Menu Close

في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:

*الجديد في الشّهداء بولس، صانع الأخفاف *الشّهيد فاسيليسكوس * ذكرى المجمع المسكونيّ الثّاني المجتمع في القسطنطينيّة *الشّهيد مركلّوس *الشّهيد كودراتوس *الشّهيدة صوفيّا *الشّهيد يوحنّا فلاديمير الصّربيّ *الشّهيد القدّيس البارّ بوتيان بياربون الفرنسيّ *الشّهيدان كاستوس وإميليوس *الشّهيدة جوليا كورسيكا *الشّهيدة في العذارى كويتيريا الإسبانيّة.

*        *        *

✤ الجديد في الشّهداء بولس، صانع الأخفاف ✤

من قرية اسمها سوبوتو بقرب كالافريتا في البليوبونيز اليونانية. نشأ في كنف عائلة فقيرة ولكن تقيّة. عمل، في سنّ مبكّرة، صانعاً للأخفاف. اسمه بالمعمودية كان بنايوتيس. انتقل إلى باتراس ليؤمّن لنفسه ضرورات العيش.

بعدما أمضى في باتراس أربعة عشر عاماً، عاد إلى نواحي مسقط رأسه فاستقرّ في بلدة كالافريتا حيث أجّر محل عمل وشرع في صنع الأخفاف.

ذات يوم حصل خلاف بينه وبين صاحب المحل بشأن الإيجارة التي كان بنايوتيس يدفعها. ويبدو أن صاحب المحل طلب زيادة الإيجارة خلافاً للاتفاق. وقد خرج بنايوتيس عن طوره واستبدّ به الغيظ لدرجة أنه لما احتدم النقاش قال: “خير لي أن أصير مسلماً من أن أدفع لك المزيد”.

فيما بعد ذهب بنايوتيس هو واثنان من أصحابه إلى ناحية تريبوليس، على بعد حوالي ثماني إلى عشر ساعات من كالافريتا، حيث أكلوا وشربوا وامتنعوا عن دفع ما توجّب عليهم لأنهم تصرّفوا كما لو كانوا مسلمين.

فير أن بنايوتيس ثاب إلى رشده بعد حين وذهب إلى أب روحي اعترف لديه بخطاياه. أصغى الكاهن إليه بصبر ثم نصحه أن يذهب إلى الجبل المقدّس حيث بإمكانه أن يكون بسلام وأن ينمو روحياً.

أخذ بنايوتيس بنصيحة الكاهن وأبحر إلى جبل آثوس. جاء إلى دير اللافرا الكبير. هناك التقى الراهب تيموثاوس، وكان من قرية روغوس، من منطقة قريبة من مسقط رأس بنايوتيس. رحّب تيموثاوس ببنايوتيس ترحيباً حاراً.

وبمرور الوقت كبُر بنايوتيس بالروح وصار، في الدير، حاملاً للصليب يحمل اسم بولس. إذ ذلك قرّر أن يذهب إلى دير القدّيس أندراوس، المعروف باسم روسيكون، أو الدير الروسي. هناك تعاطى حرفته مدّة ثلاث سنوات. خلال هذه الفترة تنامت في نفسه الرغبة في الاستشهاد.

لما طلب إذناً من شيوخ الدير قالوا له إنه لم يحن الوقت لأن يخوض مغامرة من هذا النون، فعليه أن يعدّ نفسه لذلك إعداداً كافياً. خاب ظنّه وانتقل إلى إسقيط القدّيسة حنّة حيث اعترف بخطاياه لأحد الشيوخ. وقد كرّر طلبه أن يصير شهيداً، لكنه تلقّى الجواب عينه أنه ليس مستعداً لذلك. غير أن الشيخ لما رآه على غيرة وحماس فائقين أعطاه الإذن والبركة شرط أن ينصرف إلى فترة يعدّ نفسه فيها إعداداً خاصاً.

بعض إعداد بولس كان الصوم بصرامة والصلاة بتواتر أربعين يوماً وأن يشترك في كل السهرانات وأن يؤدّي ألف مطانية كل يوم. ثم في نهاية هذه المرحلة اقتبل بولس الإسكيم الكبير وأخذ البركة من الراهب حنانيا، وهو أب روحي بارز سبق له أن أعدّ عدداً من الشهداء للامتحان الكبير.

إثر ذلك غادر قدّيس الله إلى البليوبونيز حيث توقّف في تريبوليس، ثم تابع إلى نوبليون حيث كان ابن عمّه الذي صار مسلماً. رافق هذا الخير بولس لمقابلة المفتي. قال بولس للمفتي: “أريد منك حكماً حقّانياً عادلاً. كنت شاباً صغيراً وكان لي إناء ثمين مرصّع بالحجارة الكريمة. وإن كذّاباً خدعني. وبما أني كنت ولداً غبيّاً فإنه أخذ إنائي مني وأعطاني إناء آخر مزيّفاً. فهل من حقّي أن أستردّ الإناء الأصيل أم لا؟”

فأجابه المفتي: “بالطبع، من حقّك أن تستردّه”. فأجاب بولس: “إذن أعطني فتواك كتابة”. فأعطاه المفتي ما رغب فيه فتوّجه إلى مجلس الوالي. وقد حدث أن مجلس الوالي كان في ذلك اليوم ملتئماً. دخل بولس على المجلس بكل جسارة. وقف أمام الوالي وسلّمه الفتوى المكتوبة.

سأله الوالي: مَن تراه غريمك؟ ليتقدّم إليّ!

فأجابه بولس: أنت هو غريمي”.

فوجئ الوالي فأجاب: “ولكن لم يسبق لي أن رأيتك من قبل”.

أجاب بولس: “قبلك كان هناك مَن خدعني واختلس ميراثي الحقّ وأعطاني ميراثاً مزيّفاً. هنا تفوّه القدّيس بكلام قاس تناول محمّد والإسلام.

نزل الكلام على الوالي نزول الصاعقة فأجاب: “حذار الآن. اعترف بالإيمان الذي اقتبلت، دونما إكراه من أحد، وإلا أحرقتك حيّاً”.

لم يخف بولس من كلام الوالي فأجاب بهدوء: “حتى لو أنزلت بي عشرات آلاف الميتات فلن أكفر بإيماني الحقّ. إنكم ظالمون نجسون، وإلا ما كنتم لتُجبروا الناس على نكران الإيمان الحقّ بالرب يسوع المسيح واقتبال الإسلام”.

تابع بولس اعترافه على هذه الوتيرة معلناً إيمانه بألوهية المسيح وولادته من مريم العذراء والروح القدّس وعجائبه وقيامته. فلما سمع المسيحيون الأرثوذكس الذين كانوا حاضرين في مجلس الوالي تعجّبوا لأنهم كانوا يعرفون بولس أنه أمّي.

حاول الوالي أن يُقنع بولس أنه على خطأ، لكن بقي بولس متمسّكاً بإيمانه المسيحي مؤكِّداً أنه ليس في نيّته أن يصير مسلماً. على هذا أصدر الوالي حكماً بإعدام بولس. كان يُفترض به أن يُحرق حيّاً، لكن بعض المسلمين الحاضرين إرواء لغليل الانتقام في صدورهم أقنعوا الوالي بتغيير الحكم وجعله بقطع الرأس على أن يُضرب بولس بالسيف ثلاثاً إمعاناً في تعذيبه.

في الطريق إلى مطرح الإعدام، تناول العديد من المسلمين بولس بالشتم والضرب. فلما بلغوا الموضع ركع وصلّى ثم قال للجلاد: “الآن، أريد أن أرى إذا كنت شجاعاً كما تقول”.

حسم الجلاد هامة بولس بضربة سيف واحدة. وقد عُلِّق جسده ثلاثة أيام ليراه الجميع، ثم أُلقي في مقلب النفايات حتى لا يجده أحد من المسيحيّين الأرثوذكسيّين ويكرمه. ولكن لقيه أحد الأرثوذكسيّين بعد ذلك بعشرين يوماً. فغُسلت رفاته جيداً ووريت الثرى في دير القدّيس نيقولاوس بقرب مدينة تريبوليس.

كانت شهادة بولس، صانع الأخفاف، في اليوم الثاني والعشرين من شهر أيار من السنة 1818 م.

مواضيع ذات صلة