Menu Close
kanisati

نشرة كنيستي

نشرة أسبوعية تصدر عن أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس. أعاد إطلاقها الميتروبوليت أنطونيوس في فصح ٢٠١٧.

الأحد 27 كانون الأوّل 2020

العدد 52

الأحد بعد عيد الميلاد

اللّحن 4- الإيوثينا 7

أعياد الأسبوع: *27: يوسف خطيب مريم، استفانوس أوّل الشّهداء ورئيس الشّمامسة، ثاوذوروس الموسوم *28: الشّهداء العشرون ألفًا الّذين أُحرقوا في نيقوميذية *29: الأطفال الـ /14/ ألفًا الّذين قتلهم هيرودوس، البارّ مركلّس *30: الشّهيدة في البارّات أنيسيّة *31: وداع عيد الميلاد، البارّة ميلاني الّتي من رومية *1: ختانة ربّنا يسوع المسيح، باسيليوس الكبير، غريغوريوس النّزيَنْزي والد القدّيس غريغوريوس اللّاهوتيّ *2:  تقدمة عيد الظّهور، سلبسترس بابا رومية، البارّ سارافيم ساروفسكي.

كلمة الرّاعي 

الزَّمنُ الجديد في المسيح

”يَا بُنَيَّ، احْرِصْ عَلَى الزَّمَانِ، وَاحْتَفِظْ مِنَ الشَّرِّ“ (سيراخ 4: 23)

الإنسان يحيا في الزّمان والمكان. هذا يحدِّد له إطار عيشه. هو محدود بهما. من هنا أهمّيّة هذَين المقياسَين في تكوين شخصيّات البشر وحقيقتهم وأهدافهم. الإنسان هو ابن زمانه ومكانه بمعنًى من المعاني. مع ذلك، ليس الإنسان مُحدَّدًا بهما لأنّه مرتبط ببُعد آخَر غير بُعد المخلوقيَّة إذ هو على صورة الله...

خَلَقَ الله الإنسان بعد خَلْقِ الكون، وصنعه من عناصر هذا الوجود وأحياه بروحه (راجع تكوين 1 و2). الحياة أتت بروح الرَّبّ، أي النَّفْس، أمَّا الجسد فَمِنْ أَديم الأرض. الإنسان كائن مركَّب من عنصر مادِّيّ وعنصر روحيّ. ما يحدِّد جوهر الإنسان في كينونته هو ارتباطه بالخالق عبر الرّوح أو النَّفس البشريّة المتَّحدة بروح الرَّبّ مع الجسد. إذ للنّفس أعضاء روحيَّة تكون فاعِلة حين يتقبَّل الإنسان النّعمة الإلهيَّة. وبحسب المتروبوليت إيروثيوس فلاخوس ”للنَّفس ثلاثة جوانب أو قوى: الجانب العاقل، والجانب المريد، والجانب الحسِّيّ. توجد نتائج للطّريقة الإيجابيّة أو السّلبيّة الّتي تعمل بها هذه القوى تؤثّر على الجسد وعلى الخليقة. أيضًا، وبحسب طريقة أخرى لتصنيف أجزاء النّفس، هي لها نوس (ذهن) وإرادة حرّة“. النُّوس أو الذّهن هو العنصر الرّوحيّ الَّذي يعاين الإنسان من خلاله الله ويدخل معه في سرّ المعرفة بالاتّحاد. هذا الاتّحاد يمتدّ إلى كلّ الكيان البشريّ بالنّعمة واهبًا للنّفس الجسد خبرات حياة الدّهر الآتي.

*          *          *

نحن نحيا في الزّمان والمكان، ولكنَّنا أُعطينا بنعمة الرّوح القدس أن نكون فيهما وخارجًا عنهما. لأنَّنا إذ نحن أعضاء في الكنيسة-جسد المسيح فنحن أبناء الملكوت، وبالتّالي نحن في العالم ولسنا من العالم، ونحن خاضعون للزّمن ومتحرِّرون منه.

ماذا يعني هذا الكلام؟!... أبناء الله ”يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ“ الّذي ليس هو ”روح العبوديّة“ بل ”روح التّبنّي“ (راجع رومية 8: 14 و15). بالمسيح صرنا ورثه الدّهر الآتي منذ الآن بالرّوح القدس السّاكن فينا بالمسيح. نحن نعيش زمن حياتنا محتفظين من الشَّرّ وصانعين ما يرضي الرَّبّ عبر طاعة وصاياه. يتجدَّد الوجود بكلمة الله الّتي هي مصدر الحياة الأبديَّة (راجع يوحنا 6: 68)، بالنّسبة لنا في هذا الدَّهر وهذا العالم... وفي الدَّهر الآتي لأنّ ”الكلمة الإلهيّ“ هو طعام الأبديَّة...

من هنا، فالمسيحيّ يحيا في هذا العالم مع كونه يأتي من فوق بالمسيح في الرّوح القدس، وهو يأتي فوق مع كونه في العالم بالرّوح القدس في المسيح. المسيحيّ المقصود ليس من يحيا مسيحيّته سطحيًّا واجتماعيًّا بل هو من ”يبذل دمًا ليقتني روحًا“، أي هو المسكوب بالطَّاعة لله حبًّا باذِلًا، في سلام التّوبة المتأتّي من الاتّضاع المنبثق من ”إخلاء الذّات“ (راجع فيليبي 2: 7) بواسطة تسليم المشيئة لله.

*          *          *

”بَيْنَ الْغَدَاةِ إِلَى الْعَشِيِّ يَتَغَيَّرُ الزَّمَانُ، وَكُلُّ شَيْءٍ سَرِيعُ التَّحَوُّلِ أَمَامَ الرَّبِّ“ (سيراخ 18: 26). الله وحده الثّابت. كلّ ما عداه متحوّل ومتغيِّر.

الأمان يأتي من الثَّابت الَّذي هو قادر أن يحوِّل المتغيِّرات من الشّرّ إلى الخير ومن الموت إلى الحياة. الرَّبُّ وحده هو السّيّد الكلّيّ السّلطان والقادر على كلّ شيء والضّابط الكلّ. من ينتظر الظّروف والبشر فقط لتغيير حياته يبنيها على الرّمال المتحرِّكة، وهي إلى خراب لا محالة... أمَّا الَّذي يبني حياته على صخرة الإيمان بيسوع المسيح ابن الله المتجسِّد فهو الَّذي يحفظها من الدّمار والانحلال. هذه هي خبرة الإيمان لأنَّنا واثقون بالَّذي أحبنا وبذل نفسه من أجلنا بأنّه لن يتركنا نُجرَّب فوق الطّاقة بل يمنحنا المخارج لضيقاتنا في أوانها بحسب سابق معرفته الإلهيَّة.

*          *          *

أيُّها الأحبَّاء، من ظنَّ إنّ الحياة هي فقط في هذا العالم سيبقى معلَّقًا ”بحبال الهواء“ في بحثه عن مستقبله بالعرافة والتّنجيم وضرب المندل، وهذا كلّه ضلال ولجوء إلى الشّياطين. هكذا يستبيح الإنسان قلبه ليصير مسرحًا لإبليس. أمّا نحن المؤمنون، فلا يكن بيننا هكذا، بل بالإيمان والاتّكال على الله نضمن حياتنا ونعرف مستقبلنا، لأنَّ الرَّبّ يقول لنا صراحة: ”اطْلُبُوا أَوَّلًا مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ“ (متّى 6: 33—34). أتريد أن تعرف غدك؟ اعرف نفسك اليوم من أنت، وكيف تعيش، وهل ترضي الرّبّ؟ إن أرضيت ذاتك فلست ترضي الله، ما لم تكن قد سبقت وأفرغت كيانك من أناك وصار المسيح لك هو ”الكلّ في الكلّ“ (1 كورنثوس 15: 28).

المؤمن بالمسيح يأتي دومًا من الملكوت إلى العالم لأنّه يضع نصب عينيه وفي قلبه أن يطيع الرّبّ. ومن يطيع الرّبّ يحيا بروحه القدّوس أي هو شبيه بالله في صفاته بعمل النّعمة الإلهيّة الّتي فيه. فهو وديع مع حزم، ومستقيم مع تمييز، وصادق مع رحمة، ومتّكل على الله بدون كسل، وخدوم بدون مديح، وكريم بلا مِنَّة، ومسامِحٌ بالكلّيّة، وواثق بالله بدون كبرياء. هو يطلب معرفة الله أوَّلًا وأخيرًا، ولذلك هو يحيا في تجدُّد دائم بالتّوبة في عبور مستمرّ من العتاقة الكيانيّة إلى جِدَّة الحياة... ولذلك، هو حرٌّ من تقادم الزّمان ومن حدود المكان...

ومن استطاع أن يقبل فليقبل...

+ أنطونيوس

مـتروبوليــت زحلة وبعلبك وتوابعهـما

طروباريّة القيامة (باللَّحن الرّابع)

إنَّ تلميذاتِ الرَّبّ تعلَّمنَ مِنَ المَلاكِ الكَرْزَ بالقيامةِ البَهج. وطَرَحنَ القَضاءَ الجَدِّيَّ. وخاطبنَ الرُّسلَ مُفتَخِراتٍ وقائِلات. سُبيَ المَوتُ وقامَ المَسيحُ الإله. ومنحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.

طروباريّة عيد الميلاد (باللحن الرّابع)

ميلادُكَ أيُّها المسيحُ إلهُنَا قد أطلعَ نورَ المعرفةِ في العالم، لأنَّ السّاجدينَ للكواكب به تعلَّموا من الكوكبِ السّجودَ لك يا شمسَ العدل، وأن يعرفوا أنّك من مشارقِ العُلوِّ أتَيت، يا ربُّ، المجدُ لك.

طروباريّة القدّيسين (باللَّحن الثّاني)

يا يوسف بشّر داود جَدَّ الإله بالعجائب الباهرة. لأنّكَ قد رأيتَ بَتولًا حاملًا فمع الرُّعاةِ مجَّدتَ، ومع المَجوسِ سجَدتَ، وبالمَلاكِ أُوحِيَ إلَيْكَ. فابتهِل  إلى المسيحِ الإله أن يُخلّشصَ نفوسنا.

طروباريّة لأوّل الشهداء استيفانوس (باللَّحن الرّابع)

هامَتَكَ تكلَّلَتْ بإكليلٍ مُلوكيٍّ، بواسطةِ الجهادات الّتي احتَملتَها من أجل المسيح الإله يا أوّلَ المُجاهدين في الشّهداءِ، لأنّكَ وبَّختَ حماقةَ اليهود، فأبصرتَ مخلّصكَ عن يمين الآب. فإليه ابتهل على الدَّوام من أجلِ نفوسنا.

قنداق الميلاد (باللَّحن الثّالث)

اليومَ البَتُول تَلِدُ الفائقَ الجوهر، والأرضُ تُقرِّبُ المغارة لِمَن هو غيرُ مُقْتَرَبٍ إليه. الملائكة مع الرُّعاة يمجِّدون، والمجوسُ مع الكوكب في الطّريق يَسِيرون. لأنّه قد وُلِدَ من أجلنا صبيٌّ جديدٌ، وهو الإلهُ الَّذي قبلَ الدُّهور.

الرّسالة (أع 6: 8- 15، 7: 1- 5، 47- 60)

إلى كلّ الأرض خرج صوتهُ

السماوات تذيع مجد الله

في تلكَ الأيّامِ إذ كانَ استفانُسُ مملوءًا إيماناً وقُوّةً كان يصنَعُ عجائبَ وآياتٍ عظيمةً في الشّعب. فَنَهضَ قَومٌ مِنَ المَجَمعِ الملّقَّبِ بمجمعِ اللِبِبرِتيّينَ والقَيروانيين والإسكندريّينَ والذينَ مِن كيليكيةَ وآسيةَ يُباحِثونَ استِفَانُسَ فَلم يستطيعوا أن يُقاوموا الحكمةَ والروحَ الذي كانَ يَنطِقُ بهِ. حِينئذِ دسُّوا رِجالاً يقولُون إنّنا سَمِعناهُ يَنطِقُ بكلماتِ تَجديفٍ على مُوسى وعَلى الله، وهيَّجوا الشعبَ والشيوخَ والكتبةَ معًا. فنهضوا واختطفوه وأتَوْا بهِ إلى المحفِل، وأقاموا شُهودَ زُورٍ يقولون إنّ هذا الإنسانَ لا يفتُرُ عن أنْ ينطِقَ بكلماتِ تَجديفٍ على هذا المكان المقدَّسِ والنَّاموس، فإنَّنا سَمِعناهُ يقولُ إنَّ يسوعَ الناصريَّ هذا سينقُضُ هذا المكانَ ويبدِّلُ السُّنينَ التي سلَّمَها إلينا موسى. فَتفرَّسَ فيهِ جَميعُ الجالسينَ في المَحفِلِ فَرأَوا وجهَهُ كأنَّه وجهُ ملاكٍ، فقالَ رئيسُ الكهنةِ أتُرى هذه الأمورُ هكذا؟ فقال أيُّها الرجالُ الإخوةُ والآباءُ اسمَعوا. إنَّ إلهَ المجدِ تَراءى لأبينا إِبراهيمَ وهُوَ في ما بينَ النهرين من قبلِ أن سكَنَ في حاران وقال لهُ اخرُج من أرضِك ومن عشيرتِك وهَلمَّ إلى الأرض التي أُريك، حينئذٍ خَرجَ من أرضِ الكلدانيّينَ وسكَنَ في حاران. ومن هُناك نَقلهُ، بعدَ وفاةِ أبيه، إلى هذه الأرض التي أنتمُ الآنَ ساكِنونَ فيها. ولمْ يُعطِهِ فِيها مِيراثاً ولا مَوطِئَ قَدَمٍ. ثُمَّ إنَّ سُليمانَ بنى لهُ بيتاً لكنَّ العَليَّ لا يسكُنُ في هياكِلَ مصنوعةٍ بالأيادي كما يقولُ النبيُّ: السماءُ عرشٌ لي والأرضُ مَوطئُ قدَميَّ. فأيَّ بيتٍ تَبنونَ لي يقولُ الربُّ أم أيُّ موضعٍ يكونُ لراحتي؟ أليستْ يَدي هِيَ صَنَعتْ هذهِ الأشياءَ كُلَّها يا قُساةَ الرِّقابِ؟

فَقَالَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ: "أَتُرَى هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا هِيَ؟"، فَقَالَ: "أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ وَالآبَاءُ، اسْمَعُوا! ظَهَرَ إِلهُ الْمَجْدِ لأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ فِي مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، قَبْلَمَا سَكَنَ فِي حَارَانَ"، وَقَالَ لَهُ: "اخْرُجْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ، وَهَلُمَّ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ". فَخَرَجَ حِينَئِذٍ مِنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ وَسَكَنَ فِي حَارَانَ. وَمِنْ هُنَاكَ نَقَلَهُ، بَعْدَ مَا مَاتَ أَبُوهُ، إِلَى هذِهِ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمُ الآنَ سَاكِنُونَ فِيهَا. وَلَمْ يُعْطِهِ فِيهَا مِيرَاثًا وَلاَ وَطْأَةَ قَدَمٍ، وَلكِنْ وَعَدَ أَنْ يُعْطِيَهَا مُلْكًا لَهُ وَلِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدُ وَلَدٌ. وَلكِنَّ سُلَيْمَانَ بَنَى لَهُ بَيْتًا. لكِنَّ الْعَلِيَّ لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَاتِ الأَيَادِي، كَمَا يَقُولُ النَّبِيُّ: "السَّمَاءُ كُرْسِيٌّ لِي، وَالأَرْضُ مَوْطِئٌ لِقَدَمَيَّ. أَيَّ بَيْتٍ تَبْنُونَ لِي؟ يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَيٌّ هُوَ مَكَانُ رَاحَتِي؟ أَلَيْسَتْ يَدِي صَنَعَتْ هذِهِ الأَشْيَاءَ كُلَّهَا؟، يَا قُسَاةَ الرِّقَابِ، وَغَيْرَ الْمَخْتُونِينَ بِالْقُلُوبِ وَالآذَانِ! أَنْتُمْ دَائِمًا تُقَاوِمُونَ الرُّوحَ الْقُدُسَ. كَمَا كَانَ آبَاؤُكُمْ كَذلِكَ أَنْتُمْ! أَيُّ الأَنْبِيَاءِ لَمْ يَضْطَهِدْهُ آبَاؤُكُمْ؟ وَقَدْ قَتَلُوا الَّذِينَ سَبَقُوا فَأَنْبَأُوا بِمَجِيءِ الْبَارِّ، الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ صِرْتُمْ مُسَلِّمِيهِ وَقَاتِلِيهِ، الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ".

فَلَمَّا سَمِعُوا هذَا حَنِقُوا بِقُلُوبِهِمْ وَصَرُّوا بِأَسْنَانِهِمْ عَلَيْهِ. وَأَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، فَرَأَى مَجْدَ اللهِ، وَيَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ. فَقَالَ: "هَا أَنَا أَنْظُرُ السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً، وَابْنَ الإِنْسَانِ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ". فَصَاحُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَسَدُّوا آذَانَهُمْ، وَهَجَمُوا عَلَيْهِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَرَجَمُوهُ. وَالشُّهُودُ خَلَعُوا ثِيَابَهُمْ عِنْدَ رِجْلَيْ شَابٍّ يُقَالُ لَهُ شَاوُلُ. فَكَانُوا يَرْجُمُونَ اسْتِفَانُوسَ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ: "أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ اقْبَلْ رُوحِي". ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: "يَا رَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هذِهِ الْخَطِيَّةَ". وَإِذْ قَالَ هذَا رَقَدَ.

الإنجيل (متى 2: 13– 23)

لمّا انصرفَ المَجوسُ، إذا بملاكِ الرَّبّ ظهر ليوسفَ في الحُلم قائلًا: قُمْ  فخُذِ الصّبيَّ وأمَّهُ واهرُبْ إلى مصرَ، وكُنْ هناك حتّى أقولَ لك، فإنَّ هيرودسَ مُزمِعٌ أنْ يطلبَ الصّبيَّ ليُهلِكَهُ. فقام وأخذ الصّبيَّ وَأُمَّهُ لَيلًا، وانصرفَ إلى مصر، وكان هُناك إلى وفاة هيرودس، لِيَتِمَّ المَقُولُ مِنَ الرّبِّ بالنّبيّ القائل: مِن مِصرَ دَعَوتُ ابني. حينئذٍ، لمَّا رأى هيرودسُ أنَّ المجوسَ سَخِرُوا بهِ غَضَب جدًّا، وأَرسلَ فقَتَلَ كُلَّ صِبيانِ بيت لحم وجميعِ تُخُومِها، من ابنِ سنتَينِ فما دُونَ، على حَسَبِ الزّمانِ الّذي تَحقَّقَهُ مِنَ المجوس. حينئذٍ تمَّ ما قالهُ أرمياءُ النّبيُّ القائل: صوتٌ سُمع في الرَّامةِ، نوحٌ وبكاءٌ وعويلٌ كثيرٌ. راحيلُ تبكي على أولادها، وقد أبتْ أنْ تتعزَّى لأنَّهم ليسوا بموجودين. فلمَّا مات هيرودس، إذا بملاكِ الرَّبِّ ظهر ليوسفَ في الحُلمِ في مصر قائلًا: قُمْ فخُذِ الصّبيَّ وأمَّهُ واذهبْ إلى أرض إسرائيل، فقد مات طالِبُو نَفْسِ الصّبيّ. فقام وأخذ الصّبيَّ وأمَّهُ، وجاءَ إلى أرض إسرائيل. ولمَّا سمع أنَّ أرْشيلاوس قد مَلك على اليهوديّةِ مكانَ هيرودسَ أبيه، خاف أنْ يذهبَ إلى هناك، وأُوحيَ إليهِ في الحلم، فانصرف إلى نواحي الجليل، وأتى وسكن في مدينة تُدعىَ ناصرة، لِيَتِمَّ المَقُولُ بالأنبياءِ إنَّهُ يُدعَى ناصِرِيًّا.

حول الإنجيل

سؤال قد طرحه هيرودس، الملك اليهوديّ، على المجوس: "أين يولد المسيح؟"، ليذهب ويسجد له، غير أنّ هدفه كان قتلَ ذاك الملك الصّغير الآتي.

الجواب الصّحيح قدّمه رؤساء الكهنة والكتبة: "في بيت لحم" بيت الخبز، هذه المدينةِ الصّغيرة الّتي هي صورة التّواضع والعظمة، حيث يجتمع النَّقيضان، بانسانٍ راعٍ، حياته متواضعة، صار بتواضعه عظيمًا. مِنْ وَضاعَتِهِ مَلَّكَه الله وجعله أهمّ ملوك إسرائيل، وتحوّل عهده إلى عهدٍ ذهبيّ، رافِعًا شعب الله، صائرًا صورة كلّ ملكٍ قادِمٍ، خادِمٍ حقيقيّ لله، "هو الملك داوود"، وما كان ذاك إلّا رسمًا لهذا المتواضع الآتي، ليس من عند الله وحسب إنّما من طبيعة الآب الوالد للاِبن دون ابتداء في الزّمن، إلهًا متجسّدًا مولودًا دون انتهاء، متواضعًا ليس في بيت لحم الصّغيرة وحسب إنّما في مذودها الحقير المضجع فيه. من هذا التّواضع السَّحيق يولد المسيح، يولد في أماكن حقيرة متواضعة لجعلها ذات شأن عظيم، في ملك أبديّ لا يزول ولا يهترئ: حتّى ولو كانت هذه الأمكنة قلوبًا مخلوقة في زمنٍ ما، غير أنّها، إذا ما استطاعت أن تَلِد المسيح فيها، فهي تخزن كنزًا سماويًّا لا يفسد ولا يصدأ. بعكس قلوب اِعتُبرت مَحسوبة على الله، كشعبه المختار، ذات شأن وامتياز: من ملك إلى رئيس كهنة إلى كتبة إلى يهوديّ... إلى كلّ إنسان لم يستطع أن يَلِد المسيحَ فيه.

إلى اليوم ما زال هذا السّؤال يُطرح علينا: "أين يولد المسيح؟"، أفي قلوب متهيّئة أم في أفكار ضائعة في اهتمامات هذا العالم الكثيرة. عسى القلوبُ المهترئة والمُتصدِّعة تَصطدم بالواقع الفاني الّذي نحياه، ونأتي بهذه القلوب المنكسرة أمام وضاعة المولود ومحبّته، فيرفعها إليه، وننال من رحمته كنزًا يؤمّن حياتنا إلى أبديّة دائمة سلاميّة.

العطيّة والوصيّة 

تتردّد هاتان الكلمتان كثيرًا في لغتنا المسيحيّة لذلك يقتضي منّا توضيح معنى كلٍّ منهما.

الوَصيّة وقد وردت صيغة الجمع منها في الكتاب المُقدّس لتدلّ بصورةٍ عامَّة على النّاموس الّذي أعطاه الله من خلال موسى على جبل سيناء، وبخاصة الوصايا العشر. الوصيّة الأولى والثّانية والثّالثة والرّابعة تأمرُ بمحبّة الله، والسّتّة التّالية تأمر بمحبّة القريب. نرى هذا التّفسير بوضوح في العهد الجديد على لسان الرَّبِّ يَسُوعُ نفسُه عندما قال للنّاموسيّ: ”تُحبّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحبّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ“ (متى 37:22-40). إذًا الوصيّة هي دعوة صريحة وواضحة من الله بأن نحبَّه ونحبّ أخانا المخلوق على صورته.

الأمر المُلْفِت أنَّ الرَّبّ يسوع يعود ليوصي تلاميذه من جديد بالمحبّة إذ يقول: "وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا" (يو 13: 34). لماذا يدعوها وصيّة جديدة؟ إنّه يُعطي المحبّة معناها الأسمى لتكون على مثال محبّة الله للبشر.  وهذا لا يتحقّق بدون سكنى روح الله فينا الّذي يتمّ بالمعموديّة. إذًا وصيّة المحبّة في العهد القديم تختلف كليًّا عنها في عهد النِّعمة، ولا يكفي تطبيق الوصايا العشر بل يجب أن نُحبّ بعضنا بعضًا كما أحبّنا الرَّبّ.

العَطيّة من العطاء هو من صفات الله لأنّه كنزُ الصّالحات وواهبُ - مُعطي – الحياة. وإلى جانب الحياة أعطانا نعمة التّحدّث إليه والاشتراك في محبّته، ومشاركته في الخلق، والسّلطان على مخلوقاته ... وما يميّز عطاء الله أنّه مَجّاني.  يقول الرّسول بولس عن الرَّبّ أنّه "صعد إلى العلاء وسبى سبيًا وأعطى النّاس عطايا" (أفسس 8:4). فعلينا أن ندرك بأنّ "كلّ عطيّة صالحة وكلّ موهبة كاملة هي منحدرة من العلاء من لدُن أبي الأنوار" (القدّاس الإلهيّ). إنّها مجانيّة وننالها عن غير استحقاق. فلنسلك في خوف الله ونشارك في هذا العطاء. الرَّبُّ يعطينا مجانًا ونحن نعطي إخوتنا مجّانًا (متّى 8:10).

ميلاد المسيح هو عطيّةُ خلاصٍ مجّانيّة لنا، فلنسلك بحسب وصيّته ونحبّ بعضنا بعضًا كي يترأّف علينا في هذا الزّمان الصّعب ويخلّصنا، آمين.

أخبارنا

رسامة الشمّاس نكتاريوس (إبراهيم) كاهنًا لله

بنعمة الله ومشيئته، وبوضع يد صاحب السّيادة راعي الأبرشيّة المتروبوليت أنطونيوس (الصوري) الجزيل الاحترام، شرطن الشّماس نكتاريوس (إبراهيم) كاهنًا لله العليّ باسم بورفيريوس على مذبح كاتدرائيّة القدّيس نيقولاوس العجائبيّ-الميدان، خلال القدّاس الإلهيّ بمناسبة العيد الجامع لوالدة الإله، وذلك يوم السّبت الواقع فيه 26 كانون الأوّل 2020. نتمنّى للكاهن الجديد خدمة مباركة لمجد الله.

انقر هنا لتحميل الملف