Menu Close

في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:

*الشّهداء مانوئيل وصابائيل وإسماعيل *الشّهداء إيصافريوس ورفاقه *القدّيس البارّ هيباتيوس *الشّهيد في الكهنة فيلونيدوس القبرصيّ *القدّيس البارّ بيهور النّيتريّ المصريّ *القدّيس أييتيوس الحبشيّ *القدّيس البارّ حنانيّا الرّسّام النّوفغوروديّ *الشّهداء الجيورجيّون شالفا ورفاقه *القدّيس البارّ نكتان وايلز *القدّيس البارّ أفيتوس الفرنسيّ *القدّيس البارّ بوتولف الإنكليزيّ *القدّيس البارّ هرفي بريتاني الفرنسيّ *القدّيس البارّ هيماريوس الإيطاليّ *الشّهيد مونتانوس غيتا الإيطاليّ.

*        *        *

✤ القدّيس البارّ هيباتيوس ✤

ولد في كنف عائلة مسيحية في فيرجيا سنة 366 م. نشأ على مخافة الله. منذ الولودة اشتهى أن يعتزل في كنيسة أو دير مكرّساً لله. سنحت له الفرصة أن يحقق شهوة قلبه لما بلغ الثامنة عشرة. ذات يوم، ضربه أبوه ففرّ من البيت وبلغ، بعد يومين من السير على قدميه، كنيسة سمع فيها كلمات الإنجيل: “من ترك أباً أو أماً أو أخوة أو أخوات أو امرأة أو أولاداً من أجلي، يأخذ مئة ضعف ويرث الحياة الأبدية” (مت29:19). قرّر أن يجعل هربه هرباً إلى الله فانضم إلى قافلة متوجهة إلى تراقيا. هناك عمل راعياً. ولم يمض عليه وقت طويل حتى لاحظ كاهن صوته الجميل، إذ كان يرتل وهو يحرس قطيعه. جعله الكاهن قارئاً في كنيسته. سلك في التقى والتقشف سنتين. بقي كذلك إلى أن قدم جندي من أصل أرمني، يوماً، كان قد نبذ العالم، واستقر بقربه ناسكاً. وإن قوماً من تلك الناحية، لما رأوا نمط حياته المرضي لله، أخذوا ينضمون إليه. من بين هؤلاء كان هيباتيوس. بلغت الجماعة الجديدة الثمانين عدداً وبنى يونان – هذا كان اسم الجندي الأرمني- ديراً لهم عُرف بـ Halmyrisse جرى تحصينه حفظاً للشركة من غزوات قبائل الهانز. وقد فاق هيباتيوس الجميع بأصوامه وأسهاره وصلواته. لم يكن يتناول طعاماً سوى مرّة كل خمسة أيام. وقد بقي مرة خمسين يوماً لم يذق فيها الماء ليقاوم تجارب الجسد. نُقل خبر ذلك إلى يونان الذي امتحن طاعته وجعله يشرب كأساً من الخمر أمام الجميع. لما دُعي إلى تعليم الإخوة امتنع قائلاً إنه خرج من العالم ليكون خادماً للجميع. وإذ وقع عند قدمي رئيس الدير رجاه أن يجعله في خدمة المرضى. وقد بلغ توثبه حدّاً جعله يذهب ليلتقط الفلاحين المرضى من بعيد ويأتي بهم إلى باب الدير. وبعد أن كان يدخلهم إلى المشفى كان يضمّد جراحاتهم ويشفيهم بعلامة الصليب. إثر غزوة للغوط لجأ عدد كبير من الفلاحين إلى الدير مما اضطر يونان للسفر إلى القسطنطينية ليأتي بمؤن إضافية.

بعد ذلك بقليل، سنة 400م، قرّر هيباتيوس أن يذهب مع رفيقين له، تيموثاوس وموخيون، للبحث عن مكان معزول يتسنى لهم فيه أن ينصرفوا بالكامل إلى حياة التأمل. وإذ بلغوا خلقيدونيا، وقع اخنيارهم على مكان غير بعيد عن البوسفور، على مسافة أربعة كيلومترات من المدينة. هناك كان الوالي روفينوس قد شيّد، قبل عشر سنوات، قصراً وكنيسة كبيرة حملت اسم القدّيسين بطرس وبولس وديراً. فلما مضى إلى ربه عاد الرهبان، وكانوا مصريين، إلى ديارهم فصار دير روفينيانوس في حال من الخراب. طرد القدّيس هيباتيوس إبليس من هناك وأقام ورفيقيه. عاشوا في الفقر. كانوا يعملون بأيديهم ليحصّلوا معيشتهم. لما كان زائر يأتيهم كان هيباتيوس يتظاهر بأنه منشغل ليترك للزائر حصّة من الطعام. انضمّ إلى الثلاثة، هناك، رهبان آخرون وأخذت شركة جديدة تنتظم. لكن بتحريض الخبيث حصل خلاف بين هيباتيوس وتيموثاوس. ولم يمض على ذلك وقت طويل حتى قرّر هيباتيوس مغادرة المكان والعودة إلى دير يونان حيث سلك في السكون في قلاية معزولة. وإذ كان يونان في المدينة لبعض الأشغال مرض، وبإيعاز من الله، استدعى هيباتيوس الذي أبرأه. إثر ذلك أرسل الشيخ في طلب تيموثاوس وصالح الناسكين وذكرهما بأنه حتى بين الرسل حدث بعض الشقاق. وقد استسمح الاثنان أحدهما من الآخر وعاد هيباتيوس إلى دير روفينيانوس حيث اختاره الإخوة رئيساً عليهم.

تخلى القدّيس جزئياً عن مآثره النسكية ليتخذ نسكاً معتدلاً إلا في الصوم الكبير حين كان يقفل على نفسه  في قلاية صغيرة ولا يأخذ طعامه عبر كوّة سوى مرة كل يومين. وإذ صار الكل للكل، نظم الشركة، التي بلغ عدد رهبانها الخمسين، بما ينسجم وتقاليد الآباء القدّيسين. كل كان يتلقى عمل طاعته لأسبوع ويتمّم أشغاله اليدوية وهو يتلو المزامير بتواتر. كانوا يجتمعون في الكنيسة الصغيرة سبع مرات في اليوم ليرتلوا مائة مزمور ويتلوا مائة صلاة. كان هيباتيوس يعلمهم أن الحياة الرهبانية هي النجاز الكامل للمسيحية، خصوصاً لوصيتي محبة الله والقريب. وكان يحثهم، بلا كلل، على التمثل بالملائكة الواقفين في حضرة الله وعلى تمجيده نظيرهم بأناشيدهم وأعمالهم. كان يقول لهم إنهم إذا كابدوا التجارب وسألوا معونة السيّد برغبة حقيقية وتعب فسيكتشفون أن هذه المحن تخبئ لهم طيّبات ومباهج روحية. وعندما كانوا يطرحون عليه سؤالاً كان يجيب: “كل ما تبحثون عنه تجدونه في الكتاب المقدّس الملهم من الله”. ويقول أيضاً إنه كان يشعر بالبهجة حين يوزّع كلمة الله ويجني، هو نفسه، نفعاً من التوبيخات الموجّهة إلى التلاميذ. كان يأسف أحياناً للحياة الحرّة من كل همّ التي سبق له أن سلك فيها واضطر إلى مغادرتها طاعة لإرادة الله لمنفعة الإخوة. في مقابل ذلك، تلقى وسط الأشغال وهموم المسؤولية، نعمة حفظ الذهن مثبتاً دائماً في الله صاحياً. لمجرّد نظرة لا تخيب كان رجل الله يميز الخطايا الخفيّة والحالة الروحية لتلاميذه وللعديد من الزوار الذين أخذوا يقبلون على الدير ليتلقوا نصحاً في شأن خلاص نفوسهم. كان، في الحقيقة، طبيباً من الله لكل تلك البلاد وكان، كأيوب، “رجلاً للعرج وعيناً للعميان وعصا للعاجزين وتعزية للمضنوكين” (أي15:29). وإذ نبّهه ملاك أن المجاعة مقبلة، ملأ مخازن الدير، مما  مكنه، على امتداد ثلاث سنوات، من إطعام أكثر من خمسمائة شخص. لم يكن فقير يغادر الدير صفر اليدين ولا أقبل مريض إلا تلقى عناية من يدي القدّيس نفسه. كان يجهل فنّ الطب لكنه، ليخفي فضيلته، كان يجعل كمّادة على موضع العلة. وبعد أن يصلي على المرضى يصرفهم، خلال فترة قصيرة، إلى ديارهم معافين.

ورغم اعتراض هيباتيوس سيم كاهناً. لما كان يقيم خدمة سرّ الشكر كان يصرخ إلى الله بطريقة تجعل كل الحاضرين يشعرون بنخس القلب. نادراً ما خرج من الدير، لكنه متى سمع بأن الناس، في بعض النواحي، كانوا لا يزالون يعبدون الأشجار أو الأصنام، كان يذهب إليهم مع تلاميذه ليقلب أصنامهم ويعلمهم الحقيقة الإنجيلية. لما تبوّأ نسطوريوس العرش البطريركي في القسطنطينية تلقى هيباتيوس إعلاناً أنه لن يبقى في موضعه أكثر من ثلاث سنوات. فلما شرع نسطوريوس ينشر آراءه الهرطوقية، للحال محا الراهب القدّيس، رغم خوفه من أسقفه، أقول محا اسمه من الذبتيخا في كنيسة الرسل القديسين. له يعود، بنعمة الله، فضل إيقاف التظاهرات الوثنية ضمن الألعاب الأولمبية في خلقيدونيا.

وبمرور الوقت صارت للقدّيس هيبة في كل مكان حتى اعتُبر، بعد وفاة القدّيس دلماتيوس، أباً لكل رهبان القسطنطينية (436م). زاره الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني مرتين وكاتبه عدة مرات سائلاً إياه النصح. كذلك قدمت إليه أخوات الإمبراطور الثلاث للتبرك والاسترشاد. لم يخش أن يعرّض نفسه للملاحقة حين كان الأمر يستدعي حماية رجال الله المضطهدين. مثل ذلك استضافه القدّيس ألكسندروس، رئيس دير الذين لا ينامون، ورهبانه بعدما طُردوا ظلماً من المدينة، إلى أن يجدوا لأنفسهم مقراً آخر.

لما بلغ القدّيس هيباتيوس الثمانين بقي ثلاثة أشهر يزود تلاميذه بتوجيهاته الأخيرة ويعلن لهم أن مصائب كبيرة على وشك أن تحلّ بالإمبراطورية ثم بعد خمسة أيام من المرض دعا الإخوة ووزّع عليهم القدسات وهو يردّد الآية المزمورية: :هلمّ نبتهج بالربّ” (مز1:94). وبعدما باركهم رقد بسلام في الربّ سنة 446م. بعد قليل من وفاته ضرب البرد، بعنف، المحاصيل وأحدثت هزات أرضية أضراراً جسيمة في المباني وأعاث الهانز فساداً في أكثر من سبعين مدينة في تراقيا.

 طروباريّة القدّيس هيباتيوس (باللّحن الثّامن)

للبرّية غير المثمرة بمجاري دموعكَ أمرعتَ، وبالتنهُّدات التي من الأعماق أثمرتَ بأتعابك إلى مئة ضعفٍ. فصرتَ كوكباً للمسكونة متلألئاً بالعجائب، يا أبانا البار بيهور، فتشفع إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسنا.

مواضيع ذات صلة