Menu Close

“تعال وانظر”

“في المسيح، تتجدد صورة الله فينا ونعود ونصير أيقونة لله”

قداس أحد الأرثوذكسيّة-كنيسة رقاد السيدة-الزلزلة

٥ آذار ٢٠٢٣

ترأس صاحب السّيادة المتروبوليت أنطونيوس (الصوري) الجزيل الاحترام، قداس أحد الأرثوذكسيّة في كنيسة رقاد السيدة-الزلزلة في زحلة وعاونه قدس الآباء جورج (معلوف)، وبورفيريوس(ابراهيم)، والشماسان أرسانيوس (كوسا) وديونيسيوس (الأشقر).

استهل صاحب السيادة عظته بقول فيليبس الى نثنائيل في (يو 1: 46): “فَقَالَ لَهُ نَثَنَائِيلُ: «أَمِنَ النَّاصِرَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ صَالِحٌ؟» قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: «تَعَالَ وَانْظُرْ”.

لقد كان نثنائيل متوقّعًا أن ينُظر إنسانًا فرأى إلهًا … لذلك صرخ انت المسيح ابن الله الحي.

الله ظهر في الجسد، هذا هو سرّ الأسرار وجوهر محبّة الله لنا الَّذي كُشف في يسوع المسيح،

الله اتَّخذ جسدًا أخذ طبيعتنا.

ثم سأل صاحب السّيادة: ما أهميّة أنّ الرب صار إنسانًا؟

إذا فكّرنا بالمنطق لا نجد جوابًا، كيف الله غير المحصور وغير المنظور، الذي لا بداية ولا نهاية له، يصبح محدودا ومنظورا؟

كيف الَّذي أوجدنا مِن لا شيء قَبِل أن يأتي من اللّاشيء الَّذي أوجده هو؟

هذا هو التّواضع الأقصى الَّذي حقّقه ربُّنا بالتّجسّد الإلهي والَّذي رأيناه أيضا على الصَّليب.

التّواضع الأقصى ابتدأ عندما “أخلى الله ذاته آخذا صورة عبد”، قَبِل أن يَضمّ طبيعتنا البشريّة إلى طبيعته الإلهيّة، وقَبِل أن يعيش في هذا العالم كباقي النّاس، قبل أن يتألم، أن يحزن، أن يأكل…

هو بمشيئته كان قابلا لهذه كلها حتى أنه كان قَبِلَ الموت، وهنا النقطة الاساس التي تتلخص في انه بمشيئته كإنسان قَبِل أن يحيا كإنسان مثل باقي الناس، مع أنه وهو إنسانٍ كان فيه ملء الالوهة.

اما اليهود، والتلاميذ فكانوا يرونه كإنسان، ولم يروا مجد الله غير المخلوق.

إلا انه كشف مجده بالتّجلّي على جبل ثابور، والتلاميذ عاينوا حقيقة ألوهية يسوع في النور غير المخلوق الالهي الذي صدر عنه وشعّ منه وهو في جسده.

هذا الكشف صار للتّلاميذ الذين ذاقوا الملكوت قبل ان يأتي الملكوت الأخير.

في يسوع صار الله حاضرا في ما بيننا، معنا. كإنسان مثلنا قَبِل ان يجوع، قَبِل أن يتألّم، قَبِل أن يحزن، قَبِل أن يُصلَب وأن يدخل الموت الذي ليس له عليه سلطان إذ لم يخطأ.

يقول بولس الرَّسول في (رو 5: 12و18) انه بخطيئة إنسان دخل الموت الى كل البشر في حين انه ببّر انسان دخلت الحياة الأبدية.

لكن الفرق بين الحالتين هو انه في الأولى كلّنا تحمّلنا النّتيجة، اما بيسوع فقد أعطيت الحياة الابدية وتحققت فيه

لكنها تبقى خيارا لمن يطلبها.

لذلك، علينا أن نختار يسوع لنقتني الحياة الأبديّة. كيف نختاره؟ عندما نتفّق معه، عندما نمشي وراءه، عندما نطيعه، عندما نسلك بكلمته، لأنّ كلمته هي الحياة الأبديّة.

انتقل بعدها صاحب السّيادة الى شرح أحد الأرثوذكسيّة أو أحد اكرام الأيقونات المقدسة وكيف ان هذا العيد هو ثمرة التّجسّد وثمرة القيامة، ثمرة الصّعود وثمرة العنصرة، فالربّ عندما صار منظورًا أصبحنا قادرين على تصويره، في الايقونة نصوّر الإنسان يسوع المسيح بصفاته الرّوحيّة، نحن لا نصور الألوهة لانها غير منظورة، وكذلك ايقونات العذراء والقدّيسين نرسمهم بصفاتهم الروحيّة. الايقونة يجب أن تُظهر سرّ الله المتجلي والممجد في من تُمثِّل.

واوضح سيادته اننا عندما نقف أمام الايقونة نمجد الله في قديسيه الذين تكشفهم لنا، وهكذا تصبح الايقونة، بالنسبة لنا، نافذة إلى السّماء ونافذة إلى الملكوت.

في كنيستنا الأرثوذكسية تُرسم الايقونات ببُعدَين وليس ثلاثة، فالبعد الثّالث هو بُعد مجد الله والملكوت، الذي علينا أن ندخله من خلال التأمل في المصوَّر عليها حيث نجد مجد الله وجماله وفرحه وسلامه.

ثم سأل سيادته ما هي أوّل أيقونة لله؟

في العهد القديم خلق الله الإنسان على “صورته”، الإنسان هو أيقونة الله.

كلمة “أيقونة” هي كلمة يونانيّة تعني صورة، ونستعمل هذه الكلمة “ايقونة”، لنميّز المقدَّس عن ما هو عاديّ في هذه الدنيا.

إذا كان الإنسان هو صورة الله، يجب أن نكون جميعاً إيقونات.

بعد ان تشوهت صورة الله في الإنسان بالخطيئة اتى يسوع وجددها عندما غلب الخطيئة بالموت على الصليب.

في المسيح، تتجدد صورة الله فينا ونعود ونصير أيقونة لله. وهذا الأمر يُعطى لنا في المعمودية، في الميرون وفي الأسرار المقدسة.

اذا، فنحن في القدّاس الإلهي نأتي حتّى نتجدّد بالرّوح، ولكن هذا التّجدّد بحاجة لعمل وفعل من الإنسان.

ثم طرح سيادته سؤالا آخر: ماذا يجب أن أفعل حتّى أتجدّد بعدما اتلقّى اسرار الله؟

أن أتوب. بالتّوبة احضّر نفسي للحياة الجديدة واقول لله أنّي أريد أن أتجدّد، ان أتغير، وأطلب نعمته ورحمته وغفرانه.

ثم سأل سيادته: اين نضع الايقونة؟

في الكنيسة والمنزل، ونقف ونصلّي قدامها، ونستعمل الايقونة في اللّيتورجيا. ونحن بما أننا يجب أن نكون أيقونة الله فهذا يعني أن حياتنا أصبحت ليتورجيا دائمة.

واذا اردنا أن نعيش كأيقونة علينا أن نعيش حياتنا اليومية ليتورجيًّا.

ما هي اللّيتورجيا؟

نقول في خدمة القداس: “التي لك مما لك نقدمها لك…”، اللّيتورجيا إذن هي تقبّل ما أعطانا الله من مواهب، وردها له مع الشكر.

نقدم له تعتيرنا وهو يعطينا مواهبه، نقدم له ضعفنا وهو يقدم قوته!!

نقدم بشاعتنا يعطينا جماله!!

هذه هي اللّيتورجيا التي يجب أن نعيشها في حياتنا اليومية، في خدمتنا، في علاقاتنا، في العمل وفي كل الظروف.

الإنسان يحيا ليتورجيًا اي يحيا مع الله طالبا لله ومقدما ذاته له في كل حين حتى يعطيه الرب البركة والقوة والجمال.

ليعطنا الرب جميعنا أن نعيش سر الحياة هذا، الذي أعطي لنا في يسوع الذي هو حياتنا وفرحنا وسلامنا ومجدنا.

وبعد ختام القداس الإلهي، أقيم زياح أحد الأرثوذكسية وانطلق الموكب من كنيسة سيدة الزلزلة العجائبية مرورًا بكنيسة القديس جاورجيوس-حوش الأمراء وصولًا إلى كنيسة القديس أنطونيوس الكبير – المعلقة، فكاتدرائية القديس نيقولاوس العجائبي – الميدان، وختامًا في سيدة الزلزلة العجائبية.

 

                 

مواضيع ذات صلة