Menu Close

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:

*الشّهيد أنثيموس والّذين معه *أبونا القدّيس البار ثيوكتيستوس *القدّيسة الشّهيدة ملكة (فاسيليّا) *القدّيس الشّهيد في رؤساء الكهنة أريستيون *القدّيس الشّهيد خاريتون *القدّيس الشّهيد أرخونتيوس * القدّيسة فيبي الشّمّاسة *القدّيس قسطنطين الصّغير *الجديد في الشّهداء بوليدوروس القبرصيّ*أبونا الجليل في القدّيسين يوانيكيوس الصّربيّ*القدّيس البار يوحنّا روستوف الرّوسيّ المُتَباله *الشّهداء الرّوس الجدد بيمن بيلوليكوف وألكسيس زينوفييف وبطرس سوروكين *الجديد في الشّهداء غورازد التّشيكيّ.

*        *        *

✤القدّيسة فيبي الشّمَّاسَة✤

‎تكاد تكون فيبي أشهر أنثى وَرَدَ اسمها فى رسائل الرّسل.. لا نعرف عنها شيئًا سوى ما دوّنه القدّيس بولس في أوّل الإصحاح الأخير من رسالته إلى كنيسة رومية. والعجيب أنّ التّاريخ الكنسيّ لا يسجّل عنها أيّشيء، يكاد الإصحاح الأخير من الرّسالة إلى رومية يقتصر على أسماء بعض الأشخاص الّذين يبعث بولس تحيّاته إليهم ويذكر الخدمات الّتي أدّوها إمّا للكنيسة أو لشخصه، ويذكر على رأس هذه القائمة الطّويلة كلّها – وقبل الرّجال- “فيبي خادمة الكنيسة الّتي في كنخريا”..

يقول القدّيس بولس: ” أوصي بأختنا فيبي الّتي هي خادمة الكنيسة الّتي في كنخريا، كي تقبلوها في الرّبّ كما يحقّ للقدّيسين. وتقوموا لها في أيّ شيء احتاجته منكم لأنّها صارت مُساعِدَة للكثيرين ولي أنا أيضًا” (رو 1:16-2)، واسم “فيبى” يعني بَهيّة أو مُنيرَة.. ومن اسمها نستنتج أنّها كانت أمَمِيّة مُتنصرة. فَفِيبي في الأساطير اليونانيّة كان هو اسم أرطاميس آلهة القمر.. كان اليهود الأتقياء يتجنّبون أسماء الآلهة الوثنيّة. وعلى ذلك فلم يكن والداها يهوديّين.. كما يدلّ الاسم أيضًا على أنّ المُتنصرين من الأمم لم يحسّوا بأي حَرَج إن هم ظلّوا على أسمائهم السّابقة لإيمانهم..

إنّ فيبى هي المرأة الوحيدة بين أصدقاء بولس الّتي يدعوها “أختنا”.. وبولس في رسالته إلى أهل رومية يكتب مُوصيًا بها. وهو في ذلك لم يخرج عن مألوف العادة الّتي كانت جارية في ذلك الوقت (أع 27:8، 2كو 18:8-24، 3يو 9،12)، بل من الملامح المميّزة لكنيسة الّرسل.. وأمثال هذه التّوصيات كانت الوسائل الثّمينة فى تقوية الرّابطة والشّركة بين الكنائس المختلفة. ومن ناحية أخرى كانت حماية عمليّة إزاء المُعلّمين الكذبة والدّجّالين.. ورسالة بولس وتوصيته بفيبي إفادة من ناحيَتَيْن، تقديمها لِمُؤمني رومية وتوصيتهم بها. وبولس في تَوصيته كنيسة رومية بفيبي وَصَفَها بأمْرَيْن. إنّه يقدّمها “أختنا فيبي” ثم هي “خادمة الكنيسة الّتي في كنخريا”.

الأمر الأوّل يُوضِحْ صِلَة القَرابَة الرّوحِيَّة الّتي تربط بولس بفيبي، بينما يوضح الأمر الثّاني صِلَتها بالكنيسة المَحَليّة في كنخريا.. وتعبير “أختنا” يُوضِحْ الرّابِطة بين المؤمنين في ذلك الوقت المُبْكِر، والّتي نتجت عن وحدتهم في المَسيح.. واستعمال بولس لضمير المُتكلّم الجمع “نا” إنّما يوضح – ليس إحساس بولس القويّبهذه القرابة الرّوحيّة، بل صلتها الرّوحيّة بجماعة المُؤمنين.وبهذه المناسبة نقول إنّ هناك ثلاث تسميات شاعَتْ في العَصر الرّسوليّ دُعِيَ بها المسيحيّون. كانت هذه التّسميات هي: مؤمنون وقدّيسون وإخوة وأخوات.. وهي تعبّر عن حياة أولئك المسيحيّين الأوائل. فتسمية “مؤمنين” كانت تعبّر عن إيمانهم الجديد وحياة الإيمان الّتييَحْيَونها. وتَسْمِيَة “قدّيسين” كانت تُعبرّ عن حياتهم وعلاقتهم بالله، فقد تقدّسوا في الله وله بالرّوح القدس وأنّهم مفرزون له.. أمّا التّسمية الثّالثة “إخوة وأخوات” فكانت تُعَبِّر عَن علاقتهم بعضهم ببعض كأعضاءٍ في جَسَدِ المَسيح الواحِد. إنّها تَسمِيَة تُلائِم سُلُوكهم المَسيحيّ..يربط بولس بين فيبي وكنيسة كنخريا – وهي الميناء الشّرقي لمدينة كورنثوس اليونانيّة الشّهيرة وتبعد عنها بِنَحو تسعة أميال.. وليس لدينا معلومات من سِفر أعمال الرّسل عن تأسيس الكنيسة في كنخريا، لكن ممّا لا شك فيه أنّها كانت امتدادًا للكنيسة في كورنثوس.. إنّ وُجود كنيسة في كنخريا يوضح انتشار المسيحيّة في كلّ الأقاليم المُحيطة بمدينة كورنثوس أثناء إقامة بولس بها لمدّة ثمانية عشر شهرًا أثناء رحلته التّبشيريّة الثّانية (أع 11:18).

يجدر بالذّكر أنّ كورنثوس كانت بؤرة للفساد والرّذيلة. كان بها مَعْبَد الإلهة فينوس إلهة الجمال وكان يضمّ بين جُدرانه أكثر من ألف امرأة زانية مخصّصة لإرتكاب ألوان الفَحْشاء إرضاءً لهذه الآلهة!! والرّذائل الّتي أشار إليها بولس في (رو 18:1-32) إنّما جاءَت وَصْفًا لأنواع الفُجور في تِلكَ المَدينة، والّتي بَعَثَ مِنْها بولس رسالته إلى كنيسة رومية، وكانت تلك الفجور ماثلة أمامه.. نخرج من كلّ ذلك بتقدير للمجهود الرّائع الّذي عملته نعمة الله على يد بولس في تلك المَناطق الصّعبة المَليئَة بالشّرّ والفَساد!!

يبدو أنّ فيبي كانت مُتبتّلَة أو كانت تَقوم بِخِدمَةٍ فعّالة في الكَنيسة في مِنطَقَة كورنثوس، فهي بحسب تعبير بولس “صارت مُساعِدَة للكثيرين ولي أنا أيضًا”.. ويبدو أنّها كانت تخدم كشمّاسة في كنيسة كنخريا. فالرّسول بولس يذكرها على أنّها Diakonos هذه التّسمية الّتي تُطلَق على مَنْ يَقوم بخدمة الشّموسيّة سواء كان ذكرًا أم أنثى. ولذا فإنّ فيبي لابدّ وأنّها كانت تُمارس عمل الشّموسيّة النّسويّة. والكلام عنها هو أوّل إشارة تقابلنا في العهد الجديد عن دياكونيّة المرأة..

ويجدر هنا الإشارة إلى أنّ الخدمة الّتي كانت مَنوطة بالشّماسة، هي خدمة بنات جنسها بِصِفَةٍ عامّة كما نصّتْ على ذلك قوانين الرّسل. كانت تقوم على المداخل المُؤدّيَة إلى القسم المُخَصّص للنّساء في مكان العبادة. وكان من أعمالها الهامّة مساعدة الكاهن في عِماد النّساء في الأمور واللّحظات الّتي يجب أن يتنحّى، حتّى لا يُبصر جسد امرأة عارية. وكانت في العصور المُبكرة من تاريخ الكنيسة تفتقد النّساء خاصّة في بيوت غير المؤمنين حيث يُستحسن ألّا يذهب الشّماس الرّجل للإفتقاد مَنْعًا للعَثَرات.. هذا وشموسيّة النّساء في الكنيسة ليست درجة كهنوتيّة، فلا كهنوت للنّساء. ولا توضع عليها الأيدي كما في حالة الرِّسَامات الكهنوتيّة. لكنّها تُقام من الأسقف ويَتلو عليها صلاة، وَرَدَ نَصّها في قوانين الرّسل.

كانت فيبي هي كاتبة الرّسالة إلى كنيسة رومية بناءً على إملاء الرّسول بولس، وليس هذا فحسب، بل لقد حملت هي نفسها هذه الرّسالة إلى رومية.. وإذ نفكّر في وضع المرأة الإجتماعي في ذلك العصر المُبْكِر، وكيف كانت تحيا في عزلة عن المجتمع لا يَسَعْنا إلاّ الإعتقاد أنّ فيبي لم تكن شخصيّة نسائيّة عاديّة.. فقد جمعت في شخصها إلى جانب الثّقافة، الشّخصيّة القويّة والثّراء، الّلذين مَكّناها من السّفر عبر البحر إلى روما، من أجل الإيمان بيسوع المسيح.وليس من السّهل أن نسلّم بأنّ مهمّة فيبي كانت مُجرّد توصيل الرّسالة الّتي كتبها القدّيس بولس إلى كنيسة رومية، بل لابدّ أن يكون الرّسول قد كلّفها بمهمّة خاصّة، وجد أنّ من الحِكمة عدم الإفصاح عنها.. وكلّ ما فعله أنّه أوصى الكنيسة بتسهيل مهمّتها.. لاشكّ أنّ تلك المُهمّة كانت شيء يتعلّق بخدمة الكرازة.

مواضيع ذات صلة