Menu Close

في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:

*الشّهيد في الكهنة نيقون ورفقته *الشّهيد ضومط الفيرجي *الجديد في الشّهداء لوقا الميتيلينيّ *القدّيس البارّ نيقون الكييفيّ *القدّيس البارّ باخوميوس نيريكتا الرّوسيّ *القدّيس البارّ باسيليوس السيبيريّ *الشّهداء القرطاجيّون فيكتوريانوس ورفاقه.

*        *        *

القدّيس الجديد في الشّهداء لوقا الميتيليني (+1802 م)‏✤

ولد لعائلة مسيحية في أدرينوبوليس. إثر وفاة أبيه، وقد كان الولد في السّادسة من العمر، كلّفت أمّه تاجرًا يونانيًا من القسطنطينية الاهتمام بتعليمه. فلما بلغ الثّالثة عشرة تشاجر وصبي تركي وقوي عليه. اجتمع عليه عابرو السّبيل وهدّدوه بالقتل. خاف وصرخ: إن تركتموني صرت مسلمًا! أمسكوه وجعلوه في خدمة أحد الأتراك وجرت ختانته. رغم عناية أسياده ووعودهم لم يترك ضمير لوقا له أية فرصة للراحة، فاحتقر كلّ ملذّات الحياة وأخذ ينتحب سرًا على عدم تمكّنه من الفرار من المنـزل وعلى سطوة الخبيث عليه. رغم ذلك تمكّن من تمرير رسالة إلى السّفارة الرّوسية عبّر فيها عن رغبته في الفرار من بيت وصيِّه . كلّ المحاولات لإخراجه من هناك باءت بالفشل. أخيرًا تمكّن من الفرار واستبدال ملابسه التّركية بملابس مسيحية. وقد أبحر على ظهر سفينة إلى نواحي إزمير حيث اعترف لأحد الكهنة. هذا نصحه بالتّوجّه إلى جبل آثوس. هناك بإمكانه ان يجد طريق التّوبة والخلاص.

في الجبل المقدّس امتنع أكثر الأديرة عن قبوله لصغر سنّه. وإذ لم يجد راحة وبات عرضة لتجارب قاسية خلُص إلى نتيجة انه لن يجد مكانًا مناسبًا يتوب فيه إلى ربّه في الموضع الّذي عاش فيه قدّيسون كثيرون لأن الرّبّ الإله يريده ان يقبل الشّهادة عن خطيئته وينقّي ضميره. وإن الأب الرّوحي الّذي باح لديه لوقا بما خامره، في إسقيط القدّيسة حنّة ، لما رأى طراوة عوده وخشي عليه ان يكفر بالله ثانية، حاول إقناعه بالعدول عن رأيه فلم يوفَّق. إذ ذاك قرّر الأب الرّوحي ان يمتحن الشّاب ففرض عليه أداء ثمانماية مطانية في اليوم والاكتفاء من الطّعام بالخبز اليابس والماء. خضع لوقا لهذا القانون بفرح متأملًا، بتواتر، في الموت المجيد لأجل المسيح. فلما حظي أخيرًا ببركة التّقدّم للشهادة، بعدما لبس الإسكيم الرّهباني الكبير، أبحر إلى ميتيلين برفقة الرّاهب الكاهن بيصاريون الّذي كُلِّف بمرافقته وتشجيعه إلى ان يصل إلى تحقيق ما يطمح إليه.

وما إن وصل لوقا إلى ميتيلين حتّى شعر في قلبه بفرح عامر ورغبة ملحّة في الشّهادة تتنامى فيه. فبعدما أعدّ نفسه في إحدى كنائس الرّيف، بالسّهر وتناول القدسات، لبس، فوق غمبازه ، ثوبًا علمانيًا وسأل الصّفح ، بدموع ، من الرّاهب رفيقه وكهنة الكنيسة وتوجّه صوب مقر القاضي المحلّي. محاولته الأولى لم تنجح فعاد إلى بيصاريون الّذي شدّده وقوّاه فقام من جديد وانطلق لمقابلة نظير آغا. هناك طلب إنصافه بشأن علامة الختان الّتي فُرضت عليه عنوة وهو بعد ولد. فسخروا منه فأكّد ان لديه من الأسباب ما يكفي لطلب محو علامة كهذه. اقتيد إلى منـزل القاضي حيث قابل أسقف ميتيلين. هذا استدعاه الأتراك بسبب ارتداد لوقا إلى المسيحية وهربه من خدمة عائلة تركية، الحدث الّذي أثار حفيظة الأتراك وترك مسيحيي الجزيرة فريسة للخوف من عملية قمع دموية وشيكة يمكن ان تقع عليهم. انحنى لوقا أمام الأسقف وسأله الصّلاة من أجله ليتمّ قصد الله فيه . ورغم الخطر المحيق بالمؤمنين في الجزيرة، أمر الأسقف بإقامة صلاة البراكليسي في كلّ الكنائس لأجل عبد الله لوقا. هكذا فيما كان المسيحيون يتقلبون قلقًا وقف لوقا بثقة وجسارة أمام القاضي، فاستُجوب ثلاث مرات فأبدى ثباتًا في قبول حكم الإعدام لا يتزعزع غير آبه بالوعود الّتي عرضها الأتراك في ان ينعموا عليه بعطايا جزيلة القيمة ان عاد عن غيّه ولازم الإسلام. في تلك السّاعة الصّعبة كانت الآيات الكتابية تجري على لسان لوقا دفّاقة تدحض أقوال محاكميه واعتقاداتهم. غير ان جرأة لوقا هي الّتي أربكت مقاوميه بصورة أخصّ.

تركوه في السّجن ثلاثة أيام آملين في أن يغيّر رأيه. فلما مثل أمام القاضي من جديد طلب لوقا ان يُنفَّذ فيه حكم الإعدام قبل موعده بساعة لأن رغبته كانت ان ينضمّ إلى سيِّده في أقرب وقت ممكن. فلما لُفظ الحكم فيه توجّه إلى ساحة الإعدام مستعجلًا حتّى قلب أحد حرّاسه، فصرخ هذا الأخير في وجهه: “أإلى عرس أنت ذاهب لتركض هكذا؟” ولما وصل صلّى صلاة حارّة لأجل المسيحيّين، خصوصًا لأجل الّذين آزروه في عودته إلى المسيحية، كما أسرَّ لأحد المؤمنين الحاضرين انه حزين لأنه لم يتلقّ أي تعذيب. ولما حانت السّاعة جعلوا الحبل في عنقه فكان في سلام عميق. ودون ان ينتفض البتة أسلم الرّوح.

بقي جسده معلّقًا ثلاثة أيام. كان يبدو كأنه نائم، وهو ممتلئ نعمة إلهية. ولا حشرة واحدة دنت منه. كان الطّيب يفوح من جسده شاهدًا للحظوة الّتي نالها عند ربّه. ربط الأتراك إلى جسده حجرًا ثقيلًا ورموه في البحر لكنه شقّ طريقه إلى الشّاطئ فجاء مسيحيون ودفنوه دفنًا لائقًا رغم تحذير الآغا.

مواضيع ذات صلة