Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 27 شباط 2022                       

العدد 9

أحد مرفع اللّحم (الدّينونة)

اللّحن 3- الإيوثينا 3

أعياد الأسبوع: *27: بروكوبيوس البانياسيّ المُعترف، القدّيس ثلالاوس السُّوريّ *28: القدّيس باسيليوس المعترف، البارّ كاسيانوس الرُّومانيّ، البارّتين كيرا ومارانا *1: البارّة في الشّهيدات آفذوكيَّا، البارَّة دومنينا *2: الشّهيد إيسيخيوس *3: الشّهداء افتروبيوس وكلاونيكس وباسيليسكس، *4: البارّ جراسيموس النّاسك في الأردنّ *5: تذكار جامع للآباء الأبرار، الشَّهيد قونن، البارّ مرقس النَّاسك.

كلمة الراعي

 

أَحَدُ الدَّيْنُونَة

تعالوا يا مبارَكي أبي، رِثوا المُلْكَ المُعَدَّ لكم منذ إنشاء العالم ... اِذهبوا عني يا ملاعينُ إلى النار الأبدَّية المُعدَّةِ لإبليسَ وملائكتِه“

(متّى ٢٥)

هل من دينونة في اليوم الأخير؟ هل سيحاسب الله البشر في نهاية الأزمنة؟ هل المسيح الَّذي مات من أجل حياة العالم سيَدين البشريّة في مجيئه الثّاني في القيامة العامّة؟ ...

الواضح من الإصحاح الخامس والعشرين من إنجيل متّى أنّ الدّينونة حاصلة لا محالة. في الحقيقة، هذا ما نعلنه في دستور الإيمان بأنَّ المسيح ”أيضًا يأتي بمجدٍ ليدين الأحياء والأموات“. السّؤال الجوهريّ هو: على ماذا سيديننا الرّبّ ويحاسبنا؟ على الرّحمة والمحبّة.

هل هذا يعني أنّ الصَّلاة والصَّوم غير مهمَّين في حياتنا؟

بالطّبع لا، فالصَّلاة والصَّوم أمران رئيسيّان في جهاد الإنسان لاقتناء المحبّة الإلهيّة. الإنسان بالفطرة، بالطّبيعة عنده المحبّة والرّحمة، لكنّهما محدودتان بسبب الخطيئة الّتي تجعله يتمسَّك بنفسه، وربّما فقط بنفسه. مع ذلك، يتعلّم الإنسان في بيته وفي مجتمعه أن يحبّ ولو كانت هذه المحبّة مربوطة بالعطاء والأخذ بالمقابل، هذا تدريب أوَّليّ ليصير عند الإنسان إحساس بالآخَر وبحاجاته. مع النّمو ووعي الإنسان لذاته ولِكَوْن حياته لا تستقيم بدون الشّركة مع الآخَر ومع نضج شخصيّته يدرك يومًا بعد يوم أنّ جوهر العلاقة الحقيقيّة بين البشر هو المحبّة، الَّتي تعطي لهذه العلاقة بُعْدَها الإنسانيّ العميق والحقيقيّ. تنشأ الرَّحمة من رباط الرَّحَم بين النّاس الَّذي يجعلهم يَحُنُّونَ على بعضهم  البعض ويرأفون بالضُّعفاء، من هنا يبتدِئ الإنسان بتعلّم الرَّحمة. الرَّحمة ترتبط بالضّعف عند الآخَر، من هنا، في هذا الأحد المبارك أحد الدّينونة، أتت دينونة الرّبّ على أعمال الرَّحمة الّتي قام بها النّاس أو لم يقوموا بها تجاه الضّعفاء: الجياع والعطشى والغرباء والعُراة والمرضى والمحبوسين. هؤلاء الَّذين ذكرهم الرَّبّ يسوع في المثل يمثّلون المهمَّشين والمتروكين والمتألّمين وربّما المنبوذين، هؤلاء لا يخاطِر البشـر، بعامّة، بالتّعاطي معهم وفي شؤونهم لأنّهم سيشكّلون عليهم عبئًا مادِّيًّا ومعنويًّا قد يكون طويل الأمد، فمن يستطيع تحمُّل إنسان يحتاج إليه كلِّيًّا لفترة طويلة؟! ... على سبيل المِثال لا الحصر، الأولاد أحيانًا كثيرة لا يحتملون وَهَنَ صحَّة أهلهم بسبب الشّيخوخة والعجز فيُهْمِلُونَ الاهتمام بهم، ألا يحصل هذا في أيّامنا؟ ...

*     *     *

بالرَّحمة نرتقي إلى المحبّة، لأنّ دوافع الرَّحمة تكون أكثر تأثيرًا في ضمير الإنسان. لذلك، من لا يتحرَّك ضميره، وبالتّالي قلبه، لآلام النّاس فلن يتحرَّك قلبه ليفرح بالنّاس. ولكن، الرَّحمة هي صفة الله: ”كُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ أَيْضًا رَحِيمٌ“ (لوقا ٦: ٣٦) والمحبّة أيضًا: ”اللهَ مَحَبَّةٌ“ (١ يوحنَّا ٤ : ٨ و١٦).

بناء عليه، لا يقتني الإنسان الرَّحمة والمحبّة الإلهيّتين إلّا بنعمة الرُّوح القدس، ولا يقتني الرُّوح القدس إلّا من آمن بالمسيح واعتمد على اسم الثّالوث القدّوس، ولا يستقرُّ الرُّوح القدس إلّا في الأنقياء، ولا يتنقّى أحد بدون التّوبة، ولا يستطيع أحد أن يتوب بدون الصّلاة والصّوم. هناك من يتعاطَون الرَّحمة بالفطرة الطّبيعيّة الّتي هي من صورة الله، ولو المشوّهة بفعل السّقوط فيهم ولكنّ رحمة الله تجعله يرحم هؤلاء في اليوم الأخير. لا يستطيع الإنسان أن ينتقل من الرَّحمة العاطفيّة المزاجيَّة إلى الرَّحمة الرّوحيّة الثّابتة إذا لم يُدرك رحمة الله عليه أي إذا لم يعرف خطاياه وحجمها الحقيقيّ وامتدادها الكيانيّ فيه ليفهم عظم رحمة الله له ومحبّته إيّاه. وبالتّالي، فالنّموّ الحقّانيّ للإنسان في إنسانيّته مرتبط بإدراكه، بنور النّعمة الإلهيّة، لحقيقة سقوطه ولحقيقة صورة الله فيه، وبالتّالي لحقيقة إنسانيّته في مشـروع الله.

*     *     *

الله الكلّيّ الحنان والرّأفة والرّحمة، المحبّة اللّامتناهية، خلقنا على صورته لنصير على مثاله. حياتنا هي هذه المسيرة من الصّورة إلى المثال، كلّما صرنا رحماء كلّما اقتربنا من شبه الله، وكلّما اقتربنا من شبه الله كلّما انتقلنا من الرَّحمة إلى المحبّة الإلهيّة وشركة حياة الثّالوث القدّوس.

الدّينونة هي كشفٌ إلهيٌّ، هي معاينةُ الإنسانِ لحقيقتِه الدّاخليّة في نور وجه الله بيسوع المسيح بالرُّوح القدس. حينها إمّا يكون الإنسان قد اقتنى رحمةً ومحبّةً من عند الله فيدخل إلى الملكوت المُعَدِّ له منذ إنشاء العالم، وإمّا يكون الإنسان مكتفيًا بنفسه منغلقًا على ذاته فيصير شريكًا لإبليس في جحيم كراهيّته وأنانيّته وكبريائه.

ومن له أذنان للسّمع فليسمع.

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (باللَّحن الثّالث)

لِتفرحِ السَّماوِيَّات. ولتَبتَهِجِ الأرضِيَّات. لأنَّ الرَّبَّ صنعَ عِزًّا بساعِدهِ. ووَطِئَ المَوْتَ بالمَوْت. وصارَ بِكرَ الأموات. وأنقذَنا من جَوفِ الجحيم. ومَنَحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.

قنداق أحد مرفع اللّحم (باللّحن الأوّل)

إذا أتيتَ يا الله على الأرضِ بمجدٍ. فترتعدُ منكَ البرايا بأسرها. ونهرُ النّارِ يجري أمامَ المِنبر. والمَصاحفُ تُفتَّحُ. والخفايا تُشَهَّر. فنجِّني حينئذٍ من النّار الّتي لا تُطفأ. وأهّلني للوقوف عن يمينِك، أيُّها الدَّيانُ العادِل.

الرِّسالة (1 كو 8: 8-13، 9: 1-2)

قُوَّتي وتَسْبِحَتي الرَّبُّ                  

أدبًا أدَّبَني الرَّبُّ، وإلى المَوْتِ لَمْ يُسْلِمني 

يا إخوة، إنّ الطَّعامَ لا يُقرِّبُنا إلى الله، فإنّنا إن أكلنا لا نزيدُ، وإن لم نأكل لا نَنْقُص. ولكنْ أنظروا أن لا يكونَ سلطانُكم هذا مَعثرةً للضُّعَفاء. لأنّه إن رآك أحدٌ يا من له العِلمُ، مُتَّكِئًا في بيتِ الأوثان، أفلا يتقوّى ضميرُه، وهو ضعيفٌ، على أكلِ ذبائح الأوثان، فيَهلِكَ بسببِ عِلْمك الأخُ الضَّعيفُ الَّذي مات المسيحُ لأجلِه. وهكذا، إذ تُخطِئون إلى الإخوةِ وتجرحون ضمائرَهم وهي ضعيفة، إنّما تُخطئِون إلى المسيح. فلذلك، إن كان الطَّعامُ يُشَكِّكُ أخي فلا آكلُ لحمًا إلى الأبد لئلّا أُشكِّكَ أخي. ألستُ أنا رسولًا. ألستُ أنا حُرًّا. أما رأيتُ يسوعَ المسيحَ ربَّنا؟ ألستم أنتم عملي في الرَّبّ. وإن لم أكن رسولًا إلى الآخَرين فإنّي رسولٌ إليكم، لأنّ خاتَمَ رسالتي هو أنتم في الرَّبّ.

الإنجيل (متّى 25: 31-46)

قال الرَّبُّ: متى جاءَ ابنُ البشر في مجده وجميعُ الملائكةِ القدّيسين معه، فحينئذٍ يجلس على عرشِ مَجْدِه، وتُجمَعُ إليه كلُّ الأمم، فيميِّزُ بعضَهم من بعضٍ كما يميِّزُ الرَّاعي الخِرافَ من الجِداء. ويقيمُ الخِرافَ عن يمينه والجِداءَ عن يسارِه. حينئذٍ يقول الملكُ للَّذين عن يمينه: تعالوا يا مُبارَكي أبي، رِثوا المُلكَ المُعَدَّ لكم منذ إنشاء العالم، لأنّي جُعتُ فأطعمتموني، وعطِشتُ فسقيتموني، وكنتُ غريبًا فآوَيتموني، وعُريانًا فكسَوتموني، ومَريضًا فعُدتموني، ومحبوسًا فأتيتم إليَّ. يُجيبه الصِّدِّيقون قائلين يا ربُّ متى رأيناك جائعًا فأطعَمناك، أو عطشانًا فسقيناك، ومتى رأيناكَ غريبًا فآوَيناك، أو عُريانًا فكسَوناك، ومتى رأيناك مريضًا أو محبوسًا فأتينا إليك. فيُجيبُ الملكُ ويقولُ لهم: "الحقَّ أقولُ لكم، بما أنَّكم فعلتم ذلك بأحدِ إخوتي هؤلاء الصِّغار فبي فعلتُموه. حينئذٍ يقولُ أيضًا للَّذين عن يسارِه، اذهبوا عنّي يا مَلاعين إلى النَّار الأبدِيَّة المُعدَّةِ لإبليسَ وملائكتِه، لأنّي جُعتُ فلم تطعِموني، وعطِشتُ فلم تسقُوني، وكنتُ غريبًا فلم تؤووني وعُريانًا فلم تكسوُني، ومَريضًا ومَحبوسًا فلم تَزوروني. حينئذٍ يُجيبونَه هم أيضًا قائلين: يا ربُّ متى رأيناكَ جائعًا أو غريبًا أو عُريانًا أو مَريضًا أو مَحبوسًا ولم نخدُمْك. حينئذٍ يُجيبُهم قائلًا: الحقَّ أقولُ لكم، بما أنَّكم لم تفعلوا ذلك بأحدِ هؤلاء الصِّغار فبي لم تفعلوه. فيذهبُ هؤلاءُ إلى العَذابِ الأبَديّ، والصِدّيقونَ إلى الحياةِ الأبديّة.

حول الإنجيل

تُهيِّئنا الكنيسة المُقدَّسة، ونحن على مقربة من الصَّوْم الأربعينيّ المُقدَّس، روحيًّا وجسديًّا لندخل مُستعدِّين استعدادًا تامًّا في زمن الصَّوم المبارَك الَّذي هو ربيع النَّفس، تزهر فيه بالفضائل المسيحيَّة. ويُسمَّى هذا الأحد "أحد مرفع اللَّحم" وهو آخر يوم يؤكل فيه اللَّحم، وبعد أن نرفع اللَّحم عن موائدنا نستعدّ لصيام جزئيّ يمتدّ على أسبوع يُسمّى "أسبوع الجبن" ونتناول فيه البَياض. وهكذا نرى أنّ الكنيسة تهيِّئنا تدريجيًّا، حتّى إذا حلّ أحد مرفع الجبن ندخل توًّا في الصَّيام الأربعينيّ المُقدَّس.

وفي التِّلاوة الإنجيليّة المُخَصَّصة لهذا الأحد المبارَك نرى وصفًا لإجراءات الدّينونة الأخيرة في اليوم العظيم، لذا يُسمّى هذا الأحد أيضًا أحد الدَّينونة. وهنا لا بُدَّ من التَّوقُّف عند بعض النِّقاط المُهمَّة:

أوّلًا: الجوهر الأساسيّ لهذه الآيات هو المحبَّة، لأنّها منطلقنا إلى الصَّوم، وغايته الأولى والأخيرة، لأنَّ الرَّبَّ يميّز في اليوم الأخير بين من أحبّ ومن لم يحبّ. فالرَّبّ يسوع موجودٌ في الجائع والعطشان والعُريان والمَريض والغريب والمَحبُوس... فمَن أحبَّ كلّ هؤلاء وخدمهم، فمحبّته وخدمته تكون للمسيح بالذَّات لأنّه هو القائل: "فبي فعلتموه". وأمّا من أهمل هؤلاء المعذَّبين فيكون قد أهمل يسوع المسيح: "الحقَّ أقول لكم بما أنّكم لم تفعلوا ذلك بأحد هؤلاء الصِّغار فبي لم تفعلوه" (متّى 25: 45) . أمّا النّتيجة فتكون: "فيمضي هؤلاء إلى عذابٍ أبديّ والأبرار إلى حياةٍ أبديّة" (متّى 25: 46).

ثانيًا: من هنا كلّ إنسان يختار طريقه فإمّا أن يكون عن يمين السَّيِّد بين الأبرار القدِّيسين، وإمّا عن يساره حيث العذاب الأبديّ. وعندئذٍ يُنفّذ الحكم في الأشرار أوّلًا، لأنّ الزُّؤان هو الَّذي يُجمع أوّلًا ويُحرَق. وإنّ عذابهم في العالم الآتي سوف يكون عذابًا أبديًّا لأنّ ذلك العالم غير قابل للتّغيير ولن ينتظر أن يغيّر الأشرار طبيعتهم لأنّهم كانوا في هذا العالم قد أضاعوا فرصة يوم النِّعمة وقاوَموا روح النِّعمة وأساؤوا التَّصرُّف بوسائط النِّعمة وعبثوا بها، ولذا سيُطردون من النُّور ويُطرَحون في الظُّلمة وهناك يكون البُكاء وصريف الأسنان.

ثالثًا: يمضي الأبرار إلى حياةٍ أبديّة، أي إنّهم يرثون المَلكوت المُعَدَّ لهم منذ تأسيس العالم، وهناك السَّعادة الدَّائمة وفرح القيامة والاتّحاد بيسوع المسيح.

وهكذا نجد أمامنا الخير والشَّرّ، الحياة والموت، البركة واللَّعنة، لكي نختار ما يحلو لنا، وعلى هذا الاختيار يتوقَّف المَصير. فلتكن هذه المواسم المبارَكة القادمة علينا مواسم خصبٍ روحيّ تزهر بالمحبَّة والعطاء، لأنّنا إن أحجمنا عن العطاء والمحبّة نكون مُحجِمين عن يسوع المسيح، وإن صَرَفنا وجهنا عن حاجيّات النّاس يصرف الرَّبُّ وجهه عنّا. ولنلتمس في صومنا وصلاتنا المحبّة أوّلًا وأخيرًا، لكي نقبل أنوار قيامة الرَّبّ المَجيدة ونكون من وارثي الملكوت السَّماويّ الَّذي لا يزول. وبهذا نُرضي وجه ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح، له المجد إلى دهر الدّاهرين. آمين.

(من أرشيف نشرة الكرمة- 22 شباط 2009)

الثَّبات في الجهاد

إنّ هذا الزَّمن الحاضِر يضع الإنسان أمام تجارب كثيرة يدفعه لفقدان الثّقة والرَّجاء والخلاص في المسيح يسوع ربّنا، ويبعده عن الثَّبات فيه فلهذا لا بُدَّ أن نواجه هذا العالم الجسدانيّ بالسَّعي الدَّائم لكي نبقى ونثبت في المسيح.

تعلِّمُنا كنيستنا المُقَدَّسة أنّنا بحاجة إلى الجهاد والطَّاعة لوصايا الرَّبّ فتبقى مُحَصَّنًا ضدّ هجمات العدوّ.

يقول القدّيس يوحنّا الإنجيليّ في (١يو٦:٣): "كلّ من يثبت في المسيح لا يُخطئ، كلّ من يُخطئ لم يبصره ولا يعرفه"، فالخطيئة تُفقِدُنا الثّبات ممّا يُزعزع ثقتنا بالرَّبّ، ويرسم لنا القدّيس كيف نستطيع أن نبني الثَّبات بالرَّبّ عبر رسالته الأولى (1 يو٢٤:٣) حين يقول: "من يحفظ وصاياه يثبت فيه وهو فيه"، فيصبح ثباتًا متبادل يأتي من حفظ الوصايا. ويتابع الرَّسُول يوحنّا: "من قال أنّه ثابتٌ بالمَسيح عليه أن يَسلُك كما سلك المسيح أيضًا (١يو ٦:٢). أوّل بداية طريقك للثَّبات بالرَّبّ هي حفظ الوصايا والسُّلوك بها والتَّشبُّه بالمسيح وتأتي وقفة العشَّار توضح لك كيف تبني وتتوجّه للرَّبّ بحقّ فيكون تعبيرًا صادقًا عن ثباتك بالمسيح حيث أنّ العشّار وقف في أوّل الهيكل وقرع على صدره وصرخ يا الله ارحمني أنا الخاطئ (لو 8: 3).

هذه هي طريقة دخولك للملكوت، لأنّه بحفظك للوصايا والتَّشبُّه بيسوع ومعرفة ذاتك قارعًا على صدرك تجعل منك ابنًا للمَلَكوت.

يظهر لنا القدّيس يوحنّا أنّ صنع مشيئة الرَّبّ هو ثباتٌ فيه (١ يو ٢٤:٢)، أمّا الّذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد. وأيضًا يقول إن ثبت فيكم ما سمعتموه من البدء فأنتم تثبتون في الآب والابن. يوضح لنا القدّيس يوحنّا أنّ الثَّبات في المسيح هو ثبات الغصن في الكرمة. لأنّ الرَّبّ قال: "أنا الكرمة وأنتم الأغصان". ويقول أيضًا: "من لا يثبت فيّ يُطرح خارجًا كالغصن، فيجفّ ويجمعونه ويطرحونه في النّار فيحترق" (يو ٦:١٥)، فإرادة الثّبات بالمسيح تحتاج كالغصن إلى عصارة الحياة الّتي تَسري في عروق الأغصان فلا تجفّ ولا تُلقى في النّار فتحترق. وهذه العصارة حسب قول الرَّبّ في (يو ٥٦:٦) "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيّ وأنا فيه ويحيا إلى الأبد".

فالثَّبات يحتاج إلى ثقة وسلوك وحفظ وصايا والتصاق في جسد ودم يسوع المسيح ممّا يُولِّد راحة الضّمير والمحبّة الكاملة. "والآن أيّها الأولاد اثبتوا فيه حتّى إذا أظهر يكون لنا ثقة ولا نخجل منه في مجيئه، إنْ علمتم أنّه بارّ هو فاعلموا أنّ كلّ من يصنع البِرّ مولود..." (1 يو 2: 28).

أنقر هنا لتحميل الملفّ