Menu Close

في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:

*أبونا الجليل في القدّيسين كيرلّلس الأورشليميّ *الشّهيدان طروفيموس وأوكاربيون *الشّهداء العشرة الآلاف المجهولو الأسماء *القدّيس البارّ أنينوس الفراتيّ العجائبيّ *أبونا الجليل في القدّيسين نيقولاي فيليميروفيتش.

*        *        *

✤ أبونا الجليل في القدّيسين نيقولاي فيليميروفيتش ✤

طفولته

  ولد القدّيس نيقولاي فجر 23 كانون الأوّل عام 1880، يوم ش، لوالدّين تقيّين دراغومير وكاتارينا فيليميروفيتش، في ضيعة صغيرة، اسمها ليليش تبعد خمسة أميال عن جنوب – غرب فالجيفو، وهي مدينة تقع في وادي جبال بوفلان غربي صربيا. كانت بنية نيقولاي الجسدّيّة ضعيفة، فعمّده والداه فور ولادته. أُعطي اسم نيقولاي تيمّناً بالقدّيس نيقولاوس (المعيّد له في 6 كانون الأوّل) أسقف ميرا اللّيسيّة الّذي كان شفيع العائلة. كان نيقولاي هو الولد البكر، وقد رزق دراغومير وكاتارينا ثمانية أولاد أخرين، كلّهم قضَوا في الحرب العالميّة الثّانيّة. اعتمد الطّفل نيقولاي في دير شيليجي على يد الأب أندراوس، كاهن رعيّة الكنيسة الصّربيّة في ليليش.

كان والدا نيقولاي مُحبَّين لله، تقيّين، يتوقفان عن العمل في النّهار لتلاوة الصّلوات اليوميّة، ويتبعان ترتيب الصّلوات والأصوام في الكنيسة الأرثوذكسيّة بحسب دورتها اللّيتورجيّة. كانت كاتارينا امرأةً فاضلة، وقد لقّنت نيقولاي أوّل دروسه في الإيمان بالله والرّبّ يسوع المسيح وقدّيسيه. كانت تأخذ بيده وتذهب به إلى دير شيليجي – الّذي يبعد ثلاثة  أميال  عن  المنزل – للصّلاة والاشتراك  في  المناولة المقدّسة. ويَعتبر نيقولاي  أنّ  هذه  الدّروس عن الله، وذهابه  مع  والدته  إلى  الدّير  كان  لها  أكبر  تأثير  في حياته.  ولقد  كتب  عن  ذلك  في  قصيدة  تسرد  سيرة  حياته  باللّغة  الصّربيّة عنوانها “صلاة أسير في السّجن” (Prayers of a Captive in Prison – 1952).

 بدأ نيقولاي دروسَه الأولى في دير شيليجي المكرّس لرئيسي الملائكة ميخائيل وجبرائيل. هناك أمل والده دراغومير أن يحظى بالتّعليم اللازم الّذي يخوّله الحصول على وظيفة في الدّولة، ليصبح رجلاً نافذاً بإمكانه دعم ضيعته ليليش. تعلّم الطّفل نيكي (كما كانوا يسمّونه في ليليش) على يد الأب أندراوس، أبيه الرّوحّي، دروسَه الأولى في القراءة والكتابة والرّياضّيات. إلى جانب ذلك، كان الأب أندراوس يلقّنه دروساً حول الكتاب المقدّس والآبائيّات بالإضافة إلى التّقليد الدّيني- الوطنّي لصربيا. هذه الدّروس الأخيرة هي الّتي أثارت اهتمام الطّفل نيكي. وقد أظهر رغم صغر سنّه مقدرةً كبيرة على الاستيعاب ورغبةً في التّعلّم. في أثناء العطلة الصّيفيّة، كثيراً ما كان نيقولاي يمضي النّهار بطوله مختبئاً في جرسيّة الكاثوليكون (الكنيسة الرّئيسيّة) التّابعة للدّير منشغلاً بالصّلاة وقراءة الكتب. وبفضل مثال أمّه وتعاليم الأب أندراوس، بدا نيقولاي متّجهاً نحو هدف أسمى من أن يكون مجرّدَ مواطنٍ نافذٍ في ضيعته الصّغيرة.

مشيئة الله

 عندما أنهى نيقولاي الصّفّ السّادس في القواعد، في مدرسة فالجيفو، قدّم طلباً للالتحاق بالمدرسة العسكريّة. إلا أنّه لم ينجح في الامتحان البدنيّ لأنّه كان، بحسب لجنة اللّياقة البدنيّة، صغير البنية، أكتافه ليست بالعرض المطلوب، وتكوينه ضعيف يمنعه من القيام بالنّشاطات العسكريّة. كان هذا، دون أدنى شكّ، تدبيراً إلهيّاً، شاء به الرّبّ الإله أن يقود نيقولاي في مسيرة مختلفة، ويجعل منه جنديّاً في الملكوت السّماويّ، لا في الملكوت الأرضيّ. وفور صدور قرار المدرسة العسكريّة، قدّم نيقولاي طلباً للدّخول إلى معهد القدّيس سابا في بلغراد، حيث قُبل كطالبٍ. هناك، إلى جانب الدّروس الاعتياديّة، أخذ نيقولاي يقرأ نصوصاً لأهمّ المؤلّفين في الحضارة الأوروبيّة الشّرقيّة والغربيّة: شاكسبير، فولتير، نيتشي، ماركس، بوشكين، تولستوي، دوستويفسكي وآخرين. أحبّ بالأخص الكاتب المونتنيغري “بيتر نجيغوش” الّذي كان يقرأ كتاباته منذ سنينه الأولى في مدرسة فالجيفو. ولقد قدّم، في امتحان تخرجّه، أطروحة عن شعر نجيغوش وفكره. هذه الأطروحة، الّتي عرضها عام 1902 في دير راكوفيكا، الّذي يبعد عشرة أميال جنوبيّ بلغراد، أذهلت لا زملاءه فقط، بل الأساتذة والمدرّسين أيضاً.

كانت  سنوات  نيقولاي، في المعهد في بلغراد، صعبة جداً: نوعيّة الأكل الّتي اعتاد  عليها  كانت  غير  مغذّية بالقدر اللازم، بالإضافة إلى الظّروف المعيشيّة السّيئّة في ما يخصّ المنامة في المعهد: فما لبثت أن تأثرت صحته فأصيب بنوع من مرض السّلّ الّذي يضرب الغدد. بعد تخرّجه   من  المعهد،  درّس  نيقولاي في بعض القرى. في إحدى هذه  القرى  المعروفة بـ”فلاجيفو”، تصادق مع الأب سابا بوبوفيتش، وساعده في نشاطات  رعيّته. هناك  تعلّم  عن  مسبحة  يسوع وتداخلها مع حياة المؤمن اليوميّة. في  الصّيف،  وبناء  لنصيحة  الطّبيب، كان يمضي نيقولاي وقته قرب شاطئ البحر.   في    أوقات   الرّاحة   هذه،  كتب  حياة  “بوكيل  المونتنيغري”  و”دلماتيان”   (The Life of Bokel the Montenegrin and Dalmatian). كما أسّس جريدةً عَنْوَنها “الأخبار المسيحيّة”، أصدر فيها أولى كتاباته ومقالاته.

في أوروبا الغربيّة

 عام 1905، ونظراً لمعرفته الواسعة ونشاطاته الإنجيليّة، اختير نيقولاي مع آخرين ليكملوا دروسهم في روسيا وأوروبا الغربيّة. التحق نيقولاي بالكلّيّة اللاهوتيّة في بيرن السّويسريّة. هناك اطّلع على أفضل العلوم الموجودة في أوروبا الغربيّة حتّى إنّه أصبح فقيهاً في العلوم الفلسفيّة والرّوحيّة الهنديّة. هذا جعل نيقولاي رجل نهضة، ذا زخم وعمق فكريّ. الجميع نظر إليه ككنز فريد من الحكمة والرّوحانيّة. عام 1908، حصل على شهادة الدّكتورا الأولى في اللاهوت من كلّيّة بيرن، وذلك بعدما قدّم أطروحته “الإيمان في قيامة المسيح: الأساس في عقائد الكنيسة الجامعة” الّتي كُتبت باللّغة الألمانيّة، وتُرجمت في ما بعد إلى الصّربيّة. وفي السّنة اللاحقة عام 1909، كان الشّاب، البالغ تسعة وعشرين سنة من العمر، يحضّر أطروحة دكتورا في الفلسفة باللّغة الفرنسيّة في جامعة أوكسفورد في أنكلترة. كان عنوان الأطروحة “فلسفة بيركلي”.

النّذور الرّهبانيّة

 في خريف عام 1909، أصيب نيقولاي بالزّحار بشكل خطير – وهو التهاب يصيب الأمعاء – فعاد إلى وطنه. وكما غيّرت الصّعوبات حياة القدّيس غريغوريوس النّزينزي المعيّد له في 25 كانون الثّاني، غيّر هذا المرض حياة نيقولاي. فعلى أثر ذلك، قرّر أن يوظّف كلّ طاقاته في خدمة الكنيسة الأرثوذكسيّة المقدّسة. وخلال الشّهرين اللّذين أمضاهما في المستشفى، صلّى بحرارة إلى ربّه واثقاً بأنه سوف يشفيه إن أراده لخدمته. هكذا، نذر أنّه إذا تعافى، فسوف يصبح راهباً ليخدم شعب الله وكنيسته. وبالفعل، بانت مشيئة الله، إذ استعاد نيقولاي عافيته؛ فترك كلّ العلوم الدّنيويّة ومجد هذا العالم، والتحق بدير راكوفيكا. هناك، أصبح الدّكتور في اللاهوت والفلسفة راهباً بسيطاً. وفي 20 كانون الأوّل 1909، شُرطن نيقولاي راهباً وأُعطي اسم شفيعه القدّيس نيقولاي، وفي اليوم عينه، صُيّر كاهناً. هناك وظّف الرّاهب نيقولاي كلّ معرفته ومواهبه في خدمة الله والشّعب الصّربيّ الأرثوذكسيّ. وفي وقت قصير، رُفِّعَ إلى رتبة أرشمندريت، واختير ليعلّم في معهد القدّيس سابا في بلغراد. ولكنّه إذ لم يكمل المستويَين السّابع والثّامن في قواعد اللّغة، أُخضع لامتحان في اللّغة، أَذهل فيه اللّجنة. أحد أعضائها قال: “لقد انذهلنا لسماعه يتكلّم عن الرّبّ يسوع المسيح لدرجة أنّه أبكمنا”. على أثر هذا الامتحان، قررت اللّجنة أن تبعث الأب نيقولاي إلى روسيا ليتعرّف على ثقافتها الغنيّة. في هذه الفترة عينها كتب “ديانة نجيغوش” وهو كتاب عظيم من النّاحيتين الدّينيّة والفلسفيّة.

عاد بعدها الأب نيقولاي إلى بلغراد كمدرّسٍ في معهد القدّيس سابا. سنة 1912، نشر مختارات من عظاته أسماها “عظات على سفح الجبل” قائلاً إنّ الرّبّ يسوع كان يعظ على قمة الجبل، أمّا هو فلا يستحقّ أن يعظ إلا على سفح الجبل. عام 1914 كتب “ما بعد الخطيئة الموت”، وهو كتابٌ فيه معانٍ عميقة يستطيع الإنسان البسيط أن يفهمها. في المعهد، كان للأرشمندريت نيقولاي تأثيرٌ كبير في تلاميذه. وقد دفع بالكثيرين إلى الرّهبنة أو الكهنوت أو إلى دراسة معمّقة للاهوت. أحد تلامذته الرّوحيين هو يوستينوس بوبوفيتش، الّذي أصبح أعظم لاهوتيّ في تاريخ الكنيسة الصّربيّة الأرثوذكسيّة (يُعيّد له في 25 آذار). علّم الدّكتور نيقولاي فيليميروفيتش الفلسفة والمنطق والتّاريخ واللّغات الأجنبيّة، وبسرعة أصبح وجهاً صربيّاً ثقافيّاً بارزاً بالإضافة إلى مرشد روحيّ محبوب.

الحرب العالميّة الأولى

في صيف 1914، نشبت الحرب العالميّة الأولى، ودخلت شبه الجزيرة البلقانيّة دائرة الاضطرابات. كانت الدّولة الصّربيّة بحاجة ماسة إلى قائد يساعدها على تخطّي هذه الأزمة الدّوليّة. ولهذا الهدف بعثت بالأرشمندريت نيقولاي ضمن بعثة ديبلوماسيّة رسميّة إلى إنكلترا للحصول على دعم الدّولة البريطانيّة للشّعب الصّربيّ. استقبل المسؤولون البريطانيّون الأرشمندريت نيقولاي، الحائز على دكتورا من أكسفورد، أجلّ استقبال. هناك، برهن نيقولاي عن ذكاء سياسيّ في عدد من مواعظه ومحاضراته الّتي ألقاها. معظمها تناول وضع الشّعب الصّربيّ المقهور وكيفيّة تحقيق السّلام في العالم. ولقد نجح في كسب الدّعم البريطانيّ المرجوّ ومُنح دكتورا شرفيّة من جامعة كامبردج. أُعجبت الكنيسة الأنكليكانيّة بمقالاته عن وصايا الله وتأمّلاته في صلاة يسوع، الّتي وضع فيها حدّاً للكثير من الأفكار الخاطئة حول الكنيسة الأرثوذكسيّة.

في صيف 1915، سافر الأرشمندريت نيقولاي عبر محيط الأطلسي ليكمّل مهمّته الدّيبلوماسيّة في نيويورك في الولايات المتّحدة. هناك جمع المهاجرين من صربيّين وكرواتيّين وسلوفاكيّين ليحاربوا ضدّ القوى النمساويّة الّتي تجتاح بلادهم. ونجح في مهمّته إذ بعثت الدّولة الأميركيّة أكثر من عشرين ألفَ متطوّعٍ سلافيّ ليدافع عن الحدود السّلافيّة، بالإضافة إلى مساعدة ماليّة تفوق مئات الآلاف من الدّولارات للمحتاجين في هذه البلاد.

وعرف نيقولاي في حلم كلّمه فيه ملاكُ الرّبّ أنّه سوف يعودُ يوماً ما مجدّداً إلى الولايات المتّحدة ليساعد القطيع الأرثوذكسيّ الصّربيّ هناك، ويجمعه ضمن أبرشيّة واحدةٍ مندمجة تماماً مع الأبرشيّات الصّربيّة الأخرى.

عاد نيقولاي عام 1916 إلى إنكلترا، حيث قرّر أن يمكث إلى نهاية الحرب. هناك أصدر عدداً كبيراً من المقالات والكتب، حاول من خلالها استعطاف الشّعب الإنكليزيّ لمؤاسات الشّعب الصّربيّ. وبسبب تفوّقه الأكاديميّ، حصل نيقولاي على دكتورا شرفيّة ثانيّة عام 1919 من جامعة كلاسكو في اسكوتلاندا.

أسقفًا على زيخا

شعر نيقولاي بحنينٍ كبيرٍ لوطنه، فعاد إلى بلغراد حوالي نهاية الحرب العالميّة الأولى. هناك عمل على تأسيس الدّولة اليوغسلافيّة الجديدة وشغل منصب المترجم لرئيس الدّولة نيقولا باشيش. رغم كلِّ الضّوضاء في حياته أحسّ نيقولاي بأنّ شيئاً ما ينقصه. أراد أن يساعد الشّعب الصّربيّ بشكل ملموس. تحقّقت هذه الرّغبة في 12 آذار 1919، عندما انتخبته الكنيسة الصّربيّة الأرثوذكسيّة أسقفاً على زيخا وهو الكرسيّ التّقليديّ لرئيس أساقفة صربيا. كان عمره حينئذ 39 سنة. خلال تنصيبه أسقفاً بكى المغبوط نيقولاي كطفلٍ صغير. وهكذا بعد أربع سنوات من العمل الدّؤوب للحصول على الدّعم الإنكليزيّ والأميركيّ لصربيا، أصبح الأسقف نيقولاي مستعداً لأن يساعد الشّعب الصّربيّ الّذي مزّقته الخلافات والحروب.

رعى الأسقف نيقولاي قطيعه بمحبة خالصة وخفّف من آلامه حتّى تخطّى حدود زيخا إلى كلّ يوغوسلافية. عمل الأسقف بمثال الرّبّ يسوع المسيح، فشفى المرضى، وحرّر المأسورين روحيّاً ووعظ بالخلاص والحياة الأبديّة للنّفوس العطشى. نُقل، عام 1921، إلى مطرانيّة أوخريدا وبيتولا. وقد تمّ نقله لتسهيل اتِّحاد الكنيستين الصّربيّة والمكدونيّة الّذي نتج عن إنشاء المملكة اليوغسلافيّة الجديدة. زرع الأسقف نيقولاي في رعيته هذه بذور الوحدة، وزار أثينا والقسطنطينيّة وصولاً إلى الجبل المقدّس حيث استُقبِل كموحّدٍ للكنيسة الأرثوذكسيّة في رباط محبّة المسيح وكنيسته. ولدى عودته إلى بلاده كتب “صلوات قرب البحيرة” خلال فترة نقاهته بجانب بحيرة أوخريدا، ووضعه بأسلوبٍ شعريّ غنيّ، يشبه، على الصّعيد الرّوحيّ، كتابَ المزامير لداود الملك.

مهمّة في الولايات المتّحدة

 في هذه الفترة كانت الكنائس الأنكليكانيّة وعددٌ من الجامعات في الولايات المتّحدة تستدعيه مراراً ليلقي محاضرات هناك. في البدء، رفضت الحكومة الملكيّة اليوغسلافيّة ومجمع الأساقفة المقدّس إرساله، ثم، إذ كثرت الدّعوات، رضخا للأمر الواقع، وأُرسل الأسقف نيقولاي للمرّة الثّانيّة إلى أميركا.

وصل الأسقف المغبوط نيقولاي إلى الولايات المتّحدة بنعمة الله في 24 حزيران 1921. كان لديه ثلاثةُ أهدافٍ رئيسيّة يجب تحقيقها فوراً:

       1- إلقاء المحاضرات والمواعظ في الجامعات والكنائس بهدف تصوير الحرب العالميّة الأولى من وجهة نظر أوروبا الشّرقيّة.

       2- جمع المساعدات لإنشاء مياتم في صربيا للأطفال الفقراء الّذين فقدوا ذويهم خلال الحرب العالميّة الأولى.

       3- زيارة الرّعايا الصّربيّة الأرثوذكسيّة لشكرهم على دعمهم خلال الحرب، وإعداد تقرير عن إمكانيّة إنشاء أسقفيّة للكنيسة الأرثوذكسيّة الصّربيّة في أميركا.

نجح أسقفنا في كلّ مهامه: ألقى أكثر من مئة وخمسين محاضرة وموعظة خلال ثلاثة أشهر. رسالته كانت واضحة: لا تلوموا المزارع الأوروبيّ (في أوروبا الشّرقيّة) لنشوب الحرب العالميّة الأولى لأنّه ذو نفسٍ نبيلة، بل لوموا الطّبقة المثقّفة الّتي خلقتها الجامعات في أوروبا الغربيّة. فهؤلاء المثقّفون هم الّذين يضلّون. وقال إنّه إذا استمرّ الوضعُ على ما هو عليه في أوروبا الغربيّة فلا بدّ من نشوبِ حربٍ عالميّةٍ ثانيّة. وكم كان محقّاً في ما تنبّأ به! من أشهر مواعظه ما ألقاه في الكنيسة الأنكليكانيّة في كاتدرائيّة القدّيس يوحنّا اللاهوتيّ في مدينة نيويورك. عنوان عظته كان “الحجر الّذي رذله البنّاؤون”، فيها دعا أوروبّا الغربيّة إلى العودة إلى جذورها، إلى المنبع الحقيقيّ وصخرة ثقافتهم وحضارتهم بأكملها، أي إلى الرّبّ يسوع المسيح المخلّص، الّذي هو الطّريق والحق والحياة.

كذلك دعا الولايات المتّحدة الّتي فيها غنى في الجنسيّات لأن تحملَ مشعلَ الأمل لكلِّ العالم. قال: أوروبا اكتشفت هذا العالم، فهل تستطيع أميركا أن تنظّمَه؟ هذا كرره آملاً أن تقود أميركا المسيرة للوصول إلى عالم يسود فيه السّلام والعدالةَ. في هذه المواعظ دُعي نيقولاي اسحق ثانياً والذّهبيّ الفم الجديد. وبفضل نشاطاته حصل على قبوليوغسلافية في هيئة الأمم المتّحدة.

كان الأسقف نيقولاي يشعر بألم فقدان القريب لدرجة أنّه كان يجهش بالبكاء لدى زيارته المياتم والفقراء المهملين في بلاده. وقبل قدومه إلى أميركا أسّس دارَ أيتامٍ في بيتولا سلّمه للأمّ أنّا. أطلق الأطفال الفقراء في يوغسلافية على الأسقف نيقولاي لقب “ديدا فلاديكا” أي الجدّ الأسقف، نظراً لعنايته الشّديدة بهم وتدخّله الشّخصيّ للتّخفيف من بؤسهم. رأس الأسقف نيقولاي الجمعيّة الصّربيّة للاعتناء بالأطفال في بلغراد، ومن خلالها جمع آلاف الدّولارات في الولايات المتّحدة ليهتمّ بهم. بهذه الأموال أسّس عدداً من المياتم الّتي أشرف عليها شخصيّاً. جمع فيها أكثر من ستمائة ولدٍ معوز وأمّن لهم حاجاتهم الماديّة والرّوحيّة مفيضاً عليهم من محبّة المسيح.

وفي ما يخصّ تأسيس كنيسة صربيّة أرثوذكسيّة في أميركا، كتب الأسقف نيقولاي رسالة فصحيّة عام 1921 لكلّ الرّعايا الصّربيّة في أميركا. رحّب بالبطريركيّة الصّربيّة الّتي أُعيد تأسيسها وعلى رأسها الكلّيّ قدسه ديمتري. كذلك رسم مخططاً لكيفيّة تأسيس مطرانيّة صربيّة في أميركا. الأسقف نيقولاي هو أوّل إكليركيّ صربيّ يسافر إلى أميركا، وعليه استقبلته الجماعات الصّربيّة بكثير من الاحترام. مشاكل الصّربيّين في أميركا كانت كثيرة:

       – كان معظمهم يرعاهم كهنة روسيّون وهم لا يفهمون لغتهم.

       – لا أديرة لتقود الشّعب في الحياة الرّوحيّة.

       – لا معاهد لتعليم الكهنة والمؤمنين.

       – الزيجات المختلطة كانت تخلق الكثير من المفاهيم الخاطئة بين المؤمنين.

       – الانشقاقات في الكنائس الأرثوذكسيّة الأخرى خلقت جوّاً من عدم الثقة في إكليروس الكنيسة بين كلّ الأرثوذكسيّين في أميركا.

       – كانت الكنائس البروتستانتيّة والكاثوليكيّة بالإضافة إلى العلمنة الأميركيّة تتسلّل إلى حياة الكنيسة.

       – سوء تنظيم الرّعايا الصّربيّة: الصّرب في أميركا كانوا “كقفير نحل دون ملكة” على حسب قول أحد الإكليركيّين في رسالة موجّهة إلى البطريرك الصّربيّ عام 1921.

 العودة إلى بلغراد

عاد الأسقف نيقولاي إلى بلغراد في 16 حزيران عام 1921، بعد ستّة أشهر من العمل الرّسوليّ في أميركا. حزن الصّربيّون في أميركا كثيراً لفراقه، والكلّ رجا عودته كأسقفٍ لأسقفيّة أميركا الجديدة. بعد عشرة أيّامٍ قدّم الأسقف نيقولاي تقريره عن رحلته إلى الولايات المتّحدة أمام المجمع الصّربيّ المقدّس. وفي 21 أيلول عيّن المطران برنابا الأسقف نيقولاي ليشغل مهام الأسقف في أميركا يعاونه الأرشمندريت مرجاريجي الّذي من دير راكوفيكا كمساعد إداريّ. هذا القرار أغضب الكثير من المؤمنين الأرثوذكس في صربيا، لأنّهم كلّهم، أساقفة وإكليريكيّين، رهباناً وعلمانيّين، لم يكونوا مستعدّين لأن يتخلّوا عن الذّهبيّ الفم الصّربيّ للصّربيّين في أميركا. شعر الأسقف نيقولاي بالانزعاج من الوضع القائم فذهب في زيارة حجّ إلى الأراضي المقدّسة في كانون الثّاني 1922، ومن هناك انتقل إلى الجبل المقدّس حيث أمضى الفصح في دير خيلاندار. كانت هذه الخلوة ضروريّة ليستعيد الأسقف نيقولاي نشاطه الرّوحيّ، مبتعداً عن المشكلات الملحّة وطالباً العون من أبيه السّماوي.

عاد الأسقف نيقولاي إلى صربيا لحضور اجتماع المجمع المقدّس، وكان قد أصبح مقتنعاً بأنّ الوضع في أميركا يتطلّب أسقفاً مكرّساً حياته بالكامل للكنيسة هناك. لذلك رشّح الأرشمندريت مارداريجي ليكون الأسقف الدّائم للكنيسة الصّربيّة الأرثوذكسيّة في أميركا. وافق المجمع على هذا التّرشيح وتمّ تنصيبه في 18 تشرين الأوّل 1923. هذا القرار لم يحرّر الأسقف نيقولاي من مسؤوليّاته الزّائدة فقط بل كان بمثابة بركة إلهيّة للمؤمنين في صربيا. هكذا كرّس الأسقف نيقولاي وقته للكتابة ولرعاية قطيعه ليغرس فيهم حبّ الرّبّ يسوع المسيح وكنيسته.

إلى جانب الكتابة، بدأ نيقولاي بإنشاء حركة دينيّة شعبيّة عُرفت فيما بعد بـ”حركة صلوات الله”. كان يجتمع تلاميذُ الأسقف في المنزل الأسقفيّ ليُرنّموا الأغاني الرّوحيّة الّتي كتبها هو. التّسبيح باللّغة الصّربيّة بعث الفرح في قلوب الأرثوذكسيّين الصّرب المتحمّسين، الّذين حصلوا به على تجديدٍ روحيٍّ بعد الحرب الّتي أضنتهم، وأضحوا شعباً محبّاً لله بقيادة نيقولاي. الكثير من الكهنة والاكليركيّين حسدوا نيقولاي، لكنّهم عندما بدأوا بتحسّس النّموّ الرّوحيّ بين المؤمنين في رعاياهم، أخذوا يدعمونه في “حركة الصّلاة”. هؤلاء الحركيّون كانوا يواظبون على قراءة الكتاب المقدّس، وإنشاد التّرانيم الروحيّة، وتلاوة الصّلاة باستمرار، وزيارة الأديرة، والاعتراف بخطاياهم، وحفظ الأصوام والمناولة المتواترة لجسد ربّنا وإلهنا يسوع المسيح ودمه. وشيئاً فشيئاًً أخذ الإكليريكيّون في مختلف الأسقفيّات يقتدون بالأسقف نيقولاي الّذي كان في طليعة التّجدّد الرّوحيّ الّذي حصل في الكنيسة الصّربيّة آنذاك. من خلال حركة الصّلاة، أُعيد إحياء الرّهبنة ودراسة اللاهوت، وهذا بان جليّاً في حياة القدّيس يوستينوس بوبوفيتش أحد أكبر اللاهوتيّين والنّسّاك في زمننا الحاضر.

تنبّأ بحصول كارثة!

 عام 1927، وبناء لدعوة الجمعيّة الأميركيّة – اليوغسلافيّة، سافر الأسقف نيقولاي إلى الولايات المتّحدة للمرّة الثّالثة. هناك أمضى ثلاثة أشهر، تكلّم فيها في عددٍ من الجامعات والكنائس واستعلم عن تقدّم دير القديس سابا الصّربيّ في ليبيرتيفيل (Libertyville) الّذي أسّسه الأسقف المكرّس حديثاً مرداريجي. في طريق العودة إلى صربيا، عرّج على لندن، حيث بقي أسبوعين وتنبّأ بقرب حصول كارثة كبيرة. رسالته كانت واضحة: توبوا فقد اقترب ملكوت السّموات!

ولدى عودته إلى أوخريدا باشر بكتابة عددٍ من الكتب أهمّها “توطئة أوخريدا” (The Prologue of Ohrid) وهو كتاب فيه قصصٌ قصيرة عن حياة قدّيسين وحوادث تبعث على التّقوى.

يُذكر أنّه ضمن أسقفيّته في مدينة بيتولا، كان يوجد المعهد الصّربيّ للقدّيس يوحنّا اللاهوتيّ، أحد مدرّسي اللاهوت هناك كان الرّاهب الكاهن يوحنّا مكسيموفيتش (المعيّد له في 2 تموز) وذلك بين العامين 1929 و1934. أحبّ الأسقف نيقولاي الرّاهب يوحنّا كثيراً وقدّره وكان له تأثير إيجابي فيه. وكان يردّد للمقرّبين منه: إذا أردت أن ترى قدّيساً حيّاً: اذهب إلى بيتولا إلى الأب يوحنّا. (حياة الأسقف نيقولاي والأب يوحنّا سوف يتقاطعان مجدّداً في المستقبل، إذ إنّ كلاهما سوف يمضي آخر سني حياته في الولايات المتّحدة ويرقد هناك، وكلاهما سوف يُعلَن قدّيساً).

عام 1930، اشترك الأسقف نيقولاي في مؤتمر جمع كلّ الأرثوذكس من كلّ القوميّات عُقد في دير فاتوبيذي في جبل آثوس. وكان هو الصّوت الجامع لكلّ الأرثوذكس في العالم، وقاد الأتقياء من يونانيّين وصربيّين وروسيّين وبلغاريّين ليتجاوزوا كلّ انتماء عرقيّ قد يهدد رباطات المحبّة والوحدة في الرّوح بينهم. وباستخلاصه التّقليد الأرثوذكسيّ المقدّس من كلّ الكنائس الأرثوذكسيّة المحلّيّة استطاع أن يقدّم للغرب المسيحيّ صورة دقيقة وشاملة للإيمان القويم لكنيسة جامعة مقدّسة رسوليّة واحدة.

إبّان الحرب العالميّة الثّانية عام 1941، كان الأسقف نيقولاي يجمع رسائله في كتاب عنونه “الرّسائل الرّسوليّة”، وتشهد هذه الرّسائل للنشاط الإنجيليّ المذهل الّذي كان يقوم به واستيعابه الكامل والفريد للأزمات الرّوحيّة في زمنه.

اعتقاله

عام 1941، احتلّت القوّات الألمانيّة يوغسلافية واعتقلت الأسقف نيقولاي مع البطريرك جبرائيل دوزهيش وأودعتهما معتقل داشو في ألمانيا. عُرف هذا السّجن بعدم إنسانيّته. أمضى نيقولاي فيه سنتين عانى خلالهما أشدّ التّعذيبات الّتي يمكن أن يحتملها إنسان. وقد نسب نجاته من هذه المحنة الصّعبة  إلى والدة الإله فكتب لها في السّجن “القانون الابتهالي وصلاة لوالدةالإله الكليّة القداسة” بالإضافة إلى مؤلّف عن يوميّاته في السّجن. وقد سأله أحدهم:”هل يدمّر المعتقل الحياة الرّوحيّة أو يحييها؟”. فأجاب الأسقف نيقولاي:” أنت جالسٌ في الزّاويّة وتقول لنفسك: “أنا تراب، أنا رماد، يا ربّ خذ روحي”. وفجأة ترتفع روحك وترى الله وجهاً لوجه ولكنّك لا تتحمل هذه الرّؤية فتقول له: “يا ربّ لا أستطيع، أعدني مجدّداً إلى حيث كنت” وهكذا من جديد تقبع في الزّاوية ساعاتمتتالية وطويلة وتقول لنفسك: “أنا تراب، أنا رماد، يا رب خذ نفسي” ومن جديد يرفعك الرّبّ الإله لتعاينه… لو كنت أستطيع لكنت أستبدل كلّ سني حياتي بساعة واحدة في معتقل داشوا!”. في 8 أيار 1945، أُطلق سراحه بفضل الفيلق الأميركيّ. التجأ بعدها المعترفان نيقولاي وجبرائيل إلى بريطانيا. من هناك عاد جبرائيل إلى بلغراد كبطريرك، أما نيقولاي فانتقل إلى أميركا للمرّة الرّابعة والأخيرة. هناك بدأ الأسقف المنفيّ بإلقاء المحاضرات في عدد من المؤسّسات التّعليميّة بعدما استعاد عافيته من آلامٍ في الظّهر والسّاق.

في المنفى

في حزيران 1946، مُنح دكتورا في اللاهوت من جامعة كولومبيا نظراً لتفوّقه الأكاديميّ. هذه كانت الدّكتورا الخامسة والأخيرة الّتي نالها.

بين العامين 1946 و1949، علّم المغبوط نيقولاي الدّائم الوفاء لبلده في معهد القدّيس سابا في ليبرتيفيل في إيلينوي. أيقن نيقولاي أهميّة نقل التّعليم الأرثوذكسيّ باللّغة الإنكليزيّة للصرب الّذين ولدوا في أميركا فنشر عدداً من مؤلّفاته الدّينيّة باللّغة الإنكليزيّة. وآخر كتاب كتبه كان سيرة القدّيس سابا. ويقول أحد الأساتذة في المعهد، الدّكتور فيسيلين كسيش إنّ هذا الكتاب يكشف جانباً من تفكير الأسقف نيقولاي وتأمّله في نهاية حياة القدّيس سابا: فالقدّيس سابا انكفأ إلى بيت الصّلاة في ستودينيكا وصلّى إلى ربّه أن يسمح له أن يرقد في بلدٍ غريب. لماذا طلب هذا من ربّه؟ في ظن نيقولاي هناك عدّة أسباب منها: كان القدّيس سابا يعترض على الوضع السّياسيّ المتقلقل في بلاده، وأراد أن يسترعي انتباه شعبه إلى ذلك، بالإضافة إلى قناعته أنه يستطيع أن يساعدهم أكثر من خارج البلاد. هذه الأسباب الثّلاثة هي الّتي ربّما دفعت الأسقف لأن يأتي إلى أميركا ويمكث فيها إلى نهاية حياته.

عام 1951، انتقل الأسقف نيقولاي إلى دير القدّيس تيخون الرّوسيّ في بنسلفانيا. هناك أمضى آخر خمس سنوات من حياته كمعلّم ثم كعميد وأخيراً كمدير للمعهد. محبته الّتي لا تعرف حدوداً لشّعب الله، دفعته إلى نشر مقالات باللغة الرّوسيّة للوافدين إلى الدّير. مرونته في استعمال اللّغات المختلفة كانت مذهلة للجميع. كان يستطيع القراءة والكتابة والتّكلّم بسبع لغات مختلفة. في دير القدّيس تيخون كان مثالاً للتّواضع، وصورة للأب المحبّ يصعب نسيانها. للرّهبان كان كأحد الشّيوخ في الدّير، وللمؤمنين كان الأب الكاهن الّذي يعكس وجه الله. كان يلتقط أبسط التّفاصيل ليحوّلها إلى مفهوم إنجيليّ عميق.

 إلى جانب نشاطه في الدّير كان نيقولاي يلقي محاضرات في المعهد اللاهوتيّ للقدّيس فلاديمير في نيويورك والمعهد الأرثوذكسيّ الرّوسيّ ودير الثّالوث القدّوس في جوردانفيل. لكنّه لم ينسَ قطيعه الصّربيّ إذ أصدر عدداً من الكتب باللّغة الصّربيّة. آخر كتاب له كان “الحبّ الأوحد للبشريّة” نُشر بعد رقاده عام 1958.

رقاده

في 18 آذار 1956، رقد الأسقف نيقولاي في قلايته الوضيعة في دير القدّيس تيخون. يروي الأب أفنازي رقاده كالتّالي: قام الأسقف بخدمة القدّاس الإلهيّ في يوم السّبت الواقع فيه 17 آذار. كل شيء كان غير اعتياديّ وجميل. بعد القدّاس ذهب إلى غرفة المائدة حيث كان الرّهبان جالسين. وبعد حديث قصير، ضرب مطّانيّة صغيرة وتمتم ثلاثة مرّات: “اغفروا لي، يا إخوتي”، ثمّ خرج. هذا كان حدثاً مميّزاً إذ لم يسبق له أن قام بشيءٍ مماثلٍ من قبل. صباح الأحد أتى الأب فاسيلي ليفتقده في قلايته، قرع الباب وإذ لم يحصل على جواب، دخل فوجده راقداً في وضعيّة الصّلاة ساجداً. رقاده كان بين السّابعة والثّامنة صباح هذا اليوم. وقد بلغ من العمر 76 سنة. جرى دفنه في دير القدّيس سابا الصّربيّ في ليبرتيفيل في الجانب الجنوبيّ لكنيسة الدّير. ثمّ في 27 نيسان 1991، نُقلت رفاته إلى صربيا  إلى دير شيليجي في ضيعته في ليليش قرب مقبرة القدّيس يوستينوس بوبوفيتش (+ 1979). غرفته في دير القدّيس تيخون تحوّلت إلى مزار حيث يأتي النّاس للتّبرّك والصّلاة.

قال عنه تلميذه القدّيس يوستينوس بوبوفيتش عام 1961 في الذكرى الخامسة لرقاده في الرّبّ:

 شكراً، يا ربّ، لأنّ عندنا رسولاً جديداً! شكراً، يا ربّ، لأنّ عندنا إنجيليّاً جديداً! شكراً، يا ربّ، لأنّ عندنا معترفاً جديداً! شكراً، يا ربّ، لأنّ عندنا شهيداً جديداً! شكراً، يا ربّ، لأنّ عندنا قدّيساً جديداً!

أُعلنت قداسته في 19 أيار 2003. تُعيّد له الكنيسة الأرثوذكسيّة في 18 آذار و27 نيسان.

مواضيع ذات صلة