Menu Close

ترأس صاحب السيادة المتروبوليت أنطونيوس (الصوري) صلاة السحر والقداس الإلهي، صباح اليوم الأحد ٢٦  ك٢ ٢٠٢٠، في كاتدرائية القديس نيقولاوس في زحلة،بمشاركة سيادة الأسقف لوقا الخوري. وأقيم بعد القداس جناز الأسبوع للمرحوم الياس التيني.

وأبرز ما جاء في عظة صاب السّيادة:

حدّثنا هذا المقطع الإنجيليّ عن زكّا وعن عمله وصفاته الّتي يتحلّى بها كونه كان رئيسًا للعشّارين، أي كان مسؤولًا عن

مجموعة من العشّارين في منطقته. كان، بالنّسبة لليهود، إنسانًا مَكروهًا، مَرذولًا، نَجِسًا، ولكن لم يخلو قلبه من مكان لربّنا. إذ، بسبب من حشريّته ورغبته بالتّعرُّف على الرّبّ يسوع النّاصريّ، تسلّق الجمّيزة لرؤيته، فناداه الرّبّ باسمه وقال له: “يا زكّا انزل، سوف أدخل اليوم إلى بيتك”…

اصطاد الرّبّ زكّا لحظةَ ناداه باسمه صيدًا نهائيًّا. لم يكتفِ الرّبّ بمناداته باسمه، بل طلب أيضًا الدّخول إلى بيته، وهذا ما شكّل تحدّيًّا كبيرًا للجموع كافّة، إذ كيف يقبل الرّبّ الّذي نتبعه أن يذهب إلى خاطئ، خائن ونجس؟.

الرّبّ يسوع دائمًا ما كان يصنع الحقّ والرّحمة، ولم يكُن يَهاب البشر. وهذا ما علينا كمسيحيّين أن نتعلّمه منه، أن نشهد للحقّ وأن نرحم وألّا نخشى رأي النّاس ولا أفكارهم ولا مواقفهم، بل نصنع ما يُمليه علينا الحقّ والضّمير والرّحمة.

فور دخول الرّبّ إلى بيت زكّا، قرّر هذا الأخير، من تلقاء نفسه، أن يردّ كلّ ما أخذه من النّاس، بأن يعطي كلّ شخصٍ ظلمه أربعة أضعاف بحسب الشّريعة، حتّى أضحى مُستَعدًّا أن يُعطي نصف أمواله للمساكين، حينها قال له الرّبّ: “اليوم صار الخلاص لهذا البيت”.

أدرك زكّا أنّ حياته ليست من أمواله وأنّ حياته رُدَّت له بدخول الرّبّ يسوع إلى بيته، بالأحرى، إلى قلبه قبل بيته.

بيتُ الإنسان الحقيقيّ هو القلب. الإنسان هو المَسكِن لله، هو هيكل الله، وانطلاقًا من هنا، لا يمكننا أن نشابه زكّا في الخيانة، أي لا يمكننا أن نخون مبادئنا أو أة نخون كلمة الله، بالتّالي، لا يمكننا أن نكون نجسين نلحق أهواؤنا وملذّاتنا…

الرّبّ يأتي إلى كلّ واحدٍ منّا ويخاطبه بالاسم، قائلًا: “ينبغي لي أن أمكث في بيتك، هل تستقبلني؟”. لذا، حتّى نستقبله في بيتنا أي في قلبنا، بعبارة أخرى حتّى يصبح سيّدًا على حياتنا، يجب أن نقدّم له شيئًا واحدًا وهو ما يطلبه دومًا: “يا بنيّ أعطني قلبك” (أمثال 23: 26).

غاية وجودنا أن نصير مسكنًا لله، لا بل أن نصير حضور الله نفسه في العالم.

سوف يتّحد كلّ واحد فينا اليوم بالمسيح بالمناولة، أي سوف يسكن فينا الرّوح القدس بالنّعمة، فنقتني صفات الله، قوّته، مجده، سلامه، فرحه، محبّته، أي سيصبح لنا كلّ ما هو لله…

اليوم نصلّي لراحة نفس عبد الله الياس التّيني، هذا الرّجل الّذي بعد لقائي به، كان قد أسلم نفسه لله بالكُلّيّة، خاصّة في آخر سني حياته، وبالتّالي اقتبَلَ أن يصيرَ كلّه للرّبّ. إذ لم يعُد يطلب من هذا الوجود شيئًا، بل وجه الرّبّ، لذلك نحن نصلّي اليوم لراحة نفسه، ورجاؤنا كبير أنّه هو يُصليّ لنا أيضًا، وإيماننا أنّه معنا اليوم، بذكرنا له في الذّبيحة الإلهيّة، مشاركًا إيّانا في القدّاس من حيث هو في حضن الله.

رحمه الله ، أحد مبارك.

 

 

مواضيع ذات صلة