Menu Close

في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:

العظيم في الشّهداء أفبلّوس الشّمّاس *الشّهداء نيوفيطوس وزينون وغايوس ومرقص ومكاريوس وغايانوس *القدّيس البارّ بَصّاريون الفلسطينيّ *القدّيس البارّ نيفون القسطنطينيّ *الشّهيدان الجديدان أنستاسيوس وديمتريوس لسبوس *القدّيسان البارّان الشّهيدان باسيليوس وثيودوروس كييف *القدّيس البارّ ثيودوسيوس لافرا كييف *القدّيسة البارّة أتراكتا الإيرلنديّة *الشّهيدة سوزانا العذراء الرّوميّة *الشّهيد تيبوريتوس *القدّيس البارّ بْلاَين السّكوتلنديّ.

                                                                                                                                                                            *    *    *

القدّيسان البارّان الشهيدان باسيليوس وثيودوروس لافرا المغاور في كييف (+1098 م)

كان ثيودوروس أحد النبلاء وكان غنيّاً مقتدراً. سمع ذات يوم قراءة من الإنجيل الشريف: “كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون لي تلميذاً” (لو 14: 33). فقام لتوّه ووزّع كل مقتنياته على الفقراء وترهّب في لافرا المغاور في كييف. سلك، سنوات، في سيرة نسكية صارمة، حبيساً في إحدى المغاور خارج الدير. تلك المغارة سبق أن لجأ إليها، في الماضي، المحاربون “الفاراغ”، وهم من قبيلة اسكندينافية دخلت الروسيا في النصف الثاني من القرن التاسع الميلادي. حسده الشيطان فأخذ ينثر في نفسه أفكاراً فيها قلق على المستقبل. وسوس له بأنّه أخطأ في توزيع ثروته لأنّه متى شاخ لن يتمكّن الدير، وهو فقير جداً، من سدّ حاجاته. وإذ كان قليل الخبرة في حرب الأفكار ولمّا يتعلّم، بعد، ألا يخشى أمر الغد، وقع في أسى عميق. أسرَّ إلى شيخ حكيم، إسمه باسيليوس، بما يعتريه من قلق، فأمكن الشيخ بما أُوتي من دراية من ردّ السلام إلى نفس المستجير به. أدرك ثيودوروس أنّ الأفكار أقلقته لقلّة إيمانه. فسأل الصفح وذرف الدمع وعاد إلى مغارته ليواصل جهادته مرّة أخرى.

          مرّت ثلاثة أشهر لم يرَ فيها ثيودوروس مشيره باسيليوس، فظهر له الشيطان في هيئة باسيليوس. بعد أن بثّه هذا الأخير بضع كلمات روحية، سأله إذا ما كان، بعدُ، قلقاً بشأن ثروته التي وزّعها على المحتاجين. وإذ أجابه ثيودوروس أنّه بفضل صلواته تحرّر من الهمّ، نصحه باسيليوس المزعوم بالصلاة إلى الله ليعود إليه مالُه ليصنع حسنات، ونصحه بألاّ يسمح لأحد أن يدخل إليه في مغارته. وقع ثيودوروس في الفخ لعدم نقاوة طويّته. شرع يصلّي إلى الله أنّه إن ردّ له ثروته فسيصنع حسنات جديدة. ظهر له إبليس، بعد ذلك، بضع مرّات، أثناء النوم، في هيئة ملاك نور وكشف له عن كنز سبق للفاراغ أن خبّأوه في المغارة. ثمّ أتاه في هيئة باسيليوس من جديد وطلب منه أن يريه الكنز الذي اكتشفه. أُخِذ ثيودوروس بالبخل فامتنع وقرّر أن يغادر بالذهب إلى غير بلد، بحجّة التمكّن من التوزيع على الفقراء. كذلك أوحى له باسيليوس المزعوم بأنّه يوافقه أن يشتري مِلكية أولاً ثمّ يقوم بعمل التوزيع على الفقراء. وفيما كان ثيودوروس يعدّ نفسه للرحيل ويفكّر في كيفية نقل الكنز، إذا بباسيليوس الشيخ الأصيل يعود، بنعمة الله، من سفر. للحال توجّه إلى مغارة الحبيس ثيودوروس وحيّاه واستسمح على طول غيابه عنه. فوجئ ثيودوروس وغضب وطرد صديقه. وظهر إبليس، من جديد، لثيودوروس وحثّه على مغادرة الدير بالكنز في تلك الليلة بالذات.

          في تلك الأثناء، جمع باسيليوس الأصيل عدداً من النسّاك المختبَرين وجاء بهم إلى مغارة ثيودوروس الحبيس. أرادهم أن يكونوا شهوداً لواقع الحال. أحسّ بمكيدة يدبِّرها إبليس للإيقاع بثيودوروس. أكّد باسيليوس لثيودوروس أنّه كان غائباً عن الدير ثلاثة أشهر. ثمّ طلب منه أن يمتنع عن قبول أي زائر لديه ما لم يتلفّظ بصلات يسوع أولاً: “أيّها الربّ يسوع المسيح، يا ابن الله، إرحمني أنا الخاطئ!” عاد باسيليوس إلى اللافرا وجيّش الآباء ليصلّوا لثيودوروس، وبنعمة الله تمكّن من إخراجه من حال الوهم التي كان فيها. فَهِم أنّ الشرّير خدعه ليدمِّره بهوى البخل. مذ ذاك لم يعد يسمح لأي كان بدخول المغارة ما لم يتفوّه بصلاة يسوع أولاً. هذا جعل كتائب الأبالسة يفرّون. ثمّ حفر حفرة عميقة دفن فيها الكنز الملعون وسأل الله أن يمنّ عليه بنسيان الموضع الذي وضعه فيه وأن يحرّره من الرغبة في الغنى الفاسد المفسِد. استُجيبت صلاة ثيودوروس واستردّت نفسه السلام والفرح.

          عاش ثيودوروس في سلام إلى سنّ متقدِّمة بنعمة الله وإرشادات القدّيس باسيليوس. لكنْ ظلّ الشيطان ملاحقاً إيّاه إلى النهاية ولا يشاء أن يعترف بهزيمته. ثمّ بعد سنوات طويلة، فيما كان ثيودوروس نازلاً في الدير، بعدما تقدّم في السنّ، وكان باسيليوس قد حلّ محلّه في المغارة ابتغاء للسكون، ظهر إبليس في هيئة باسيليوس لأحد البويار، وهو مشيرٌ للأمير موستيسلاف، وأبان له أنّ ثيودوروس وجد الكنز الذي سبق للفاراغ أن خلّفوه وأنّه ينتظر اللحظة المؤاتية ليغادر البلاد في غفلة عن السلطات المدنيّة. دبّر البويار اجتماعاً لباسيليوس المزيّف بالأمير الذي استدعى ثيودوروس على الفور. فأجاب القدّيس بسذاجة على أسئلة الحاكم وأكّد أنّه وجد الكنز فعلاً، لكنّه نسي تماماً أين خبّأه. لم يصدّقه الأمير وعرّضه للتعذيب ثمّ حكم عليه بالموت. جيء بباسيليوس الأصيل فأبدى للأمير أنّ ما حدث له خدعة من الشيطان وأنّه، هو، لم يغادر الدير منذ سنوات. استبدّ الغيظ بموستيسلاف وألقى بالقدّيسَين في السجن آملاً في انتزاع الحقيقة منهما بالقوّة. لكنّهما أسلما الروح في تلك الليلة عينها. ولم يمضِ على ذلك بضعة أشهر حتى قضى الأمير موستيسلاف، في إحدى المعارك، متأثّراً بسهم أصاب صدره.

مواضيع ذات صلة