Menu Close

في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:

*تذكار وضع ثوب والدة الإله في كنيسة بلاشيرن *أبونا الجليل في القدّيسين جوفينال بطريرك أورشليم *القدّيس البارّ بيوس الإسقيطيّ*الشّهداء ثاون وإيرن وبولس وإبلو *الجديد في الشّهداء لامبروس ماكري *أبونا الجليل في القدّيسين فوتيوس الكييفي*القدّيس استفانوس الكبير المولدافيّ*الشّهيدان بروكيسوس ومرتينيانوس الرّومانيّان *القدّيسة البارّة مونيغونديس تورز الفرنسيّة *القدّيس يوحنّا مكسيموفيتش أسقف شانغهاي.

*        *        *

✤تذكار وضع ثوب والدة الإله في كنيسة بلاشيرن✤

خلال حكم الإمبراطور البيزنطيّ لاون الكبير (457 – 474) غادر الأخوان غالبيوس وكنديدوس، وهما مستشاران للإمبراطور، القسطنطينيّة إلى الأرض المقدّسة في فلسطين للسّجود والتّبرّك. وحدث، في ضيعة قريبة من النّاصرة، أن نزلا في بيت امرأة مسنّة تقيّة. لاحظا، في المنزل، غرفة تشتعل فيها قناديل عدّة وبخّور ومرضى مُجتمعين. سألا ماذا في الغرفة فلم تشأ المرأة، أوّل الأمر، أن تُجيب. أصرّا فأخبرتهما أنّ لديها ثوب والدة الإله وبه جرت عجائب وأشفية جمّة. فإنّ والدة الإله، قبل رقادها، أعطت امرأة تقيّة أحد أثوابها، وأوصتها بتركها لعذراء بعد رقادها. هكذا حُفظ الثّوب إرثًا عائليًّا من جيل إلى جيل. جرى نقل الثّوب في صندوق إلى القسطنطينيّة. اقتنع الإمبراطور لاون والبطريرك القدّيس جنّاديوس بأنّه أصليّ إذ وجداه بريئًا من الإنحلال. بُنيت في بلاشيرن، قريبًا من الشّاطئ، كنيسة جديدة إكرامًا لوالدة الإله. وفي 2 حزيران 458 م. نقل البطريرك الثّوب المُقدّس إلى الكنيسة الجديدة بالمَهابَة اللّائقة وجعله في صندوقٍ جديد.

فيما بعد ضُمّ إلى الثّوب وشاح (مافوريون) والدة الإله وجزء من زنّارها. وببركة هذا الإرث الثّمين أنقذت والدةُ الإله القسطنطينيّة عدّة مرّات من الأخطار. سنة 626 نجت المدينة من الآفار، وسنة 677 من الفرس، وسنة 717 من العرب، وسنة 860 من الأسطول الرّوسيّ.

يُذكر أنّ الأمير الرّوسيّ أسكولد بعدما أعاث فسادًا في مناطق البحر الأسود السّاحليّة في حزيران سنة 860 م.، دخل أسطوله المكوَّن من مائتي سفينة القرن الذّهبيّ وهدّد القسطنطينيّة. كان الأسطول يتحرّك على مرمى العين من المدينة ويُنزل، إلى الشّاطئ، قوّات عسكريّة تتحرّك بإزاء المدينة وتلوّح بالسّيوف. الإمبراطور البيزنطيّ ميخائيل الثّالث، يومها، قطع حملته ضدّ العرب وعاد إلى العاصمة. صلّى طوال اللّيل ساجدًا في كنيسة بلاشيرن. البطريرك فوتيوس دعا يومها المؤمنين إلى التّوبة والابتهال إلى والدة الإله بصلاة حارّة.

ازداد الخطر ساعة بعد ساعة. أُخرج ثوب والدة الإله ووشاحها وزنّارها من كنيسة بلاشيرن وجال المؤمنون به حول الأسوار. كما غمسوا طرفه بمياه البوسفور ثمّ نقلوه إلى وسط القسطنطينيّة، إلى كنيسة آجيا صوفيا. وقد حمت والدة الإله المدينة وهدّأت سخط المُحارِبين الرّوس. قيل الأسطول الرّوسيّ تمزّق بعاصفة وقيل لا بل توصّل الطّرفان إلى اتّفاق مشرِّف رفع الأمير الرّوسيّ أسكولد، على أثره، الحصار بعد أن حصّل فدية ماليّة كبيرة. هذا حدث في 25 حزيران سنة 860 م. ثمّ في 2 تموز أُعيد ثوب والدة الإله باحتفال مهيب إلى موضعه الأوّل في كنيسة بلاشيرن. احتفاء بذلك أمر البطريرك فوتيوس بأن يُصار إلى التّعييد للحدث في 2 تموز من كلّ عام.

على أنّ ما حدث لم يكن نهاية القصّة للرّوس بل بداية لها. ففي تشرين الأوّل/ تشرين الثّاني من السّنة عينها 860 وصلت بعثة روسيّة إلى القسطنطينيّة لتوقيع معاهدة مع الإمبراطور البيزنطيّ “بمحبّة وسلام”. بعض شروط معاهدة السّلام تضمّن بنودًا بشأن تعميد الرّوس الكييفيّين ودفع البيزنطيّين، في مقابل ذلك، جزية سنويّة، وإذنًا بخدمة الرّوس في الجيش البيزنطيّ واتّفاقًا تجاريًّا وإيفاد بعثة دبلوماسيّة إلى بيزنطية.

بعد ذلك بفترة وجيزة اقتبل الرّوس المعموديّة ابتداءً من السّنة 861 م.

من جهة أخرى. يوافق عيد وضع زنّار والدة الإله في بلاشيرن عيد تأسيس الأسقفيّة الأرثوذكسيّة في كييف. لا القسطنطينيّة وحدها نجت من الحصار الرّهيب لا بل الأرهب في تاريخها، ولكنْ الرّوس أيضًا من حصار قوى الظّلمة وربقة الوثنيّة إلى حياةٍ أبديّة.

تجدر الإشارة إلى أنّ أعجوبة ثوب والدة الإله في بلاشيرن انعكست أعمالًا مَجيدة في حقلي الأناشيد والمواعظ الكنسيّة. فثمّة عظتان بارزتان للقدّيس فوتيوس في المناسبة، أوّلهما قبل أيّام معدودة من الحصار والثّانية بعد قليل من ارتحال القوّات الرّوسيّة. كذلك يرتبط بحملة الأمير أسكولد الرّوسيّ على القسطنطينيّة تأليف المديح الشّهير لوالدة الإله. هذا يُنسب أحيانًا إلى القدّيس البطريرك فوتيوس، وهو المديح الّذي لا زلنا، إلى اليوم، نصدح به خلال الصّوم الكبير، وأساسًا في الأسبوع الخامس من الصّوم.

عيد وضع ثوب والدة الإله عند الرّوس معروف منذ وقت مبكّر. وقد ورد أنّ قطعة من هذا الثّوب نُقلت في أواخر القرن الرّابع عشر، بيد القدّيس ديونيوس أسقف سوزدال، إلى الرّوسيا. بهذا الإرث الثّمين انحفظت موسكو من تعدّيات التّتار كما انحفظت القسطنطينيّة من قبل. من ذلك ما حصل للتّتار وهم يستعدّون لاقتحام موسكو. ففي 2 تمّوز سنة 1451 حدث اضطراب كبير في صفوف التّتار فتخلّوا عن كلّ ما نهبوه وفرّوا مذعورين. وقد أقام المتروبوليت يونان، تخليدًا للذّكرى، كنيسة وضع فيها ثوب والدة الإله في الكرملين وجعلها كنيسته الأولى.

مواضيع ذات صلة