دومًا لنصير به بشرًا قياميِّين أي غالبين مواتيّة ترابيّتنا لنحيا بروحه القدُّوس الرّبّ الصّانع الحياة، ليصير ملكوته فينا ظاهِرًا وفاعِلًا وطاردًا فينا ومن حولنا كلّ يأس وإحباط وباثًّا يقين الغلبة بالرّجاء على آلام هذا الدّهر بعطيَّة الحبّ الإلهيّ المتفجِّرة بقيامته في قلوب المؤمنين به والطّالبينه.

”الرُّوحُ وَالْعَرُوسُ يَقُولاَنِ: "تَعَالَ!" (...) "نَعَمْ! أَنَا آتِي سَرِيعًا". آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ...“ (رؤ 22: 17—20).

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة الشَّعانين الأولى (باللَّحن الأوّل)

أيّها المسيحُ الإله لمّا أقمتَ لعازرَ من بين الأمواتِ قبلَ آلامك حقَّقتَ القيامةَ العامّةَ لذلك ونحن كالأطفال، نحملُ علامات الغلبة والظّفر صارخينَ نحوكَ يا غالبَ الموت: أوصنّا في الأعالي، مباركٌ الآتي باسمِ الرَّبّ.

طروباريّة الشَّعانين الثّانية (باللّحن الرّابع)

أيّها المسيحُ الإله، لمَ دُفنّا مَعكَ بالمعموديّة إستأهلنا بِقِيامتكَ الحياة الخالدة، فنحنُ نُسبّحُكَ قائلين: أوصنّا في الأعالي مُباركٌ الآتي باسم الرَّبّ.

قنداق أحد الشّعانين (باللَّحن السّادس)

يا مَنْ هُوَ جالِسٌ على العَرْشِ في السَّماء، وراكِبٌ جَحْشًا على الأرض، تَقَبَّلْ تَسابيحَ الملائِكَةِ وتماجِيدَ الأطفال، هاتِفينَ إليكَ أَيُّها المسيحُ الإله: مبارَكٌ أنتَ الآتي، لِتُعِيدَ آدَمَ ثانِية.

الرّسالة (في 4: 4-9)

مُبارك الآتي باسْمِ الرَّبّ

اعتَرِفوا للرَّبِّ فإنَّه صالِحٌ وإنَّ إلى الأبدِ رَحْمَتهُ 

يا إخوة، افرحوا في الرَّبّ كلَّ حينٍ وأقولُ أيضًا افرحوا. وليظهر حِلمكم لجميع النّاسِ فإنَّ الرَّبَّ قريب. لا تهتمّوا البتَّةَ، بل في كلِّ شيءٍ فلتكن طلباتُكم مَعلومةً لدى اللهِ بالصَّلاة والتَّضرُّع مع الشُّكر. ولْيَحْفَظ سلامُ اللهِ الَّذي يفوقُ كلَّ عقلٍ قلوبَكم وبَصائركم في يسوع المسيح. وبعدُ أيُّها الأخوة، مهما يكن من حقٍّ، ومهما يكن من عَفافٍ، ومهما يكن من عَدْلٍ، ومهما يكن من طهارةٍ، ومهما يكن من صفةٍ مُحَبَّبَةٍ، ومهما يكن من حُسْنِ صيتٍ، إن تكن فضيلةٌ، وإن يكن مدحٌ، ففي هذه افتكروا. وما تعلَّمتموه وتسلَّمتموه وسمعتموه ورأيتموه فيَّ فبهذا اعملوا. وإلهُ السَّلامِ يكونُ معكم.

الإنجيل (يو 12: 1-18) 

قبل الفصح بستَّةِ أيّام أتى يسوع إلى بيتَ عنيا حيثُ كانَ لعازرُ الَّذي ماتَ فأقامهُ يسوعُ من بينِ الأموات. فصنعوا لهُ هناكَ عشاءً، وكانت مرتا تخدمُ وكان لعازرُ أحد المتَّكئينَ معه. أمّا مريمُ فأخذتْ رطلَ طيبٍ من ناردين خالصٍ كثيرِ الثَّمنِ، ودهنَتْ قدمي يسوع ومسحَتْ قدميهِ بشعرِها، فامتَلأَ البيتُ من رائحةِ الطِّيب. فقالَ أحدُ تلاميذِه وهو يهوذا بن سمعان الأسخريوطيُّ الَّذي كانَ مُزمِعًا أن يسلِّمَهُ: لِمَ لَمْ يُبَعْ هذا الطِّيبُ بثلاثِ مئةِ دينار ويُعْطَ للمساكين. وإنَّما قالَ هذا لا اهتمامًا منهُ بالمساكينِ بل لأنَّهُ كانَ سارقًا وكانَ الصّندوقُ عِندَهُ وكانَ يحملُ ما يُلقى فيه. فقالَ يسوعُ: دعها، إنَّما حفظَتْه ليومِ دفني. فإنَّ المساكينَ هم عندكُمْ في كلِّ حين وأمّا أنا فلستُ عندَكم في كلِّ حين.

وعلمَ جمعٌ كثيرٌ من اليهودِ أنَّ يسوعَ هناكَ فجاؤوا، لا من أجلِ يسوع فقط، بل لينظروا أيضًا لعازرَ الَّذي أقامَه من بينِ الأموات. فأْتَمَرَ رؤساءُ الكهنةِ أن يقتلوا لعازرَ أيضًا، لأنَّ كثيرين من اليهودِ كانوا بسبَبِهِ يذهبونَ فيؤمنونَ بيسوع. وفي الغدِ لمّا سمعَ الجمعُ الكثيرُ الَّذينَ جاؤوا إلى العيدِ بأنَّ يسوعَ آتٍ إلى أورشليمَ أخذوا سُعُفَ النَّخلِ وخرجوا للقائِهِ وهم يصرخونَ قائلينَ: "هوشعنا، مباركٌ الآتي باسمِ الرَّبِّ ملكُ إسرائيل". وإنَّ يسوع وجدَ جحشًا فركبَهُ كما هوَ مكتوبٌ: لا تخافي يا ابنةَ صهيون، ها إنَّ ملككِ يأتيكِ راكبًا على جحشٍ ابنِ أتان. وهذه الأشياءُ لم يفهمْها تلاميذُهُ أوَّلًا، ولكن، لمَّا مُجِّدَ يسوعُ حينئذٍ تذكَّروا أنَّ هذهِ إنَّما كُتِبَتْ عنهُ، وأنَّهُمْ عملوها لهُ. وكانَ الجمعُ الَّذينَ كانوا معهُ حين نادى لعازرَ من القبرِ وأقامَهُ من بين الأمواتِ يشهدونَ لهُ. ومن أجلِ هذا استقبلَهُ الجمعُ لأنَّهُم سمعوا بأنَّهُ قد صنعَ هذهِ الآية.

حول الإنجيل

"ابتهجي يا بنتَ صهيون، واهتفي يا بنتَ أورشليم. هوذا مَلكُكِ يأتيكِ صِدِّيقًا مخلِّصًا وديعًا راكبًا على أتانٍ وجحشٍ ابن أتان". كما هو مكتوبٌ في نبوءة زكريا، يدخل يسوع اليوم أورشليم بعد ما أقام صديقه لعازر من الموت، يدخل ويعلّم بالوداعة. الخدمة الطّقسيّة ترتكز على إنجيل (يوحنا 12: 1-18) فهتاف ”أوصنّا“ (”هوشعنا“ في لفظها الأصلي) الَّذي يعني "خلّصنا يا الله"، مأخوذٌ من إنجيل أحد الشّعانين. غاية الدُّخول إلى أورشليم هي الوصول إلى الموت فالقيامة.

ولأنّ هذا الدّخول يدلّ على الفرح، رتّبت الكنيسة قراءةً من رسالة القدّيس بولس إلى أهل فيلبي (فيلبي 4: 4-9) فيها دعوةٌ أن نفتكر بما هو حقٌّ أو عفافْ أو عدلٌ أو طهارة. فاستقبال أورشليم للسيّد ينبغي أن نترجمه استقبالًا له في قلوبنا وإلّا بطلَ العيدُ بالنّسبة إلينا.

من إطار الرّسالة البولسيّة ومكانتها في خدمة أحد الشّعانين، يتحضّر المؤمن بتفحّصه قلبَه، لينسى كلَّ مؤامرات الخطايا ويضرب مواعيدَ توبةٍ وعهدَ قيامةٍ مع فاديه. ولأنّنا كنيسةٌ رسوليةٌ تناقلت العبادة عندنا بالتّسليم والتّقليد، نرى دعوة بولس في رسالته بأنّ: "ما تَعلّمتموه وتَسلّمتموه وسمعتموه ورأيتموه فيّ فبهذا اعملوا"، من هنا "نفرح بالرَّبِّ كلَّ حينٍ"، العريس والحمل والختن والقويّ الجبّار القائم من الموت لأجل خلاصنا.

كلمة الله في إنجيله اليوم والرِّسالة، ما هي إلّا دعوة لنا مع دخول السّيّد أورشليم بأن نفرزها تعزيةً بيننا في هذا الزَّمن الصَّعب. ما كانت يومًا رسالتُنا سهلةً، فآباؤنا جاهدوا واستشهدوا ليُخبَّر بهم خبرُ المسيح. من إنجيل يوحنا إلى رسالة بولس اليوم سنَذُوق الصَّلْبَ حبًّا والقيامة إيمانًا ونفرح.

لننظرْ إلى الرَّبّ: "في كلّ شيءٍ فلتكن طلباتكم معلومة لدى الله بالصَّلاة والتَّـــضَــرُّع مع الشُّكر"، طالبين منه أن ينسى خطايانا لنتمكّن من أن نقومَ معه.

دخول الرَّبّ يسوع المسيح إلى أورشليم

"يا ربّ خلّص"، هوشعنا، هي صرخة الشّعب للمسيح يوم دخوله إلى أورشليم. نحن نطلب الخلاص من الله ونسأله أن يُسـرع لنجدتنا وخلاصنا.

لغويًّا، كلمةُ "شعانين" اليونانيّة "ὡσαννά" (أوصانا) تأتي من الكلمة العبريّة "هوشعنا" (مزمور  118: 25). المسيح لا يترك النّاس دون أن يردّ على سؤلهم. ولكنّه يسمع صوت أبيه وليس صوت النّاس. فجاء جوابه على هتاف الشَّعب على الصَّليب. فما من خلاص دون الصَّليب، وما مِن مَجدٍ أظهره غير مجد الصَّليب.

الشَّعب أراد تنصيب يسوع ملكًا، فقبل، ولكنّه أبى أن يجلس على عرشٍ سوى عرش الصَّليب. رؤيتنا لله مرتبطة بفهمنا العميق لما فعله ابنه. هذا أوضحه الإنجيليّون الإزائيّون (متّى، ومرقس ولوقا) في سردهم لحدث دخول المخلّص إلى أورشليم، إذ نجد يسوع يتوجّه بعدها مباشرةً إلى الهيكل ليطرد الباعة منه ويقلب موائد الصَّيارفة، ويصـرخ أنّ "بيت أبيه هو بيت صلاة" (متّى 21: 13، مرقس 11: 17، لوقا 19: 41). أمّا الإنجيليّ يوحنّا فيذكر حادثة تطهير هيكل الله من الباعة في بداية إنجيله، ولكن يجتمع مع بقيّة الإنجيليّين بذكر هذه الحادثة قبل الفصح (يوحنّا 2: 17-16). بهذا أشار يسوع أنّه ربُّ الهيكل، وأنّ علينا تصحيح رؤيتنا لله. لا نقارب الله إلّا بالصَّلاة، وبيته، ليس حجارة الهياكل أو الكنائس، بل أجسادنا، الَّتي هي الهيكل اللّحميّ لله، يجب أن تكون طاهرة دومًا. فالدُّخول إلى أورشليم هو في المَرمى الأخير ليس سوى دعوة لله أن يدخل إلى "أورشليمنا"، أي قلبنا، ليطهّره ويخلّصه.

دخول المسيح إلى أورشليم هو تحقيقٌ للنُّبوءات: فنقرأ عند النّبيّ أشعياء "قولوا لابنة صهيون: هوذا خلاصُكِ آتٍ هوذا جَزاؤُه معه وأُجرَتُه أَمامه" (62: 11)، وكذلك تحقيقٌ لنبوءة زكريّا القائل "ابتهجي جدًّا يا ابنةَ صهيون اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليكِ هو عادلٌ ومنصورٌ وديعٌ وراكبٌ على حمار وعلى جحش ابن اتان" (زكريّا 9 :9). لكنّ المسيح ليس ملكًا أرضيًّا. هو الملك بامتياز. والملك الحقيقيّ يخلّص شعبه ويحكمهم بالعدل. في دخول الرَّبّ إلى أورشليم علّمنا أنّ مجدّ المسيح هو في المصلوبيّة. هذا ما يجب أن تتعلّمه كلّ البشريّة، أن تتخلّى عن الأمجاد الدُّنيويّة وتطلب وجه الله في أراضي قلبنا الصَّحراويّة. هذا الخروج من العالم وترك اللَّذّات ليس سوى العودة إلى الذّات. في صحراء القلب تنسكب علينا الأمجاد السّماويّة، ونشاهد ملك المجد مُتوِّجًا على الصَّليب حبَّه للبشريّة.

أنقر هنا لتحميل الملفّ