Menu Close

في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:

*القدّيس البارّ أونوفريوس المصريّ*القدّيس البارّ بطرس الآثوسيّ*أبونا الجليل في القدّيسين تريفيليون، أسقف لوكوسيا القبرصيّ*القدّيس البارّ يوليانوس داغوثا القسطنطينيّ*القدّيس البارّ زينون ويوحنّا الجنديّ*القدّيس البارّ أرسانيوس الرّوسيّ*القدّيسان البارّان أونوفريوس وأوكسنديوس فولودغا الرّوسيّان *القدّيس البارّ أونوفريوس مالسْك *القدّيس البارّ استفانوس كومل الرّوسيّ*القدّيسان البارّان باسيان ويونان الرّوسيّان *أبونا الجليل في القدّيسين أمفيون الكليليكيّ.

*        *        *

✤القدّيس البارّ أونوفريوس المصريّ✤

        في أواخر القرن الرّابَع الميلاديّ، كما يظنّ، تلقّى القدّيس بفنوتيوس، الّذي كان راهبًا في أحد أديرة مصر، إلهامًا أن يدخل إلى البرّيّة الدّاخليّة ليقع على رجال لله ويحظى ببركتهم. فبعدما سار أربعة أيّام نفذت مؤونته وخارت قواه من الجوع. فأتاه ملاكًا مُعزّيًا واقتاده أربعة عشر يومًا دون أن يأكل شيئًا إلى أن وصل به إلى رجل ذي مظهرٍ غريبٍ عجيب: كان عاريًا يغطّيه الشعر نظير البهيمة وليس له على حقويه غير وزرة من أغصان الشّجر. بدا كأنّه جثّة لأنّ لحمه كان قد ذاب من شدّة النّسك وكان شعره أبيض كالثلج يصل حتّى إلى الأرض. دعا بفنوتيوس باسمه وتبادل وإيّاه القبلة المقدّسة، ثمّ قصّ عليه سيرة حياته. أطلعه على أنّه كان ابن ملك الفرس وأنّ أباه، إثر ولادته الّتي حصلت بعد سنين طويلة من الصّلاة، تلقّى إعلانًا إلهيًّا أن يعمِّده باسم أونوفريوس وأن يقتاده، على الأثر، إلى دير في مصر مكرّسًا لخدمة الله. في الطّريق، أرضعته ظبية واستمرّت ترضعه في الدّير إلى سنّ الثّالثة. في هذه الشّركة المثاليّة نشأ الولد على مخافة الله ومحبّة الوصايا كلّها. وإذ كان يسمع عن النُّسّاك المقتدين بإيليّا النّبيّ والقدّيس يوحنّا المعمدان، العائشين في الصّحراء من أجل الله وحده، ممتدّين بكلّ جوارحهم صوب الخيرات الآتية، دونما أدنى تعزية بشريّة، تملّكته رغبة جامحة في الاقتداء بهم. أخيرًا غادر الدّير ليلًا. في الطّريق تراءى له ملاكه الحارس في نورٍ بهيٍّ ووعده بأن يكون له مُعينًا إلى آخر أيّامه. ثمّ أرشده إلى مغارة كان يعيش فيها ناسك من أصلٍ يهوديٍّ اسمه هرمياس. هذا أطلعه، خلال أيّام، على طريقة عيش النسّاك ثمّ أخذه إلى موضع جهاده، بقرب نخلة وينبوع ماء صافية. مذ ذاك جعل يفتقده مرّة في السّنة إلى أن رقد.

        في هذا المكان خاض القدّيس أونوفريوس، على امتداد سبعين سنة، حَرْبًا لا هوادة فيها ضدّ الطّبيعة وضعف الجسد والشّياطين. كابد الحَرَّ اللّاِهب وصقيع اللَّيل والشِّتاء والجوع والأمراض ليحظى بالخيرات الموعود بها من الله للّذين يحبّونه. غير أنّ العناية الإلهيّة لم تفارقه كلّما استدعت الضّرورة. ولمّا استحالت ثيابه أسمالًا، أنبت الرَّبّ شعرًا غطّى كل جسده حماية له من قساوة الطّقس. كذلك كان ملاك، كلّ يوم، يأتيه بخبز طعامًا. وجوابًا على سؤال بفنوتيوس في شأن القُدُسات، أجاب الشَّيخ أنّ ملاك الرَّبّ، كلّ يوم أحد، كان يحمل القُدُسات لكلّ النُّسّاك لتعزيتهم في الرُّوح وتزويدهم بالطّاقَة الكافية لمُتابعة الجهاد. “إذ غادَرنا كلّ همّ من هذا العالم وألقينا رجاءنا على الله وحده، لم نعد نشعر لا بجوع ولا بعطش ولا ببليّة وكلّما رغب أحدنا عن حنين في رؤية النّاس، كان الملائكة ينقلونه، في الرّؤى، إلى الفردوس حيث يرى نفسه وقد تخلّله النّور الإلهيّ فينسى كلّ أتعابه ومَشاقه ويعود بحميّة أكبر إلى مزاولة نُسكه”.

        بعد ذلك أخذ أونوفريوس ضيفه إلى كوخه حيث تابعا كلامهما حتّى المساء. إذ ذاك وقع نظر بفنوتيوس في قلّايّة الشّيخ على رغيف خبز أرسله الله لهما. فبعدما أكلا وشبعا أمضيا اللّيل بطوله في الصّلاة.

        في الصّباح كشف أونوفريوس لضيفه أنّ الله أوفده ليهتمّ بأمر دفنه لأنّ الوقت حان ليغادر إلى وطنه السّماويّ. ثمّ أوصاه بالعودة إلى النّاس ليعلِّمهم طريقة حياة النُّسّاك ليتسنّى لهم الاقتداء بهم، كلًّا حسب طاقته. وبعدما صلّى تمدّد على الأرض. وجهه كان يلمع بنور من غير هذا العالم وفاح الطّيب في المكان. ثمّ حصل رعد وانفتحت السّماء لتفسح في المجال لجند السّماء أن يقتبلوا روحه. وسط هذا الجوق الاحتفاليّ سُمع صوت الرَّبّ المسيح يتردَّد داعيًا نفْس خادمه لتدخل إلى فرح الطّوبى. وإذ كان بفنوتيوس يذرف الدَّمْعَ سخيًّا على جسد النّاسِك القدّيس متسائلًا كيف له أن يفتح قبرًا في هذه الأرض اليابسة القاحلة، إذا بأسدين يظهران ويحفران له خندقًا جعل فيه الجسد.

        في طريق العودة، التقى بفنوتيوس أربعة شيوخ يقيمون في مغارة منذ ستّين سنة، وعلى مسافة منهم، في موضع فردوسيّ كان أربعة نسّاك شبّان آخرين. كانوا نبلاء نبذوا العلوم الدّنيويّة ليتعلّموا، في السّكون، الحكمة الحقّ. كانوا يعيشون كلٌّ على حدة خمسة أيّام في الأسبوع ثمّ يلتقون يوم الأحد ليساهموا القُدُسات مِنْ يد ملاك. ومع أنّ بفنوتيوس رغب في البقاء معهم إلّا أنّه كان عليه أن يتابع المَسير. أخيرًا بلغ مصر حيث شهد للحقّ أنّ بإمكان قوم من لحم ودم أن يسلكوا في هذا العالم في سيرة شبيهة بسيرة الملائكة. وقد أمضى بقيّة أيّامه مرضيًّا لله إلى أن رقد بسلام وانضمّ إلى مقام الأبرار.

طروباريّة القدّيس أونوفريوس (باللّحن الأوّل)

ظهرتَ في البرّيّة مستوطنًا وبالجسم ملاكًا، وللعجائب صانِعًا، وبالأصوام والأسهار والصّلوات، تقبَّلتَ المواهب السّماويّة، فأنت تشفي السُّقماء ونفوس المبادرين إليك بإيمان، يا أبانا المتوشّح بالله أونوفريوس، فالمجد لمن وهبك القوَّة، المجد للّذي توَّجك، المجد للفاعل بك الأشفية للجميع.

قنداق (باللّحن الثّاني)

لقد ظهرتَ كوكبًا مُنيرًا للمُتوحِّدين، فأنتَ تسطع في الآفاق، مثل نور يُضيءُ باللّيل، فإنّكَ هكذا تلألأتَ في النُّسك، كالشَّمس أيّها الأب، فلذلك يا أونوفريوس لا تزال متشفّعًا من أجل جميعنا.

مواضيع ذات صلة