Menu Close

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:

* القدّيس موسى النّبيّ* الشّهيد مُنير (بابيلا) المُعلّم الأنطاكيّ الأصل والفتية الـ 84 الّذين معه * الشّهيدان مرسيل (مركلّوس) وكاسيان (كاسيانوس) * القدّيسة النّبيّة أدما (هرميون) واللّذان معها ثيوتيموس وعبد الله (ثيوذولس) * القدّيستان الشّهيدتان نعيمة (خاريتيني) وفرحة (أوتيخي) * الشّهيد سبيل (سابيلوس) * الشّهداء أوقيانوس وسنتوريون ونعمة الله (ثيودوروس) وأميانوس ويوليانوس * القدّيس البارّ مزهر (أنثيموس) الأعمى *الجديد في الشّهداء برثانيوس الرّوسيّ* الشّهداء الرّوس استفانوس كوسكوف مع الكهنة وعامّة المؤمنين.

*        *        *

✤‎القدّيس موسى النّبـيّ مُعايِن الله✤

   مِنْ قَبيلَة لاوي. وُلِدَ في مصر أيّام كان العبرانيون في خدمة فرعون. عندما وُلِد، كان هناك أمر فرعوني قد صدر بأنّه لا يجوز لأولاد العبرانيّين الذّكور أن يَعيشوا. ألقَتْه أمّه في سلّ في نهر النّيل، فرأته ابنة فرعون وتبنّته. اسم موسى مَعناه: “المُنقَذ من الماء“.

            نشأ موسى بين المَصريّين وأتقن حكمتهم. ولمّا بلغ الأربعين قتل مصريًّا كان يتعارك وعبرانيّ، واضطرّ إلى الفرار. لجأ إلى بلاد مدين حيث تزوّج سيفورا ابنة يثرو، كاهن مدين، فأنجبت له ابنًا سَمّاه جرشوم الّذي معناه “أنا غريب في أرض غريبة“. في مدين عاش موسى راعيًا لأغنام عمّه. هناك بين الجبال والبريّة، في كنف الوحدة والسّكون، أعدّ الله عبده موسى لعملٍ عظيم، ليكون راعِيًا لشعبه إسرائيل.

            وحدث يومًا أنّه ساق قطيعه إلى جبل سيناء الّذي هو حوريب، فظهر له الله وعاينه موسى، على قدر ما يمكن الإنسان أن يُعاين الله. رأى موسى، بأمّ العَيْن، عُلّيقة مُلتَهِبة بنورٍ أشدّ ضياء من نور الشّمس ولم تحترق. فكان ذلك بمثابة رسم للسّرّ الكبير الّذي تمّ بمجيء المُخَلِّص في الجسد من مريم البتول.

            قضى موسى في مدين أربعين سنة، ثمّ عاد إلى مصر بناءً لأمر الله. عاد ليخلّص الشّعب العبرانيّ من عبوديّة فرعون. وإذ بَدَتْ المُهمّة صعبة عليه وحده، وهو الّذي لا يملك موهبة الكلام، أعطاه الرّبّ الإله هارون أخاه مُعينًا ومُعبّرًا لدى الشّعب.

            دخل موسى وهارون إلى فرعون وأبلغاه بكلام الله أن يدع الشّعب الإسرائيليّ يذهب، فلم يصغ إليهما، لأنّ العبرانيّين كانوا عبيدًا نافعين، لا سيما في البناء.

            وضرب الله مصر عشر ضربات بواسطة عبده موسى. حوّل مياه مصر إلى دَم، وأرسل لهم الضّفادع فملأت الشّوارع والمَخادِع، ونفخ الغبار فصار بعوضًا وفتك بالنّاس، وبعث بالذّباب فأفسد الأرض، وأمات مواشي المصريّين وملأ الدّنيا رمادًا، وضرب النّاس والبهائم بالقروح، وأمطر البرد فخرّب المزروعات، وأرسل الجراد فغطّى وجه السّماء، وكسف نور الشّمس، وأخيرًا ضرب كلّ بكر من أبكار المصريّين. كلّ ذلك نجده مفصّلًا في الكتاب المُقدّس، في سفر الخروج.

            أخيرًا، ترك فرعون الشّعب يذهب. وفي الطّريق، شقّ الرّبّ أمام شعبه البحر الأحمر فعبر على اليبس، ثمّ ردّ المياه على المصريّين بعدما ندموا لتركهم العبرانيّين يذهبون ولحقوا بهم طالبين إعادتهم إلى مصر عبيدًا.

            وقاد موسى الشّعب العبرانيّ في الصّحراء أربعين سنة، يربّيه بإيعاز الله، ويعدّه لاقتبال خيرات أرض الميعاد. ورغم التّعدّيات والجحود الّذي أبداه العبرانيّون في الطّريق، رغم اشتياقهم إلى أرض العبوديّة، مصر، وإلى الثّوم والبصل هناك، وإلى عبادة الأصنام، لم يتخلّ الله عنهم، بل صبر عليهم واعتنى بأمرهم، وكان لصلاة موسى ووساطته دورها الكبير في ذلك.

            في البريّة، أظهر الرّبّ الإله رأفته على شعبه من خلال آيات شتّى صنعها أمامهم، فأنزل لهم المَنّ من السّماء يقتاتون به، وحلّى المياه المُرّة، وقادهم بالغيمة نهارًا، وبلمعان النّور ليلًا، ونصرهم على أعدائهم.

            ولما قرب الشّعب من جبل سيناء، دعا الرّبّ الإله موسى ليصعد إليه. هناك، على الجبل، أظهر العليّ نفسه لموسى في غيمة مضيئة وصوت الأبواق. وكلّم موسى الله كما يكلّم الصّديق صديقه، وأجابه الله بالرّعود. أظهر الله مجده وعلّم موسى أحكام الشّريعة. بقي موسى، فوق، أربعين يومًا تلقّن خلالها ما كان ضروريًّا لاقتناء الفضيلة ومعرفة الله. كذلك تلقّى من الله المواصفات الدّقيقة الخاصّة ببناء الخيمة، والطّقوس الّتي ينبغي على الشّعب تأديتها انتظارًا لمجيء المسيح بالجسد.

            وبعدما تملّأ موسى من كلّ هذه الإعلانات السّماويّة، نزل مزوّدًا بلَوْحَين حجريّين عليهما الوصايا العشر خطّها الله بإصبعه. كان النّور الإلهيّ قد دَخَلَ عَمِيقًا إلى قلبه وطفح على وجهه. وإذ لم يكن الشّعب قد تلقّن، بعد، أسرار الله، لم يستطع تحمّل مُعاينة وجه موسى، فاضطر لأن يَضَعَ بُرْقُعًا على وجهه.

            ورغم كلّ العلامات والآيات الّتي أعطاها الله لشعبه، استمرّ الشّعب يخطئ إلى الرّبّ إلهه ويمرمر عبده موسى.

            ومع أنّ موسى لم يكفّ عن التّوسّط لدى الله من أجل الشّعب، فإنّه شكّك في عون الله عندما عطش الشّعب في مريبا. ولكن، بأمر من الله، ضرب موسى الصّخرة، فخرج منها ماء حيّ وشرب الشّعب. على أنّه كان لخطيئة موسى والشّعب ثمنها، فقال الرّبّ الإله إنّه لا يَدخل إلى أرض الميعاد كلُّ ذلك الجيل الّذي خرج من مصر لأنّه لم يؤمن بوعود الله. وبالفعل، عندما بلغ موسى سنّه المئة والعشرين، وكان الشّعب على وشك الدّخول إلى الأرض الّتي تفيض لبنًا وعسلًا، صعد موسى، بناء لأمر الله، إلى قمّة أباريم وعاين أرض فلسطين من بعيد. هناك، على تلك الأكمّة، رقد موسى ودُفِنَ. ولا يعرف أحد إلى اليوم الموضع الّذي دُفِنَ فيه.

            هذا هو موسى، كَليم الله، الّذي جاء في سفر العدد أنّه كان حليمًا جدًّا أكثر من جميع النّاس الّذين على وجه الأرض (عدد 12: 3).

            موسى رمز من رموز المسيح في العهد القديم. فالرّبّ يسوع حرّر البشريّة من عبوديّة الخطيئة والموت، وموسى حرّر الشّعب من عبوديّة فرعون. الرّبّ يسوع يقودنا إلى ملكوت أبيه عبر حياة التّوبة، وموسى قاد الشّعب إلى أرض المِيعاد عبر صحراء التّروّض على طاعة الله. الرّبّ يسوع علّم كلمة الحياة، وموسى كان معلّمًا للشّريعة. الرّبّ يسوع وَسيط وَحيد بين الآب والنّاس، وموسى كان وسيطًا وحيدًا بين الله وشعبه إسرائيل.

            في العهد الجديد، ظهر موسى مع إيليّا يتحدّثان، على قمة ثابور، إلى الرّبّ يسوع، فكان ذلك بمثابة إشارة إلى أنّه في المسيح اكتمل سعي موسى، وللمسيح كانت شهادة الشّريعة في العهد القديم، وإعدادًا لمجيء المسيح كانت هذه الشّريعة.

مواضيع ذات صلة